الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطالب النوبة بين الماضى والحاضر

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 9 / 7
حقوق الانسان


أبدى الرئيس مبارك تفهما لمطالب أهل النوبة وأصدر تعليمات صريحة بضرورة تلبية مطالبهم وأحدثت هذه المواقف وقعا طيبا فى نفوس أهل النوبة فى الداخل والخارج حيث استقبله أعضاء الجالية النوبية بواشنطن بباقات الورود. ما يثير الدهشة هو أن المرحلة السابقة شهدت أيضا تباينا فى الآراء التى تتعلق بطبيعة المطالب وأولويات تنفيذها وهذا التباين هو رد فعل طبيعى لتعدد قيادات النوبة والأصوات التى تعبر عن أمال الأهالى وطموحاتهم. الجدير بالذكر أن أحدا لا يستطيع أن يشكك فى وطنية وإخلاص هذه القيادات غير أن الطموحات الشخصية والولاءات الحزبية تجعلها أحيانا غير قادرة على كسب ثقة المواطنين. لقد شهدنا فى الفترة السابقة انفراجا للازمة حين اتفق الجميع على اختيار شخصية نوبية متزنة هو اللواء عبد الوهاب أبازيد الذى عقد عدة لقاءات مع المجموعات النوبية والتى أسفرت عن وثيقة تعبر عن المطالب الأساسية لأهل النوبة. وتوضح الوثيقة النوبية الأخيرة أن أهل النوبة يرغبون فى العودة إلى وطنهم الذى تم تهجيرهم منها فى الستينيات من القرن المنصرم. وهذه العودة تتطلب إعداد 41 منطقة تمثل القرى التى تركوها خلفهم. ربما يشعر البعض بالدهشة لأن مطالب النوبة كما هو مبين فى الوثيقة تختلف عن المطالب التى كانت مطروحة فى المراحل السابقة. والأسئلة التى تسنح فى الذهن هى: لماذا اتفق النوبيون على اختيار اللواء أبازيد لكى يمثلهم أمام الجهات الرسمية؟ ولماذا يطالب النوبيون ب41 منطقة بدلا من المناطق الست التى تم الإعلان عنها؟

لا شك أن اختيار اللواء أبازيد لقيادة المشهد النوبى يعد اختيارا سليما لأسباب مختلفة: أولا: اللواء أبازيد من أبناء النوبة ومن القيادات الأمنية المحترمة التى تولت مسئولية الأمن فى مواقع عديدة فى فترة حرجة ولا يمكن أن يشكك أحد فى وطنيته وولاءه. ثانيا اللواء أبازيد لا يتحرك من منطلق طموحات وأهداف شخصية يرغب فى تحقيقها، إذ إنه لم يعلن عن رغبة فى الترشيح لانتخابات قادمة وهو بذلك شخصية متحررة من القيود التى تكبل الآخرين. من المعروف أن بعض الشخصيات التى تحدث صخبا فى الساحة النوبية لديها أجندتها الخاصة وطموحاتها الشخصية التى تقف عائقا أمام التواصل مع مطالب الأهالى.

لا اعتقد أن مشكلة النوبة تكمن فى بناء منازل المغتربين التى تقاعست حكومات متعاقبة عن توفيرها بل المشكلة تتمثل فى جهل الكثير من المصريين بحقيقة تهجير النوبيين والظروف التى صاحبتها. لقد توصلت لهذا بعد قراءة تعليقات بعض المواطنين حول المطالب النوبية. من الملاحظ أن المشهد فى النوبة أشبه بمسرحية كوميدية ممزوجة بالتراجيديا، فالجاهل بجغرافية النوبة ربما يتساءل لماذا يطالب أهل النوبة بالعودة إلى 41 منطقة بدلا من المناطق الست حول البحيرة. قبل التهجير كانت هناك ثلاث مجموعات هى الفاديكا والكنوز والعرب وهذه المجموعات كانت تعيش على ضفتى النيل فى مناطق مختلفة تمتد من الشمال إلى الجنوب على امتداد 350 كيلومترا. وكان عدد قرى النوبة حوالى 41 قرية: 17 قرية فى الشمال للكنوز و 8 قرى للعرب و16 قرية فى الجنوب يقطنها مجموعة الفاديكا. هذه القرى موجودة الآن بمسمياتها القديمة فى منطقة التهجير غير أن المساحة التى تحتلها لا تتعدى 40 كم. الجدير بالذكر أن سكان النوبة فى هذه المنطقة موزعون بنسب متباينة بين هذه المجموعات الثلاث حيث تمثل مجموعة الفاديكا حوالى 8و57% والكنوز حوالى 7و32%. أما العرب فتتراوح نسبتهم 5و9%.

لقد كانت مطالب أهل النوبة فى الماضى القريب بسيطة بحيث لا تتعدى بناء منازل المغتربين التى فشلت حكومات متتالية فى إنهائها وكذلك إجراء ترميمات للمنازل الحالية التى شيدت فى مواقع ذات تربة غير صالحة للبناء. قد لا يعلم البعض أن الأهالى لم يتوقفوا عن المطالبة بحقوقهم مستخدمين كل الوسائل المتاحة من عرائض والتماسات غير أنهم لم يلقوا سوى التسويف أو المماطلة. ومع مرور السنين تغيرت الظروف وارتفع سقف الطموحات والآمال. فى الماضى لم تكن البطالة تحتل مكانا فى قائمة المطالب إذ كان الشباب يجدون وظيفة بمجرد إتمام الدراسة. أما الآن فإن نسبة البطالة ارتفعت ارتفاعا ملحوظا لدرجة أنها باتت تهدد السلام الاجتماعى، هذا فضلا عن أن معظم قرى النوبة لا تشتمل على ظهير صحراوى يستوعب الزيادة السكانية ومن ثم فإن الأهالى باتوا غير قادرين على توفير منازل لأبنائهم. فى الماضى كانت النوبة دائرة مستقلة يمثلها نائب تحت قبة البرلمان. أما فى الوقت الحاضر فإن النوبة جزء من دائرة كوم أمبو ومن ثم فإنها لم تعد قادرة على اختيار مرشح لها وهذا الوضع يفسر التخبط والارتباك الذى نشهده على الساحة السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين


.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت




.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا


.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة




.. تفاصيل مقترح بايدن من تبادل الأسرى حتى إعمار غزة