الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلك المرأة

خيري حمدان

2009 / 9 / 5
الادب والفن



تجاوزت الثلاثين بأيامٍ قليلة، نظرت إلى المرآة وشاهدت نقطة سوداء في أصل عينيها. تُرى، هل شاهدها آخر حتى تلك اللحظة.
حضر إلى البيت نزقاً ومتعباً. قال بأنّ رتابة العمل تقتله، وكانت قد حضّرت له طبقه المفضّل. كانت تعرف المقادير التي يعشقها، والبهارات والتوابل التي يسيل لها لعابه.
- مالح!
قطّب جبينه على غير عادته، نظرت إلى عينيه مجدّداً. تُرى، هل يرى النقطة السوداء في عينيها، قد تكون قد امتدّت مساحتُها. يبدو بأنّه لم يلاحظ شيئاً حتى الآن.
- هل هذا جيّد؟ هل أخذت الشيخوخة تعصف بخلاياي وأنا ما زلت في قمّة الأنوثة والعطاء؟!
تلك الليلة لم يتجاوز جسدها كعادته. وما أن انتهى من حشرجاته المتسارعة حتى غطّ في نومٍ عميق. سارعت إلى المرآة وكانت النقطةُ السوداء قد أصبحت بقعة .. يمكن الآن تمييزها بالعين المجرّدة. أصيبت بالهلع وسارعت إلى الفراش، لكنّ عيناها لم تعرفا طعم النوم والراحة تلك الليلة.
في الصباح ذهب ليغتسل وليزيل أثر الشيطان عن جسده.
- هل أنا صورة أنثوية للشيطان؟
نظرت إلى المرآة وشاهدت بقعة سوداء كبيرة تملأ عينيها. كان السواد قد غطّى المكان من حولها، لم تعد قادرة على مشاهدة اللون الأخضر والأحمر والأصفر والأبيض والأزرق!
أطلّت من النافذة، الشارع يعجّ بالمارّة، شابٌ وسيمٌ يعتلي درّاجة هوائية، توقّف للحظة، تأمّلها جيّداً، ابتسم لها ولوّح بيده ثمّ قذف لها بقبلة بطرف أصابعه ومضى في سبيله.
عادت إلى غرفتها، أصبح بإمكانها أن تميّز الألوان ثانية. شعرت بالفرح يملأ قلبها.
"هاهو الأصفر لون الحبّ يعاودني والأخضر رمز السلام يناجيني والأبيض لون قمصاني يناديني."
خرج الزوج من الحمّام، نظر من خلالها إلى المرآة وكان كرشه قد كَبِرَ قليلاً، قال بأنّه وجاهة ضرورية. أمعنت النظر إليه، لكنّها وبرغم كلّ محاولاتها الجاهدة، كانت تشاهده وسط ألوان الحياة غارقاً باللون الأسود فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجنازات في بيرو كأنها عرس... رقص وموسيقى وأجواء مليئة بالفر


.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا




.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا


.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو




.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا