الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق وسوريا ...حقائق يجب أن تذكر

هفال زاخويي

2009 / 9 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد تفجيرات الأربعاء الدامي 19 آب 2009 دخلت العلاقات العراقية السورية "المتوترة أصلاً" منحى خطيراً آخر بعد امتلاك الجانب العراقي وثائق وأدلة تؤكد تورط بعض القيادات البعثية التي تقيم في سوريا وتتحرك بحرية على أراضيها مخططة ومنفذة لسيناريوهات الموت المجاني في العراق ، تتجه العلاقات نحو توتر خطير علماً ان الجانب العراقي لم يتهم سوريا لا حكومة ولا دولة بالوقوف وراء أحداث العنف بل ينحصر المطلب العراقي في تسليم مائة من الناشطين البعثيين العراقيين الذين يقفون وراء الكثير من أحداث العنف في العراق ويقود هؤلاء محمد يونس الأحمد ... سوريا صعدت هي الأخرى في سابقة غير ملحوظة بعد سقوط نظام البعث في العراق من لهجتها وبطريقة تبدو مفرطة وغير معقولة خاصة ان راعي الخارجية السورية وليد المعلم يطالب مجلس الأمن بالتحقيق في كل أحداث العنف التي حصلت منذ سقوط النظام ولحد الآن في العراق ، وهذه المطالبة تبدو وكأنها (وصاية سورية على العراق) ، ووصل التصعيد ذروته قبل يومين حين وصف الرئيس بشار الأسد في مؤتمر صحفي مع نظيره القبرصي الإتهمامات العراقية بانها (لا أخلاقية) ! بالطبع كان من المفترض ان يذكر الرئيس بان قتل العراقيين مجاناً عمل لا أخلاقي لا يضاهيه أي شيء لا اخلاقي آخر.

الخلاف العراقي السوري له جذور موغله وقديمة في التاريخ الحديث تبدأ من أيام الجمهورية الوهمية(الجمهورية العربية المتحدة) التي كان يدعو لها الرئيس المصري عبدالناصر ، وفشلت تلك الجمهورية ولم تر النور وكان كل عاقل يحكم عليها بانها لن ترى النور ولأسباب جلية ومعروفة ... بقيت العلاقات تترنح بين الفتور والدفء ولكن الفتور كان الطاغي الى أن جاءت ليلة 17/16 تموز 1979 واستلم فيها صدام حكم العراق بعد انقلاب بدا أبيضاً على الرئيس احمد حسن البكر لكنه وبعد أيام تحول الى انقلاب دموي تخلص فيه صدام من رفاق الأمس مع بعض الدموع التي ذرفها عليهم واتهم اؤلئك الرفاق بانهم خونة ومتآمرون تدعمهم دمشق البعثية اليسارية التي تتربص دائماً بالبعث اليميني الحاكم في بغداد ، وآنذاك كان البعث العراقي اليميني يتهم البعث السوري اليساري باعمال ارهابية ومحاولات انقلابية في العراق...حدث ذلك كله بعد ميثاق العمل القومي الذي وقعه الراحلان احمد حسن البكر وحافظ الأسد ... كان حقيقة صراعاً سخيفاً يتحمل عفلق مسؤوليته ومسؤولية تلك المرحلة نظراً لان الخلاف كان عقائدياً لكن ترجم الى احداث دراماتيكية .

اليوم يعيد التاريخ نفسه ، فحقيقة ان اغلب الدول الأقليمية متورطة بأحداث العنف في العراق(ايران، السعودية ، الأردن ، تركيا، سوريا ، وحتى مصر والكويت التي تتربص شراً كأرث انتقامي) وقد تكون المساهمة متباينة بين دولة واخرى وتتوزع المسؤوليات بين تورط مباشر وغير مباشر ...التوقيت العراقي لا يفسر بأنه توقيت متعمد وهو اصلاً غير هادف لإثارة الخلاف مع سوريا سيما ان دمشق تبدو تابعة وصديقة مقربة من طهران التي تمتاز بعلاقات طيبة مع الحكومة العراقية ... لكن يبدو ان الحكومة العراقية تمتلك فعلاً الوثائق التي تؤكد تورط البعثيين العراقيين المقيمين في سوريا في االكثير من احداث العنف الدائرة في العراق والتي بدأت تتخذ أشكالاً خطيرة خصوصاً ان امكانيات تفجيرات الأربعاء الدامي ليست بإمكانيات تنظيم مسلح بقدر ما هي امكانيات دولة وأجهزة مخابراتية تقف وراءها اضافة الى ان الحكومة العراقية فعلاً بدت تشعر بالخطر بعدما دُقَ ناقوسه وتحسب الحساب لمستقبلها خصوصاً ان حكام العراق الجدد وبعد تجربة طويلة تترسخ القناعة لديهم بأن البعثيين انقلابيون في النهاية حتى على انفسهم ولا يمكن الوثوق بهم ولهذا فان هذه الحكومة توجست خيفة بعد تسرب بعض الأخبار حول اجتماعات بين بعض المسؤولين الأميريكان وبين بعض التنظيمات العراقية المسلحة(اجتماعات أنقرة).


الخطأ العراقي:

دون شك فانه رغم الجهود العراقية لصد موجة الإرهاب التي تستهدف الأخضر واليابس في هذا البلد فان هذه الحكومة تتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية نظراً لحالة التشرذم والمحاصصة وانهماك المسؤولين العراقيين وتفانيهم في مراعاة مصالحهم وضمان بقائهم على الكراسي المريحة وتشظي مراكز القرار الأمنية واختراق قوات الأمن من قبل الكثير من التنظيمات التي لاتريد بالعراق خيراً ، فالكثير من التحقيقات تدل على ان هناك متواطؤون في اجهزة الأمن مع بعض قوى الإرهاب وهذا يتسرب من خلال التصريحات التي يعلنها الناطقون الرسميون سواء في الدفاع او الداخلية او قيادة عمليات بغداد ، وهذا بالطبع اربك المواطن الى درجة ان الثقة بدت مهزوزة بالقوات الأمنية وولاءاتها ومدى جاهزيتها وحالة الاختراق التي تشهدها الى حد ان البعض لم يعد يثق حتى بنقاط التفتيش التي تنتشر في طول وعرض البلاد .

أما الخطأ العراقي القاتل فهو سكوت الحكومات العراقية المتعاقبة- بعد سقوط نظام صدام-على التدخلات الأقليمية الفجة والسافرة في الشأن العراقي ومحاولات اغلب الدول المحيطة بالعراق لإجهاض التجربة العراقية ومحاولة اعادته الى عهد الدكتاتورية المقيتة ، وحقيقة ان الصمت تجاه تلك التدخلات كان مشبوهاً وفُسِرَ بعض الأحيان بأنه ضعف وسيأتي اليوم الذي تمزق فيه الستر لتنكشف جميع الحقائق، كما وفُسِرَ بان ذلك الصمت هو خوف على المناصب...وإلاَ فما معنى تصريحات كل المسؤولين بما فيهم الرئيسان (مام جلال ونوري المالكي) وهي تقول ان هناك جهات اقليمية وراء أحداث العنف في العراق ...لماذا لم يحددوا تلك الجهات ولم يسموا الأشياء بمسمياتها في ظل النزيف الرهيب للدم العراقي؟! الم تكن تلك المواقف والم يكن ذاك الصمت المريب والتحدث بلغة الألغاز مخيفاً ؟! الم يكن من حق مواطني هذا البلد ان يعرفوا من الجهة التي تقف وراء تمزيق أجسادهم واجساد اطفالهم ونسائهم وتدمير منازلهم ومصادر عيشهم ؟!

نعم هذا هو الخطأ العراقي القاتل – الصمت تجاه الدول الأقليمية- لكن يبدو ان السيل بلغ الزبى وانه لم يعد هناك تحمل وان الحكومة العراقية الآن فعلاً تخشى على نفسها وعلى مستقبلها من المخططات الأقليمية التي أصلاً تريد اجهاض الحالة العراقية لأسباب اقتصادية وكذلك للحد من العاصفة الديمقراطية التي ستهز كراسي الدكتاتورية في الجوار العراقي شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً ...لكن نتمنى ان تخشى الحكومة العراقية على امن واستقرار ومستقبل شعبها بقدر ما تخشى على مصالحها ومستقبلها وكراسيها.

* كل الذي يحدث بين العراق وسوريا حالياً يتخلله صمت أميريكي رهيب... !
* إن لم تكن سوريا معنية بأمن العراق فما السر الذي يكمن في اجتماعات أمنية اميريكية سورية حول العراق ؟!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب