الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستئثار بالسلطة كمشكلة عربية

فالح الحمراني

2009 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


فالح الحمراني: تقف عوامل كثيرة داخلية وخارجية أمام احداث نقلة إصلاح وتطوير في المجتمعات العربية، بيد ان استثار الزعماء والنخب بالسلطة في معظم الدول العربية هو العائق الجدي امام تطوير البلدان العربية وحتى تحقيق التقارب والتكامل بينها، وينسف المشاريع الوطنية والعربية المشتركة.
ان الكثير من الانظمة العربية التي تتداول السلطة بطرق شرعية او جاءت عن طريق الانقلابات وكسبت شرعيتها بالوعود والتحالفات مع احزاب البلد، تتخلى عن مبدأ المشاركة الواسعة لمختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية والاحزاب والتيارات السياسية حال شعورها بترسيخ مواقعها واستمالة مؤسسات القوة واحتكارها. وتستأثر دائرة محدودة جدا السلطة، تتبنى اسلوب القمع وتوظف لإستدامة وجودها في السلطة وتصفية تلك القوى، الآلة العسكرية وحتى الاساليب الوحشية وكم الافواه. بيد ان التجارب التاريخية برهنت على ان هذا الاسلوب يؤدي الى طريق مسدود سياسيا، ولا يعمل على تحقيق برامج التنمية والتطوير ولايساعد على تحسين الظروف المعيشية واستثمار الثروات لصالح المجتمع ويضع المقدمات لانهيار اي حكم، ويناقض ايضا الطموحات باستئناف الانسان العربي دورة في البناء الحضاري على اسس جديدة.
ان استئثار الزعماء والعوائل وما تتحلق حولها من نخب بالسلطة، عادة ما تؤدي الى تعويم العملية السياسية والاجتماعية بعمومها واقامة مناخ الركود والجمود. ويتطلب هذا المناخ خنق الطاقات الفكرية والمبدعة في المجالات الاقتصادية العلمية والادبية والانسانية عموما.وتشل وتخنق المبادرة الاجتماعية قبل ان تزرع.وتبرز البطانات المنتفعة التي تروح تتحذلق وتنافق وتخون حتى ضميرها من لترسم صورة جميلة غير واقعية للحالة الاجتماعية في ذلك البلد، وتبالغ في اظهار الرضا والارتياح الاجتماعي وتبرير كل سقطات السلطة. وتفقد القوى الفاعلة والناشطة في المجتمع بظل هذه الاجواء عزيمتها وحيوية روحها. ولا يظل امامها سوى شعور الاحباط والتهميش. ويسقط الاكثر مبادرة وابداعا وعلما ونزاهة واخلاصا من ابناء البلد ضحايا على مذبحة الاستئثار بالسلطة. نعم تبقى السلطة بيد الذين يستأثرونها ويغدقون بالعطايا على من تحلق حولهم، ولكن يظل هاجس عدم الاستقرار يلاحقهم.
ان الدول الواقعة تحت انظمة النخب والجماعات والبطانات ستظل تتبنى سياسيات خارجية ليس من منطلق المصلحة الوطنية، مرحليا او استراتيجيا، لانها تنطلق دوما من حرصها على البقاء في السلطة. وليس هناك سبب للاستغراب ان تذهب هذه النخب لتقديم مساومات او حتى تنازلات على حسابات بلدها ومصالحها، حينما تشم ان القوى التي امامها قادرة على تقديم الدعم المطلوب حينما تصبح كراسي الحكم مهددة. ولاتتواني بهذه الحالة من الخيانة القومية او الدينية او في اخر الحالات الطبقية. ان السلطة هو هاجسها الرئيس والاخير، الذي تبرهن على انها مستعدة للتضحية بالغالي والنفيس من اجله.
ان اغراء السلطة والنفوذ عادة ما يدفع بتلك الانظمة والنخب حتى لخيانة القيم الروحانية والاخلاقية والتقليدية التي تعلن الايمان بها. فعادة ما تلجأ الى تخوين التيارات والقراءات الاخرى، وتنشر البراهين على مشروعية احتكارها صنع القرار الخاص بمصير الشعب/ الامة. وتلوح بان لديها " صك غفران" بذلك، قد تجند لشرعنته اصوات ذات نفوذ اجتماعي او انها تعتقد بذلك.ولاتهاب اخلاقيا من التملص من التعهدات والاتفاقات التي كانت عقدتها مع جناح اخر، حزب او تيار او منظمة سياسية او اجتماعية،من منطلق ان لكل مرحلة ظروفها، ما دام ان المسالة تتعلق اساسا بآلية البقاء في السلطة.
ويجد منظرو هذا التوجه اساسا لديموتة ويعتبروه ضرورة او ربما حتمية تاريخية للمرحلة.ويعزوه لكون ان هذا النمط من الانظمة يتناسب ومستوى التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلد. وان اتاحة المجال للقوى الاخرى بالتحرك في هذا الاطار سوف يؤدي الى الفوضى الانفلات. وعملية التطور يجب ان تكون تدريجية، خطورة فاخرى، من اجل ان تكون سلوك اجتماعي. وان اي تحرك اصلاحي ينبغي ان يأخذ بالاعتبار ذهنية المجتمع وموروثة الثقافي / الحضاري.
ان المجتمعات العربية تمر بمرحلة مخاض عسيرة متواصلة على مدى عقود من الزمن. وجربت الدول العربية مختلف الانظمة بيد ان اي من هذه الانظمة لم يحظ بشعبية واسعة ترشحه ان يكون النظام الذي يمكن ان يقتدى به،وعلى الانظمة التي تؤمن بالتطور والاصلاح التدريجي ان تبرهن بالعمل اليومي على انها فعلا تنفذ هذا البرنامج وتسهر على تطبيقه ولتحدد ثمار عملها وجهودها بالفعل.
ان عملية التطوير تستدعي من بين قضايا اخرى مشاركة المجتمع مشاركة فعالة وحيوية فيها، من خلال فتح الباب واسعا على تاسيس منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية البديلة وتاحة المجال للشرائح المثقفة في مختلف مجالاتها لتقول رايها، في ظل دولة يشعر الجميع بافتخار للانتماء لانها نتاج جماعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا