الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خداع المقاطعة

عدنان الاسمر

2009 / 8 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


شهدت الأسواق الأردنية موجه جديدة من الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية الأساسية ،خاصة اللحوم والسكر مما دفع بعض الجهات الرسمية والأهلية لرفع شعار مقاطعة تلك السلع للضغط على التجار لتخفيض الأسعار ،وهذا المطلب بالمقاطعة هو احد إشكال التنصل الحكومي من المسؤولية تجاه وضع حد للمضاربين لقوت المواطنين.
فالمواطن الأردني اعتاد على مقاطعة سلع دول اتخذت سياسات معادية للمصالح الأردنية أو العربية للضغط عليها لتغيرها أو لمعاقبتها ،إما إن تتم دعوة المواطنين لمقاطعة تجار، هم من أبناء البلد ويعملون بسلع ضرورية فهذا أمر مستغرب وخارج ما اعتاد الناس عليه، لان الدعوة للمقاطعة وان خفضت نسبيا الطلب على تلك السلع إلا أنها تبقي الأسعار بيد التجار المحتكرين مما يحرم المواطنين من تلبية احتياجاتهم من سلع أساسية وضرورية للصحة العامة، كما تخلق المقاطعة حالة من الخداع عند المستهلكين مضمونها الرضا والقبول الذاتي عن الحرمان من استهلاك تلك السلع الأساسية والضرورية .
فالأحرى والأجدر بالحكومة إن تستخدم سلطاتها لوضع حد للغلاء الذي يفتك بالاقتصاد الوطني وبمستوى معيشة المواطنين، ويحدث خللا في معادلة الأمن الوطني الشامل حيث إن الغلاء والارتفاع الجنوني المتواصل في أسعار المواد الغذائية يؤدي إلى النتائج الضارة بالاقتصاد الوطني التالية:-
- يعتبر ارتفاع نسب التضخم وما يصاحبه من ارتفاع في أسعار المواد التموينية احد أدوات إعادة توزيع الدخل الوطني الإجمالي بحيث يتم امتصاص الكتلة النقدية من أيدي الجماهير الكادحين وتمركزها في أيادي كبار التجار المضاربين وهذا يعمق التفاوت في مستويات المعيشة ويعيق تنفيذ سياسات مكافحة الفقر والتصدي لجيوبه في المناطق الأردنية المختلفة، كما يعزز ارتفاع أسعار السلع العجز في الميزان التجاري من خلال تشجيع شراهة
الاستيراد، وممارسة أنماط استهلاكية بذخية بحكم الكتلة النقدية الهائلة بين أيدي فئة محدودة قليلة من المواطنين .
- إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية الضرورية لصحة المواطنين يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للأجور والرواتب مما يؤثر سلبا على قدرة المواطنين لتلبية احتياجاتهم الاستهلاكية والخدمية المختلفة والمتنوعة،مما يعمم الفقر والتهميش الاجتماعي كما يؤثر سلبا على مكانة العملة الوطنية في النظام المالي بشكل عام .
- يعتبر الفقر والتهميش الاجتماعي الأساس الموضوعي لارتكاب الجرائم والبنى والخلل في نظام القيم ، كما يؤثر سلبا على معادلة سير النظام العام في المجتمع ، والاستقرار المجتمعي ويكون بمثابة التربة الخصبة لاستنبات العنف والإرهاب بأساليبه المختلفة .
فالمصلحة الوطنية والحرص على تطبيق السياسات الحكومية برفع مستوى معيشة المواطنين ومكافحة الفقر تتطلب ما يلي :-
 لكسر احتكار السوق في ظل عدم السيطرة على ارتفاع الأسعار الجنوني فالمأمول من الحكومة إن تتدخل لإعادة التوازن لأسعار السوق حفاظا على مصلحة المواطنين، وذلك بصفة المستورد من خلال أدواتها الرسمية المختلفة بحيث يتم استيراد كميات من اللحوم أو المواشي تتلائم مع زيادة الطلب عن تلك السلع الضرورية والتي لا يستغني المواطنين عن استهلاكها لأهميتها أو عدم البديل عنها فاللحوم الحمراء لا بديل عنها ألا اللحوم الحمراء.
 إعادة أحياء وزارة التموين بالعجلة القصوى ، فهذه الوزارة صاحبة الاختصاص في ضبط الأسعار في السوق دون توازن الكميات المطلوبة مع العرض ومراقبة جودة المواد الغذائية والتأكد من صلاحيتها للاستهلاك البشري فقد كرر المضاربون لقوت المواطنين حالات الزج في الأسواق بسلع منتهية الصلاحية فاسدة تسبب الإمراض للمواطنين، وتكلف الاقتصاد الوطني ملايين الدنانير أثمان معالجات وأدوية ،وتسبب تلك الأغذية الفاسدة الوفاة لمن يتناولها بعد حين .
 ضرورة الرقابة الحكومية للمواشي الحية المستوردة واللحوم والتأكد من توفر شروط الصحة العامة ،ومناسبتها للاستهلاك البشري في كل مراحل عملية الصناعة الغذائية، وذلك لان تلك الصناعة تحتاج إلى بنية تحتية ضخمة جدا ورأس مال مستثمر كبير، فهي تحتاج لبواخر وسيارات شحن خاصة ومزارع تجميع ضخمة وغرف تبريد وسيارات نقل مبردة ،ومسالخ وملاحم،بالإضافة إلى خبرة شخصية للعاملين بهذا القطاع مما يخلق احتكار صامت يصعب على أي مستثمر جديد الدخول للسوق ومنافسة التجار ذوي الاسباقية من هنا تأتي أهمية وضرورة التدخل الحكومي .
 وضع أنظمة ولوائح ضريبية متحركة خاصة بظروف السوق بحيث ترتفع الضريبة عن التجار، كلما ارتفعت أسعار المواد الغذائية وتخفيض الضريبة كلما انخفضت الأسعار وهذه الاجراءت الحكومية أكثر تأثيرا وفاعلية من الدعوة للمقاطعة .
 يعتبر استهلاك المواد الغذائية خاصة الأساسية مثل اللحوم ، والدواجن ، والأسماك من مؤشرات الصحة العامة ومستويات المعيشة المتقدمة ، فكلما ارتفعت نسب الاستهلاك يمكن الخروج بنتائج ايجابية عن مستويات المعيشة، بما في ذلك تمتع المواطنين بصحة جيدة وبعيدا عن الأمراض الناتجة عن سوء التغذية من هنا تأتي أهمية كسر احتكار الاتجار بالمواشي ودعوة المواطنين لاستهلاك ما يحتاجونه من المواد الغذائية الأساسية وخاصة اللحوم بدلا من الدعوة لخداع المقاطعة .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز