الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عراق اليوم يقتلون القتيل ويمشون بجنازته !

جمال محمد تقي

2009 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



خذوا اموال البنوك وخذوا السلطة ولا تأخذوا ارواح العراقيين الابرياء ، هذا لسان حال ابن الشارع المنكوب ، لقد وصل الحال لمواصيل لا تحتمل وهي علامة من علامات قرب ساعة نفاذ الصبر!

اكثر اصابع الاتهام في ارتكاب المجازر الاخيرة بحق العراقيين تشير الى احزاب الحكومة والمتنافسين على استمرارهم في السلطة والمتحفزين لنيل حصة الاسد في الانتخابات القادمة التي ستترافق مع انحسار ملموس لفاعلية الوجود المباشر للقوات الامريكية في العراق ، مما يعني مزيدا من الصلاحيات ومزيدا من الافرازات ، عدا اصابع الحكومة ـ المصبوغة بالحبر البنفسجي المغشوش ـ نفسها ، والتي ومن الطبيعي ان تحمل المسؤولية لجهات اخرى غيرها ، لانها لولم تفعل ذلك فان المعنى الوحيد له سيكون اعترافها الضمني بكونها حكومة تقتل شعبها ، اي انها ستدين نفسها بنفسها كحكومة مجرمة ، وهذا ما لا تريده بل تعمل على استبعاده من التداول بين الناس بالترغيب والتطبيل احيانا وبالتضليل وخلط الاوراق والترهيب في احيان اخرى !

نعم لم تعد الاتهامات الجاهزة التي عودتنا عليها ابواق حكومات الاحتلال واحزابها والتي تطلقها جزافا ـ حتى قبل اي اجراء تحقيقي ولو شكلي ـ تنطلي على احد ، فمعظم الناس في العراق لا يصدقون الادعاءات الحكومية وليس في مجال تحديد هوية الجهات التي تقف وراء عمليات استهداف المدنيين العراقيين وحسب ، وانما في كافة المجالات الاخرى التي تشغل بال الاهالي من توجهات لمعالجة المشاكل المستفحلة ، كالخدمات والاوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية المنهارة ، ناهيك عن الفوضى الامنية والدستورية والسياسية ، وامست السخرية منها امر مفروغ منه بين اناس يسمعون جعجة ولا يرون طحين ، فكل الشعارات البراقة التي تتبجح بها احزاب الحكومة والعملية السياسة الطائفية والعنصرية الملطخة اياديها واقدامها وبرامجها بعار النهب والسرقة والتزوير ودماء الابرياء المسفوك على مذبح سلطتها ذات المصير المرتبط بصيرورته بمصيرالمشروع الامريكي في الشرق الاوسط !
تجربة دخلت عامها السابع ، برهنت تفاصيلها للناس انها ما قامت الا لتجريدهم من كل اسباب القوة والوحدة والامن والتجانس والكفاءة ، وهي اهداف مدغمة بدوافع محاصرة العراق والحرب عليه ومن ثم احتلاله بذرائع كاذبة وبشعارات مضللة ـ تحرير العراق ، وبناء ديمقراطية نموذجية فيه ، واعادة اعماره وتحديثه ، ورفع المستوى الاقتصادي والخدمي له ، واعادة تاهيله ليحتل موقعه المتقدم الذي كان قائما قبل حصاره الشامل والظالم ، لكن حبل الكذب قصير وما كان مخفيا قد تكشف حتى للذين انخدعوا وعن حسن نية بالنوايا الخفية للمحتلين ومن جاء معهم للحكم كواجهات عراقية ، لقد تبخرت كل وعود اعادة الاعمار ، ومازال العراق اسيرا للبند السابع ، اي مازال يعامل كقاصر في علاقاته الدولية ، وتدهورت الخدمات الى درجة كارثية ، وضاعت هيبة الدولة بعد ان حطمت بناها التحتية ، انه زمن الطاعون والقحط ، فالامراض المستعصية تنتشر بصمت بسبب التلوث الاشعاعي المتواصل نتيجة القصف الامريكي بالقذائف المشبعة باليورانيوم المنضب والتي مازالت مخلفاتها تنتشر في كل مكان من ارض العراق ـ اسلحة ثقيلة محطمة ، ابنية مهدمة ، بساتين محروقة ، معسكرات مدمرة ، وجثث ومقابر جماعية في الصحاري الجنوبية والغربية لجنود عراقييون مازلوا مجهولين ـ حتى المياه الجوفية ملوثة ، ناهيك عن الانهار التي يتركز فيها التلوث كلما قل منسوب الماء الجاري فيها ، فكيف الحال اذا نشفت تلك الانهار من الماء ، وهذا هو حالها الان ؟
العراق كان يغطي على اقل تقدير جزءا من احتياجاته الغذائية بمحاصيله الزراعية وبمنتجات ثروته الحيوانية ، ولكن اليوم العراق يستورد كل شيء ولم يعد ممكنا للمنتج العراقي المنافسة حتى لو اراد ، فاسعار المستورد اقل من كلفة المنتج المحلي ، انه خارج نطاق التغطية والحماية ، فكلفة الري عالية نتيجة شحة المياه ونتيجة ازدياد نسبة ملوحة الارض ، وكلفة الاسمدة عالية وغير مدعومة وكذلك كلفة مكافحة الافات الزراعية هي الاخرى عالية جدا بسبب غياب دعم الدولة نتيجة غيابها اصلا ـ وما يحصل حاليا من تدهور في انتاج التمور العراقية هو خير مثال فالعراق اليوم سوق لتصريف التمور الايرانية والامريكية بل حتى الاماراتية !
حتى الطماطم يستوردها العراق ، بل حتى البنزين والكهرباء ، فبدلا من الاسراع بتوسعة وتاهيل مصانع التكرير الوطنية والمحطات الكهربائية الرئيسية يجري دفع المليارات لايران لشراء البنزين منها وكذلك الكهرباء ، وكانها عملية متعمدة لتخريب الاقتصاد العراقي لمصلحة التغلغل الايراني ، علما ان التعامل هنا يجري وفق نظام المحاصصة بالارباح ليس بين الدولتين وانما بين دولة ولاية الفقيه والاحزاب الطائفية الحاكمة في العراق كمقاولات باطنية !
الفوضى والفساد والتقهقر هي ابرز ميزات العراق الجديد ، ولان امر الفوضى بات اكثر من نارعلى علم ، فان الفساد اصبح عارض من اعراضها ووقود لنارها التي لا تنطفيء الا اذا استرجع العراق دولته المخطوفة احتلاليا وطائفيا وعنصريا ، صار الفساد رديفا لا ينفصل عن طعم ولون ورائحة الوضع العراقي الجديد ، وكأن البلاد اسيرة بيد عصابات محترفة في جرائم القتل والسرقة وتبييض الاموال وتهريبها ، والارهاب بكل انواعه الجسدي والنفسي والفكري والمعاشي وحتى الديني !

وزير الدفاع يعلن ان هناك كميات كبيرة من الاسلحة والاعتدة الايرانية دخلت العراق خلال الاشهر الاخيرة وخصوصا بعد اضطرابات الاوضاع الايرانية ، وزير الداخلية يقول : ان مسؤولية امن بغداد محصورة بيد قوات فرض القانون فيها والاختراقات الامنية حصلت بينهم ، وان هناك قوى فاعلة في الحكم مازالت تتسلح وتتمول من قبل دولة جارة ـ لم يسميها ـ ، سفير العراق في طهران محمد الشيخ يندد باتهامات القادة الامنيين العراقيين التي تحمل ايران المسؤولية ، رئيس جهاز المخابرات العراقي السيد محمد الشهواني يقدم استقالته من منصبه ويغادر العراق بدعوى تواطوء وتستر اطراف فاعلة في الحكم على الدور التخريبي لايران في العراق ، وتناقلت الصحف اسم مسؤول كبير في فيلق القدس الايراني يتولى مسؤولية تنظيم وتمويل اعمال العنف والاغتيالات في العراق ـ قاسم سليماني ـ وان هناك حلف ايراني قاعدي في العراق يسعى لاشعال الوضع الامني كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية وكلما اقترب موعد الردود الايرانية على المقترحات الاوروبية بخصوص الملف النووي !

ان التشابك المضاعف لخطوط المواجهة الاقليمية والمحلية مع الدولية خلال المدة الاخيرة يجعل الامر اكثر قساوة على ابناء العراق ومن كل الاتجاهات ، تحركات مخابراتية امريكية من مناطق شمال العراق باتجاه ايران لاغراض تجسسية ولدعم الجماعات المناوئة لها وخاصة اثناء الاضطرابات الاخيرة ، انسحاب القوات القتالية الامريكية من اغلب مراكز المدن العراقية ، ضغط ايراني وطائفي عراقي باتجاه تصفية عناصر مجاهدي خلق وعوائلهم المحاصرين في معسكر اشرف داخل محافظة ديالى ، الزيارات المكوكية لاطراف الائتلاف الطائفي الحاكم لايران لهندسة تحالف جديد يحظى بدعم مرجعيات ايران والعراق ليعيد للائتلاف شعبيته الطائفية المفقودة خدمة لاجندات مشتركة تلملم حالها استعدادا لمواجهة الاستحقاقات القادمة ، تزايد حدة الخسائر الامريكية في افغانستان بما يعمق ورطتها هناك ، واتهام ايران بلعب دور بارز في عرقلة المساعي الامريكية فيها ، سعي ايراني لتفجير الوضع العراقي لارباك الجانب الامريكي وانهاكه على الجبهتين وبنفس الوقت لاجباره على التفاهم معها ، الاعلان عن وجود اتصالات ومفاوضات بين رسميين امريكان وممثلي المقاومة العراقية ، اعلان تاييد العشائر العربية في شمال العراق للمجلس السياسي للمقاومة العراقية ، جناح اخر من المقاومة يفوض الشيخ حارث الضاري للتحدث باسمه ، الامريكان يجهدون لحلحلة ورطتهم في العراق من خلال محاولاتهم لاستيعاب جميع القوى العراقية في اطار عملية سياسية معدلة تتيح لفصائل المقاومة والبعثيين المشاركة بها لتكون الانتخابات القادمة عنوان يجمع عليه الجميع ليتسنى لها سحب اكبر قدر ممكن من قواتها مع الابقاء على تواجد نوعي محدود لا يكلفها شيء او يتحمل العراق تكلفته ، ومن ناحية اخرى فهم حريصون على تثبيت نوع من التوازن في العلاقة بين الاكراد وبغداد ، واعتماد سياسة التنازلات المتبادلة ، نفطيا واداريا وعسكريا ، هذا مايتيح لشركاتها النفطية والغازية ايضا المباشرة بمهامها التي ستكون مزدوجة من خلال تسهيلات قانون النفط والغاز الجديد بحيث يتم استثماره في الشمال والوسط والجنوب ودون منغصات قوية ، زيارة المالكي الاخيرة لواشنطن وضعت النقاط على الحروف حين تم اعتماد المالكي كشريك معلن مقابل التزام كل الاطراف بتنفيذ التزاماتها المتفق عليها ضمنا في المعاهدة الامنية ، لقد اعلم المالكي بان العراق مازال تحت الرحمة الامريكية خارجيا وداخليا ، فلا خروج من البند السابع الا اذا سارت جميع المسارات كما يجب ، وان الدعم اللوجستي لسد الفراغ الامني بعد عملية الانسحاب المفترضة مرهونة بتحول العراق الى دولة قادرة على احتواء كل حدودها ومواطنيها وان لا تكون منخفضا تستخدمه ايران لزعزعة الامن في المنطقة ، المالكي نفسه امام خيارات صعبة فهو لا يستطيع الاحتفاظ بحظوظ قوية الا اذا وازن بيع كل المتطلبات معا ، من هنا فان صراعاته مع حزب الحكيم ستاخذ بعدا اخر خاص وان حزبه قد تغيب عن الائتلاف القديم الجديد والذي اعلن عنه مؤخرا ، فكلما اقترب موعد الانتخابات القادمة ازداد احساس المالكي بضرورة الانصياع الاكمل للتوجيهات الامريكية التي تتعهد له بولاية اخرى اذا ما تخلى عن حلفه الطائفي مع ايران واتباعها الذين اخذوا يعدون العدة لعزله اوتحييده في احسن الاحوال !
استجابة المالكي لمتطلبات البقاء اطول مدة ممكنة في الحكم من خلال محاولات توفيقية بين المتناقضات وعلى حساب الهوية الوطنية ومشروعها المنسي ستكون مضطربة رغم هالة السلطة التي تمنحه بعضا من الاقتدار فهو يطرح نفسه كافضل الخيارات من علاوي مثلا او الجعفري او عادل عبد المهدي وهو يعول هنا على معادلة تقول انه كلما ابتعد عن التجانس مع الحكيم وايران كلما ازدادت شعبيته بين الاوساط العراقية الناقمة !
ان القادم من الايام سيكشف المزيد من العقد والمزيد من التناقضات والمزيد من الصراعات التي سيكون الخاسر فيها دائما المواطن العراقي ، ورغم كل ذلك فان وجود الصوت المقاوم وثقله المتعاظم والذي يصعب تجاهله الان بحكم انكشاف ظهور الجميع ، يمنحنا الامل في قدرة شعبنا على تضميد الجراح والسير قدما في اتجاه التحرر الكامل من السيطرة الاحتلالية الامريكية ومن التدخلات الايرانية الفضة بالشان العراقي ، وباتجاه تطهير حكم العراق من كل الفسدة والطائفيين والعنصريين ، للشروع ببناء عراق حر مستقل قوي ومنيع يصون ارواح الناس وحرياتهم وممتلكاتهم ويصون حاضرهم ومستقبلهم وثروات بلادهم ، ويلبي حاجات المواطنين في ظل نظام مؤسساتي دستوري كفوء ، ينبذ الهشاشة ويسعى للتعمير والتنمية الحقيقية للارض والانسان !










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحل إلاهي
ابو عيسى ( 2009 / 9 / 2 - 06:30 )
سيدي الفاضل صديقي ابن الحرية كل ما كتبت صحيح لكنة مختزل وهموم المساكين ابناء جلدتك يعانون الامرين ولكن...............يسود في الشارع العراقي رأي مفاده ان العراق بحاجة الا رجل قوي يبسط النظام وقد تضرعوا للخالق بالتدخل فأستجاب الالرب لدعوانا وبعث فينا سيد شاب امام قام او قعد لا يأتيه الباطل الا من دبر سيحل السلام وننعم بالامان ونأكل الرقي والبطيخ ونحكم المعمورة ونتسيد الناس يبلغ عشرين عام ولة من السراري عشرين ومن المليارات عشرين يسأل عن القاصي قبل الداني وسوف تحل مشاكلنا جميعها وسننسى طعم الدم والخمر كدلك انه عمار الحمار عفوا الحكيم قد لا يطول لنا المقام لنشهد سعد العراق بلاد السواد
دمت صباحا ايها الطيب


2 - مقاله لا تستحق الرد ولكن
قاسم الجلبي ( 2009 / 9 / 2 - 15:02 )
مقاله لا تستحق الرد عليها , جلها مغالطات وحقد اسود دفين والحنين الى نظام البعث الدموي خانق الحريات وصاحب القتل والمقابر الجماعيه نعم مع الوضع الديمقراطي الجديد رغم كل السلبيات


3 - انت والبعث والمبعوثين والسادة المرسلين؛
جمال محمد تقي ( 2009 / 9 / 2 - 16:31 )
الصديق ابو عيسى تحياتي المعطرة بماء الورد طبعا غير ماء الورد المغشوش الذي يستخدم في جنازات وفواتح الروزخزنية
قالوا ان جاء عمار حل الدمار
ونقول هذا هو عراقهم الجديد عراق يعبث به الكبار والصغار
شكرا عزيزي على تواصلك
السيد قاسم الجلبي
لا ادري ان كنت من السادة الجلبية ام الشلبية ؟
بعدين يا اخي مادامت هي مقالة لا تستحق الرد اذن لما تتعب نفسك وترد
لو كنت مكانك لبينت المغالطات التي فيها حتى لا يتاثر بها من يطلع عليها
والحقد الدفين لا ادري على من تقصد على الذين احتلوا العراق ومن ساعدهم من طائفيين وعنصريين هؤلاء الذين هم افسد من انجبهم العراق يا اخي هؤلاء شلة حرامية وقتلة
اما الحنين الى البعث فهو ليس عندي باي حال من الاحوال لاني من اصحاب نظرية اسقاط النظام بالاعتماد على سواعد العراقيين وليست سواعد الامريكان الذين لا يساعدون بشيء دون ان يجيروه لمصلحتهم وصالحهم هو وفي كل الاحوال اسوأ من حالة شعبنا ايام البعث نفسه
والذي لا يصدق بنا لياتي ويرى ماذا جرى 6 سنوات عادلت 60 سنة من حكم البعث اجمع واطرح وقسم واضرب ستحصل على النتيجة وبشرط ان لا تغش ولا تخطأ الحساب هذه المرة
تحياتي لك ولديمقراطية القفاصة والمكبسلين والمراجع العظام ديمقراطية اعدا

اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول