الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 6

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2009 / 9 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إن الحركات الإجتماعية و المعرفية في علاقة جدلية دائمة عبر التاريخ في ظل تعدد المصالح وتناقضها بين الطبقات الإجتماعية المتناقضة ، بعد نشأة الأسرة و الدولة و ظهور النظام الإقطاعي و توظيف عامل المعتقد أيديولوجيا في العلاقات الإجتماعية ، و تعتبر القرون الثلاثة الماضية أهم المراحل التاريخية التي عرفت فيها الحركة الإجتماعية و المعرفية تفاعلا هائلا لم تشهده البشرية من قبل ، حيث تم القضاء على النظام الإقطاعي الذي قام مقامه النظام الرأسمالي و بالتالي القضاء على العبودية الإقطاعية التي قامت مقامها العبودية الرأسمالية ، مما نتج عنه بروز صراع دائم بين الحركة الإجتماعية و المعرفية البورجوازية و الحركة الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية ، و لم يحدث ذلك إلا بعد تحقيق أربع ثورات اجتماعية هائلة : الثورة الإنجليزية عام 1689 و الثورة الأمريكية عام 1776 و الثورة الفرنسية عام 1789 و أروعها الثورة البولشيفية عام 1917 ، و كان لهذه الثورات الأربع أثر كبير في تسريع دينامية الحركة الإجتماعية في تفاعل دائم مع الحركة المعرفية التي رافقتها في علاقة جدلية دائمة ، إلا أن هذه الثورات الإجتماعية و المعرفية لم تسلم من التناقضات التي تحكم سيرورة الحركة و بلغت التناقضات مداها في ظل تعدد المصالح و تناقضها بين الطبقات المتصارعة في المجتمعات الرأسمالية ، الشيء الذي نتجت عنه كوارث إجتماعية تجلت خاصة في الحربين الإمبرياليتين الأولى و الثانية ، نتيجة الصراع بين الرأسمال و العمل و بين الإمبرياليات فيما بينها.
لقد تم تحقيق ثورة اجتماعية و معرفية إشتراكية في القرن 19 و التي تم تتويجها في بداية القرن 20 بقيام الثورة البولشيفية ، التي جاءت لحسم الصراع القائم بين الرأسمال و العمل بعد انتصار مفاهيم البورجوازية على مصالح الإقطاع ، و ذلك ببروز الحركة المعرفية الإشتراكية المناقضة للحركة المعرفية البورجوازية نتيجة الحركة الإجتماعية الإشتراكية ، و بالتالي بروز المنتظم الإشتراكي المناقض للمنتظم الرأسمالي الذي أحدث التوازن في الصراع الطبقي في ظل جدلية تناقضات الحركة الإجتماعية و المعرفية ، و برز المنتظم الإشتراكي نتيجة الصراع القائم بين الرأسماليات الإمبريالية فيما بينها من جهة وبينها و بين الحركة الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية من جهة ثانية ، و كان للولادة القيصرية للمنتظم الإشتراكي بعد نتائج الحرب العالمية الثانية أثر كبير في ضعفه و بالتالي انهياره خاصة بعد التخلي عن النظام الإشتراكي و إعادة بناء الرأسمالية بالإتحاد السوفييتي نتيجة الخط الإنتهازي التحريفي ، إلا أن الحركة المعرفية الإشتراكية التي تأسس النظام الإشتراكي على أنقاضها بقيت صامدة رغم كل النكسات التي عرفتها بعد انهيار المنتظم الإشتراكي ، فكان لابد من الحركات الإجتماعية الضرورية من أجل بعث الحركة المعرفية الإشتراكية ، ولم يتأتى ذلك إلا بعد بروز الوجه الحقيقي للرأسمالية الإمبريالية التي تسعى إلى السيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية و الهيمنة الأيديولوجية البورجوازية بالقوة العسكرية على الطبقات الإجتماعية المناقضة للبورجوازية ، و كان للطبيعة التناحرية للنظام الرأسمالي أثر كبير في سقوط الإمبريالية الأمريكية وحليفاتها الغربية في مستنقع الحروب (العراق،أفغانستان،السودان،الصومال...) بعد كشف زيف شعاراتها حول الديمقراطية و حقوق الإنسان و محاربة الإرهاب الشيء الذي دمر الرأسمال المالي.
فإذا كان الإستعمار و الحروب صمام أمان الرأسمالية الإمبريالية للخروج من أزماتها المزمنة في بداية نشأتها فإن الإستعمار و الحروب اليوم تشكل مصدر أزمات الرأسمال المالي ، فكانت الحرب بين الإمبرياليات لتقسيم العمل غير ممكنة لأنها قد تعصف باقتصادياتها الشيء الذي يفسر عدم قدرة أمريكا على الدخول في حرب القوقاز ضد روسيا/الإمبريالية الحديثة ، ذلك لأن الإستعمار و الحرب في أفغانستان والعراق أنهك كاهل أمريكا و حلفائها و من المستحيل تجنيد الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء بالمستعمرات كما هو الشأن في الحربين الإمبرياليتين الأولى و الثانية و فتح جبهات مباشرة مع الإمبرياليات الناشئة ، هكذا برزت الأزمة المالية بأمريكا و انتشرت في باقي البلدان الرأسمالية كطبيعة للأزمات التي تلازم النظام الرأسمالي باعتباره نظاما تناحريا ، و كانت أزمة الرأسمالية أزمة مالية في عصر الإمبريالية أعلى مراحل تطور الرأسمالية التي يهيمن فيها الرأسمال المالي على الرأسمال التجاري و الصناعي.
و كان لابد من بعث الحركة الإجتماعية الإشتراكية التي تؤسس لبعث الحركة المعرفية الإشتراكية من أجل التوازن في الصراع الطبقي بين الحركة الإجتماعية و المعرفية الرأسمالية و الحركة الإجتماعية والمعرفية الإشتراكية في ظل وحدة التناقضات الأساسية للحركة ، ذلك ما نراه اليوم في أمريكا اللاتينية التي تعرف حركات اجتماعية اشتراكية متنامية تميزت بالدفاع عن الإستقلال المالي عن الرأسمالية الإمبريالية ، و برزت مع صمود التجربة الإشتراكية بكوبا و بروز ثورة الفلاحين الفقراء بدون أرض بالبرازيل و وصول أحد العمال الإشتراكيين إلى رئاسة الدولة ، و أروعها ما تعرفه فينزويلا من حركة اجتماعية إشتراكية استطاعت عبرها الجماهير الشعبية إسقاط محاولة الإنقلاب المدبر ضد رئيسها من طرف الإمبريالية الأمريكية ، و ما تلا ذلك من حركة اجتماعية عمالية سيطرت على المؤسسات الصناعية بفضل دينامية الحركة الإجتماعية والمعرفية الإشتراكية بعقد المنتديات الإجتماعية ضد الرأسمالية الإمبريالية من أجل البناء الإشتراكي ، وبروز سياسة تأميم المؤسسات المالية و الإنتاجية الوطنية من طرف حكومة تشافير (شركات البترول، المصانع،البنوك) ، و تنامت الحركة الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية بأمريكا اللاتينية مع صعود امرأة ذات توجهات اشتراكية في الشيلي إلى رئاسة الدولة بعد انهيار النظام الدكتاتوري بها ، مما يؤسس لتداول السلطة السياسية بين المرأة و الرجل في ظل الحركة الإجتماعية الإشتراكية في بلد عرف أزيد من ربع قرن من الحكم المطلق ، و هكذا تناسلت الحركات الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية بأمريكا اللاتينية التي تم تتويجها ببناء اتحاد هذه الدول في أفق بناء ولايات أمريكا اللاتينية الإشتراكية ، إلا أن الحركة الإجتماعية بأمريكا اللاتينية بالرغم من ثوريتها تبقى بعيدة كل البعد عن التصور الماركسي اللينيني للثورة حيث يطغى عليها البعد السلمي و الوصول إلى السلطة عبر النضال الديمقراطي السياسي ، و لكنها تبقى تجارب في حاجة ماسة إلى الدراسة النقدية من أجل الإستفادة منها و هي تجارب مهمة في ظل سقوط المنتظم الإشتراكي وهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم ، و تبقى هذه التجارب مهمة لكونها تسير في مواجهة هجوم الإمبريالية على مصالح الشعوب بأمريكا اللاتينية و هي دعامة أساسية للحركة الثورية العالمية ضد اضطهاد الشعوب ، كما تعتبر التجربة الثورية بالنيبال جد مهمة في نضال الحركة الثورية العالمية و التي تم تتويجها ببناء جمهورية ديمقراطية بقيادة الماركسيين اللينينيين ذوي التوجهات الماوية.
و كان لهذه الحركات الإجتماعية الإشتراكية أثر كبير في بروز حركات اجتماعية ذات أبعاد متعددة في بعض الدول التابعة للرأسمالية الإمبريالية ، التي عرفت في مراحل تاريخية سابقة أنظمة ديكتاتورية سيطرت على السلطة بالحديد و النار و شيعت القمع و الرعب في أوساط الشعوب ، ذلك ما نراه في تنامي الحركات الإجتماعية بالمغرب باعتباره بلدا عرف خلال سنوات القمع الأسود قمعا شرسا ضد الحركات الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية بعد الإستقلال الشكلي ، تجلى أساسا في قمع الإنتفاضات الشعبية و سقوط الشهداء و المعتقلين و على رأسهم الماركسيون اللينينيون و خاصة مناضلو منظمة إلى الأمام ، و ظهرت منذ 2004 بالمغرب حركات اجتماعية احتجاجية ذات أبعاد مطلبية متعددة تختلف من منطقة إلى أخرى و من مجال إلى آخر حسب الدوافع الإجتماعية التي تمخضت عنها (إيملشيل،تامسينت،سيدي إيفني،طاطا،بكارة،بوميا،أيت أورير،صفرو،أولوز،بومالن دادس،إيمني،جبل عوام...) ، تلتقي جميعها في البعد السياسي الذي يحكمها انطلاقا من التصدي للأساس الإقتصادي للنظام القائم الذي يتسم بالطبقية و توسيع دائرة الفقر.
و لا غرابة أن تتم مواجهة هذه الحركات بالقمع و الإعتقال و المحاكمات الصورية و السجون التي لا يمكن فصلها عن سابقاتها في سنوات القمع الأسود و التي كانت آنذاك تواجه بالحديد و النار إلا في حدة و قوة مواجهة النظام القائم لها ، و الدارس لهذه الحركات الإجتماعية يلاحظ أنها متواترة و هي حصيلة تطور حركة التنظيمات الذاتية للجماهير خاصة بالبوادي و التي لعبت دورا هاما في تأطير و تنظيم الجماهير محليا ، فمنذ منتصف التسعينات من القرن الماضي و الحركة الإجتماعية متسارعة في اتجاه تفعيل الحركة الجمعوية التي اتجهت في أول الأمر إلى إشباع حاجات الأفراد و الجماعات محليا عبر المشاريع التنموية ، و عرفت دينامية هائلا على مستوى التأسيس و الحركة و الإعتماد على الذات و محاولة مواجهة المشاكل الإجتماعية الناتجة عن تملص النظام القائم من مسؤولياته في تردي الأوضاع اٌقتصادية و الإجتماعية ، فعلى الرغم من أن جل الجمعيات التنموية بالبوادي قد تأسست بإيعاز من السلطات و الجماعات المحلية من أجل استغلالها في نهب الأموال إلا أنها و بعد عقد من التنظيم وتنامي الحركة الإجتماعية أصبحت مستقلة عنها وذات أبعاد مطلبية سياسية ، فأصبحت في مرحلة موالية في مواجهة السلطات و الجماعات المحلية عندما توصلت الجماهير الشعبية و بفضل تجربتها الخاص إلى أنه لا يمكن تحقيق مشاريعها التنموية و أن حل مشاكلها لا يمكن أن يتم إلا عبر تغيير الأساس الإقتصادي للنظام القائم.

تارودانت في : 31 غشت 2009
امال الحسين










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانتقال الى اقتراح المهام
مشارك ( 2009 / 9 / 6 - 01:29 )
لا بد على المتتبع للواقع المغربي اليوم أن لا يبقى حصير السرد فقط بل مواجهة الدعوات المتوالية و الاقتراحات التي أعطية مؤخرامن طرف أنصار اليسار و المواجهة للدعوات الانتهازية الرامية الى ايقاف المد الصاعد الذي يبحث عن الحل الجذري

اخر الافلام

.. الشرطة الكينية تطلق الغاز المسيل للدموع على مجموعات صغيرة من


.. شاهد: تجدد الاحتجاجات في نيروبي والشرطة تفرق المتظاهرين بالغ




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: أي سياسة خارجية لفرنسا في حال


.. مخاوف من أعمال عنف في ضواحي باريس بين اليمين واليسار مع اقتر




.. فرنسا: تناقضات اليمين المتطرف حول مزدوجي الجنسية..وحق الأرض