الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات الفلسطينية من مأزق الى حل

فاطمه قاسم

2009 / 9 / 6
القضية الفلسطينية


الانتخابات، كجزء رئيسي من منظومة الديمقراطية، ظلمت كثيراً وما تزال تظلم على يد التراشقات الجارية في الساحة الفلسطينية، لأن السهام وجهت إليها، بينما ليست هي المشكلة في حد ذاتها، وإنما هي التي كشفت عن وجود الخلل في النفوس والعقول، وكشفت عن المخبوء في الصدور، والكامن في النوايا.

اليوم،
تعود الانتخابات إلى واجهة الجدل الأولى، بين من يريدونها أن تكون هي الحل، وبين من يريدونها أن تظل هي المشكلة، مع العلم أنه لم يعد أمام الأطراف أي هامش من الوقت، فالكل مدعو أن يقول كلمته الخيرة، وأن يوضح نواياه، وأن يحضر نفسه للمهمة التي ليس بيننا وبينها سوى شهور قليلة، وهذه الشهور الأخيرة يلزمها تحضيرات تقوم بها اللجنة العليا للانتخابات، ويلزمها محاولة اخيرة على صعيد الحوار الوطني الذي يمكن أن يتم انقاذه من الفشل إذا ارتفعت درجة الانتماء الوطني ولم يتمسك الاطراف بالرهانات الوهمية أو عملية الابتزاز أو صدى المحاور المتناقضة، ولكن يمكن القول بكل ثقة أن معركة الانتخابات الرئاسية والتشريعية قد بدأت بالفعل، وأن حتى بعض الأطراف المترددة من المشاركة فيها علناً وبشكل مباشر، ستكون مضطرة إلى المشاركة فيها بالسر وبطريقة غير مباشرة، وأن بعض الأطراف الذين يعلنون أنهم لن يسمحوا بها بدون اتفاق مسبق، ربما تفسر تصريحاتهم بأنها مجرد محاولة لإعلاء سقف المكاسب ليس إلاّ.

الانتخابات أصبحت موضوعاً ضاغطاً على جميع الأطراف، فالذين ارتكزوا إليها وإلى نتائجها في مطلع 2006 ليقولوا أنهم على حق، وأن برنامجهم هو المطلوب، وأن من حقهم أن يأخذوا فرصتهم حتى ولو على حساب الصعوبات التي واجهها الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، وهي ظروف وصلت إلى حد الانقسام والحصار والحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية، لا يستطيعون الآن أن يهربوا من استحقاقاتها ونتائجها كيفما تكون.

ثم إن الانتخابات في مواعيدها هي بمثابة رد الأمانة إلى أصحابها لكي يقولوا كلمتهم الفصل من جديد، فالتجربة ماثلة للعيان، والكل يفسر ويأول على هواه، ولكن كل ذلك سوف يصل إلى أصوات الناخبين التي ستوضع في صناديق مغلقة وعالية الشفافية، فمن ينجح فليتحمل المسئولية، ومن يفشل فليكن في صفوف المعارضة، لأن المعارضة هي جزء أصلي من منظومة الديمقراطية، زمن النظام السياسي الفلسطيني الكامل.

هناك مشكلة ورثت جراحا،
وترك المسألة بلا حل معناه التراجع والموت المؤكد، وهذا ما لن يقبل به الشعب الفلسطيني، بل إن الظروف الموضوعية المحيطة بنا لن تقبل استمرار بقاء المسألة بلا حل، إسرائيل وحدها هي التي تريد استمرار المشكلة، وإسرائيل وحدها هي التي تريد فقدان الأهلية الفلسطينية حتى تستغل عدم الأهلية بالهروب من أي التزامات تتعلق بحقوقنا الفلسطينية التي أصبحت ضاغطة أكثر على إسرائيل بسبب آليات الموقف الدولي الذي يريد دولة فلسطينية.

والمنقذ الوحيد من هذه المشكلة الشائكة هو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها في يناير القادم، وتحديداً في الخامس والعشرين من يناير 2010م، فإن جاءت هذه الانتخابات من خلال الحوار في جولته القادمة بعد عيد الفطر السعيد فهذا شيء رائع، ولكن إن فشلت محاولات عقد الحوار، أو عقد الحوار فلم ينجح، فإن استحقاق الانتخابات سيظل قائماً وملحاً وفي المرتبة الأولى للحل.



على وجه الخصوص:
فإن الانتخابات على المستوى القانوني والدستوري يمكن عزلها تماماً عن تداعيات الانقسام، فلها لجنة مركزية محايدة، ولها قانون انتخابي، ولها نظام أساسي ترتكز إليه، ولها ضرورات وطنية وسياسية تحتمها، ولذلك لا يستطيع طرف أن يحتج بعدم إمكانية إجرائها، فلماذا يحتج أي أحد باستحالة الانتخابات؟ لقد سبق وأن أجرينا انتخابات للبلديات في عام 1976 تحت ظل الاحتلال، ولم يكن هناك سلطة وطنية، فلماذا لا نجريها الآن.

وقد جرت انتخابات عام 1994 والاحتلال موجود على قدم وساق في الضفة والقطاع، وكان قطاع غزة وقتها يرزح تحت وجود الجيش الإسرائيلي وحوالي اربع وعشرين مستوطنة، فهل كان الوضع آنذاك في ظل وجود حواجز الجيش وفي ظل وجود المستوطنات أحسن منه الآن حيث لا جيش إسرائيلي ولا مستوطنات؟

الدفوعات السياسية والقانونية والأمنية التي تطرح كوجهة نظر ضد قيام الانتخابات لم تعد مقنعة، بينما الضرورات الملحة لإجراء الانتخابات أصبحت راسخة في العقل والضمير الفلسطيني.

الانتخابات هي نوع من التحدي الوطني، فالاحتلال يريد لجرح الانقسام الفلسطيني أن يظل ينزف، ونحن نريد أن يلتئم الجرح عن طريق اللجوء إلى شعبنا ليقول كلمته في انتخابات نزيهة يشهد لها العالم، فلماذا يخاف الناجحون في الانتخابات إن كانوا واثقين من أنفسهم؟
ولماذا يخاف الذين خسروا الانتخابات ماداموا قد ارتضوها وسيلة دون سواها لتداول السلطة؟
نحن على موعد، والموعد يقترب، وأفضل لكل الأطراف ألف مرّة أن نشارك في الانتخابات، ونهيء لها، ونمهد الطريق أمامها، من استهلاك الوقت والجهد في استمرار تداعيات الانقسام.
فهل آن أوان عودة الوعي المفقود ؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على أرجاء قطاع غزة مع اشتداد المعارك في شرق رفح


.. أوكرانيا، روسيا، غزة: هل ستغير الانتخابات البرلمانية الأوروب




.. أوكرانيا: موسكو تشن هجوما بريا على خاركيف وكييف تخلي بلدات ف


.. لبنان.. جدل واتهام للمسرحي وجدي معوض بالعمالة لإسرائيل




.. متاعب جديدة لشركة الطيران الأمريكية بوينغ.. واختفاء مجهول لع