الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاوضات مع اسرائيل بين سباق الامل وسباق العمل

وجيه أبو ظريفة

2009 / 9 / 7
القضية الفلسطينية


بطريقة أو بأخرى بدأت عجلة المفاوضات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل في الدوران الي الامام ببطء شديد لكن بتقدم، حيث لا يمكن تفسير اللقاء بين وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني باسم خوري ونائب رئيس الوزراء وزير التعاون الاقليمي الاسرائيلي سلفان شالوم بعيدا عن مفهوم التفاوض، سواء التفاوض بالمغزى السياسي او التفاوض على تفاصيل الحياة اليومية للفلسطينيين والتي فرضتها اجراءات اسرائيلية عقابية، ايضا نتيجة توجه سياسي وليس مجرد تفاصيل اجرائية، كما ان قبول الرئيس ابو مازن لمبدأ اللقاء مع نتنياهو في نيويورك في الاسابيع المقبلة على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة بحضور الرئيس اوباما لا تبتعد كثيرا عن رغبة فلسطينية وان كانت خجولة حتي الآن في العودة الى طاولة التفاوض مع اسرائيل على امل ان يحدث اختراق في المفاوضات بين الطرفين خاصة مع توجه الرئيس الامريكي باراك اوباما لاعلان خطة للتسوية في الشرق الوسط في اجتماعات الامم المتحدة.
ان الاعتماد الفلسطيني على الأمل بتحقيق تقدم في المفاوضات - نتيجة التصريحات الامريكية حول اهمية وقف الاستيطان في كل الاراضي الفلسطينية المحتلة وتاكيدات الرئيس اوباما الاعلامية حول حل الدولتين وحقوق الشعب الفلسطيني – لا تدعو للتفاؤل، فاسرائيل تحكمها مجموعة من المتطرفين اقلهم تطرفا بنيامين نتنياهو وايهود باراك اصحاب المواقف المبدئية تجاه حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في انكار الحقوق الوطنية الفلسطينية وفي مقدمتها اقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 ورفض تقسيم القدس وعدم القبول بمجرد الحديث عن عودة اللاجئين، اي ان القضايا الاستراتيجية الرئيسية في قضايا التفاوض على الحل الدائم لا يمكن الاتفاق معهم بشأنها وهم الاقل تشددا في الحكومة الاسرائيلية، فكيف يمكن ان يكون هناك اختراق او تقدم في المفاوضات خاصة وان التفاوض الآن حول هذه القضايا، وسبق ان جربت السلطة الفلسطينية التفاوض مع الاثتين سويا وايضا كل منهم على حده عندما شغلا منصب رئيس الوزراء في اسرائيل.
كما ان السياسات الاسرائيلية ليس فقط تصريحات اعلامية او مناظرات تلفزيونية او شروط نظرية، فاسرائيل تمارس على الارض اجراءات لفرض رؤيتها للتسوية، فتهويد القدس وطرد سكانها العرب وتغيير الواقع الديمغرافي الحالي فيها وتغيير حتى الشكل الحضاري والثقافي والديني يتم بسرعة البرق، وتعيد اسرائيل يوميا رسم الحدود بحكم الامر الواقع نتيجة الاستمرار في توسيع المستوطنات خاصة الكبرى منها تحت مسمى التوسع الطبيعي، وتواصل التهام المزيد من الاراضي الفلسطينية وتواصل بناء جدار الفصل العنصري ليعمل على رسم معالم جديدة للدولة الفلسطينية التي تريدها اسرائيل، والتي لا تزيد عن كونها مجموعة من الكنتونات الفلسطينية المتفرقة في خضم بحر من المستوطنات والمستوطنين تربط بين هذه الكنتونات طرق وجسور وكباري ايضا تحت سيطرة اسرائيل.
ان المتتبع لما يجري على الارض يرى بوضوح ان اسرائيل تواصل مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية باجراءات عملية لفرض الحقائق الجديدة على الارض، والتي يصعب تغييرها يوما بعد يوم، وستستطيع اقناع المجتمع الدولي بالبحث عن حلول بديلة للتغييرات التي فرضتها بالقوة، مثل تبادل السكان وتبادل الاراضي وربما منح الفلسطينيين اراض جديدة لتوسيع دولتهم، ولكن ليس من اسرائيل بل من جيرانهم العرب، هذه هي المفاوضات الحقيقية التي يمكن ان تقبل بها حكومة اليمين في اسرائيل، استمرار التوسع الاستيطاني وبناء الجدار وتهويد القدس، ولا تمانع ان جملت هذه السياسات ببعض اللقاءات مع الفلسطينين لانها تدرك ان المفاوضات لا تتم فقط على طاولة المفاوضات او في اروقة الامم المتحدة او البيت الابيض بل ان المفاوضات الحقيقية تتم على الارض عبر استخدام قوة كل طرف على فرض متغيرات جديدة تغير من توازن القوه والصمود على طاولة المفاوضات، وتدفع الطرف الاضعف للتعاطي معها وتقديم التنازلات اللازمة لمعايير توازن القوة والاستجابة لمتطلبات الأمر الواقع الجديد.
ان المفاوضات واللقاءات المبنية فقط على الامل الفلسطيني في احراز تقدم، والاستفادة من الواقع الدولي الجديد عقب فوز اوباما برئاسة الولايات المتحدة الامريكية لا تغدو مجرد مطاردة لفقاعة من الصابون ستنفجر في وجه من يطاردها، فالواقع الفلسطيني مرير في ظل الانقسام والانفصال والاقتتال الداخلي وغياب الوحدة السياسية والجغرافية، والواقع العربي في اسوأ حالاتة، وبالتالي لا يمكن فقط المراهنة على تعاطف اوباما او غيره لتحقيق الحلم الفلسطيني، بل يجب العمل اولا على انهاء الانقسام واعادة توحيد الفلسطينيين والبحث عن وسائل لتقوية الموقف الفلسطيني ومواصلة النضال الفلسطيني ضد الاحتلال والاستيطان من اجل دفع اسرائيل الى القبول بالتفاوض من اجل الحل وليس التفاوض من اجل التفاوض، والا فان الحقوق الفلسطينية ستتآكل بين سباق الامل الفلسطيني وسباق العمل الاسرائيلي.
د. وجيه أبو ظريفه
الخبير في الشئون الاسرائيلية
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي متواصل على غزة وحصيلة القتلى الفلسطينيين تتجاوز


.. إسبانيا: في فوينلابرادا.. شرطة -رائدة- تنسج علاقات ثقة مع ال




.. من تبريز.. بدأت مراسم تشييع الرئيس الإيراني رئيسي ورفاقه


.. أزمة دبلوماسية -تتعمق- بين إسبانيا والأرجنتين




.. ليفربول يؤكد تعيين الهولندي آرني سلوت مدربا جديدا له