الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متوالية، بين نقل وعقل

محمد علي ثابت

2009 / 9 / 4
الادب والفن


أتدري ما الخَطْب؟
هناك حقل أهلكه الجَدْب
وساحات صارت خلاء
وحَانةٌ لا أثرَ فيها لشُرْب
وأفكارٌ تغدو وتروح
فتعلو بك، تارةً، الصروح
وتفتك بك، تارةً، جروح
وبين النقيضين،
تسعى لتلملم شتات الروح
فتكتشف، آسفاً، أن زمانك صعب
وأن التحليق، عالياً وراء الغيوم، عيب
وأنه كان عليك أن تئد في داخلك الريب
أن تُخْمِد جذوته
أن تلعن أيامه
أن تعلن خنوعك
وتتقرَّب بدموعك
وأن تَقْبَل في العَرض بدور "شِبه الكائن"
وأن ترتحل لتعلن توبتك في أبعد المدائن
وأن تسعى لتدجين فلول العُصاة معك
ولا مانع من أن تنصب لهم الكمائن
ومن أن تمَنِّيهم بما تعج به الخزائن
مما يلمع،
ومما يُحصى..
لمن يرجع
آبياً أن يُقصى
لمن يقول لأمانيه أن ارحلي
لمن يدفنها في أعمق غور
ثم يهيل التراب والعَفَن عليها
متظاهراً بأنه بذلك جِد مسرور.
لمن يقبل الاستتابة
مما جُرم جناه بالكتابة
أو مما اقترفته بنات شفتيه.
لمن يقف ذليلاً بباب الكاهن الأعظم،
ذلك الأقوى، الأكثر تجبراً، والأكرم،
فيعلن أمامه التوبة الأخيرة
ويصب على زمان الغيّ اللعنات
ويدعو على رفقاء الضلال الذي فات
بالقيظ
وبالغيظ
وبتلك الحيرة التي، من فرط قسوتها، تقتل
عقاباً على ما أعْمَلَ وما كان يجب عليه أن يُعْمِل
وانتقاماً من الاجتراء على تحدي الأقدار
والمجاهرة بطرح جديد التأويلات والأفكار
أو لِنَقُل: انتقاماً من الاجتراء على مخالفة الأغيار
وعلى التشبُّه بالعُصاة والأشرار
وعلى جموح ما كان يجب أن يكون
وسعي للاطلاع على سِر لا يجلب سوى الجنون
ولانفتاح على عالم آخر، ربما يكون أكثر "حقيقية"،
كان يجب أن يظل رهن السكون
والهدف من ذلك كله:
أن يبقى كل شيء على ما هو عليه،
على ما يرام،
كما أُوُرِثْتَهُ.
ووقتها:
ما كنتَ لتَخْبُر الآلام
وما كنتَ لتُجَرِّئ غيرك على الأحلام
وما كنتَ لتُحْبَس ذلك الحقل اليابس
ولا تتيه في تلك الساحة الغامضة الخالية
ولا تُنْْسَى في تلك الحانة التي كان يشيع فيها الطرب
ولا تصعد بحَجَرِك ذلك الجبل الشاهق،
ولا ترمق بطرفك البيت السامق،
اللذين لطالما أثارا فضولك وريبتك.
وكان الجو سيبقى أبداً صافياً
والسماء لا تغيم أبداً،
أو هكذا كنتَ ستظن
وما كنتَ ستُجْبَر على أن تصب على كل من خالطتَ اللعنات
ولا أن تزرع، من جديد، سكوناً محل الهمهمات
...
...

إنه خَطْب كبير، كما رأيت..
تعاني منه؟ وفي السابق منه عانيت؟
أم أنك به أبداً ما باليت؟
وماذا عمن يشتكون همومهم منه إليك؟
أتسخر منهم؟
أتظنهم مجانين،
وحفنة من المضلين؟
أم أناساً يعانون الفراغ،
ولديهم عطب بالدماغ؟
أم أنك لم تسمع أبداً بهم،
ولم تكترث أبداً بخَطْبهم؟
أو لعلك، على طريقة الفلاسفة،
لا تعترف بوجود خطبهم أصلاً!
كل هذا لا يهم..
المهم أن تعيش،
تأكل وتشرب وتُخرج الفضلات
تنام لتصحو، وتصحو لتنام
أن تعمل وتكد، وتتكاثر في الأمسيات
وأن تجد في وسط ذلك وقتاً لبعض الأحلام:
أن تحلم بأن تأكل أكثر
وتشرب أكثر
فتخرج فضلات منك أكثر
ثم تنام أكثر
وتجني في الصحو متاعاً أكثر،
ولا يهم بعد ذلك أي شيء..
فمتى تحققت الأحلام،
أو متى لاح لك جديدها،
أو هطلت عليك المكارم من سيدك – في العمل، مثلاً – المجهول،
فلا تصبح بحاجة إلى استمطار المؤن من جديد،،
متى تحقق ذلك كله، أو قدره غير اليسير
لا يتعين عليك أن تنشغل بسواه أبدا
ولا أن تطلب بعد ذلك مددا..
أما الحبلى عقولهم بالترهات
والضاجة ضمائرهم بأفكار تستحضر اللعنات
فدعهم وما يُسوون
وإياك أن تقلدهم
كيّ لا يصيبك، ذات يوم، الخطب
وتعرف معنى جديداً للكَرب
ما أنت بأهل له
...
...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي