الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى رفاقي في الحزب الشيوعي العراقي

جان الشيخ

2004 / 5 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رفاقي الأحباء
تحية ثورية حمراء تنبض بالحب و النضال من كل زوايا هذا العالم المهزوم الرازح, المنهار, تحت أقدام الرأسمالية الشرسة, و العولمة الإمبريالية التوسعية الظالمة, و حروبها المتكررة ضد شعوبنا في العراق و فلسطين و لبنان و كل مكان.
رفاقي : للحزب الشيوعي العراقي تاريخ عريق في حياة شعبنا العربي, فقد كان مدرسة للنضال و المناضلين, في الفكر و الممارسة, كما كان مثالا للصمود و الاستمرار رغم كل محاولات التدمير و الإلغاء من قبل كل أعداء الأمة و الشعب المدعين الدفاع عن الأمة و الشعب.
رفاقي, يمكننا أن نجادل سنوات حول مفهوم و فلسفة المواجهة و التغيير و المقاومة و أشكالها و أساليبها المتنوعة و المتعددة, و لكن ينتحر الفكر و الحزب و النضال أمام مشاهد مسرحية الحكم الانتقالي و أفلام التطبيع و الاحتلال الأمريكية الطويلة, و نصاب بالقشعريرة و الشك في الانتماء و الرفاقية, عند رؤية من يدعي الشيوعية يجالس أرباب العمامات السود و البيض, و أسياد البرجوازية الغير وطنية العميلة, و مافيات العصابات السياسية الأمريكية, و أحفاد النظام الفاسد الهاوي و أجهزته المتلونة و المباعة و المشتراة كالعملة و العمالة. و على رأس هذا المجلس العشائري, الطائفي, القبائلي, البرجوازي, العميل, قيادة عسكرية أو ما يسمى مدنية و هي ابعد عن المدنية ألاف السنين الضوئية. قيادة أمريكية وحلف إمبريالي, أطلسي, و عالمي, توسعية حقيرة, تدعي جلب الديمقراطية و الحرية المزيفة على متن البوارج و الطائرات الفانتوم, و ألاف 16 و غيرها, و قنابلها الحارقة للشعوب و للحرية و الديمقراطية و أمالها و قوٌتها و قوتها, و حياتها.
فمن صدام ونظامه الفاشي, أصبح عندنا صدامات و صِِدامات لا تتفق فيما بينها آلا على سرقة لقمة الشعب و حريته.
الشعب العراقي, يا رفاقي, لا و لن يقبل الخضوع و السكوت رغم الجوع و القهر و الظلم, و الفقر, و مجالس الحكم, و كل شيء كل شيء.
الشيوعي العراقي الحقيقي, أيها الرفاق, كما قاوم في الماضي قبل نظام صدام و خلاله في زنازين الشرف و الصمود و الوطنية الأسيرة و المقاومة. و كما قاوم الموت و الإلغاء و الإعدامات و التعذيب و النفي و كانوا مثالا لكل الرفاق في العالم العربي و العالم أجمع. فكيف بهم اليوم أن يحصدوا بعد كل تلك السنين من النضال بعض الكراسي الكرتونية في مجلس انتدابي لا حول له و لا قوة, غير العمالة, و مع من؟؟؟
الحجج و الفلسفات و التفسيرات كثير, أعرف, و لكن كل الحجج و الفلسفات لن يقتنع بها شعب العراق و الشعب العربي, لن يقتع بها الرفاق في العالم العربي و العالم أجمع.
الجماهير العراقية التي نبعنا من عمق نضالاتها, و عذاباتها, وآلامها, و أمالها, تهذي اليوم م حكم السلاطين و من بؤس الملايين, ستبتعد عن حزبنا الشيوعي العراقي بعد إن خرج, أو أخرج, أو أخرجته منها, و عندها تبقى الساحة الشعبية فارغة, يلهو فيها أرباب الطوائف و الأحزاب العنصرية و القبائل و القوميات الضيقة و الإسلام السياسي و الغزاة و الجنود و ألاف أجهزة المخابرات العالمية و الصهيونية, و غيرها.
يا رفاقي, من حبنا لكم, و وحدة نضالنا, و حرصنا على تاريخنا و فكرنا و شعبنا و حزبنا, نبعث لكم هذا النقد عسا ان تراجعوا الحسابات و تنظروا من الأسفل, من عمق الشوارع و الأحياء الفقيرة, و الحارات الزنازين, في بغداد و البصرة و الموصل و النجف و غيرها.
أيها الرفاق, نعرف جيدا أن ألازمة سرطانية الحل و لكن, الاحتلال مرض أخبث بكثير, دواه المقاومة الشعبية و ليس مجلس اللا حكم الاستسلامي.
فلنتعلم من أساطير فيتنام, و بيروت, و كوبا, و فلسطين, و غيرها...
ففي بيروت, مثلا رفاقكم في الحزب الشيوعي اللبناني, و من عمق الإحباط و الخسارة و الأنقاض, و انسداد الأفق و الأمل بعد الاجتياح و احتلال و سقوط بيروت, أطلقوا المقاومة الوطنية اللبنانية, و قاوموا و دحروا الاحتلال, و رفضوا الدخول في أي نظام حكم, أو في أي اتفاقيات الذل و الخيانة بين أرباب الطوائف و الأحزاب اليمينية و اليسارية و الدينية, و غيرها. هل تذكرون اتفاقية 17 أيار؟ وغيرها الكثير, اتفاقيات علنية و خفية, و في النهاية تحررت بيروت, و تحرر الجبل و الجنوب. مقاومتنا أطلقناها وطنية شاملة و ليس فقط شيوعية, مقاومة لبنانية وطنية ضد عدو واحد شرس, هو نفسه اليوم عندكم, مقاومة ضد الصهيونية و الصهاينة, و حلف شمل الأطلسي, الذي أصبح عالمي لا شمال له و لا جنوب, ضد قوى النظام اللبناني و أحزابه العميلة العنصرية الفاشية.
و اليوم في العراق, العدو نفسه, و نحن نتراجع أمام تقدمه؟ أعرف جيدا أن الأزمة عالمية و التجربة صعبة و لكن شعبنا العراقي تزوج الحرية و عشق النضال, و اعتنق المقاومة, حتى التحرير و التحرر.
حركة التحرر العربية و العالمية في أزمة عقيمة و عليلة منذ سنوات, و لكن هذه الحركة تراهن اليوم على أملين فقط,
الأول: الجبهة الوطنية الشعبية في انتفاضة شعبنا الفلسطيني الباسل و مقاومته وحيدا و بأقل الوسائل المتاحة و المتوفرة, أمام اشد و أقوى أعداء الإنسانية و الشعوب, فيفتح صدره و يهجم بكل شجاعة بطولية تاريخية, ليواجه رأس حربة الإمبريالية العالمية, ألا و هي الصهيونية, الرجسة النذلة و الوحشية.
و الجبهة الثانية: المفتوحة اليوم هي جبهة المقاومة العراقية. فلا تساهموا, يا رفاق, بانسحابكم منها, بان تتحول إلى مقاومة طائفية, أو عرقية, أو دينية, أو حزبية واحدة, عير محددة الأهداف و التوجهات. نعرف جيدا, إن اذلام النظام الساقط, منهم من تحول إلى عسكر في ألوية الاحتلال و منهم من يقاوم و يدافع, و بين الاثنين اختار الفريق المقاوم, لكي لا ينتصر الاحتلال, و لان عودة النظام مستحيلة, فلا حجة للمتخاذلين و المترددين و الجبناء أمام خيار المقاومة.
فلنتعلم يا رفاق من تجربة بيروت و تجربة المقاومة الفلسطينية, التي تناست و تخطت بوحدتها, الخلافات الداخلية و حاربت محاولات الأوغاد بإشعال فتيل و نيران الحرب الأهلية و الاستنزاف الداخلي, المدمرة للجميع و لأمالنا و أهدافنا, و عندها يكون النصر الفعلي للاحتلال و كلابه وعملائه.
فلنغسل تاريخ نضالنا من عمالة أعدائنا و مجالسهم الحقيرة المعاقة.
فنحن جنود الأمة, نعيش لتعيش الأمة, و يا لذلنا بموت الأمة. فنحن السور الصامد أمام أي شكل من أشكال الاحتلال الانتدابي أو العسكري, الخارجي أو الداخلي, و لن نستسلم.
أيها الرفاق, كي لا يقولوا أن الورد الأحمر لا ينبت في بغداد, كي لا يقولوا أننا نزعنا من ذاكرتنا صورة همجية أعداء التاريخ و الإنسانية و الشعب, كي لا يقولوا إننا نسينا عذابات رفاقنا الشهداء و الأسرى, في زنازين الأنظمة العميلة الفاشية الظلامية, و على جبهات النضال, كي لا يقولوا إن الشيوعيين العراقيين عملاء الاحتلال و الأمريكان و الإمبريالية, كي لا يقولوا إننا نمشي خلف الدبابات الصهيونية الأمريكية على أجساد المقهورين و الأطفال, كي لا يقولوا إننا اقل نصرة لشعبنا من ملايين البشر الذين تظاهروا في كل المدن ضد الحرب, من اجل كل ذلك...
فلنكتب على كل حائط, على كل زنزانة, على كل بيت, و في كل الشوارع, بالدم حرية, حرية, حرية....
يقول الشهيد العلامة الرفيق حسين مروة, تلميذ العراق, بعد حصار بيروت, ( ربما لسنا أقوى من أمريكا, و لكننا لسنا اضعف من فيتنام).
و أنا أكيد, إن الشعب العراقي ليس اضعف من لبنان و فيتنام معا.
للحرية و التحرر طريق واحدة, خطها رفاقنا الشهداء بالأحمر, و هي طريق المقاومة ضد الفاشي ست و الاحتلال معا. و لكي لا يتحول عراقنا إلى زنزانة كبيرة تغير فيها اسم الحارس و الجلاد. و المستضعف واحد هو شعبنا, و أرضنا.
مقاومة, مقاومة, مقاومة.
المجد للشهداء و الحرية لأسرى الحرية.
الشيوعية أقوى من الموت و أعلى من أعواد المشانق.

الدكتور جان الشيخ
فرنسا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ