الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علمونا قبل ان تضربونا

محمد جهاد

2004 / 5 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لم اكن قد تجاوزت العاشرة من العمرعندما بدأت علاقة الحب تتوطد بيني وبين الكلاب فهي مخلوقات وديعة جميلة ذكية وفوق كل هذا و ذاك فانها تتميز بالوفاء. الوفاء الذي لم يكن قد قدرنا اهميته في هذه السن سواء في مفردات الحياة اليومية العادية او في مسلسلات بيع او خيانة الوطن. لم تسنح لي الفرصة قبل ذلك اليوم برعاية اي صنف منها اذ ان الاهل كانوا يصرون بعدم استضافتها في دارنا لانها مزعجة ولانني كنت اقوم بالواجب بدلا عنها حسب رايهم. ليس المهم ان يشبوهنني بهذا الحيوان الفذ الذي يتخذ له وطنا من بقعة ارض يتبوّل عليها ثم يدافع عنها ويحميها بكل تفانٍ و اخلاص بل ان لي الشرف ان أشبّه بتلك الفصيلة الوفية . كانت منتصف العطلة الصيفية للمدارس وها انا بصحبة الجار واولاده الذين يساعدون ابيهم غير مخيّرين بادارة محل صغير للمرطبات التي لاغنى عنها في صيف بغداد. ترك الوالد المحل ليتمتع بقيلولة الظهيرة المقدسة معتمدا على جاره بائع الصحف في مساعدتنا عند الحاجة وغادر. توقف تائها يبحث عن امه او عن من يرعاه جرو صغير يضاهي في جماله اجمل جميلات السينما العالمية في نظري. دقائق حتى صاحبنا بفضل المرطبات الغنية بالحليب والزبدة التي قدمت له من المحل والتي تسببت في اعلان الخسارة لذلك اليوم. كان لابد ان نزيل عن فروته بقايا تلك المرطبات التي قررهو ان يداعبها لاطفاء حر صيف بغداد. الاقرب هو المسجد الذي تركت ابوابه مشرعةً لاستقبال القادمين لاداء صلاة العصر، و روّاد هذا المسجد كانوا من ارقى الطبقات الاجتماعية في مدينة بغداد وما زالت كذلك. على احدى منصات الوضوء استقام الجرو ونحن نصب عليه الماء بهدوء كي لا نزعجه حتى اندفع المصلون الوقورون من كبار السن داخل المسجد و وقعت الواقعة. صرخ احدهم من بعيد بعد تأكد من انه كلب و كأنه يؤذن بالناس "الله اكبر" وردد بعضهم من ورائه نفس الجملة لكن بشيء من الفوضى. لم تكن تلك الهتافات لان احداً بشرهم بتحرير القدس ولكني تأكدت من اننا قد مارسنا عملاً سيئا لان الاحذية كانت تنهمر على رؤسنا من رواد المسجد الشرفاء ومن كل الاتجاهات. غادرنا المسجد بأعجوبة تاركين رواده يطاردون هذا الجرو المسكين الذي تعالت صيحاته من هول ارتطام الاحذية بجسده الناعم و كأن الصهيونية تمثلت به وهاقد جاء الرد على نكبة فلسطين فابشروا يا عرب.
هل كنا نستحق كل ذلك؟ الم تكن هناك فسحة للحوار؟
أليست ثقافتنا وتربيتنا عموماً من انتاج هذه المدارس.
محمد جهاد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج