الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نيران على ظفاف دجلة

خالد عيسى طه

2009 / 8 / 31
حقوق الانسان


بادئ ذي بدء علينا أن تعتمد الأوليات الأساسية لبدء مقالتنا هذه من أجل أن نكون موضوعيين. هذه

الأوليات، وأبسطها، هي إن الحكومة، أي حكومة، لا يمكن أن تكون فقط جهة لتصريف أعمال

الناس، مواطني البلد، بل إن هناك إستحقاقات كبيرة وعميقة على هذه الحكومة أن تقوم بها وتؤديها

بوجهها الناجع الصحيح.

الحكومة مسؤولة تماما عن رفاه وسعادة أبناء وبنات البلد، مسؤولة عن إستتباب الأمن وطمأنينة

المواطنين على كل أحوالهم، مسؤولة عن الثقافة والتعليم والتطور العلمي والإجتماعي، مسؤولة عن

تطبيق القانون بعدالة على الجميع وبضمنهم أعضاء الحكومة نفسها، مسؤولة عن السيادة الوطينة،

مسؤولة عن توفير العمل لمن يستطيعه وعن توفير السكن اللائق بالإنسان و مسؤولة ... ومسؤولة ...

خصوصا في دولة نفطية غنية كالعراق.

لنعتمد هذه الأوليات ونمد رؤوسنا لننظر بأدمغتنا وعيوننا ونشم بإنوفنا لنتبين ماذا يجري حقيقة في

العراق اليوم.

الأخبار تتحدث عن هجمات عنيفة خلال عام 2009، ولا نريد الذهاب بعيدا الى الوراء للسنين

الماضية المضنية والمؤلمة في إنعدام الأمن والطمأنينية. تقول الأخبار: عشرات القتلى والجرحى في

تفجير إنتحاري في سوق مدينة البطحاء في ذي قار، وقبلها مقتل 51 شخصا وجرح العشرات في

إنفجار سيارة مفخخة في مدينة الصدر- بغداد، وقبلها وقبلها وبعدها ... وحسنا فعلت شرطة ذي قار

التي اعلنت عن طريق مدير عام شرطتها اللواء صباح الفتلاوي، يوم أمس الأربعاء 10 حزيران،

عن القبض على الشخص المنفذ لتفجير السيارة المفخخة في مدينة البطحاء، والنفذ من عناصر تنظيم

القاعدة الإرهابي.

بموضوعية نقول إن القضاء التام على الإرهابيين وإرهابهم صعب، فلا يعقل أن يتم تفتيش كل الناس

وفي كل وقت لزرع الطمأنينة والأمن. حتى الدول المتقدمة في التكنلوجيا وحتى إسرائيل المتحفزة

دوما والحذرة دوما تحصل فيها عمليات تفجيرية وقتل. لكن الموضوعية كذلك هو إن مستوى

التفجيرات في العراق ونوعية المفجرين نراهم بمستوى كبير، ويبدو إن الخبرة في هذا المجال المهم

لا تزال دون المستوى بكثير. وكان يجب أن يدارالأمن بشكل أكثر فاعلية وذكاء لكبح جماح

الإرهاب، في التفتيش وفي معرفة بؤر الإرهاب والعمل على إيقافها قبل حدوثها وليس فقط القبض

على المجرمين بعد إتمام علياتهم الإجرامية. لماذا يصار الى أن يكون أفراد الميليشيات المسلحة

الإرهابية طلقاء، وأفراد تنظيم القاعدة الإرهابي طلقاء وخلايا تنظيمات النساء المفخخات طليقة.

الأمن يعتمد على الحذر والذكاء والفطنة والإستفادة من الخبرة الماضية، فهل هذه حاصلة فعلا.

لنعتمد موضوعا حيويا آخر، وهو شراء الذمم وبأموال تأتي عن طريق إجرامي إجتماعي. والأموال

هي عن طريق إنتشار زراعة المخدرات في عدد من المحافظات العراقية، وفضحت ذلك التقارير

الرسمية العراقية ومنظمة الصحة العالمية، وكذلك تحول العراق الى جسر لنقل المخدرات من إيران

الى العراق. وبالترابط في هذا المجال يبين خيراء عراقيون إن عائدات تهريب المخدرات إستخدمت

من قبل بعض المتنافسين في الإنتخابات النيابية السابقة ومجالس المحافظات لتمويل الدعايات

الإنتخابية ولإرشاء الناخب للتصويت لقوائم معينة. فأين الحكومة من هذا الإرهاب الآخر المفشي في

المجتمع، إنه إنهيار لشخصية الإنسان ودماغة وحيويته من جهة وإنه إنهيار خلقي إجتماعي مقيت لا

يشرف القائمين به حين يحصلون على أصوات الناخبين عن طريق شراء ذمم هؤلاء الناس بأموال

السحت من أرباح المخدرات الغادرة السامة للمجتمع، حيث يتم تسليم الناخبين البطانيات والأجهزة

الكهربائية وغيرها. واكثر القائمين بمثل هذه الأعمال الشاذة الجرمية هي التجمعات والأحزاب

الطائفية المقيتة. إن الحكومة أعرف من غيرها بمثل هذه التسلكات غير النزيهة، فالحكومة مثقلة

بأعضاءها الطائفيين والمعنصرين، فإن الصدق في الفعل، وليس القول فقط،، يتعين على الحكومة

تشخيص المجرمين، الذين تعرفهم تماما، وتوقفهم عند حدهم. ولعل الشيئ بالشيئ يذكر، فإن فساد

وجرمية وزير التجارة عبد الفلاح السوداني والرهط المرافق له كان ينبغي أن توضع في حجمها

الحقيقي. أن يقدم وزير التجارة وبقية المجرمين ليحاكموا بمحاكمة عادلة، ولا يسمح بتراخي بعض

الجهات في هذه المسألة الهامة، التي لاتريد هذه الجهات أن يتم إحالتهم بواسطة لجنة النزاهة للقضاء

العراقي.

وعندما ندس برؤوسنا وحواسنا أكثر نجد على المشهد العراقي مسائل قد لا تطفو كثيرا على السطح.

نجد هنا إن الإنتخابات النيابية العامة على الأبواب، وهناك الأحزاب الطائفية والمتعنصرة وغيرها

تخاف أن تفلت كعكة العراق وكرسي الحكم من بين يديها. هنا لا بد من كسب ود المواطن الناخب

لإستمالته لهذ الجهة أو تلك بوعود وإعمال قد تدير رأسه وراسها لهم. فيبين العارفون إن تحسن أداء

البرلمان يعود الى قرب الإنتخابات المقبلة، وليس تماما للشعور بالعمل الوطني، والغاية في هذا

الأداء الحسن كون إن الكتل في البرلمان تحاول إستمالة الناخب والتأثير عليه بهدف التصويت لها في

الإنتخابات المقبلة. كذلك في هذا السياق ياتي النشاط لبعض النواب وكتلهم البرلمانية لعملية إستجواب

الوزراء والضجيج حولها، رغم إن هناك من يؤخر بعض الإستجوابات لأغراض طائفية كما يحصل

من نائب رئيس المجلس النيابي خالد العطية لعرقلة إستجواب وزير النفط الشهرستاني.

وموضوع ذي صلة هو التنافس الشديد بين الأحزاب والتنظيمات السنية والشيعية، سيئة الصيت

والضارة بالمجتمع العراقي في طائفيتها وتسمياتها. ففي حين يحاول الإئتلاف العراقي الموحد لملمة

صفوفه، التي اخذت تتآكل بعد الفضائح والوعي الشعبي الكبير، لخوض الإنتخابات التشريعية

القادمة، تبين جبهة التوافق العراقية الطائفية السيئة هي الأخرى، عن طريق متحدثها عبد الله

الجبوري، بالقول إن السنة يستشعرون الخطر من محاولات إحياء الإئتلاف وتقديمة ككتلة شيعية

محضة ما قد يشجع السنة على الإلتفاف حول أحزاب تقدم لهم أجندة سنية بدل الأحزاب ذات التوجه

العام.

والآن مسؤولية من في هذا التدهور الذي يقوده الطائفيون والعنصريون، إنها مسؤولية الحكومة التي

لا تفكر فقط في تصريف الأعمال، فيجب وضع حد لمثل هذا الإنحدار الطائفي والإبتعاد عن مثل هذه

التسلكات المريضة إجتماعيا والبدء الجاد بتثقسف الناس بالمواطنة والهوية العراقية والعمل النشيط

الملموس في هذا الإتجاه الوطني الهام، ونبذ الطائفية والعنصرية وكل ما يمت لهما من قريب او بعيد.

إن من أهم الأولويات هو الشعور بالمواطنة بإحترام المواطن وحصوله على حقوقه كاملة وقيامة

بواجباته، لكي يكون بعيدا عن أولئك الطائفيون والعنصريون الذين يحاولون إستمالته.

هؤلاء الطائفيون لا يفكرون إلا بمصالحهم الأنانية الضيقة، ولا ينشطون بالتبرعات السخية إلا في

أوقات محددة، أوقات الضيق والحاجة للناس، وبعدها يتركوهم لقدرهم، وهذه الأموال هي أموال

الناس التي سرقوها هؤلاء الطائفيون والعنصريون ليعطوا أقلها القليل لشراء الذمم. هل فكروا لحظة

واحدة في حياة ومعيشة الناس، كلا أبدا، وإلا لكانوا قد عرفوا وشعروا بما يعانية هؤلاء الناس من

شظف العيش، ولقطاعات واسعة منهم. وإذا أردنا أن نأتي بشريحة واحدة هامة وهي خريجو

الجامعات، فنجد إن الكثير منهم يتخرج ولا يجد أو تجد عملا بإختصاصهم بل ولا أي يعمل، فهناك

خريجون يعملون في صنع (الكبة) ويفكرون في الحصول على (جمبر) لبيع الحاجيات على الناس

لكسب عيشهم. إن هذا ما تبينه تقرير الصحفية عدوية الهلالي لمقابلة فناة فضائية لبعض الخريجين.

يقول أحد الخريجين سيكون حظه أسعد إذا وجد له مكانا ينصب فيه (جنبرا) بين الجنابر للبيع على

الأرصفة. كيف يفمسر الطائفيون تسلكاتهم المريضة وسرقاتهم وفسادهم، وكيف تفسر الحكومة وجود

هكذا أوضاع مزرية في دولة نفطية غينة. إنه الجريمة بعينها، الفساد الإقتصادي وإنعدام الأمن

وشراء الذمم لا تنفصل عن بعضها في جريمتها الوطنية، كالخيانة.

هل نستعرض كل الآثام، أنها كثيرة متنوعة ولا تكفي مقالة واحدة مطلقا لتغطية حتى البعض القليل

منها، ناهيكم عن التفصيلات في كل من هذه الآثام. هذه كلها ادت بالواطن والمواطنة العراقيين أن

يكونوا بوضع نفسي وإجتماعي مريع ينبغي الإلتفات إليه مطولا والعمل الجاد على إزالة أسبابه

بحيوية وسرعة. ولعل الإستنتاج في تقرير معهد الحرب والسلام في واشنطن يسعف في هذا

المضمار. يقول الإستنتاج إن أمل العراقيين ببلد مستقر آمن تنخفض في المخاطر لمستوياتها في باقي

الدول آخذ بالتقلص على الأقل في المستقبل المنظور، كما يبين إن بعض العراقيين تنتابهم المخاوف

من عودة الحرب الطائفية وبعضهم يقر أن من المبكر قوله في ان نصبح واثقين بما ينتظرنا من أمن

وطمأنينة. وفي هذا المضمار تتضار آراء العراقيون في المستقبل الأمني بعد خروج القوات

الأمريكية من العراق، فمنهممن يرى إن الأمن سيستتب وأخرون يرون إن الإرهابيين سيستغلون ذلك

لتصعيد إرهابهم، وغيرها من الأمور.

هنا أين مسؤولية الحكومة لتثبيت طمأنينة المواطنين على حياتهم ومعيشتهم، وأين الأحزاب الطائفية

والعنصرية من خدمة المواطنين؟!!

كما إننا نود تثبيت نقاط لا بد للحكومة من مراعاتها:

أن تكون هناك رغبة جدية وعملية في تقديم مايجب لرجوع المهاجرين العراقيين وخاصة الأكفاء

منهم من أجل إعمار البلد.

إصدار عفو عام عن جميع المعتقلين سواء من مضى عليهم سنين بدون تحقيق أو لما يجب فيه

إستمرار التحقيق، ويحصر البقية في سجون حضارية أنسانية، وبالتالي تحدد فترة ستة أشهرفقط

للتحقيق والمرافعة والقرار لكي تعود الأمور لنصابها.

البدء بتقديم الوزراء وغيرهم من المرتشين والفسدين إداريا الى القضاء، وبضمنهم وزير التجارة

السوداني، وان تجري إحالتهم عن طريق لجنة النزاهة الى القضاء العراقي.

وندعو الله ونتضرع له في جعل الوطن آمنا مستقرا ليكون العراقيون، ونحن منهم، حزاما صلبا يقف

مع شخصيات وطنية تنفذ ما تقول ولا تكذب بما تعد، وتحقق للوطن وابناءه الأمن والأمان.


أبو خلود

www.kitlawfirm.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية