الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المتمدن ... في فكر هاجر ...

امنة محمد باقر

2009 / 9 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كانت هاجر قد دأبت على السكوت ، والانحناء للعواصف الهوجاء في ابداء الرأي حين يتشبث احدهم امامها بمنطق يعتقده الحق ، وهي لاتبالي ، فمهما يكن من شئ .. لابد من حد وسط ، او السكوت الذي فيه راحة الروح ، بدلا من الكلام الذي فيه راحة العقل ، ولو سكت الجاهل ما اختلف الناس !!
لكنها فتاة مؤدبة جدا ولا تريد ان ترد بهمجية او تعصب على الرأي الاخر ، لانها تؤمن وبشكل فطري ان تبني الاخر يمر بالمراحل الستة التي تحدث عنها علم الاجتماع في الحساسية الثقافية cultural sensitivityبين الاثنيات او الجماعات ، وهي تعتقد بامكانية تحقق ذلك في التعامل مع الافراد
لذا حين تزوجت رضوان ذلك الرجل الطيب الذي يحفظ التاريخ عن ظهر قلب ، كانت تسمع له في كل مايقول ، وعرفت بالتجربة في المسائل الجدلية انها عندما تتحدث بمثاليتها الزائدة عن اللزوم !! فانها تغيضه ، لذا عرفت الحيلة الخفية التي علمتها اياها امها المرأة البسيطة ، حين قالت لها بلهجتها العامية المحببة : اعطيه السكتة !!
واكتشتفت بأن هذا الاسلوب مهم ومفيد جدا حتى في اجتماعات دائرة المحامي الذي تعمل معه ( تعطيه السكتة والاذن الطرشة !! هههههههههه )
الحقيقة ان الانسان قد يحمل امورا تلقائية او فطرية ، وهي من المواهب التي يحبو بها الله عباده احيانا !
وفي الحقيقة هنالك ست مراحل لكي تصل الى الاخر في حوارك المتمدن ، مهما كان الاختلاف عميقا ، لانه في كل الاحوال سيعتمد على الغنى الثقافي الذي يحمله كل منكما ...
في الحوار المتمدن لاداعي لأن تهاجم انسانا يؤمن بالمقدسات ، ولاداعي لأن تسب ، رأيك صواب يحتمل الخطأ ورأيه خطأ يحتمل الصواب .... تكتب عن اسلامك ، واكتب عن علمانيتي ، واسلامك المتعصب قد لايختلف عن تطرفي في علمانيتي ... وهلم جرى ....
فازت وحدها هاجر في ترويض النمر رضوان ، يوم طبقت نظرياتها الفطرية ، في الادب والسكتة !! بل الحقيقة هي غير ذاك ، هنالك تفسير علمي ..... في مراحل الحساسية الثقافية
مرحلة الانكار ، الدفاع ، التبسيط ، هي المراحل الاولى وتكون فيها ذاتيا متمركز حول نفسك !! اما المرحلة التي تنطلق بها نحو الاخر فهي المراحل الثلاث الاخيرة في القبول والتكيف واخيرا التكامل او الاندماج كمرحلة النهائية ..
طبعا هاجر لاتأتي بذلك من بنات افكارها لكن كان ذلك جزءا من دراستها لمهارات الت............
ولكنها وبشكل طبيعي كانت تعرف كيف تنتقل في حوارها مع الاخر الى مرحلة التكامل ، وتلبس الثقافة الجديدة كما تلبس الثوب الجديد ... كان رضوان يمزح معها قائلا انها لم تترك شيئا جديدا في خزانتها ، لبست كل شئ !!
واما الغنى الثقافي الذي يحمله الشخص فانه هو الذي يحمله على الانتقال الى طريق او حد وسط ، كما يقول سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله وسلم : اوصيكم بالجادة الوسط ..
الطريقة التي تعتمد عليها في غناك الثقافي او في الطلاقة الثقافية او الحضارية هي ان الاخر قد يكون نوعي محدد او معين ، بينما انت قد تكون مستفيض في حوارك ، كأن احدهم اذا تحدث عن التلفاز قال بأنه شيطان البيت ، وانه رأس كل خطيئة ، وانه وانه ... هذا هو المستفيض ... اما المعين فسيقول لك : وهل تدري ماهي فائدة التلفاز ؟؟ وهل تدري كم من امور تعلمناها من التلفاز ؟؟ وهل تدري وهل تدري .... فاذا وصلت الى حد وسط بين المحدد والمستفيض فانك سوف تكون قد قطعت شوطا كبيرا في علاقتك بالاخر ..... بفعل غناك الثقافي !
وفي الطلاقة الثقافية قد تكتشف الاخر من خلال معرفتك بأن الناس اربعة :
جماعة غير مباشرة ذات عاطفة واضحة ( يقول لك وبصوت عالي ويزعق بأن صوت المولدة منع اطفاله من النوم )
جماعة مباشرة ذات تعبير عاطفي ضعيف ( قد يخجل في الحديث معك عن صوت المولدة العالي في بيتك ، ولكنه يقول لك بالمباشر انه تأذى من صوتها !! )
جماعة غير مباشرة ذات عاطفة غير واضحة ... والامثلة كثيرة !!
جماعة مباشرة ذات عاطفة واضحة ... والامثلة كثيرة !
وهكذا حين تعرف الاخر وتعرف نظرته تجاه الامور وتعرف طريقة تصرفاته تستطيع ان تخلق له عذرا وعلى حد قول المثل الانكليزي : give them the benefit of the doubt او كما يقول الحديث الشريف احمل اخاك على سبعين محمل ...
وغيرها من امور طبقتها هاجر في تعاملها مع رضوان زوجها او مع الغير الاخر ، فحازت على راحة العقل والروح معا ، بعضهم حين يتقاتل على رأيه ، كأنه في ساحة معركة ، والامر قد لايستوجب ذلك ، وادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ..
وفي بناء السلام الداخلي او السلام مع الاخر او بين الشعوب في نزاعاتها ... ترى الامور تختلط بسبب اختلاف بسيط ، ثم تتصاعد حتى تصير نزاعا ثم حربا .... وبعدها يقولون :: تعالوا نتفاوض !!
او كما اولئك الذين يكرهون او يحقدون ... فاذا جاء الجزء الاخير من الليل ، وارادوا التبتل والخشوع ... قيل لهم :: استغفر لمن تكرهه !!!











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟