الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة الوطنية الفلسطينية على الرفوف

احمد فايق دلول

2009 / 8 / 31
القضية الفلسطينية



مدير معهد الزيتون للبحوث والدراسات
منذ تأزم الأوضاع في قطاع غزة وسيطرة حماس عليه بعدما حسمت الأمور عسكريا قام الرئيس محمود عباس بإقالة حكومة "الوحدة الوطنية" وتكليف سلام فياض بتشكيل حكومة إنقاذ وطني أو حكومة طوارئ، وصاحب ذلك تشديد على مؤسسات حماس وخاصة الخيرية منها في الضفة الغربية ونزع الشرعية من الفصائل المسلحة هناك ومطالبتها بتسليم سلاحها، الأمر الذي زاد الأوضاع تأزماً وأدخلها في مأزق الفرقة الفلسطينية، فانفصلت الضفة عن القطاع ليس جغرافيا فسب، بل جيوسياسي، فتولدت لدينا حكومة طوارئ في الضفة في الوقت الذي تحكم قطاع غزة حكومة الوحدة الوطنية التي قد تم التوافق عليها بناءً على اتفاق مكة.
***
لا غرابة اليوم أن نعتبر الوحدة الوطنية أمر يكاد يكون مستحيلا أو أبعد من نجم في السماء، فالوحدة الآن متواجدة على الرفوف بعدما غطتها الغبار السوداء، والسبب هو تعنت الفصائل المتحاورة من ناحية، وعدم إشراك الفصائل الأخرى في موضوع حوارات الوحدة الوطنية، وكأن الوحدة والحوارات شأن يختص بحركتي فتح وحماس، أما باقي الفصائل فهي في الجيوب أو لا اعتبار لها، ففي هذا السياق وبعد تهميش الأطراف الأخرى الفاعلة على الساحة الفلسطينية تم حصار قطاع غزة وشنّت إسرائيل حربا ضارية على قطاع غزة لأكثر من ثلاثة أسابيع راح ضحيتها نحو 5500 جريح وأكثر من 1300 شهيد، بينما كثير من الفصائل والشرائح وقفت كالمتفرج على مجريات هذه الأحداث، بل كثير من العرب لم يتحركوا ولو للحظة واحدة، فكيف يقفون مع شعب بحكومتين وسلطة بلا دولة أو عاصمة أو إقليم...
***

حماس وبعد حصارها المرير وبعد حرب طاحنة خاضتها مع الكيان الصهيوني، لا تقبل بأي حال من الأحوال عودة الأمور إلى سابقها، فبعدما دفعت الثمن غاليا لا يمكن التنازل عن قطاع غزة وتسليمه إلى جهات وقفت محايدة أو متآمرة عليها فيما يخص الحصار والحرب، فصمود حماس في الفترة السابقة جعلها أكثر تمسكا بمواقفها وآراءها تجاه الوحدة الوطنية كمن يسير في السوق ونقوده في جيبه ويتدلل على كافة الباعة.
***

وفي الوقت ذاته وبعد حصولها على تأييد الكثير من الشرائح العربية والإسلامية، حماس لن تقبل بالتنازل لأن هذا ربما يسقط ورقتها ويفقدها الثقة بين أوساط مؤيديها عربيا ودولياً، لذا أصحب الحوار والوحدة الوطنية لدى حماس تعني اعتراف أبو مازن بسيطرة حماس على القطاع وقبوله الأمر الواقع خاصة في ظل الضعف الذي يتسم به هذا الشخص من منظور الحركة، وبهذا لا غرابة في فشل كافة جلسات الحوار، مع رفض حركة حماس أي حكومة وحدة وطنية برئاسة سلام فياض.
***

حركة فتح هي الأخرى تبدي رغبة واضحة في أن تكون رئاسة أي حكومة تابعة لها أو من أفرادها، لذا ترشح سلام فياض على الدوام أن يترأس حكومة ستشكل في المستقبل، بل وتطالب حماس التنازل والتراجع عمّ سمته " الانقلاب العسكري" وتسليم قطاع غزة إلى الرئيس محمود عباس الذي انتهت ولايته.
***

الرئيس محمود عباس مقيد وصلاحياته محدودة، فهو مقيد من المجموعة التي تحيط به ومن القيادة الشابة التي انتخبها المؤتمر السادس على الصعيد المحلي، ومقيد على الصعيد لخارجي من أمريكا الداعم الأول له ومن إسرائيل التي استغلت ضعفه الحالي كشخصية تعتبر المفاوضات خيارا استراتيجيا لها ولا يمتلك ورق ضغط ليستخدمها في مفاوضاته مع الكيان الصهيوني، حيث صرحت قيادات إسرائيلية وأمريكية أنها لن تسمح لأبي مازن أن يتحاور مع حماس، وكان منه رايس وليفني وبوش وأولمرت.
***

حماس وفتح لن تفكر حاليا في حكومة وحدة وطنية، والسبب أن المساعدات القادمة من الخارج لكلا الطرفين هي مساعدات سياسية مشروطة ومقيدة، فحوار أبو مازن مع حماس يعني قطع المساعدات الأمريكية عن سلطته وعن حركة فتح، وفي المقابل حوار ووحدة وطنية حمساوية مع فتح ورئيسها أبو مازن يعن يقطع الدعم من الدول الإسلامية وحجب الثقة عنها من قبل الإسلاميين في الوطن العربي، فكلا الحركتين الآن مستفيدة من حالة التشرذم الحاصل على الساحة الفلسطينية، أما باقي الفصائل فهي مستفيدة كذلك، ليبقى المواطن الفلسطيني ضحية لا يذكره بالخير أحد من صناع القرار الفلسطيني، ويبقى الحوار الفلسطيني على الرفوف وفي الهوامش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت