الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشراف منتصف ليل بغداد

محمد جهاد

2004 / 5 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


اليوم هو اليوم الاخير من عيد الأضحى ألمبارك بل هي الساعة ألأخيرة منه، ألزمن منتصف ستينيات ألقرن ألعشرين. إنتهى ألعرض ألأخير لدور السينما للتو وخرجنا مع الخارجين وكأن كل شيء قد إنتهى وهذه هي نهاية العالم ولا شيء يخفف خشيتنا من العودة إلى مقاعد ألدراسة غداً صباحاً و تحمّل ارهاصات مدرسينا ألخط ألأول لتعذيب ألبشر. لم يفلت من دائرة شتائمنا ألسيد حمورابي مخترع ألمدارس والتعليم ألألزامي لأن الحياة كانت ستكون أجمل لولاه كما كنا نتمتم. بحثنا في جيوبنا الصغيرة عن بقايا العيدية اذ حصدت دور السينما أغلب ما كانت فيها فمشاريعنا لم تتعدى واحدة من أثنتين، أما الذهاب إلى السينما او البقاء في السينما. ثواني قليلة حتى أكتشفت الحاسبة ألمركزية إن ما بقي في الجيب يكفي لشراء صحن من الحمص المسلوق ألذي توسط بائعه الرصيف المجاور للسينما وأجور العودة بالحافلات ويزيد قليلاً. أعطيته القطعة المعدنية الوحيدة المتبقية وصب لي المسكين صحن الحمص وزاد علية ذلك المحلول ألأصفر الحامض ثم صرخ بوجهي "هاك". ثواني وقضيت على الصحن ولم يشغلني أن لا يكون لطيفا معي فإن الباقي من العملة هو ألأهم وهو ما سيتيح لي العودة إلى المنزل وبعض الشيء لغلاء المعيشة وصندوق الضمان لايام الحرمان من المصروف اليومي. سألته بكل أدب أن يرجع الباقي وأنا أضع صحنه الاثري على سطح عربته فرد علي " و أنت أيضاً؟؟؟؟.. كم الباقي" لم اكن قد اكملت ردي حتى رفع الرجل ملعقته الكبيرة إلى السماء الحالكة ملوحاً بها و كأن عيناه تبحث عن شيء فيها محاولا اختراق طبقاتها السبع ثم صرخ " يا الله إني فلان أبن فلان أخبرك بأن الارض قد خليت من الأشراف وما عليك إلا أن تقلبها....إستمع لي وأقلبها لم يبقى في ألأرض شريفاً تخشى عليه.. صدقني لم يبقى شريفاً إقلبهااااااااااااا". تراجعت الى الخلف قليلا حتى رأيته ينزل تلك الملعقة الجبارة التي كانت بيده على رأسه فيصدرمنه صوتا عجيباً ثم إنهال بالضرب بكلتا يديه على ذلك الرأس المسكين مسقطاً من عليه تلك الكفية التي كانت بيضاء يوماً ما حتى غطت عينيه مكرراً ما قال ويداه تشيران إلى السماء و بصوت اسمع نصف اهالي بغداد وبعض من الضواحي وأنا فاغر الفاه مفجوعٌ مما رأيت. لم أصدق إن اولاد الحلال أحاطوا به بعد ان قلب المسكين عربته الخشبية بما حملت على أرض الرصيف حتى تسللت بخفة بعيداً عن مسرح العمليات ناسيا ما تبقى لي معه من مبلغ وكيفية الرجوع الى البيت ألذي استغرق فيما بعد اربع ساعات طوال مشيا بعد منتصف الليل.
هل استجاب الله لصرخة بائع الحمص هذا فيما يحصل اليوم على ارضك يا عراق أم إن النخبة والمثقفين انشغلوا في تفسيرالنظريات الفستقائية و نسوا ابوابك مفتوحة فتسلل الغاصبون؟ وهل بقي شيئاً من الحمص في عربتك كي تستحق ان تُقلبْ ؟ لك الله يا عراق.
محمد جهاد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب