الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 2

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2009 / 9 / 1
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لا شك أن المتتبع للحركة الإجتماعية بالمغرب يلاحظ مدى تطورها خاصة خلال أربعة عقود الماضية نتيجة نضالات الشعب المغربي خلال سنوات القمع الأسود ضد النظام القائم ، عبر انتفاضاته الشعبية في 1958/59 و 1962/63 وأروعها في 1965 بالبيضاء و التي لعبت فيها الشبيبة المدرسية دورا هاما ، و كان للحركة الطلابية بفرنسا في 1968 أثر كبير في انتعاش الحركة الشبيبية المغربية التي ساهمت في نشأة الحركة الماركسية اللينينية المغربية خاصة منظمة إلى الأمام ، و التي طورت بشكل كبير دينامية الحركة الثورية بالمغرب بعد تأسيسها في صيف 1970 و برزت تجلياتها خلال الإنتفاضات الشعبية في 1981 و 1984 و 1990 ، مما له أثر كبير في الصراع داخل المنظمة في الداخل و الخارج و بالسجون ، خاصة بعد قيام القيادة الأولى بمحاولة الحصول على العفو لدى النظام القائم بواسطة زوجة أحد القياديين بفرنسا في بداية الثمانينيات من القرن 20 إلا أن انتفاضة 1984 حالت دون ذلك ، و كان للتحولات السياسية و الإقتصادية الدولية أثر كبير في التحول داخل المنظمة في العقدين الأخيرين بعد سقوط التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي و انبهار الإنتهازية التحريفية بمقولة "نهاية التاريخ" و تجاوزها لمفهوم الصراع الطبقي و الثورة.
لقد كان لتنامي الرأسمال المالي في عصر الإمبريالية خلال القرن 20 بقيادة أمريكا أثر كبير في تسريع وثيرة انتشار الرأسمالية في البلدان التابعة و من بينها المغرب ، فبعد تجاوز مرحلة وضع الأسس الإقتصادية الرأسمالية ببلادنا في مرحلة الإستعمار المباشر بعد القضاء على مقاومة الفلاحين الفقراء بالقضاء على جمهورية الريف التي استمرت من 1919 إلى 1926 و سقوط آخر معاقل المقاومة بجبل صغرو في 1934 ، و تم تحويل الملكية الجماعية للأراضي إلى ملكية فردية رأسمالية و وضع أسس الإستثمار الرأسمالي في مجال الفلاحة/زراعة رأسمالية بالبوادي ، بعد احتلال أراضي الفلاحين الفقراء و تحويلها إلى إقطاعيات يتم استغلالها من طرف المعمرين في اتجاه تصدير المنتوجات الفلاحية لفرنسا و أوربا الغربية و ظهرت طبقة العاملات و العمال الزراعيين بالبوادي ، و وضع أسس الرأسمال الصناعي بالمدن بتركيز جل الصناعات ببعض المدن الكبرى كالدار البيضاء و فاس (تكرير البترول،النسيج،الإسمنت،السكر و الشاي،صناعة السيارات ...) و استغلال المناجم بالبوادي (جرادة،جبل عوام،خريبكة،بوزار،إيمني...) و ظهور الطبقة العاملة الصناعية بالمدن و البوادي ، و تركيز أسس الرأسمال المالي بعد إثقال كاهل الشعب المغربي بالقروض الإمبريالية لتنمية سيطرة الإقطاع و الكومبرادور على السلطة السياسية و الإقتصادية و العسكرية ، و إنشاء البنوك بالمدن و استغلال القروض لإثقال كاهل البورجوازية الصغرى و العمال و الفلاحين الفقراء ، و فتح المجال أمام الإقطاع و الكومبرادور لاستغلال أموال الشعب في مشاريعهم الإستثمارية في الفلاحة و السياحة و الصيد البحري و العقار ، كما تم وضع أسس البنيات التحتية الرأسمالية بشق الطرق المعبدة و السكك الحديدية و الموانيء و المطارات لتسهيل استغلال خيرات البلاد و تصديرها ، و في ظل هذه الأوضاع تنامى الرأسمال الصناعي (المعامل و المعادن) بالمغرب الذي سيطر عليه المعمرون على حساب الفلاحة (الزراعة و الثروات الغابوية و الصيد البحري) التي تم ترك ما يستغني عنه الإستعمار للإقطاع و الكومبرادور ، و ذلك بمنح الإستعمار المباشر للإقطاع بعض المناطق بالبوادي التي لا يستطيع استغلالها لدعم سلطته بعد اقتسام السلطة بينهما في بعض المناطق كالجنوب ، و فتح الطريق أمام الكومبرادور لترويج المنتوجات الصناعية الرأسمالية لدعم الرأسمال التجاري و المالي بالمدن و البوادي.
و يعتبر الإقطاع و الكومبرادور الحليفين الأساسيتين للإستعمار المباشر و هما يرضيان بالتبعية له نظرا لكونهما عاجزين عن منافسة الإستثمارات الرأسمالية الكبرى الإستعمارية في المجالين الصناعي والفلاحي ، و نشأت طبقة البورجوازية الصغرى بالمدن التي تشكلت أساسا من مثقفين و طلبة و حرفيين وتجار صغار و بالبوادي من فلاحين صغار و حرفيين و تجار صغار وهذه الطبقة تتعرض لاستغلال الإستعمار والإقطاع ، و هي أساسية في تنمية الرأسمال و تطويره نظرا لدورها في ترويج المنتوجات الصناعية والفلاحية الرأسمالية و ذر الأموال لتنمية الرأسمال المالي لتجاوز أزماته و تكثيف استغلال الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء ، و اتجهت البورجوازية الكومبرادورية إلى الإستثمار في المجال الفلاحي بتحالف مع الإقطاع بدعم من النظام القائم بعد الإستقلال الشكلي و تعويض دور المعمرين في توجيه المنتوجات الفلاحية عبر التصدير، و تم تركيز الكومبرادور بفتح المجال أمام الموظفين السامين و الوزراء و البرلمانيين و الضباط و عائلاتهم التي تملك أجود الأراضي الزراعية ، و كان لسياسة السدود التي تهدف إلى توفير المياه للمشاريع الإستثمارية الفلاحية للكومبرادور و الإقطاع أثر كبير في تهجير جماهير الفلاحين الفقراء من أراضيهم التي غمرتها المياه و ترك ما تبقى منها لصالح أجهزة المياه و الغابات التي حولتها إلى محميات ، واستقر جلهم بالبوادي المجاورة للعمل بالضيعات و معامل التلفيف في ظروف من القهر أشبح بعصور العبودية و بعضهم بالمدن في أحياء القصدير للعمل بالمعامل هربا من البوادي للوقوع في قبضة الكومبرادور بالمدن ، وتطورت الطبقة العاملة بالمدن التي ناضلت إلى جانب البورجوازية الصغرى في مرحلة المقاومة ضد الإستعمار المباشر بتحالف مع الفلاحين الفقراء في جيش التحرير ليستولي الكومبرادور في الأخير على السلطة بعد مؤامرة 1956 بإيكس لبان ، و كان لتحالف الإقطاع و الكومبرادور دور كبير في تركيز الرأسمال التبعي بالمغرب و ذلك بحماية مصالح الرأسمال المركزي بتركيز استغلال الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و تصدير الثروات الطبيعية.
و كان لتنامي الرأسمال المالي في العقدين الأخيرين أثر كبير في ظهور المضاربات العقارية بعد استنفاد استغلال الثروات الطبيعية من مناجم و صيد بحري و تصفية المؤسسات الوطنية الصناعية و الفلاحية والمالية و السيطرة على أجود الأراضي و المحميات بالغابات و مصادر المياه ، و لم يبق أمام الكومبرادور إلا مجال العقار الذي يتم الإستيلاء عليه بواسطة أجهزة النظام القائم و الجماعات السلالية و الجماعات القروية ، وتحويل هذه الأراضي إلى ضيعات و محميات خاصة بالبوادي و مجموعات سكنية بضواحي المدن و المراكز الحضرية بالبوادي ، و ظهرت طبقة بورجوازية ذات أصول كومبرادورية إغتنت من أموال الشعب عبر استغلال الأراضي الصالحة للزراعة و المناجم و الصيد البحري و تصفية المعامل و نهب البنوك و الصناديق المالية ( القرض الفلاحي ، القرض العقاري السياحي ، البنك الشعبي ، و صندوق الضمان الإجتماعي ، و التعاضدية العامة ...)، وكان للسياسة الطبقية للنظام القائم التي تتجه إلى خوصصة المؤسسات الوطنية التي تم بناؤها بعرق و دم الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء أثر كبير في ظهور العطالة ، أولا في صفوف الفلاحين الصغار و الفقراء الذين تم الإستيلاء على أراضيهم من طرف الإقطاع و الكومبرادور و تحولوا إلى عبيد للرأسمال بعد أن كانوا أسياد أنفسهم في مشاريعهم الفلاحية الصغرى ، التي افتقدوها إما ببناء السدود عليها أو ببيعها بأبخس الأثمان بعد السيطرة على مياهما من طرف المستثمرين الرأسماليين ، ثانيا تحول العمال بالمناجم إلى معطلين بعد طردهم من العمل و تصفية جل المناجم (جبل عوام ، جرادة ، إيمني ...( ، ثالثا انتشار العطالة في صفوف العمال و العاملات بالمدن بعد تصفية جل المعامل الوطنية و تفويتها إلى المستثمرين الرأسماليين المغاربة والأجانب ، و تم تهميش المشاريع الإنتاجية بالتركيز على رأسمال الريع بانتعاش المؤسسات ذات الرأسمال المالي المضارباتي و تصفية المكاتب الوطنية (البريد/إتصالات المغرب، المحافظة العقارية/الوكالة العقارية ، الكهرباء ، الماء ، وكالات مياه الري...( ، و يتم اليوم التهييء لتصفية المكاتب الجهوية للإستثمار الفلاحي بعد تفويت أراضي صوديا و صوجطا للمستثمرين الرأسماليين المغاربة و الأجانب ، و تأسيس التعاونيات الفلاحية وجمعيات السقي التي تعتبر أدوات لذر الأموال لصالح الإقطاع و الكومبرادور لما لها من دور في استنزاف ما تبقى من عرق و دم الفلاحين الصغار و الفقراء.
هكذا تم تركيز أسس الرأسمال المالي التبعي ببلادنا فبعد استنفاد احتلال الأراضي الصالحة للزراعة يتم اليوم احتلال ما تبقى من أراضي الفلاحين الفقراء بالبوادي بأبخس الإثمان ، و ذلك لبناء المشاريع السياحية عليها من طرف الكومبرادور و تهجير الفلاحين الفقراء إلى المراكز الحضرية التي بنى بها مشاريعه العمرانية لاستنزاف ما تبقى لهم من أموال ، ليتحول هؤلاء إلى طبقة عاملة معطلة عن العمل بعد أن فقدوا مشاريعهم الصغرى أو العيش بضواحي المدن في تجمعاتهم السكنية المهمشة باحثين عن عمل ، الشيء الذي ينتج عنه ظهور ظواهر اجتماعية منحرفة كالجريمة و بيع المخدرات و المجموعات الظلامية التي ترى في الدين ملاذا للخروج من فقرها المدقع ، كما عمل الكومبرادور على نشر ثقافة السياحة الجنسية بالبوادي و ضواحي المدن ببناء المنتجعات و المركبات السياحية التي يسقط في فخها الأطفال و الطفلات و الفتيات المنحدرات من التجمعات السكنية الهامشية بالإحياء الشعبية و ضواحي المدن ، و لا غرابة أن تنشأ منذ انفجارات الدار البيضاء في 2005 مجموعات ظلامية هنا و هناك و التي استغلها النظام القائم لبسط قبضته على الأحياء الشعبية بالمدن ، و بالمقابل برزت حركات اجتماعية احتجاجية بالبوادي قادتها جمعيات و مناضلين يساريين ضد التهميش و التي ترتكز على المطالب الإقتصادية خاصة الأرض والماء و الثروات الطبيعية و الخدمات الإجتماعية.

تارودانت في : 29 غشت 2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تساؤل
مشارك ( 2009 / 9 / 2 - 19:00 )
كيف يرى صاحب المقال الربط التكتيكي للتجربة اللينينية بالواقع المغربي ؟
وما رأيك في أنصار العمل من داخل الاطارات والجمعيات كحل لبناء الأداة الثورية ؟ وكيف ترى في الحركة الطلابية وما يدور داخلها من مواقف ؟ ضد الأحزاب كونها رجعية ؟


2 - تساؤل
الحسين ( 2009 / 9 / 3 - 11:02 )
قد تجد الجواب في المقالات الموالية

بالنسبة للشق الأخير من سؤالك أنظر الرابط التالي

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=94649


3 - شكر
مشارك ( 2009 / 9 / 3 - 15:09 )
أشكرك على الالتفاتة الطيبة و أتمنا أن يبقا نقاشكم على نفس الوتيرة

اخر الافلام

.. الشرطة الكينية تطلق الغاز المسيل للدموع على مجموعات صغيرة من


.. شاهد: تجدد الاحتجاجات في نيروبي والشرطة تفرق المتظاهرين بالغ




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: أي سياسة خارجية لفرنسا في حال


.. مخاوف من أعمال عنف في ضواحي باريس بين اليمين واليسار مع اقتر




.. فرنسا: تناقضات اليمين المتطرف حول مزدوجي الجنسية..وحق الأرض