الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 7

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2009 / 9 / 6
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


و الحركات الإجتماعية بالمغرب لم تكن مؤطرة من طرف الأحزاب البورجوازية الإصلاحية التي اختارت الإندماج في السياسة الطبقية للنظام القائم و تمرير ما يسمى ب"المسلسل الديمقراطي" الذي وضعت أسسه في مرحلة سنوات القمع الأسود ، و تتدخل الأحزاب "اليسارية" الإصلاحية من حين إلى آخر لدعم هذه الحركة أو تلك في أول الأمر من أجل احتوائها و توجيهها في الإطار السلمي الإستسلامي ، لكونها تلعب دور صمام أمان النظام القائم و تبقى بعيدة عن الجماهير الشعبية إلا في المناسبات الإنتخابية المرسومة لها ، ذلك لأنها و خاصة منها الممثلة في المؤسسات المزورة لم تستطع خلق علاقة راسخة بينها و بين الجماهير الشعبية حتى التي تدعي رفع شعار المقاطعة لا تملك بديلا إلا هذا الشعار ، نتيجة فقدان الثقة من شعاراتها الزائفة التي ترفعها في هذه المباسبات و التي سرعان ما تنكشف أمام الجماهير عند انتهاء المواسم الإنتخابية ، حيث يتحول مناضلو الأحزاب الممثلة في هذه المؤسسات إلى أدوات لسن التشريعات و القوانين في البرلمان و الغرفة الثانية أو أدوات لتنفيذ هذه التشريعات و القوانين في أرض الواقع في الجماعات المحلية ، فتصبح هذه الأحزاب في مواجهة مطالب الجماهير التي رفعت بالأمس جزءا كبيرا منها كشعارات لحملاتها الإنتخابية التضليلية ، و لأنها لا تملك قواعد جماهيرية مضبوطة حيث تسود في أوساطها ظاهرة الإنتقال من حزب إلى آخر كلما ظهرت مصالح المنتخبين بهذا الحزب أو ذاك بعد كل عملية انتخابية ، ذلك هو مصير "النضال السياسي الديمقراطي" الذي تتغنى به الإنتهازية التحريفية بحزب النهج الديمقراطي التي تريد لنفسها أن تكون بطلة هذا الخيار ، و هي تتهلل بكونها تسعى إلى تجميع "الإشتراكيين" حول مشروعها الحزبي البورجوازي الإصلاحي الجديد الذي تريد له أن يكون بديلا عن مشروع "الإشتراكيين التقليديين" في ظل هيمنة النظام القائم.
و كان للهوة بين الجماهير الشعبية و النظام القائم بأجهزته التي لها تاريخ مظلم في مجال القمع و مؤسساته المبنية على التزوير و الفساد و شعارات الكائنات الحزبية المزيفة لأزيد من نصف قرن ، كان لذلك كله أثر كبير في دفع الجماهير الشعبية إلى التفكير في مواجهة مشاكلها المحلية التي غالبا ما يستعصى حلها في ظل الإمكانيات المحدودة التي تتوفر عليها و المتطلبات الهائلة أمام التفقير الذي لحقها ، مما يدفعها للبحث عن الأسباب الأساسية لمشاكلها و المسؤولين عنها و التي لا يمكن فصلها عن الأزمات السياسية و الإقتصادية التي يعرفها الأساس الإقصادي للنظام القائم باعتباره تبعيا للرأسمالية الإمبريالية ، و تتحول التنظيمات الذاتية للجماهير الشعبية من تنظيمات قائمة على البحث عن إشباع الحاجات الذاتية للجماهير الشعبية ، بعد نشر ثقافة ما يسمى بدور المجتمع المدني في التنمية من طرف الأحزاب الإصلاحية ، إلى تنظيمات مناضلة تواجه في أول الأمر المسؤولين في المجالس المحلية ، ثانيا في مواجهة أجهزة الدولة الممثلة في الوزارات ، ثالثا في مواجهة النظام القائم باعتباره المسؤول الأول على سن السياسة الطبقية بالبلاد و التي أوصلت الأوضاع إلى ما هي عليها ، و يتحول الصراع السلمي لهذه التنظيمات إلى صراع يتسم بالعنف و العنف المضاد لأجهزة النظام القائم و بالتالي إلى اعتقال المناضلين و محاكمتهم و الزج بهم في السجون ، ليبدأ النضال السياسي من أجل إطلاق سراحهم و الذي غالبا ما يحظى بالدعم الوطني و الدولي عبر جهود بعض المناضلين.
و نرى أن الحركات الإجتماعية بالمغرب تتسم بالطابع الإحتجاجي المطلبي ذي البعد المحلي في التنظيم و التأطير و النضال الذي يصل إلى حد المطالب السياسية في بعض الأحيان (تامسينت،صفرو،بومالن دادس، سيدي إيفني،جبل عوام،إيمني ...)، و هي حركات اجتماعية احتجاجية معزولة و لا يوجد بينها تنسيق يذكر رغم محاولة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لإنشاء تنسيقيات لم تعرف حركة منظمة لكونها تلقت ضغط النظام القائم الذي سخر الأحزاب البورجوازية الإصلاحية "اليسارية للجم حركته ، الشيء الذي حال دون تفعيل برامجها و الهيمنة على أجهزتها من طرف هذه الأحزاب لتحريكها حسب مصالحها الحزبية الضيقة ، للحيلولة دون الوصول إلى تركيز تنسيقات وطنية بين تنظيمات الحركة الإجتماعية الإحتجاجية التي من الممكن أن تلعب دورا أساسيا في تأطيرها و تنظيمها واستمراريتها و بالتالي تحقيق مطالبها ، مما يجعل هذه الأحزاب خارج اللعبة السياسية التي رسمت لها بالإضافة إلى العوائق التالية :
1 ـ التشتت الذي تعيشه الأحزاب البورجوازية "اليسارية" و طابعها الإصلاحي و التي تبقى حبيسة تناقضاتها الذاتية و تناقضاتها فيما بينها ، الشيء الذي يجعلها غير قادرة على الإلتحام بالجماهير و بعيدة عن تحقيق مصالحها ، لكونها لا تعبر عن مصالح الطبقات الشعبية و هي في تناقض مستمر معها ما دامت اختارت دعم السياسة الطبقية للنظام القائم.
2 ـ الصراعات الساسية الهامشية بين مناضلي هذه الأحزاب داخل التنظيمات المحلية النقابية والحقوقية و الجمعوية التي تعرقل العمل النضالي بهذه التنظيمات ، لكونهم لا يملكون النظرية الثورية لتوجيه الحركة الإجتماعية من أجل تثويرها بتنمية الوعي الحسي للجماهير و تطويره إلى مستوى الوعي السياسي و الطبقي ، و فتح المجال أمام الجماهير الشعبية لفرز قياداتها من صلب الطبقة البروليتارية مما يجعل هؤلاء المناضلين الحزبيين الإصلاحيين حبيسي كرزمائيتهم التي ترسمها قياداتها الإنتهازية التحريفية.
3 ـ عدم نضج التنظيمات الذاتية للجماهير نظرا لعدم تجاوزها مرحلة التأسيس التي بلغت إلى حد الساعة أزيد من عقد من الزمان و محدودية فعلها الجماهيري ، إضافة إلى ضعف تأطير أعضائها و التأثير الأيديولوجي للنظام القائم و الأحزاب الإصلاحية عليهم مما يجعل محاولاتهم التنظيمية غير قادرة على خلف فعل نضالي ثوري.
4 ـ عدم انخراط الجماهير الشعبية في التنظيمات النقابية و الحقوقية و الجمعوية التي تبقى رهينة كارزمائية قياداتها التي تسيطر عليها و توجهها وفق مصالحها الحزبية ، مما يعرض هذه التنظيمات لبسط البيرقراطية بداخلها و تغييب الديمقراطية الداخلية و إبعاد الجماهير عن قراراتها و بالتالي إبتعادها عن مصالح الطبقات الشعبية ، لكونها تتسم بالهيمنة عليها أجهزتها من طرف الأحزاب الإصلاحية و إلحاقها بهذه الأحزاب لضبط مسارها النضالي و التحكم فيه.
إن بقاء الوعي لدى الجماهير الشعبية في المستوى الحسي من المعيقات الأساسية أمام تطور الحركة الإجتماعية الإحتجاجية بالمغرب لكونها لا تملك القدرة على التنظير و التحليل و التأطير و بلورة الممارسة العملية الثورية ، و ذلك نتيجة سيطرة الفكر الإقطاعي عليها خاصة في أوساط الفلاحين الفقراء و الفكر البورجوازي في أوساط المثقفين و الطلبة و التلاميذ و مكونات البورجوازية الصغرى الأخرى ، مما يجعل التنظيمات الذاتية للجماهير غير قادرة على الإنتقال من مستوى الوعي الحسي إلى مستوى الوعي السياسي بربط قضاياها بتناقضات الأساس الإقتصادي للنظام القائم من أجل بناء حركة ثورية ، مما يتطلب الإنتقال من مستوى العمل الجمعوي إلى العمل النقابي الكفاحي إلى العمل السياسي الثوري الذي يجب أن يقوده المناضلون الماركسيون اللينينيون ، و لن يتم ذلك إلا بفرز قيادات مناضلة ثورية من صلب الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء التي يجب أن تمتلك الوعي الطبقي بمعرفة مصالحها الطبقية و أعدائها الطبقيين ووضع برامجها النضالية وفق الخط و الإستراتيجية الثوريين ، و لن يتأتى ذلك إلا بامتلاك النظرية الثورية و بلورتها في أوساط الجماهير ف"لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" لينين.

تارودانت في : 01 شتنبر 2009
امال الحسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نجل الزعيم جمال عبد الناصر: بشكر الشعب المصري الحريص على الا


.. مقابلة مع وليد جنبلاط الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي




.. فى ذكرى وفاته.. منزل عبد الناصر بأسيوط شاهد على زيارة الضباط


.. فى ذكرى رحيله.. هنا أصول الزعيم جمال عبد الناصر قرية بنى مر




.. شرطة نيويورك تعتدي على متظاهرين داعمين لفلسطين وتعتقل عددا م