الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد ... ونرجسية المافيا وانتقام الجبناء

ابراهيم الداقوقي

2004 / 5 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


– رئيس تحرير ( عالم الغد ) - فيينا
بغداد ، يا عذراء سومر ...حالمة الاحداق ، حوراء العينين... التي كانت تسبح في غلالة من نور في مياه الرافدين ، دون وجل او حياء امام انظار عشاقها المتيمين بدرّة الشرق وعروسة المدن العربية وعاصمة العلم والثقافة ومنهل الشعر والشعراء .... الى ان اغتصب صدام حسين الحزب والسلطة والدولة ، ثم اغتصبها ووهب بقاياها لبقية اعضاء المافيا المتحكمة بالعراق .
وقد شجع اغتصاب صدام وزمرته لبغداد العظيمة والجميلة ، مافيا رعاة البقر والقتل والنهب والتدمير لإعادة اغتصابها مع شقيقاتها واخوانها واعمامها وخالاتها مرات ومرات بعد غزوهم للعراق ولكنها– رغم المحن التي حلّت بها والقتها بين مخالب الوحوش الضارية من شذّاذ الآفاق ومافيا الارهاب الداخلي والخارجي – لمـّا تزل تحتفظ بشموخها وتحديها لهذا الزمن الردئ الذي القى بها في اتون الذل والمهانة نتيجة الحروب العبثية لـ ( القائد الضرورة ) التي اتت على ثروات البلاد وشردت اولادها البررة وعلماءها الافاضل على ارصفة القارات الخمس ، يشكون العوز والغربة " بعد ان ابتلعت قرية صغيرة دولة غنية واسرت اهلها وسلبت ارادتهم وزيفت مثلها " لتترك ما تبقّى – بعد ذلك – لنرجسية زعماء المافيا الداخلية والدولية لتغتصبها او لتنهبها او تدمرها او تحرقها امام سمع وبصر قوات الاحتلال الانكلو – امريكي وبمشاركتهم .
نعم ... اننا مشتاقون اليوم الى الاهل والاحباب ، والى ليالي بغداد العبقة باريج القداح والشابوي ورائحة السمك المسكوف ورز العنبر ونخيل العراق الشامخة ’ شموخ العراقيين الاباة في شارع ابي نؤاس ، ذلك الشاعرالماجن – العالم الفاضل – الذي قال :
وقل لمن يدّعي للعلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك اشياء
ولكن ، هل غاب عن اذهان المثقفين شئ من تلك الاشياء الكثيرة ، وهم يتذكرون ماساة العراق في عهد الرئيس القائد (البطل ) صدام حسين والمافيات المؤتمرة بأمر القائد الضرورة لاستعمار العراق داخليا والذين استدعوا الاستعمار الخارجي لمشاركتهم بتدمير بغداد الكبيرة بما فيها من بشر وحجر ، لاسيما بعد القاء القبض عليه بائسا ومشردا ووحيدا ، كالجرذي الابله في جحر العنكبوت ؟
نعم ، ثمة امر حيوي سها عنه معظم المثقفين – عراقيين كانوا ام عربا ولكن تنبه له الاجانب – بعد انتهاء غزو العراق ، وهو : هل ان خروج صدام حسين من اللعبة الدولية ، الذي لم يكن هو كاتب سيناريوهاتها وانما كان اللاعب الاساسي فيها ، كما يقول اولئك المثقفون الاجانب من الاميركيين والالمان والاتراك ، ومن ثم محاكماته ... ستكشف سلسلة الوقائع الظاهرة والخفية لأحداث 11 سبتمبر الارهابية ، وما تبعها من خطوات وآليات واستراتيجيات دولية ، لا تزال بلدان الشرق الاوسط الكبير تعاني منها ؟
لا نعتقد – كما اكد اولئك الاجانب – بان صدام حسين المولود قبل الشيطان بعشرة ايام – كما يقول احد المثقفين العراقيين - وافكاره المافياوية النرجسية ذات الانسجة العنكبوتية ، المغلفة بالاسرار والقابعة في الانفاق المظلمة من تلافيف مخه المتحفز دوماً للاساءة الى الآخر ، والتي لا تخدم غير اهدافه ( التاريخية ) النرجسية المتغطرسة واحقاده وشهوته للانتقام من الاخرين– وفق قوانين المافيا واخلاقياتهم : الموت للمعارض الذي يفتح فاه للكلام ومحاربة المبادئ والقيم ، والغدر والخيانة والتجسس - ستجعله يكشف شيئا من تلك الاسرار التي غلفت مسيرته او حياته او خفايا حروبه العبثية لصالح الاخرين . هذا في ما اذا اتيحت له فرصة تلك المحاكمة وفق الظروف الاعتيادية البعيدة عن سيناريوهات القاء القبض والفحص الطبي المهين والتحقيقات الجارية مع عتاة خبراء دائرة المخابرات المركزية ، اصدقاء الامس واعداء – ظاهريا – اليوم ... قبل ان تسقط به طائرة النقل ، او يقوم احد السجناء – كما فعل هو برفيقه القديم في السجن – باغتياله انتقاما لما جنت يداه من الجرائم والآثام .
اما سبب ذلك الاعتقاد الراسخ " فلأن صدام حسين – الذي نشأ في احضان الغرب – وتعهدته اميركا وفرنسا والمانيا بالمساعدات التقنية والعسكرية ، حتى جعلت منه بطلا قوميا مرهوب الجانب ، لاستخدامه في حروبه العبثية ضد الاخرين لتبديد ثروة الشعوب : العراقية والايرانية والكويتية ولتحطيم آمال شعوب المنطقة في تحقيق التنمية البشرية للانعتاق من العبودية والاستلاب والهيمنة .... سوف يلتزم الصمت لسببين : باعتباره اسيرحرب وفق اتفاقيات جنيف – كما اراد له الاميركيون - ولانه " وفق تقديراته الخاطئة للمواقف السياسية والعسكرية " كما قالت صحيفة نيوز النمساوية ( 31/ 12/2003 ) في تحقيقها الخاص من بغداد بعد القاء القبض عليه " لاسباب تتعلق بقناعاته بان الاميركيين سوف لن يغدروا به بعد الخدمات الجليلة التي قدمها لهم طيلة حكمه الذي استمر 35 عاما مستمرا . بل لقد حقق " القائد الضرورة " للولايات المتحدة ، من خلال حروبه – لحساب الآخرين – وتهديده لدول الجوار والزعماء العرب ، ما لم يحققه لها جورج واشنطن – مؤسس الولايات المتحدة الاميركية – من المكاسب ( انظر مقالنا: النفوذ الغربي في الشرق الاوسط / قضايا دولية – العدد الصادر في14 / 10 / 1996) لأنه :
1 – جعل الولايات المتحدة تستوطن في الوطن العربي ، من الخليج الى المحيط ، في وقت كانت فيه شعوب المنطقة كلها " تندد بالامبريالية الامريكية ومساندتها للحكام المستبدين والعنصريين وتدخلها في شؤون العالم النامي وتأييدها الدائم لاسرائيل .
2 – كان سببا في وضع بترول الشرق الاوسط الكبير – بالمفهوم الاميركي – الممتد من نواكشوط غربا حتى طاجيكستان شرقا - تحت احتكار واشنطن وشركاتها العابرة للقارات ، بحجة حمايتها من عدوان صدام حسين .
3 – شراء الدول العربية لكافة انواع الاسلحة الاميركية التقليدية المتراكمة في مخازن الاسلحة الاميركية . فقد بلغت قيمة مشتريات الكويت منها فقط حوالي 27 مليار دولار . كما اتاحت حروب صدام حسين لامريكا بتجربة اسلحتها الحديثة والالكترونية في مناطق العالم العربي المختلفة .
4 – . كما انه قام بحل القضية الفلسطينية !!! خلال حرب الخليج الثانية ، بعد ان ضرب اسرائيل بعدد من الصواريخ المحشوة بالزلط ( الحصو الناعم ) وكما شاهدها الكاتب انيس منصور في تل ابيب واكدها في صحيفة الاهرام ( 28/12/2003 ) فحلّ عقدة المفاوضات العربية – الاسرائيلية بتلك الصورة المذلة، فكانت التنازلات العربية المهينة من جهة والغطرسة الاسرائيلية في العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني الاعزل ودول الجوار من جهة اخرى .
.ومن هنا فقد كنا نعتقد جازمين بان امريكا سوف لن تشن الحرب على صدام حسين - وهو الامر الذي اكده اقرب المقربين اليه بعد القبض عليه - ارضاءا لنرجسته ورغبة في التمثل بزعماء العالم العظام من دعاة الوحدة ( بسمارك مثلا ) او اعجابا بالدكتاتوريين الطغاة ( هتلر وستالين ) لتحقيق الوحدة العربية ولو بالقوة الغاشمة . بل وحتى في حالة غزوها – أي اميركا - للعراق فان صدام حسين سوف لن يقتل – وقد يقتل احد اشباهه الستة للتمويه - ولن يصاب باذى ، وانما ستشن الحرب ضد الشعب العراقي الذي وقف ضد الاستعمار الغربي منذ العشرينات : بثورته ضد بريطانيا العظمى عام 1920 وتأميمه لبترول العراق ولانه هو الشعب الوطني والمقدام والمؤهل – اذا ما توفرت له القيادة الوطنية المخلصة – لتحقيق التنمية الحضارية للعالم العربي وقيادته نحو التقدم والرقي . وقد كانت اعتداءات الجنود الامريكيين الوحشية واساليبها غير الانسانية ، على السجناء العراقيين واغتصاب الاطفال والعجائز من النساء ، التي فضحتها الصحافة الاميركية – بتسريب من سي . آي . ايه او الجهات الاخرى نكاية ببوش الابن وطاقمه المتحكم بالشعب الاميركي – خير دليل على الحقد والنرجسية وبقايا اخلاقيات رعاة البقر الاوائل في تعذيب الاخر المعادي من جهة ، وعلى روح المافيا الشريرة المتحكمة بنفوسهم للانتقام من الشعب العراقي الوطني والنبيل والمكافح من جهة اخرى . انها صورة اخرى من صور الديموقراطية التي تريد الامبراطورية الاميركية تعميمها على الشعوب العربية – الاسلامية في الشرق الاوسط الكبير الممتد من الاطلسي غربا الى جدار الصين شرقا ومن البحر الابيض المتوسط شمالا الى اندنوسيا جنوبا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قمر الطائي من انطوائية وخجولة إلى واثقة بنفسها ??????


.. قصص مؤلمة في كل ركن.. شاهد ما رصدته CNN داخل مستشفى في قطر ي




.. بين طلبات -حماس- ورفض نتنياهو.. كيف يبدو مشهد مفاوضات وقف إط


.. ماذا يحدث على حدود مصر فى رفح..




.. اشتباكات في الفاشر تنذر بانطلاق المعركة الفاصلة بدارفور