الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 4 من 5

جمعة الحلفي

2004 / 5 / 18
الادب والفن


... الى المناقشات بشأن زمنية أحداث النص المسرحي، الذي كتبه مظفر النواب، كانت هناك معضلة أخرى تتعلق باللهجة العراقية. فالنص مكتوب بلهجة بغدادية ـ جنوبية صرفه قد لا يفهم بعض مفرداتها العراقيون أنفسهم، فكيف بالسوريين الذين نريد تقديم المسرحية لهم وعلى خشبتهم؟ وفي قلب هذه المعضلة كانت هناك معضلة أخرى اصغر منها تتعلق بكيفية مساعدة الممثلات والممثلين السوريين، الذين يشاركوننا العمل، على حل الغاز اللهجة ومفرداتها المعقدة. المهم صار البعض منا أشبه بالمترجم لزملائه السوريين وحتى العراقيين أحيانا، أما النص فقد عالجنا بعض حوارا ته وتركنا الباقي لفطنة المشاهدين.
ولأن المخرج، باسم قهار، كان أثناء التمرينات أشبه بمعلم مدرسة ابتدائية في تعامله معنا، نحن المتطفلين على المسرح والتمثيل، فقد أرهق مرة واستشاط غضباً مرات وتركنا وذهب الى بيته مرات أخرى، لكن مع ذلك كانت هناك متعة غريبة تكتنف العمل اليومي الدوؤب الذي واظب عليه الجميع بإصرار وبدون ثمن مادي طوال نحو من ستة اشهر. ومن بين الكثير من الطرائف والغرائب التي صادفتنا على هذا الصعيد، أذكر التالي:
على مدى أيام كان باسم قهار وهوشنك الوزيري ( المخرج المساعد) يتجادلان حول مشهد يُستخدم فيه الماء كثيراً، والجدال كان يدور حول رمزية الماء وما إذا كان استخدامه نافعاً كرمز في ذلك المشهد.. وبعد أيام كنا نستعد للجنرال بروفة، صعدنا الخشبة وأخذنا مواقعنا وساد الوجوم، فقام أحد الممثلين (وهو شاب عراقي شاعر ومتدين كان يترك التمرينات ويذهب ليصلي في الكواليس!) وأخذ يرش الماء بيديه على خشبة المسرح، فذهل المخرج قهار وصرخ به قائلاً : ماذا تفعل.. هل أوصاك هوشنك بأن ترش الماء، في هذا المشهد؟ فرد عليه الممثل ببراءة وبرود: لا.. أبداً إنما أردت فقط أن أمنع الغبار من التطاير، فقد أعمى عيوننا!
ومن بين الطرائف أو المقالب الأخرى واحدة كنتُ أنا بطلها أو ضحيتها، في الواقع، فقد كنا نستعد للعرض في محافظة اللاذقية على الساحل السوري، وبعد تمرينات الجنرال بروفة فوجئت بأنني أفقد صوتي شيئاً فشيئاً، وبعد ساعات من ذلك فقدت صوتي تماماً وفقدت معه أهم ميزاتي في المسرحية، فقد كانت هناك مشاهد أغني خلالها موالات جنوبية من صميم العمل وأجوائه الحزينة، لهذا بدا الأمر مرعباً وأشبه بالكابوس بالنسبة لي وكذلك للمخرج. أخذني باسم قهار الى أقرب طبيب فأعطاني كمية من الأدوية مع توصية مشددة بالامتناع عن الكلام لمدة ثلاثة أيام! قال باسم للطبيب وهو مندهش، لكن يا دكتور، المريض ممثل واليوم عرضنا المسرحي الأول ولا يمكننا الاستغناء عن صوته. فوجئ الطبيب وبدا متردداً ثم حسم رأيه قائلاً: إذا اقتصر الأمر على القليل من الكلام لابأس وسأعطيه إبرة قوية المفعول، فلديه التهاب حاد في القصبات ويمكن أن يتفاقم! وهكذا اضطررنا، طوال أيام العرض، للاستعانة بالفنانة شوقيه العطار، التي كانت تقف وراء الكواليس، تنتظر إشارة مني لكي تغني بدلاً عني!
ومن طرائف عروض اللاذقية أيضا أننا افتقدنا مرة أحد الممثلين الأساسيين، قبل دقائق من بدء العرض، وبعد بحث مضن في أروقة المسرح وجدناه غارقاً في النوم على سطح الديكور!
(يتبع غداً)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي