الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرآن مترجم بمذاق غربي

رابحة الزيرة

2009 / 8 / 31
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


"يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً" ..
من يحضر مجالس قراءة القرآن الرمضانية، ويشهد الأعداد الغفيرة من المسلمين المقيمين لصلوات التراويح في ليالي شهر رمضان المبارك، ويتابع أخبار المسابقات القرآنية، وتخريج مئات من حفظة القرآن الكريم من جميع الجنسيات والأعمار والطوائف سنوياً، ويعلم عن العادات الدينية الراسخة في المواظبة والإكثار من قراءة القرآن وإنهاء (ختمة) للقرآن أو أكثر في الشهر الكريم، قد لا يجد الاستشهاد بالآية الكريمة السابقة مناسباً الآن، فالأمة الإسلامية التي قد تجاوزت المليار مسلماً لم تتخذ هذا القرآن مهجوراً، فهو موجود في كل بيت، ويُتلى من قبل أفراده، وتُطبع عشرات آلاف النسخ منه سنوياً وتوزّع مجّاناً بترجمات مختلفة على الدول الإسلامية دانيها وقاصيها .. فالحمد لله أن القرآن "لم يُهجر"، كما يعتقد البعض.

كلّ تلك الجهود مأجورة لحسن نوايا أصحابها واستفراغ الجهد الذي تراه لائقاً بقدسية القرآن والتعامل مع كتاب الله، وهو مقبول من عامة الناس البسطاء ولن يُعدموا الفائدة من قراءته أو الإنصات إليه إذا كان هذا منتهى طاقتهم، وأقصى ما توفّر لهم من العلم، أو أولئك الذين لم يتسنَّ لهم أن يتفرّغوا لتعلّم علومه والتعرّف على أسراره.

ولكن هذا لا يصدق على الذين تُسمّوا بـ(علماء الدين) وتصدّروا للتنظير للإسلام واحتكروا فهم القرآن وتفسيره، فلا هم سعوا لتجديد فهم السابقين بما توفّر لهم من أدوات العصر الحديث وبالتراكم المعرفي، ولم يقدموا على تنقيح أو تصحيح تلك التفاسير أو تنقيتها مما داخلها من إسرائيليات ومن تفسير بالرأي، ولا هم انفتحوا على الآراء والتفسيرات الجديدة التي انتشرت نتيجة للفراغ الذي استشعره مسلمو العالم بسبب تطوّر وتنوّع الأطروحات والمناهج الفكرية الحديثة، إما لجهلهم بوجود تلك الآراء الجديدة أصلاً، أو لتعنّتهم ورفضهم قبولها حتى قبل الإطّلاع عليها لأن أصحاب تلك النظريات لم يكونوا من سنخهم وعلى طريقتهم، فوصموا تلك الأطروحات بالضلالة وحرّموا على أتباعهم قراءتها أو مناقشتها، فمضى المفسّرون الجُدد – إن صحّ التعبير - يواجهون تحدّيات العصر في محاولاتهم الإجابة على أسئلة السائلين، وتلكأ محتكرو الدين في مواكبة هذا الكم الهائل من التفاسير والترجمات واستمرّوا في اجترار ما قيل قبل أكثر من عدّة قرون من الزمان وإن خالف العلم بل والمنطق القرآني ونظامه المحكم، ولم يتجشّموا عناء مقارعة حجة أصحاب التفاسير والنظريات الجديدة بالحجة لينتج عن هذا التدافع الفكري آراء أكثر رصانة وأقرب لروح العصر بما لا يزري بحكمة القرآن، ولا يستخف بعقل قارئه والتوّاق للعمل بتعاليمه.

يحلو لـ(كسالى) رجال الدين والمغترّين بعمائمهم أن يعيشوا وهم أن "للقرآن ربّ يحميه"، مردّدين بغفلة أو تغافل قوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" ليُخلوا مسئوليتهم من مهمة التجديد في فهم القرآن وتفسيره، أو من عناء غربلة الآراء المطروحة وتمحيصها لكي لا يعبث به العابثون من أعدائه، مع العلم أن الآية تقرّر أن الملائكة الموكلة بتنزيل القرآن ستتكفّل بحفظ النصّ القرآني من التحريف، لا أنه سيُحفظ من إساءة الفهم أو سوء التفسير أو تحميل آياته ما لا تحتمله من معانٍ، فالحفظ بهذا المعنى من مهام كل مخلص لدينه مشفق على قرآنه من الضياع أو التضييع سواء بالتفسير بالرأي أو بالهوى أو بالعقائد المسبقة والفاسدة، أو بالتفسيرات العصرية – كما يحلو لأصحابها أن يطلقوا عليها.

"لاله بختيار" إحدى مترجمات القرآن الكريم للّغة الإنجليزية، أمريكية من أم كاثوليكية وأب مسلم، اعتنقت الإسلام في العقد الثاني من عمرها، وبدأت بمشروع ترجمة القرآن إلى أن وصلت إلى مفردة "واضربوهن" في سورة النساء من آية القوامة، فاستنكرت أن يأمر الله بضرب المرأة، وكادت أن تجهض مشروعها، ولكنها بحثت عن معاني أخرى لكلمة "الضرب" فاستهوتها كلمة "أضرَبَ عن" فاستبدلت هذه بتلك، لأنها – بحسب قولها – تسعى لإيصال رسالة التسامح في القرآن إلى الأمريكيين عبر ترجمة جديدة له!! فتقترح تفسيراً للآية يقول: "ينبغي للأزواج الذين يصلون إلى تلك المرحلة الخضوع لله وترك الأمر له (امضوا بعيداً عنهن) ودعوا الله ينفّذ مشيئته بدلاً من أن يصيب إنسان إنساناً آخر بألم باسم الله"!!

كما يُذكر أنها حذفت كل كلمة مسلم وكافر واشتقاقاتها، وترجمت كلمة (المسلمين) إلى (المطيعين) التي تعني إطاعة نهج الله ولا تعني بالضرورة أداء الفروض الخاصة بالمسلمين، وكلمة (الكافرين) أصبحت (غير الشاكرين) لأن الترجمة الحرفية لتلك الكلمات تحمل معانٍ سلبية – على حدّ تعبيرها - بينما البدائل التي اختارتها تعطي معانٍ أكثر وضوحاً للقارئ الغربي الذي يجب أن نخاطبه بلغته (!) كما حذفت كلمة (دين) من ترجمتها واستبدلتها بتعبير (طريقة الحياة) لأن هذا التعبير أشمل وأوسع من كلمة دين!

يبدو أن هذه المترجمة أكثر غيرة وحرصاً على الإسلام من صاحب الرسالة جلّ جلاله، ولكنها حتماً هي أكثر عزماً وأشدّ إخلاصاً لرسالتها التي تؤمن بها من معظم أولئك الذين يعتلون المنابر ويتقاضون أجوراً باهظة ليحدّثوا الناس عن الإسلام والإيمان والقرآن وبعضهم أجهل الناس به، أفلا يصدق علينا قول رسول الله (ص) "يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً"؟!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القران هو محور اشر
حنفي العلماني ( 2009 / 8 / 31 - 15:08 )
قرات فقط الفقرة الاولى من مقالك ولم اشأ ان اكمل فهو نفس الكلام الذي اسمعه من المسجد المجاور لغرفتي طوال سنين عمري

اخر الافلام

.. اليسار الفرنسي يتوعد -بإخماد شعلة- اليمين المتطرف


.. فرنسا تواجه خطر صعود اليمين المتطرف




.. هل ينجح اليسار في فرض -جبهته الشعبية- أمام اليمين المتطرف؟ •


.. ?? بنعبد الله: تصريح رئيس الحكومة بالبرلمان يثير القلق و يحم




.. ?? بنعبد الله: تصريح رئيس الحكومة بالبرلمان يثير القلق و يحم