الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية البنوك الربوية

فاطمة الزهراء طوبال

2009 / 9 / 1
الادارة و الاقتصاد


تأتي المنشآت المالية (ك) على قمة المؤسسات التنموية و هي تتمثل في البنوك (س) و الأسواق المالية و يشمل محور التعامل فيها بالنقود (ص) هذه الأخيرة التي عادة ما تتكون من " خصوم الحكومة (ق) أوراق البنكنوت (غ) و العملات المعدنية (ظ) التي أصدرتها ... و بالتالي فهي تلقى قبولا عاما في التبادل " (35) حيث عرفت الدول العربية كيفية التعامل بالنقود منذ أن كانت تحت نظام الحكم العثماني حيث كانت تضرب بدار السكة (ط) سنة 1817 م و كانت العملات الأجنبية تتداول (ث) في الأسواق خلال هذه الفترة كما اشتهر الدرهم الناصري في المبادلات التونسية الجزائرية " (36) .
و يقسم ابن خلدون النقود إلى نقود نظرية و التي تحسب على الورق لغرض الزكاة و تقدير ما يمكن تقديره و نقود واقعية و التي تتمثل في " الدراهم و الدنانير التي تضرب فعلا في كل دولة " ( 37 ) .
و لقد أثار نظام التقنيات المصرفية البنكية في العالم العربي جملة من الإنتقادات بين الإحتجاج و الرفض و التأييد فكان أن طرحت مسألة البنوك الربوية و اللاربوية و أثر ذلك على التنمية العربية لدى العديد من الأخصائيين الماليين و الفقهاء بحيث يبرز حسن بن منصور مجموعة من الآراء الفقهية للمالكية و الحنفية و الحنابلة و التي اتفقت على أن يكون البنك كمجرد وسيط بين المودع و المستثمر بحيث لا يجوز له الربح إثر توسطه بينهما ، وصارت هذه الفكرة تطبق منذ إنشاء أول مؤسسة مصرفية في الجمهورية المصرية مع سنة 1963 م بحيث " أنه لم يعلن صراحة عن وجهه الإسلامي ، و سميت ببنوك الإدخار المحلية " (38) و يعود سب هذا التصريح حسب تصريح منشئه " أحمد النجار " حتى ليتم نجاح هذه التجربة خاصة و أن هذا البنك كثيرا ما أمضى اتفاقيات مع ألمانية و رغم معارضة هذه الأخيرة للفكرة السابقة الذكر إلا أن هذه المؤسسة المصرفية وظفت العديد من المشاريع الإستثمارية بدون فوائد و إن كانت قد نجحت بعض البنوك في تسيير أهدافها بتطبيق الشريعة الإسلامية وفقا لمبادئها و أخلاقها الإقتصادية إلا أنه كثيرا ماكانت تستعمل الحيل القانونية و بطرق غير مباشرة لتحطيم هذه المبادىء التي طالما سعى الكثير من أجل تحقيقها و الحفاظ عليها ولذلك يحذر علية نصر الدين من الوقوع في تلك الحيل و التي أبرزها من خلال آراء رجال القانون (ء) الذين يقسمون هذه الحيل إلى نوعين ، حيث يكمن هذا النوع الأول في إمكانية بيع صاحب المال ربحه مقابل مبلغ يحقق له الفائدة بنسبة 10 بالمائة بينما يتعلق النوع الثاني في عقد يسمى المخاطرة و التي تتمثل في ضمان رهن بربا فاحش(39).
لذلك كان من الأمكن القول بأن إقامة نظام مصرفي وفق مبادىء الشريعة الإسلامية هو تحطيم لنظريات التجبر و الطغيان بحيث أدلى يوسف العظم تجاه ذلك بمجموعة حقائق تحتكم لها قواعد الإقتصاد الإسلامي و من بينها الإقرار بالألوهية وفق هذه المبادىء و تطبيق ما صدر منها من أحكام" لتتساوى في نظره كل الرؤوس " (40) فاجتمعت لإثبات حقيقة فكرة التعامل من دون الفوائد الربوية مجموعة من آراء المحللين الماليين كان على رأسهم أحمد عبد العزيز النجارالذي أوجد حلا لإشكالية التنمية المصرفية في خضم تسيير البنك وفق هذا المشروع الذي اعتبره إنمائي في حد ذاته ما دام أنه " يهدف إلى كل ما فيه قوة المجتمع " ( 41 ) و بالتالي أرى أن هذه القوة تستمد طاقتها من العدل و الإلتحام و هي عنصر فعال في التنمية الإقتصادية مادام المبدأ القرآني قد حرم الربا و أحل البيع ، فهذا الأخير يكفي في التحصيل على ماطرحه عبد المجيد المزيان من خلال تحليله للنظريات الإقتصادية الخلدونية على أن أساس رقي الدولة يكمن في الصناعة " و التجارة
على الخصوص لأن مكاسبها أنمى المكاسب " (42) و لعل ما قطعته السوق المالية السودانية من أشواط عظيمة في تحويل سياستها المصرفية باعتماد القوانين الإسلامية هو تجسيد لهذا الطرح الذي سبق ذكره ، و تجسد تطبيق هذا المشروع في لبنان الذي لاقى تفكيرا جادا من أجل تحقيقه (43) إلا أن هناك من المصاريف العربية من تستبعد تطبيق هذا المشروع باعتبار أن تعايشها مع بقية البنوك الربوية التي تنتشر بشكل كبير ليس بالأمر الهين إذ في منظور البعض أنه يستعصى تكيفها مع سياسة الإستثمار و تحديد أهم الأهداف الإستراتيجية وفق نظام عالمي موحد يسير وفق ما يسمى بالعولمة إذ يعد تأسيس " مجموعة ناتكسيس " (&) المصرفية الفرنسية بالجزائر في سنة 1999 سبيلا لتبادل الخبرات التقنية حسب ما أعرب عنه محافظ بنك الجزائر حاج ناصر ، الذي أورد عبارة تكلمه كمستثمر " بمنطق حصص السوق " (44).
هذا ، و كما أن السياسة المصرفية التي اتبعتها قطر تعود مباشرتها إلى التأثر بالمصارف التجارية البريطانية التي احتكرت تسيير النظام المصرفي في قطر إلى غاية سنة 1954 و رغم استقلالية هذا النظام فيما بعد إلا أن الخطوات التي أصبغها مصرف " ستاندرد تشارترد " البريطاني السابق أفرزت " بفتح فروع مصارف تجارية " ( 45 ) و بحكم أن بعض القطاعات المصرفية تواكب في تطورها الإتجاه الحكومي كالذي اتجهه القطاع المصرفي للبحرين في تأكيد مبدأ السوق الحرة خاصة أثناء حدوث أزمة الخليج التي أدت فيما بعد إلى ارتباطها بوحدات مصرفية خارجية تضع في مفهوم تسييرها البنكي سياسة إنمائية لتخطي الأزمة فحسب " و قد بلغ عدد هذه الوحدات منذ سنة 1991 ، 47 وحدة مصرفية خارجية " ( 46 ).
الهوامـــــــــش
وردت هذه العبارة عند : سميح دغيم – موسوعة المصطلحات الإجتماعية و السياسية في الفكر العربي و الإسلامي – ط 1 – 2000 – بيروت – ص 742.
// - تتفرع المنشآت المالية إلى البنوك التجارية التي تصرف نفقاتها على شكل قروض و المصارف المتخصصة و التي تختص بميدان التنمية و الإستثمار و منشآت التوفير و الإدخار بالإضافة إلى منشآت التأمين و غيرها .
35- « Banco en Italie et en français « Un Banc
هذا هو أصل الكلمة وهي تعني المنضدة التي كان يجلس عليها الصيارفة لتبادل العملات و بالتالي فهي ترمي إلى تعاطي الإقراض و الإقتراض .
// - تجدر الإشارة إلى أن النقود ظهرت بعد نظام ما يسمى بالمقايضة و التي تعني تبادل سلعة ما بسلعة أخرى ، فالنقود في نظر الأخصائيين الإقتصاديين تعتبر ذات " قوة شرائية عامة " .
// - En ce pronence ( liabilities ) .
// - En ce pronence ( Banknotes ).
و البنكنوت أوراق نقدية قابلة للصرف بالذهب
// - En ce pronence ( coins).

35- عد إلى : عبد العزيز فهمي – موسوعة المصطلحات الإقتصادية و الإحصائية – ط2- 1986 – دار النهضة العربية – بيروت – ص 573 و ص 574.
// - كان مقرها بدار القصبة بمدينة الجزائر العاصمة .
// - من بين هذه العملات " الدورو الإسباني ، و الريال الإسباني " و هي كلها عملات إسبانية تنطق على الشكل التالي :
« Dourou , Rial , El Dablan , Ducat , et la Corana «
36 – ناصر الدين السعيدوني – النظام المالي للجزائر في الفترة العثمانية – 1985 – المؤسسة الوطنية للكتاب – الجزائر – ص 199.
37 – أنظر في شأن هذا التقسيم : سهيل عثمان و محمد درويش – من مقدمة ابن خلدون ( السياسة و الإقتصاد ) – 1978 – منشورات وزارة الثقافة و الإرشاد القومي – دمشق – ص 91.
38 – أنظر : حسن بن منصور – البنوك الإسلامية بين النظرية و التطبيق – ط 1 – 1992 – باتنة – ص 64.
// - إعتمد علية نصر الدين على آراء كل من شكري قرداحي في مؤلفه القانون و الأخلاق و عبد الرزاق السنهوري في مؤلفه مصادر الحق في الفقه الإسلامي .
39 – أنظر في شرح هذه الحيل للمؤلف ... – موقف القوانين من الفوائد الربوية ومدى مواءمته للشريعة الإسلامية – 1990 – ص 24.
40 – قواعد و أحكام في الإقتصاد الإسلامي – 1985 – ديوان المطبوعات الجامعية – الجزائر – ص 20.
41 – أحمد عبد العزيز النجار و آخرون – 100 سؤال و 100 جواب حول البنوك الإسلامية – ط 2 – 1981 – الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – الجزائر – ص 279.
42 – النظريات الإقتصادية عند ابن خلدون و أسسها من الفكر الإسلامي – ط 2 – 1988 – الجزائر – ص 279.
43 – لقد أجاز البرلمان تطبيق هذا القانون و الذي تم صدوره منذ سنة 1982 ، أنظر في تفصيل هذا عند : صلاح عبد الرحيم أمين
//- تعتبر ثالث مجموعة مصرفية في فرنسا .
44 – أنظر حاورد صادق – مجموعة ناتكسيس الفرنسية الجزائرية – جريدة الخبر – العدد 2583 – السنة التاسعة – 1999 – الجزائر – ص 3.
45 – محمد جاسم عجلان الكواري – السياسة النقدية في قطر – السياسات النقدية في الدول العربية – العدد 2 – من 4 إلى 9 ماي 1996 – سلسلة بحوث و مناقشات حلقات العمل – أبو ظبي – ص 367.
46 – أنظر حول فروع هذا النظام الخاصة عند : محمد عبد المولى – تأكيد مبدأ السوق الحرة خلال أزمة الخليج – مجلة الصياد – العدد 2458 – السنة 48 – 1991 – بيروت – ص 50.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع حجم الناتج المحلى لمصر إلى 32 تريلي


.. أرقام تهمك فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2




.. بين نيلين - حرب السودان تهدد إنتاج النفط في جنوب السودان


.. كيف هي العلاقة بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية؟




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة