الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 4

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2009 / 9 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


و أمام القمع الشرس للنظام القائم بعد الإنتفاضة الشعبية بالدار البيضاء في 23 مارس 1965 و تواطؤ القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية بحزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية و حزب التحرر و الإشتراكية و نقابة الإتحاد المغربي للشغل ، لا بد من الفرز السياسي الثاني داخل هذين الحزبين في أواخر الستينات و الذي سيفرز الجيل الثاني من المناضلين الثوريين الذين أسسوا الحركة الماركسية اللينينية المغربية خاصة منظمة إلى الأمام ، و التي اتخذت من السرية أسلوبا للعمل التنظيمي و السياسي و هو أسلوب تنظيمي مفروض بفعل المشروع الثوري الذي تحمله ، و الأوضاع السياسية التي يسود فيها الرعب و القمع و الإعتقال أمام خيانة القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية لمشروع التغيير الثوري ، في ظل هذه الأوضاع السياسية نشأت هذه المنظمة الثورية التي تضم في صفوفها المثقفين الثوريين والشبيبة الطلابية و التلامذية و بعض العمال ، و التي ترتكز أسسها المرجعية إلى الماركسية اللينينية من أجل بناء الحزب الثوري و الحركة الثورية المغربية ، و لعل الوثيقة الأيديولوجية و السياسية لهذه المنظمة التي تنطلق من القراءة النقدية للإتجاه البيرقراطي داخل حزب التحرر و الاشتراكية في علاقته بحزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية و حزب الإستقلال ، توضح مدى الصراع القائم حول التوجه الأيديولوجي و السياسي للحزب بين القيادات البيروقراطية و الطليعة الثورية التي تسعى إلى التغيير الثوري.
جاء في الوثيقة التأسيسية لمنظمة إلى الأمام : " سقطت الأقنعة ، فلنفتح الطريق الثوري " التي تمت صياغتها في غشت 1970 :
" فإعادة تكتل الأحزاب البرجوازية الوطنية (الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية) في إطار الكتلة الوطنية وظهور البرجوازية على حقيقتها ، بعد أن سقطت أقنعتها، بمثابة سمسار يجتهد في تسخير الشعب لنيل مساهمة ضئيلة في الحكم ، عملية جعلت حدا لكل المغالطات الناجمة عن انقساماتها السطحية ، ومواجهة برلمانية الحكم الفردي المزيفة ببرلمانية برجوازية ، مادة بذلك أحسن الضمانات للحكم الفردي ، بيد أن كلتي البرلمانيتين لا تعتبر الشعب أكثر من حصان تمتطي صهوته.، ولعل محاولة" حزب التحرر والاشتراكية" الرامية إلى نيل نصف مقعد في حظيرة "الكتلة" على أساس نفس البرلمانية البرجوازية لتعبر عن نفس الروح الطبقية للبرجوازية التي يميزها نفس الاحتقار للجماهير."
في ظل هذه الظروف حدث الفرز السياسي الثاني بعد 15 سنة من الإستقلال الشكلي استطاع فيه النظام القائم هيكلة آليات مشروعه السياسي و الإقتصادي الطبقي ، في إطار نظام إستبدادي مطلق خدمة للمشروع الرأسمالي الإمبريالي الذي سيتم مواجهته من طرف الحركة الماركسية اللينينية المغربية و خاصة منظمة إلى الأمام ، و هذا الفرز السياسي الثاني له تأثيره كبير على الفرز الجماهيري بعد تشتت الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين بعد القضاء حركة المقاومة و جيش التحرير ، و انشقاق حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الإستقلال و تأسيس نقابة الإتحاد العام للشغالين ، بالموازاة لهذا الفرز السياسي و الجماهيري تأتي المنظمة الطلابية الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في واجهة النضال الثوري ، و هي التي لم تسلم من تأثير القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، و ذلك لضرب نضالية الحركة الطلابية الثورية التي لم تكن غائبة عن الحركة الوطنية الثورية خلال مرحلة الإستعمار المباشر ، و التي عرفت تنظيماتها المستقلة بعد تأسيس جمعية طلبة مسلمي شمال إفريقيا سنة 1912 و اتحاد طلاب المغرب في 1925 و جمعية الطلاب المغاربة سنة 1948 ، و كانت الأنوية الأولى التي أعطت قيادات الحركة الوطنية الثورية من خلال مقاومة الإستعمار المباشر عبر الصراع الفكري و الثقافي و بالتالي الصراع السياسي و الحركة المسلحة.
و يعتبر تأسيس الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في 1956 امتدادا لحركة طلبة المغرب خلال مرحلة الإستعمار المباشر ، و لا غرابة أن نجد المنظمة الطلابية منذ تأسيسها لم تسلم من تأثير القيادات البورجوازية للحركة الوطنية و هيمنة النظام القائم ، و التي حددت من ضمن أولوياتها الحصول على الإستقلال الشكلي و الإرتكاز عليه في حل القضايا السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية ، و كانت مقرراته لا تحمل أي موقف من النظام القائم نظرا لتأثير القيادات البورجوازية لحزب الإستقلال خاصة في المرحلة الممتدة من 1956 إلى 1958 ، عبر مقررات مؤتمراتها الثلاثة الأولى في دجنبر 1956 بالرباط و شتنبر 1957 بفاس و يوليوز 1958 بتطوان ، و كان للتحولات التي عرفتها الساحة السياسية و الجماهيرية بعد الإنشقاقات الحزبية و النقابية و تصفية الحركة الوطنية الثورية و جيش التحرير أثر كبير في التحولات داخل الحركة الطلابية ، وكان لا بد للحركة الطلابية أن تختار صف الجماهير الشعبية التي أفرزتها أحداث 1958 و 1959 بالريف و1960 بالجنوب و حظر الحزب الشيوعي وفشل القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية في حكومة عبد الله إبراهيم في 1960 ، و تمرير دستور الحكم المطلق في 1962 و الإنتخابات المزورة في 1963 ، كان لهذه التناقضات التي أفرزتها السنوات الأولى للإستقلال الشكلي تأثير كبير في تحول مواقف الحركة الطلابية التي سارت في اتجاه الحركة الوطنية الثورية.
و شكلت مؤتمرات الإتحاد الوطني لطلبة المغرب المنعقدة بين 1959 إلى 1964 مرحلة هامة في تاريخ المنظمة و ذلك بإبراز التوجه الثوري داخلها انسجاما مع الفرز السياسي الأول في صفوف حزب الإستقلال ، و الذي اختارت فيه الحركة الطلابية صف الطبقات الشعبية باعتبارها منظمة ثورية لا تناضل فقط من أجل المطالب النقابية للجماهير الطلابية ، بل تعتبر نفسها معنية بالتغيير الثوري من أجل استكمال التحرر الوطني الذي تم إجهاضه من طرف القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، كانت هذه المرحلة إذن حاسمة في وضع استراتيجية نضال الحركة الطلابية الذي لا ينفصل عن نضالات الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء و الكادحين ، و كان لهذا التحول أثر كبير في بروز دور الحركة الشبيبية في الإنتفاضة الشعبية في 23 مارس 1965 بالدار البيضاء ، و تم وضع معالم المد الثوري الذي ستعرفه الحركة التلاميذية و الطلابية في المرحلة الممتدة بين 1965 تاريخ الإنتفاضة الشعبية بالدار البيضاء و 1973 تاريخ حظر المنظمة الطلابية ، و خاصة بعد القمع الشرس الذي تعرضت له الجماهير الطلابية خلال سنوات 1965 و 1966 و 1967 و تأثير الحركة الطلابية بفرنسا 1968 و المد الفكر الماركسي اللينيني في صفوف المثقفين و الطلبة والتلاميذ.
و في ظل هجوم النظام القائم على المنظمة الطلابية من أجل إضعافها و إسكات صوتها الذي يعتبر ما تبقى من أصوات المواجهة في الساحة الجماهيرية ، بعد تطبيق حالة الإستثناء و حل مؤسساته المزورة وإخضاع القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، في ظل هذه الظروف العصيبة تأسس فصيل الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين باعتباره تيارا تقدميا داخل الجامعة عمل على صيانة المباديء التقدمية للمنظمة والدفاع عن جماهيريتها ، و كان لنجاح المؤتمر 13 في 1969 دور هام في ترسيخ مباديء المنظمة عبر اختيار أشكال تنظيمية تعيد للجماهير الطلابية مكانتها في اتخاذ القرارات و بلورتها بعد أن كانت ممركزة في يد اللجنة التنفيذية ، و تم وضع المباديء الأساسية للمنظمة الطلابية المتجلية في الإستقلالية والتقدمية و الديمقراطية و الجماهيرية ، و بالتالي وضع برامج لدفع الحركة النضالية الطلابية للدفاع عن المكتسبات التاريخية للمنظمة الطلابية ، و كان رد فعل النظام سريعا و ذلك بعقد مناظرة إفران في 1970 حول التعليم من أجل احتواء الحركة الطلابية و التي باءت بالفشل ، الشيء الذي دفع بالنظام القائم لابتداع أشكال قمعية جديدة و استدعى 15 عضوا من اللجنة التنفيذية للتجنيد العسكري في مايو 1970 ، و كان جواب الجماهير الطلابية سريعا و ذلك بشن اضرابات عامة لأسابيع من أجل إلغاء التجنيد الإجباري العسكري إلى ما بعد التخرج .
لم تغب النضالات الطلابية عن مواكبة النضال السياسي رغم القمع الشرس المتسلط على الحركة الطلابية و للتعبير عن صمودهم شن طلبة الجامعة بالرباط إضرابا في يوم 04 مايو 1970 ضد زيارة الوزير الإسباني "لوبيز برافو" للمغرب ، هذه الزيارة التي تستهدف استغلال فوسفاط بوكراع في ظل الإستعمار الإسباني للصحراء الغربية بعقد اتفاق بين المغرب و إسبانيا من أجل ذلك و استطاعت الحركة الطلابية إفشال هذا المشروع الإستعماري ، فكانت محطة المؤتمر 14 في 1970 المناسبة التي ينتظرها أحاب الخيار البيرقراطي من أجل عرقلة المد الثوري داخل المنظمة و احتوائها من طرف النظام القائم ، و عملت البروقراطية الحزبية على انتقاء المؤتمرين و محاولة إقصاء بعض المؤسسات المعروفة بالمد التقدمي كالمدرسة المحمدية للمهندسين و المعهد الوطني للإحصاء و المدرسة العليا للأساتذة و كلية الآداب بالرباط ، وشكل هذا المؤتمر تراجعا خطيرا على مستوى هيكلة المنظمة بعد إلغاء تأسيس الفروع و تهميش المجالس الطلابية و بالتالي إلغاء العمل التنظيمي القاعدي لمركزة المنظمة في قبضة اللجنة التنفيذي مما دفع بالجماهير الطلابية إلى تجاوز قراراتها ، و عرفت سنة 1970 إضرابات عارمة لم تشهدها الحركة الطلابية من قبل إن على مستوى القاعدة الجماهيرية الطلابية أو على مستوى الشعارات المرفوعة ، و كانت فروع الإتحاد الوطني لطلبة المغرب بالخارج الدعامة الأساسية للخط الثوري داخل المنظمة ، و احتل الطلبة المغاربة بسوريا السفارة المغربية بدمشق في مارس 1972 احتجاجا على الأوضاع المزرية للطلبة بالمغرب مما أدى إلى اعتقالهم .، وقرر النظام القائم في 17 أبريل 1972 الإفراج عن جميع الطلبة المعتقلين تحت ضغط الإضرابات الطلابية ، و كنتيجة حتمية للنجاح الذي عرفه المؤتمر 15 بعد تحقيق إعادة الهيكلة في اتجاه دعم المد الثوري داخل المنظمة الطلابية ، و بعد أسبوع من انتهاء أشغال المؤتمر أعاد النظام القائم هجومه من جديد على قيادة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، و ذلك باختطاف رئيسها و نائبه في 02 غشت 1972 و محاكمتهما غيابيا و الحكم عليهما بالسجن المؤبد و تم حظر المنظمة الطلابية في يناير 1973.

تارودانت في : 30 غشت 2009
امال الحسين










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجرد استعراض سياسي؟؟
محمد اعميار المساري ( 2009 / 9 / 4 - 09:13 )
عشنا داخل الحركة المذكورة ولم نرىما يهدف اليه الكاتب. من تصينفات لغوية تعطينا لاول وهل اننا امام تنظيم ثوريي للكادحين المغاربة ,ان العودة لتجربة لم تكن الا حركة شبابية تحاول نقل ماهو موجود بدون بحث عن الجدور ولهذا ظلت لصيقة كمنظمة طلابية ليس جماهيرية وحتى الاعتقالات كانت غالبيتها تلاميذية -طلابية/ وما ارتبطها بالكادحين الا بآسم,..وهنا نقول يجب قراءة لتاريخ المغرب والانسان المغربي,فماركس نفسه نبها الى ذالك بانهم قوم كسالى وكذالك فعل لينين وماو...الى الخ وكذالك الشهيد مهدي عامل وحزب الشيوعي اللبناني الذي يعتبر من الطليعة الاحزاب الشيوعية , هولاء حاولواوهم في الطريق ....اما هنا فبجب ان نتعلم ان نقرا ماركس ولينين وتجربة ثوريين مغاربة ونتوحد مع كل القوى ونعود الى شيوعيون مغاربة الاوائل الىليون سلطان .علي يعتة , عزيز بلال هؤلاء هم البداية للفكر الثوري..........


2 - مجرد إستعراض سياسي
صالح ( 2009 / 9 / 4 - 22:24 )
أطن أن ما يهدف إليه المقال هو استفزاز الهمم حتى يقوم المسؤولون عن فشل الثورة بالمغربإعطاء نقد ذاتي عن تجربتهم ، و يتم محاكمة المسؤولين عن التخلي عن بناء الحزب البروليتاري المغربي ، و المقالات بصفة عامة يبدو لي أنها مهمة للشباب الذي يجهل تاريخ الحركة السياسية بالمغرب ، و خاصة الشباب الذي يرغب في بناء تجربته الخاصة ليس على أنقاض التجارب الفاشلة ، و لكن على غرار نقد علمي مادي لإعادة بناء الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، و من لا يعنيه بناء هذه الحركة فلخلد إلى عزلته و ينتظر متواه الأخير و حتى لا يصبح العمل مجرد استعراض سياسي ، رغم أنك أشرت إلى بعض المسؤولين الذين تفتخر بهم

اخر الافلام

.. نجل الزعيم جمال عبد الناصر: بشكر الشعب المصري الحريص على الا


.. مقابلة مع وليد جنبلاط الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي




.. فى ذكرى وفاته.. منزل عبد الناصر بأسيوط شاهد على زيارة الضباط


.. فى ذكرى رحيله.. هنا أصول الزعيم جمال عبد الناصر قرية بنى مر




.. شرطة نيويورك تعتدي على متظاهرين داعمين لفلسطين وتعتقل عددا م