الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع تقييم الحزب لنتائج الانتخابات النيابية 2009

الحزب الشيوعي اللبنانى

2009 / 8 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إثر إعلان نتائج الانتخابات النيابية العامة التي جرت في السابع من حزيران 2009، اجرى المكتب السياسي تقييما لظروف ونتائج المعركة الانتخابية، وللموقف السياسي من نتائجها على المستويين العام والخاص. وقد سلّط الضوء على العلاقة السببية بين النتائج العامة للانتخابات وما تفرّع عنها من نتائج تتعلّق بالحزب.
وخضع تقييم المكتب السياسي لنقاش واسع في دورة اجتماعات متتالية للجنة المركزية، وخلصت هذه الاجتماعات الى جملة مقررات سياسية وبرنامجية وتنظيمية، الهدف منها تفعيل حضور الحزب سياسيا وتنشيط هيئاته وقطاعاته المختلفة، لا سيما النقابات والشباب، وتطوير أطر تنظيمية قائمة على التزامن بين المرونة والالتزام، بما يعزّز فرص إنتظام النشاط الحزبي وتحسين ادائه.

ي الواقع السياسي

اولا: المستوى العام:
- ادّت أحداث السابع من ايار 2009 وتأثيراتها الداخلية والعربية والاقليمية والدولية على مجريات الصراع على الساحة اللبنانية، الى إعادة وصل ما انقطع من حوار داخلي بين اطراف السلطة. وتحققت اعادة الوصل هذه عبر استنفار التدخلات المتناقضة للأطراف العربية والاقليمية والدولية المعنية، حيث انطلق كل من هذه الأطراف من حساباته ومصالحه الخاصة في سعيه للتأثير في عملية اعادة إنتاج عقد طائفي- تحاصصي جديد للبنان. وبنتيجة محصلة هذه التدخلات، تم إنتاج "إتفاق الدوحة"، الذي اختلف نسبيا عن المعادلة التي كانت قائمة قبل أحداث أيار، حيث جرى إضعاف الدورالاميركي على الساحة اللبنانية من جهة... ولكن مع العودة من جهة اخرى الى القانون الانتخابي للعام 1960، الذي يعتمد القضاء كوحدة انتخابية بدلا من المحافظة.

- ان المعركة الإنتخابية التي خيضت تحت مظلة قانون ال60 وتوافق عليها الطرفان الآذاريان، تتناقض مع طموحنا الى قانون إنتخابي عصري يقوم على النسبية والدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي. وشاب موقف الحزب خلل كبير في هذا المجال، حيث اكتفى برفع صوته السياسي مشدّدا على إهمية خوض معركة القانون النسبي، ولكن من دون ترجمة هذا الصوت ميدانيا الى نشاطات وتحركات شعبية عارمة، وهذا ما ساهم في تمرير قانون ال 60 من دون اعتراض عملي مقنع. وقد حدد قانون 60 ملامح النتائج المتوقعة كالآتي:

 المراهنة على ستاتيكو ( توازن) نسبي في توزيع القوى وعلى تكرار ظروف انتخابات 2005 مع فوارق نسبية في الحصص، تخدم مشروع الادارة الاميركية في المنطقة وتكرّس استمرار تجاذب المصالح الدولية والاقليمية والعربية داخل الساحة اللبنانبة.
 تحقيق زيادة مفرطة في تأثير عاملي المال السياسي والانقسام الطائفي والمذهبي، مع سعي محموم لجعل الانتخابات أقرب الى "تعداد طائفي" منها الى معركة سياسية بامتياز.
 امعان في استثمار تداعيات أحداث السابع من أيار وملابساتها، وصولا الى تعظيم الاحتقان المذهبي وجعله يتحكم بالجزء الأساسي من المعركة الانتخابية.
 اتجاه الطرف الذي اعتبر نفسه منتصراً في احداث ايار، نحو تثمير مكاسبه سياسيا في معركتة الانتخابية، الأمر الذي عزّز إنجرافه الى خطاب تعبوي – مذهبي، طغى فيه الجانب الشكلي (" تمجيد معركة 7 أيار") على ما عداه من مضمون، وانعكس استهتارا بموجبات المعركة الانتخابية ورهانا على حسمها بنسبة تفوق 76 مقعدا لمصلحة المعارضة ما ادى الى غياب العمل القيادي الموحد لدى المعارضة والى انعدام البرامج الفاعلة، والاتكاء على نشوة الانتصار الداخلي، والمتغيرات الاقليمية

في مقابل ذلك:
 إعتمدت قوى 14 آذار على استراتيجية الظهور بمظهر المهدد والضعيف وغيرالقادرعلى الرد عسكرياً، وذلك بهدف إستنفار اقصى درجات العصبية والتجييش المذهبي، واقصى أشكال التماسك السياسي والتنظيمي الذي يعيد لها من خلال " الصناديق الانتخابية" ما تم إنتزاعه منها بقوة السلاح في 7 أيار.
من هذه الخلفية جاء شعار 7 حزيران مقابل 7 أيار، لا بهدف تحقيق انقلاب أو تغيير حاسم، بل بهدف استعادة التوازن المكرس عام 2005 تحت شعار التوافق والمراوحة، الذي يجعل البلد ساحة مفتوحة، دائمة الاستعداد لتلقي نتائج التطورات الاقليمية والدولية ...

 أما القوى الاقليمية الراعية للكتلتين الآذاريتين فانها كانت في حالة متابعة ومواكبة واستعداد لتكثيف الضغط، بإنتظار جلاء نتائج المعركة الإنتخابية، مع فارق أن الطرف المساند لـفريق 8 آذار (ايران – سوريا) كان مطمئنا كليا لحسم حلفائه نتائج المعركة الانتخابية بعد اقرار قانون الستين وتفاعلات أحداث 7 أيار. بينما الاطراف المساندة لقوى 14 آذار ( الاميركي – السعودي – المصري) فانها كانت شديدة القلق والاستنفار وعزّزت تدخلاتها المباشرة على المستويات السياسية والمالية والاعلامية، للحفاظ على موقع متميز وإن كان غير حاسم في لبنان، للاستفادة منه في الاتجاهين:
أ‌- إما للمضي قدما، عبر هذا الموقع، في تسخين الصراع الاقليمي .
ب‌- أو لاستثمار هذا الموقع في المفاوضات والمساومات العربية والاقليمية والدولية الجارية، والتي يتحدّد مسارها بموازين القوى السائدة واتجاهات الصراع البارد.
 تمثّلت المحصلة العامة في فوز قوى 14 آذار(إنتخابيا)، ليس بفعل المال السياسي واستجلاب المغتربين فقط – وهما أمران تشارك فيهما الطرفان بامتياز - بل كذلك بفعل تمكّن قوى 14 آذار من بلورة شعارات معركتها الانتخابية على قاعدة سياسية واضحة، نجحت من خلالها في إستنفار العصبيات المذهبية الى أقصاها، وترجمت ذلك عمليا في نسبة الاقتراع، وقد ساعدتها السقطات المذهبية للمعارضة على حسم النتائج في هذا الاطار.
وبطبيعة الحال فإن هذا الفوز لا يتيح حسم موقع لبنان في الصراع، بل هو يمهد لإعادة صياغة تركيب السلطة مرة جديدة على أساس " التوافق" كعامل استمرار لإدارة الازمة الوطنية، ارتباطا بنتائج وجهة الصراع – الحوار العربي الاقليمي والدولي.

 هذا الستاتيكو مضافاً اليه تقدم الحوار السعودي – السوري، من شأنه ربما أن يعيد خلط المواقع السياسية الداخلية اللبنانية على أسس مختلفة، في اتجاه إعادة تشكل "إطار ثالث" من ضمن التوازنات الائتلافية القائمة، وإن تعذر ذلك فيكون الاتجاه نحو تحقيق " مساكنة مؤقته لترويكا السلطة"
 العودة الى طرح نظرية مقايضة المقاومة وسلاحها مقابل الاقتصاد وبناء دولة
( باريس 3)، يرجّح أن تشكل احد انعكاسات اجواء التوافق الاقليمي.

 التدخل الاسرائيلي المباشر وتصريحات ناتنياهو وسرعة انكشاف جوهر موقف الادارة الاميركية الجديدة، الذي تجلى في تأييد "أوباما" للتصريحات النارية لنتانياهو، هي عوامل من شأنها تعزيز الاحتمالات السالفة الذكر، بالنظر الى أنه من الصعب على أي طرف داخلي لبناني أو حتى نظام عربي، تحمّل او استساغة تلك العوامل.

ثانياً: المستوى الخاص:
- إن محصلة النتائج الانتخابية العامة التي حصل عليها الحزب، تنطوي دون شك على خسارة سياسية قاسية. وإذ حصل المرشحون الشيوعيون على نسبة 2.6% من اجمالي المقترعين، فان هذه النسبة تعتبر متدنية جدا قياسا لما هو متوقع وفق المؤشرات السياسية المتاحة واستطلاعات منظماتنا الحزبية. وقد أحدثت هذه النتائج "صدمة قوية" لدى الشيوعيين في القيادة كما في القاعدة، ولدى الرأي العام اليساري والعلماني والديمقراطي.

- لا يكفي تبرير هزالة الأرقام التي حصلنا عليها، بالتدخلات الخارجية والانقسامات الطائفية والمذهبية الداخلية وبالمال السياسي وحشود المغتربين. كان الحزب يدرك عبر تحليلاته ومواقفه، تحديات المعركة الانتخابية وصعوباتها وقساوتها، ولكنه كان يرى ان هذه التحديات ينبغي أن لا تحول دون خوضه للمعركة الانتخابية، بصفتها معركة سياسية وطنية بإمتياز وجزءا من الصراع الطبقي في مواجهة سيطرة التحالف الطبقي، أي أنها معركة مواقع ومشاريع سياسية، وليست معركة مواقع او مقاعد نيابية..

- لقد تعاطت قيادة الحزب بموضوعية مع ردود الفعل القاسية من قبل بعض الشيوعيين(افرادًا او منظمات)، وهي ترى في النقاشات التي حصلت مادة حيوية تصب في خانة الحرص على موقع الحزب، وعلى الالتزام بدوره بصفته ضرورة وطنية من أجل التغيير الديمقراطي.

- كما ناقشت قيادة الحزب في كيفية التعامل مع نتائج الانتخابات، على المستويات السياسية والاجتماعية والبرنامجية والتنظيمية، بهدف الخروج من صدمة الانتخابات، والاحاطة بالاسباب الرئيسية والثانوية التي واجهتنا خلال تحضير وتنفيذ المعركة الانتخابية. وانكبّ النقاش بشكل خاص على مستوى الاداء الحزبي، والحالة التنظيمية، والمسؤولية المباشرة وغير المباشرة عن التراجع الحاصل، وصولا الى إستخلاص العبر التي من شأنها إعادة اطلاق دور الحزب بقوة في الحياة السياسية، عبر تنشيط العمل الجماهيري في صفوف الفئات الاجتماعية والنقابية والشبابية والنسائية...

ثالثًا: في قرار الحزب خوض الانتخابات

- قرار الحزب خوض المعركة الانتخابية يعود الى اكثر من سنة ونصف السنة حين ناقش (المجلس الوطني السابق) مسألة المشاركة في الانتخابات عبر طرح مشروع قانون النسبية. ومع إقرار قانون ال60 ، أعيد بحث الموضوع من جوانبه كافة، مع رصد الاحتمالات المتاحة لخوض المعركة، سواء بالمشاركة او المقاطعة، على أن يتزامن ذلك مع استمرار حملتنا الوطنية حول قانون النسبية. وبعد نقاش مستفيض قرّر المجلس الوطني آنذاك خوض المعركة الانتخابية، رغم قانون ال60 وتقسيماته الادارية التي تغذي الانقسامات الطائفية والمذهبية، وذلك لاسباب تتعلق بضرورة الحفاظ على دور الحزب وموقعه في الحياة السياسية والديمقراطية.. وتم الطلب من منظماتنا بحث موضوع المشاركة والتحضير لمواكبة المعركة الانتخابية عبر الترشيح والنشاط والفعالية، بما يتناسب والقرار الصعب الذي اتخذه الحزب في خوض هذه المعركة ومواجهة تحدياتها.

- بالتوازي مع هذا القرار، أقر المجلس الوطني خطة وآلية عمل لمعركتنا الانتخابية، تضمّنت:
احتمال مشاركتنا في لوائح القوى التي نتقاطع معها وفق أجندة وطنية سياسية محدّدة (استنادا الى مبادرة الحزب للانقاذ الوطني)، وإحتمال المقاطعة او الانسحاب من المعركة ترشيحا في مرحلة يقدر الحزب ضرورتها وحيثياتها خارج تجربة "عد الأصوات". ولكن بعد سلسلة اجتماعات للمكتب السياسي واللجنة المركزية، بعد عقد المؤتمر العاشر تمّ التصويت بأكثرية الثلثين لصالح إستكمال المعركة الانتخابية بشكل منفرد ومستقل.


- وعلى اساس قرار المبدأ في المشاركة( قبل أكثر من سنة من الانتخابات)، أطلق الحزب مبادرته في عيده ال84، وفيها اكدت قيادة الحزب على مسالتين أساسيتين مترابطتين:
‌أ. المسألة الاولى: بحث فرص التوافق السياسي مع لوائح المعارضة استنادا الى معايير ثلاثة:
 التصدي للمشروع الاميركي الاسرائيلي ومندرجاته المختلفة..
 برمجة الاصلاحات السياسية التي تعزّز فرص التحرّر التدريجي من النظام السياسي الطائفي...
 معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم ..
‌ب. المسألة الثانية: الحصول على حجم تمثيلي مقبول يتناسب وموقع الحزب...

ان هذه المبادرة بتكاملها وشمولها لم تتوضح او تتظهّر كما يجب، أو كما كان يفترض أن تكون، سواء داخل قواعد وهيئات الحزب أو خارجه، وربما اعتقد البعض أن المطلوب هو خيار من خيارين، إما السياسة أو التمثيل، وليس تلازم الشرطين الذي يشكل أساس مبادرة الحزب.

- برزت مبالغة حزبية لدى قيادة الحزب وانعكست بطبيعة الحال عن القواعد الحزبية، حول إمكانية وجودنا على اللوائح، بالرغم من أن الحزب لم يقدم منذ البداية على طرح ترشيحاته العامة، ولو في إطار التكتيك السياسي الذي يخدم المعركة السياسية. واكتفى الحزب بترشيحات ثلاثة فقط في المرحلة الأولى واثنتين في المرحلة الثانية، قبل أن يقدّم خمس ترشيحات في المرحلة الاخيرة.

• انطلقت المراهنة على المشاركة في لوائح المعارضة من خلفية اعتبار الحزب ان المعركة حادة بين الفريقين، وانه سيكون هناك حاجة لاصواتنا المرجحة في بعض المناطق، خصوصا ان أولوية التقاطع مع بعض قوى المعارضة ولا سيما حزب الله يقوم على اساس الموقف من المقاومة (تعزز فرضيتنا)، وهذا الموقف بالنسبة الينا من ثوابت منطلقات مبادرتنا ومواقفنا المبدئية في مواجهة "المشروع الاميركي وتداعياته في المنطقة، بل أن هذا الموقف الواضح والمبدئي هو في أساس موقفنا المعلن من سياسة قوى 14 آذار،وفي اساس التصدي لهذه السياسة، بالنظر الى ارتباطات هذه القوى بالمشروع الاميركي .
لكننا نطرح على أنفسنا سؤالا يتوجب فعلا طرحه: هل موضوع المقاومة أولوية مطلقة عند الآخر؟ والجواب ربما واضح، وهو تجلى في بروز معايير اخرى لدى تحالفات لوائح الوفاء للمقاومة التي اعتمدت معايير طائفية او معايير سياسية ترتبط مباشرة بتحالفات ساحة رياض الصلح، او باحداث السابع من أيار. وهذه معايير لا علاقة لها بشراكة المقاومة والتحرير، بما في ذلك الشراكة في مقاومة العدو الاسرائيلي إبان عدوان تموز 2006، ولو مع تفاوت في الأدوار والأحجام. والمرجّح أن المبدأ الذي استندنا اليه، لم يكن محسوبا بالمطلق لدى الطرف الآخر، الذي نتقاطع معه سياسيا والذي يبدو ان اولوياته خاضعة أساسا لحسابات التحاصص الطائفي للسلطة أكثر من خضوعها لموجبات "الخيار المشترك لاستراتيجية المقاومة".

• برزت أيضا مبالغة حزبية في تقدير كمية اصواتنا ونسبتها، التي توقّعت أن تكون أصواتا مرجحة خصوصا في بعض المناطق الصعبة ( الكورة- البقاع الغربي). وقد تبين بالملموس بعد الانتخابات والنتائج المحققة، لا سيما في الكورة، أن التقديرات الاحصائية لدى الاخرين اتسمت بالدقة اكثر من تقديراتنا الميدانية الخاصة، وهذا يؤشر الى مدى ابتعادنا عن نبض الشارع، والعمل الجماهيري المباشر، وهذا يتطلب بالتأكيد من الحزب وهيئاته إعادة وصل ما انقطع مع الفئات الشعبية العاملة والكادحة من خلال الاحتكاك بالقضايا الشعبية المباشرة، كما يتطلب اتباع منهجية علمية وتقنية في عملنا لإجراء البحث الاجتماعي والاحصائي.



ورغم ان المؤتمر الوطني العاشر قد أقرّ، بشبه إجماع، المشاركة وفق أسس المبادرة، إلا أن ذلك لا يقلل من حجم المشاكل والصعوبات التي اعترضت آليات تحضيرنا للمعركة، وقد تجلى ذلك في:
- طول أمد المفاوضات- اللقاءات، وعدم تزامنها مع ما تم الاتفاق عليه من تنشيط وتفعيل لمبادرة الحزب في المناطق، او تفعيل الحملة الوطنية لقانون النسبية، او مواكبة لتنفيذ الخطة الانتخابية الموضوعة، مما ادى الى:
1- طغيان الجانب التفاوضي على حساب المبادرة واهدافها..
2- تراخي منظمات المناطق في تظهير خطة الحزب، وفي توضيح المواقف السياسية لدى القواعد والاصدقاء
3- إستهداف الحزب بمجموعة إشاعات اعلامية، لاضعاف رصيده الانتخابي وخلق حالات من البلبلة في صفوفه، مع تركيز هذه الاشاعات على وجود خلافات حول عدد مقاعد الحزب ضمن اللوائح وحول تغيير اماكن الترشيحات.
4- التأخير في تقديم المناطق للترشيحات
5- شيوع اخطاء تكتيكية في طريقة إدارة المعركة الانتخابية من قبل القيادة الحزبية، لا سيما بعض المواقف المتفردة للامين العام في خلال عملية التفاوض مع الأطراف الأخرى، وما رافقها من طرح لبعض أسماء المرشحين في الحزب وبشكل مسبق ومحدد، ربما لرغبة أو لقناعة في تحقيق تقدم ما، على تمثيل الحزب في الندوة البرلمانية ضمن الخطة العامة.
6- ان نقطة التحول قد تمثلت في انتقالنا الى تنفيذ المرحلة الثانية من خطتنا، بعد فشل المفاوضات مع القوى التي نتقاطع معها سياسيا. وقد استقر الرأي - بقرار من اللجنة المركزية - على الاستمرار في المعركة الانتخابية، تجسيدا لموقفنا السياسي المبدئي ولحّقنا الديمقراطي في خوض معركة طبقية – سياسية عبر العملية الانتخابية، من دون اوهام في خرق اللوائح. وقد استندنا في ذلك الى عاملين :
• العامل الاول: تمثل في مناخات من ردود الفعل السياسية على المواقف المتشابهة لقوى المعارضة بما في ذلك موقف القوى الاقليمية الراعية لها.
• العامل الثاني: تمثل في معطيات منظمات الحزب والماكينات الحزبية الانتخابية وتقديراتها حول وزن وكمية ونسبة أصواتنا التي اعتقدنا أنها تتجاوز بمجموعها 8% .

وانطلاقا من هذين العاملين ومن صحة مبدأ خوض الانتخابات، اتخذت اللجنة المركزية قرارها بتبني اقتراح المكتب السياسي الاستمرار في المعركة، مستبعدة بذلك إحتمال الانسحاب منها.

- في خضم هذه المعركة السياسية، برزت سلبية إضافية في آلية عمل قيادة الحزب تمثلت في اسلوب التعاطي الثانوي مع اللقاء اليساري التشاوري حول موضوع الانتخابات عموما، اذ لم يطرح هذا الموضوع من أساسه على اللقاء بشكل يسمح بنقاشه كما يجب، لاتخاذ قرار مشترك بشأنه، ولا يجوز تبرير هذا الخلل بإدعاء الخوف على وحدة "اللقاء اليساري"، لأن هذا الخوف يعبر عن قلة ثقة ويعرقل تعميق وتوسيع العلاقة مع القوى اليسارية.

رابعًا: في خلاصة استنتاجات المعركة الانتخابية:

توصلت اللجنة المركزية في دورة إجتماعات لها الى نقاش ورقة المكتب السياسي والتقييم العام لمجمل العملية الانتخابية الى النتائج التالية:

على المستوى السياسي:

- أن الموقف من المعركة الانتخابية لا يتقرر فقط بنتائجها المحققة، وبمعزل عن طبيعة هذه المعركة وحيثياتها وظروفها وصعوباتها... فالانقسامات الطائفية، وبخاصة المذهبية، لم تكن وليدة الساعة بل هي عميقة ومتأصلة في بنية النظام السياسي، وبطبيعة الحال فإنها لن تزول سريعا. ولو كان ميزان القوى هو المحدد الوحيد لقرار خوض المعركة، لاستطعنا القول أن معارك أخرى، منها معارك المقاومة والمعارك الاقتصادية والاجتماعية، هي أيضا من القرارات الخاطئة بإمتياز، لإنها قد لا تكون مبرّرة في ضوء توازنات القوى السائدة.

لذلك، فإن قيادة الحزب تؤكد مجددا على صحة الموقف بإتخاذ قرار المشاركة السياسية في المعركة الانتخابية، بغض النظر عن طبيعة قانون الـ60 المتخلف والطائفي والمذهبي. وترى قيادة الحزب وبمسؤولية انه لو اتيح التعمق في النقاش على أساس من المصارحة والشفافية في معطيات نسبة التصويت لكان قرار الاستمرار في المشاركة تغير باتجاه الانسحاب.

إن قيادة الحزب تؤكد على أهمية المنطلقات والخيارات السياسية التي حدّدت موقفه من النظام الطبقي- السياسي بأطرافه المختلفة، استنادا الى معايير ثابتة وواضحة (المقاومة– الاصلاحات السياسية الوطنية والاقتصادية والاجتماعية- القانون النسبي- محاربة الطغمة المالية والفساد...)،. كما تعيد التأكيد على ما قرّره المؤتمرالعاشر حول موقع الحزب، بصفته الحزب الوطني الديمقراطي المعارض والمستقل عن اصطفافات قوى السلطة على اختلاف مواقعها ومشاربها الطبقية والطائفية. ويشدّد الحزب مجددا، استنادا الى تحليله لاولويات الصراع، على أن التناقض الرئيسي لا يزال متمثلا في مواجهة المشروع الاميركي – الاسرائيلي وتداعياته على المنطقة وعلى لبنان ودوره ووظيفته.

ويرى الحزب أن الانتكاسة في محصلة نتائج الانتخابات، والخلافات الجدية مع بعض قوى المعارضة التي نتقاطع معها، والحصار الذي يتعرض له اليسار اللبناني عموما، وحزبنا خصوصا، والاشاعات الاعلامية المغرضة التي تحاول تضليل الرأي العام وخلق بلبلة في صفوف الحزب، ان هذه العوامل كلها لن تشكل دافعا للتراجع عن مواقفنا الفكرية والسياسية وعن موقعنا الوطني والمستقل، بالرغم مما يتعرض له اليوم مفهوم تمايز الحزب واستقلاليته من التباسات لدى بعض الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين ولدى الرأي العام.

وعلى أساس هذه الثوابت والمنطلقات، أكدت اللجنة المركزية في دورة اجتماعاتها، على مواقف الحزب المستقلة عن تحالفات وعلاقات الارتهان والتبعية لإي طرف من اطراف السلطة السياسية المسيطرة، وعلى عدم الانجرار الى مواقع الانقسام الطائفي او المذهبي الراهن، والتمسك بمبادئ ومنطلقات مشروعها للتغيير الديمقراطي، في وجه النظام الطبقي – الطائفي الذي يسعى الى تأبيد امتيازاته ومصالحه الضيقة. ويكون ذلك عبر عمل منظمات الحزب وقطاعاته على تظهير كل مفصل من مفاصل هذا المشروع التغييري لدى الفئات الشعبية، وبلورة برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية وبيئية وثقافية واضحة تستلهم المصالح الفعلية لهذه الفئات (قانون للتمثيل النسبي، قانون مدني للاحوال الشخصية، قانون ينظّم مفهوم الاقامة، خطة متكاملة للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي، مشروع لاصلاح النظام الضريبي، خطة لتحسين نوعية التعليم الرسمي، مشروع لتطوير اللامركزية الانمائية، مشروع لدمج المعوقين، برامج لمكافحة الفقر،...).

ولا يعني هذا التوجه تقوقع الحزب او إنعزاله عن باقي القوى، بل هو يعني في جوهره التحديد الدقيق لمفهوم العمل السياسي ولتقاطع أو تعارض المصالح الطبقية التي يستظلها. ويستهدف العمل السياسي، بهذا المعنى، تجميع الناس على خلفية القضايا الاجتماعية والوطنية الاساسية التي تخدم مصالحهم القريبة والبعيدة المدى. وأي إطار جبهوي او تحالفي لا بد من أن ينطلق من هذه الاسس والقواعد بالذات، مع ضرورة التركيز، في الأصل، على استنهاض وتعبئة قوى اليسار والقوى العلمانية والديمقراطية، في اطار منسّق للعمل المشترك..

على المستوى التنظيمي:

- لقد كشفت نتائج المعركة الانتخابية الأخيرة عن خلل فادح في أوضاعً الحزب التنظيمية، الى درجة لم يعد ممكنا معها التستّر عن حدّة هذه المشكلة بحجة أولوية الوحدة السياسية للحزب. وقد بات من الصعب الفصل بين الواقع التنظيمي والواقع السياسي، ومثل هذا الفصل يتنافي مع جوهر المركزية الديمقراطية. وإذا كان الحزب في السنوات الماضية قد تجاوز الأخطار التي نتجت عن الفرز الفكري والسياسي، الا أن إستمرار التردي الراهن للحالة التنظيمية بات يهدد بإنتقال الخطر فعليا الى الوحدة الفكرية والسياسية لحزبنا.

إن الاداء التنظيمي القيادي كما القاعدي والوسطي، بات يدعو بالحاح الى اعادة التفكير بمجمل آليات عملنا التنظيمي، لجهة الحدّ من غلبة عقلية الارتجال والتفرّد وتغذية العصبيات المناطقية الضيقة، والتوجه فعلا نحو تحويل هيئات الحزب الى خلايا عمل جماعية ومؤسساتية، تقوم على احترام الآخر وعلى تعدد الاراء ضمن الالتزام بوحدة التنفيذ، مع تفعيل آليات المساءلة والمحاسبة وفقا لمعايير واضحة وشفافة، بما يفسح المجال حقا أمام تشغيل كامل طاقات الحزب السياسية والفكرية والشبابية والنقابية والابداعية و... ولذلك لا بد من ترجمة مقررات المؤتمر العاشر الى حيّز الوجود، بما ينسجم وطموحات الشيوعيين ويعيد الى الحزب حضوره ووهجه وموقعه، استنادا الى اطر تنظيمية تتيح بمرونتها وديمقراطيتها تفعيل دور الحزب على المستوى الوطني. وتحقيقا لهذا الغرض تقترح قيادة الحزب بداية، الشروع الفوري في تحضير وتنفيذ الخطوات التالية:

 عقد كونفرانس سياسي- تنظيمي للحزب أواخر 2010 كجزء من خطة طوارى لورشة عمل سياسية – تنظيمية، لبحث المسائل السياسية المحورية وآليات العمل التنظيمية، بما يساهم في تعزيز الثقة بين هيئات الحزب وقواعده، ويساعد في التوجه الفعلي نحو خلق هيئات عمل قيادية ناشطة وفاعلة وممأسسة، بعيدا عن الشخصنة والتفرد والارتجال وعن تجاوز الهيئات الحزبية...
 دراسة وتحليل نتائج الانتخابات والفوارق الشاسعة بين النتائج المتوقعة والنتائج المحققة، وتحديد مسؤولية هيئات الحزب المختلفة عن ذلك، بعدما ظهر بالملموس مدى ابتعاد الحزب عن مواكبة قضايا الناس وعن الاحاطة بنبض الشارع. واذ يميل البعض الى تبرير جزئي لهذه الفوارق بالانقسامات الطائفية والمذهبية الحادة وبالمال السياسي، الا أن ذلك لا يقلل من مسؤوليتنا في ابتعادنا عن طرح قضايا الناس الملموسة، في المدن والأرياف، وفي المدرسة والجامعة، وفي المزرعة والمشغل والمؤسسة، وفي النوادي والجمعيات غير الحكومية، وفي الكثير من الامكنة التي تعمق وتوثق الصلات المباشرة مع الناس.

وفي مراجعة سريعة لنشاطات الحزب في خلال السنوات العشر الأخيرة، يتبين إرتفاع الميل نحو حصر نشاطات الحزب بالمناسبات الوطنية المركزية، وتدني مستوى اهتماماتنا وحضورنا في مواكبة التحركات والنشاطات في مساحات الاقتصاد والاجتماع والتربية والثقافة والبيئة... القريبة من وجع الناس وهمومهم اليومية. وهذا ما يحدّ من قدرة الحزب على تجسيد مشروعه للتغيير الديمقراطي، في صفوف أوسع الفئات الشعبية، التي ينصب الجهد على تضليلها وتقسيمها واستتباعها للزعامات السياسية والطائفية المتنفذة.

ويرتبط جزء من هذا التراجع بنمط الفكر وأسلوب العمل الذي درجنا على ممارسته، والذي قصّر في رسم معالم الخطوط الفاصلة بين ما هو طائفي وما هو طبقي-اجتماعي في مجتمعنا المحلي، وقصّر بالتالي في بلورة خارطة محددة للطريق التي تمكننا من تجميع القوى الاجتماعية ذات المصالح المشتركة (في كل ما يتصل بالصحة والتعليم والعمل والنقل والسكن والتأمينات الاجتماعية وضمان البطالة والشيخوخة ومكافحة الفقر والتهميش والاقصاء...)، من داخل الطوائف كافة، وصولا الى تحرير هذه القوى من ارتهانها التبعي للنخب الطائفية-الطبقية التي تأسرها. لإن دور حزبنا التغييري يتمثّل أساسا في النضال من اجل كشف وتحديد وتظهير مجرى الصراع الحقيقي، للتأثير في وعي الناس، وتعبئتهم والسير معهم في اتجاه إحداث خرق جدي في بنية النظام الطبقي- السياسي، وهذا ما فشلنا في تحقيقه حتى الآن.

وإذا كان الكونفرانس السياسي –التنظيمي المقترح سيشكل مناخا ملائماً للتباحث الجدي والمركّز حول مثل هذه القضايا الأساسية، إلا أن المعالجات التنظيمية يجب أن تنطلق منذ الآن لوقف الترهل والنزف والتراجع في صفوف الحزب، وتبرز هذه القضية باعتبارها ضرورة حزبية قصوى أمام الهيئات والمنظمات والقطاعات كافة.

- إذا كان مفهوم "المركزية الديمقراطية" يحاول المواءمة بين الوحدة الفكرية والسياسية والتنظيمية للحزب، فإن طريقة تعاطي البعض مع قرار الحزب المشاركة بالانتخابات، لم يكن متطابقا مع هذا المبدأ الاساسي. فبالرغم من القرار المتخذ في هيئات الحزب (المجلس الوطني- المؤتمرالعاشر –اللجنة المركزية) ومن غلبة الروح الديمقراطية على جلسات اتخاذ القرار، إلا أن عددا من المنظمات الحزبية لم يعمل على تنفيذه بشكل مناسب، إن على مستوى الترشيح أم على مستوى المشاركة والنشاط الفعلي . فالمقاطعة المقنعة سادت بعض المنظمات،والامتناع عن تصويت بعض الشيوعيين لمرشحي الحزب ساد أيضا في بعض الدوائر الانتخابية، والورقة البيضاء كانت خياراً اعتمده ونفذه البعض الآخر أيضا .. هذه الحقائق التنظيمية كان لها تأثير كبير على فعالية ترجمة القرار الحزبي وعلى مستوى النتائج المحققة، مع الاشارة والتأكيد الى أن هذا السلوك يفاقم من الوضع التنظيمي الحزبي، ويشكل خطرا على وحدة الحزب يجب عدم تجاهله، او التصدي له، بروح نقدية وثورية لتعزيز مبدأ تعدد الآراء ووحدة التنفيذ.

- إن حصيلة نتائج اصوات بعض القرى والبلدات المعوّل عليها كانت أضعف واقل بكثير مما هو متوقع، لغياب التواصل والمواكبة السياسية والتنظيمية معها، بحسب ما أظهرته معطيات واحصاءات تقارير المنظمات الواردة.

- بالرغم من نسبة النتائج المتدنية، فإن تقارير هيئات الحزب أشارت الى أن المنطقيات التي خاضت غمار المعركة الانتخابية كانت الأكثر تقبلا للنتائج المحققة، وهذا ما يؤكد الأهمية الوظيفية للمعركة الانتخابية، وأهمية التواصل مع الناس عبر هذه المعركة كوسيلة من وسائل التعبئة وإيصال خط الحزب والاستنهاض التنظيمي. فقد استطاعت الهيئات في هذه المناطق عقد عشرات اللقاءات والندوات والمهرجانات، بمشاركة الآف المواطنين وفي بلدات كانت صلاتنا السياسية والتنظيمية مقطوعة معها. وهذ يؤشر الى أهمية إيلاء الحزب موضوع الانتخابات العامة والبلديات اهتماما متواصلا وليس موسميا او ظرفيا (كل أربع سنوات او ست سنوات)، إن لناحية تحضير مرشحين في مختلف المناطق، ام لناحية خلق قاعدة للصلات الانتخابية وفق برامج مدروسة ومحددة لنشاطات متنوعة تتولى المنظمات الحزبية المختلفة تنظيمها .

- تميزت المعركةالانتخابية بإيجابية تشكيل لجنة حزبية انتخابية (سياسية وتقنية)، واكبت بجدية وفاعلية حركة التحضير والتنفيذ للعملية الانتخابية، في ضوء ما هو متاح من امكانات. وتمكنت هذه التجربة الاولى من تحقيق تقدم ملحوظ في نمط خوضنا للمعارك الانتخابية، وينبغي تطوير هذه التجربة لاحقا، وصولا الى ردم تدريجي للفجوات الكبيرة التي تكشّف عنها أداء "الماكينة الحزبية" أثناء المعركة الانتخابية وبخاصة يوم الانتخاب.

- كشفت معركتنا الانتخابية عن واقع مرير يبدو أن قيادات الحزب لم تعطه الاهتمام اللازم بالرغم من تكرار الحديث عنه في كل المؤتمرات الحزبية. ويتمثل هذا الواقع في ضعف المستوى العام للكوادر المنضوية في التنظيم الحزبي وفي فقدان أو تسرّب الكثير من هذه الكوادر لأسباب شتى، موضوعية وذاتية. ولم يجر العمل كفاية لسد هذه الفجوة الكبيرة لا على مستوى استعادة الكوادر النازفة، او على مستوى إعداد وتاهيل وتثقيف كوادر شابة بديلة. والملفت أن الحزب نجح وما يزال ينجح في استقطاب الآلاف من الشباب في كل ما له علاقة بالاحتفالات الفنية أو بالمهرجانات المركزية التي ينظمها، بينما هو يفشل في تعبئة القلة القليلة من هؤلاء الشباب عندما يتعلق الأمر بالقضايا التنظيمية والسياسية المباشرة. ولا شك في أن التعامل الناجح مع هذه المعضلة يتطلب معالجات من نوع جديد، تتجاوز مجرد الوعظ "الأبوي" أو اثارة الحماس المؤقت والتعبئة الموسمية. فالحزب مطالب بادراك حقيقة احتياجات الشباب وتطلعاتهم وقدراتهم، وبهندسة البرامج وصيغ التنظيم التي تشجعهم وتحفزهم على الانخراط بحماس في العمل السياسي المباشر.

خامسًا: في الخلاصات والاقتراحات والمهمات المطروحة

إستنادا الى نقاشات دورة اللجنة المركزية وخلاصاتها، تقرّر أن يتقدم المكتب السياسي للحزب بدعوة المجلس العام الى الانعقاد (في اجتماعه الاول)، بغية اطلاعه على محصلة ما جرى من نقاشات في الهيئات القيادية، والطلب اليه المشاركة بدوره في هذا النقاش وصولا الى اعداد خطة عمل طارئة، سياسية وبرنامجية وتنظيمية، لتعزيز حضور الحزب في الميادين كافة، وتعزيز العمل المؤسساتي في هيئاته القيادية وفي قواعده، بما يكفل استنفار وتوظيف كل الطاقات لاستنهاض دوره الثوري المطلوب باعتبارها ضرورة وطنية على طريق التغيير الديمقراطي.

وفي مجرى التقييم السياسي العام والداخلي الحزبي الخاص الذي جرى في اللجنة المركزية، يهم المكتب السياسي للحزب أن يشير الى مسؤوليته المباشرة عن الاخطاء الاجرائية والتقصير الحاصل في مجرى التحضير والتنفيذ للمعركة الانتخابية ولنتائجها، مع تاكيده على صحة جوهر قراره السياسي المستقل بشأن المعركة الانتخابية. وفي مجرى هذه المساءلة والمحاسبة، تقدم الامين العام والمكتب السياسي – بشكل مسؤول ورصين - بنقد ذاتي ازّاء مستوى ونوع آدائهما في المرحلتين الاولى والثانية من خطة الحزب المقرة، والمتعلقتين بالترشيحات المبكرة والنشاطية المواكبة وبالمفاوضات المتاخرة. وقد وضع الامين العام والمكتب السياسي (كهيئة تنفيذية) الثقة بهما بتصرف اللجنة المركزية التي بدورها جددت – بالتصويت - ثقتها بالامين العام والمكتب السياسي.

وإذ يحرص المكتب السياسي على مصارحة الرفاق والرفيقات، بشفافية وروح رفاقية، بشأن هذه التطورات، فانه يرمي من ذلك الى التأكيد على روحية النضال الحزبي المقرون بممارسة النقد الذاتي، وعلى مبدأ المحاسبة والمساءلة التي ينبغي أن تطبّق على كافة هيئات الحزب، دون قدسية في المراتب او المواقع مهما علت، لإن العودة الى اصول الالتزام بالمسؤولية وبالروح النقدية هي من صلب مبادئ الحزب الثوري، وهذا ما افتقده حزبنا لسنوات طويلة. يضاف الى ذلك ان ممارسة هذا المبدأ يعيد للحزب تماسكه ويجدد الثقة بهيئاته، ويحدّ من مخاطر شخصنة المواقف، او التفرد بالقرارات، او ضبط المظاهر السلبية في الممارسة اليومية للشيوعيين عموما وللقياديين منهم على حد سواء.

كما يهم المكتب السياسي أن يؤكد على انه بالرغم مما جرى تقديمه من تقييم للنتائج السياسية والتنظيمية للمعركة الانتخابية، فإنه يرى في خوض هذه المعركة القاسية ونتائجها درسًا وتجربة يجب الاستفادة منهما الى اقصى الحدود لتحويل الصدمة من حيزها السلبي الى الحيز الايجابي، بمثابرة ونشاط والتزام، بغية استعادة زمام المبادرة وتدعيم ثقة القواعد الحزبية وأصدقاء الحزب الكثر.

لذا، فإن اللجنة المركزية إذ تتوجه الى جميع الشيوعيين واصدقائهم بالتحية على الجهود التي بذلوها في سبيل تاكيد وتثبيت خط الحزب ومواقفه وموقعه المستقل، فانها تدرك تماما الأهمية الاستثنائية لهذه الجهود التي واجهت صعوبات وتحديات غير مسبوقة في أيّ من المعارك الانتخابية النيابية السابقة: تخلّف قانون الـ60، الانقسامات الطائفية والمذهبية الحادة، ضخامة المال السياسي، التدخلات العربية والاقليمية والدولية المحمومة...

وتدعو اللجنة المركزية من جهة ثانية جمبع هيئات الحزب وقواعده للانخراط في ورشة عمل مشتركة لبلورة وتفصيل المهمات الملموسة المتأتية عن تنفيذ مقررات المؤتمر الوطتي العاشر، مع تسليط الضوء على اعداد خطة طوارئ تتضمن أبرز الاجراءات الملحة والآنية، على أن يجري تظهير مفاصلها في اجتماع المجلس العام المقرّر يوم السبت الواقع فيه 15 أب 2009. وتشمل هذه الخطة التوجهات التالية:
- تحويل المكتب السياسي الى هيئة طوارئ تواكب عمل اللجنة التنظيمية المركزية، الرامي الى معالجة كافة النواقص والمعوقات التنظيمية في القطاعات والمنظمات الحزبية عند الطلب والضرورة,

- إستكمال تشكيل لجان العمل القطاعية (والموضوعاتية) داخل اللجنة المركزية، وحصر مشاركة كل عضو في لجنة واحدة، ضمانا لحسن المتابعة والمواكبة والفعالية، بما يضمن تعزيز دور اللجنة المركزية كهيئة قيادية في الحزب وتحفيز آليات المساءلة والمحاسبة التي يفترض أن يخضع لها أعضاء الهيئات القيادية.

- إنجاز وثائق المؤتمر الوطني العاشر وتوزيعها دون ابطاء، ودعوة الشيوعيين وأصدقائهم في المناطق والقطاعات المختلفة لاغناء هذه الوثائق والاستناد اليها لبلورة برامج عمل وأنشطة محددة في مجالات العمل التي تعنيهم، وبخاصة على مستوى التحركات الاقتصادية والاجتماعية والقطاعية المختلفة.

- إيلاء التثقيف أهمية قصوى لكونه حاجة ومهمة أساسية امام هيئات الحزب كافة، مع التوجه خصوصا نحو الشباب والطلاب والعمال والنقابيين، الذين يشكلون موضوعيا الخزّان الأهم لتجديد الكادر الوسطي في الحزب.

- متابعة موضوع حركة اليسار عموما في لبنان ( اليسار التشاوري- العلاقات السياسية – الاعلامية..) ومواكبة التطورات لتشكيل إطار سياسي جبهوي ديمقراطي علماني يساري، كضرورة لتعزيز وزن قوى التقدم والتحرر في حركة الصراع السياسي- الاجتماعي.

- الانكباب على معالجة المشاكل والصعوبات التنظيمية التي تواجهنا، وتقديم تقارير دورية عن تقدم هذه المعالجة، مع تشجيع المنطقيات والمنظمات والقطاعات الحزبية على تقديم إقتراحات ملموسة في هذا المضمار، بما يعزّز فعالية وجدية المؤتمرات التنظيمية.

- التحضير الجدي والفاعل للكونفرانس السياسي –التنظيمي اواخر عام 2010، حيث يعوّل الحزب أهمية كبيرة على عقد هذا اللقاء، وعلى الاعداد الجدي لجدول أعماله المفصّل، بما يضمن الخروج بنتائج وخلاصات ملموسة، تسهم في تحفيز الشيوعيين والمناصرين على استعادة وهج الحزب في الميادين كافة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحزب الشيعي
عبد العظيم ( 2009 / 8 / 30 - 10:54 )
الحزب المسمى بالشيوعي في لبنان تجاهل عامداً السبب الرئيسي في فشله في الحصول حتى على أعداد الانتخابات في 2005 . هناك سبب رئيسي بالإضافة إلى تشيع الحزب وهو أن الحزب لا يقف رسمياً على الأقل مع أي من الطرفين المتنازعين . اللبنانيون منقسمون إلى صفين متقابلين . حزب حداده والمزرعاني غير مصطف ولذلك نال أصوات اللبنانيين غير المصطفين وهم قليل القلة . اصطفافه غير الظاهر مع حزب الله لم ينفعه فمن في صف حزب الله يفضل التصويت لحزب الله
ما فيه كلمه بثم الحزب الشيوعي اللبناني غير - المشروع الأميركي - ؛ الموهوم الذي لا يعرفه حتى القائلون به فلعل الإدارة الأميركية تأخذ بتفكيك مشروعها كيما يتفكك الحزب الشيوعي اللبناني !!! عيب على الشيوعين المفترضين ىأن يلغو بهذا اللغو . أقترح على هذا الحزب أن يستورد من يدله على برنامج شيوعي حقيقي . الجعير لا يصنع برنامجاً شيوعياً

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -