الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في خريطة الانتخابات العراقية المقبلة

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2009 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يرى البعض ان الوقت ما يزال مبكرا للتكهن بما ستسفر عنه الانتخابات النيابية المقبلة، وهو ما يزال مبكرا حتى لمعرفة الانحيازات والانزياحات التي ستضبط طبيعة التحالفات الحزبية القومية المذهبية الفئوية المناطقية وفي ظل غياب او تغييب المشروع الوطني وبالتالي ضعف القوى الوطنية الذي أضحى سمة من سمات عراق المحاصصات الطائفية.
ومنذ وقت مبكر من هذا العام بدأت بالانعقاد سوق التوافقات بين القوى المتصارعة من اجل البيع والشراء والمقايضة والتبادل الذي يجري على المناصب والكراسي والمنافع والفوائد وحتى على التطمينات المتبادلة وعلى السكوت مقابل السكوت.
وحتى الآن فانا غير مصدق ولا أتمنى لأحد من العراقيين أن يصدق بان البلاد سوف تتخلص في الانتخابات المقبلة من سيطرة الاسلامويين على السلطة، لأنهم بيدهم وحدهم مفاتيح كل شيء في البلاد من صناديق البنوك الى صناديق الاقتراع، وبيدهم أيضا غلة السواد.. البترول ومراقد الأولياء والصالحين وتحت سيطرتهم المنابر من فضائيات وإذاعات وجوامع وحسينيات ومواكب عزاء والاهم من كل هذا وذاك: الفتوى وإصبع السبابة، ولأن وراءهم أيضا قوى ومؤسسات ودول وأنظمة تدعمهم وتسندهم.. وفي المقابل فلأن القوى الليبرالية والقومية واليسارية – العلمانية- ليس لها وجود مؤثر لا في الشارع العراقي ولا في غيره من دول الجوار فلا سند من جهة حتى وان كان حسب مبدأ (عدو عدوي صديقي) ولا دعم من منظمة حتى وان كانت منظمة مجتمع مدني ولا وقفة من جمعية حتى وان كانت جمعية نفع عام ولا امتدادات الى دول الجوار وغير دول الجوار كما هو حال الإسلاميين ولا حتى تظاهرة تعاطف ممن يلتقون معهم في الأهداف ويشتركون معهم في المصائب التي تتنزل على رؤوسهم ومن المفترض ان "يجمعنَّ المصابينا" على رأي أمير الشعراء احمد شوقي.
المتفائلون بانحسار مد الإسلاميين يبنون تفاءلهم هذا على أساس نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة وما أسفرت عنه من تراجع لبعض القوى الإسلامية فيما حقيقة الأمر ان تلك الانتخابات لم تغير من واقع الحال شيئا اذ إن كل الذي جرى لم يكن سوى فوز جهة إسلامية على جهة او جهات إسلامية أخرى وبدلا من ان يكون "أمرهم" كما كان الحال في السابق "شورى بينهم" فقد أضحى ذلك الامر تنافسا لكنه بقي "بينهم" فلم يخرج عنهم.
ما حصل لا يعدو تبادلا للأدوار ما بين لاعبين في فريق واحد. فما دام الوصول الى الهدف (الأسمى) هو المراد والمطلوب فليس ضروريا ولا مهما الأشخاص والوجوه والأسماء والجهات ولا حتى التوجهات التكتيكية ما دامت محكومة في نفس الإطار وتؤدي إلى نفس النتيجة.
لقد اعدوا لكل شيء عدته بتخطيط وثبات افتقدته القوى الليبرالية والقومية واليسارية وهذه هي اللعبة السياسية ان تعرف أصول اللعبة وان تستثمر الفرصة وتستغل غفلة او ضعف الأطراف الأخرى لتثبت خطواتك وتكسب مواقع على الأرض وتمسك بالأوراق الرابحة في كفك.
حتى أمريكياً فان الإسلاميين الموجودين الآن في السلطة سيكونون مقبولين طالما توفروا على قدر غير محدود من البراغماتية المستندة إلى بعض النصوص والوقائع التاريخية المقدسة وطالما كان بإمكانهم ضبط الشارع من ان ينزلق نحو التشدد الذي أضحى ملجئا للجماهير المحبطة بسبب بعض السياسات المحلية والدولية.
وفوق كل هذا وذاك فان بعض الأحزاب الإسلامية سارعت الى ركوب موجة المواطنة العراقية حين وجدت الشعب قد نبذ الطائفية والمذهبية بعد ان اكتوى بحيثياتها وعاش نتائجها بكل تفصيلاتها الكارثية ما سيخل بطبيعة التوجهات الجماهيرية وانحيازها الحتمي الى القوى الليبرالية فيما بقيت أطراف أخرى تراهن على دغدغة الغرائز المذهبية لان أوراق الانتخابات وان كانت ستحمل إشارات متباينة فانها في النهاية ستتجمع في سلة واحدة هي سلة الإسلاميين وستكون النتيجة بالمحصلة النهائية واحدة.
فليس البسطاء وحدهم من صدق بل حتى مثقفون ان أحزابا دينية سترضى ان تستبدل ما تعتقده انه دستور أزلي ابدي بقوانين دولية في حقوق الانسان ودساتير وطنية ما زالت تطلق عليها في خطابها إنها دساتير (وضعية) تقليلا من شأنها وحطا من قدر قدسيتها كما صدقوا بطرحها شمولية المواطنة أساسا لتداول السلطة وإدارة الحكم فيما هي أحزاب مذهبية ضيقة المساحة والنظرة والأفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض