الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعآ جلال جميل عاشق الضوء

عصمان فارس

2009 / 9 / 9
الادب والفن




اعتذر ياصديقي جلال لعدم حضوري ومشاركة مراسيم وداعك, رحيلك اكبر فجيعة وخسارة للمسرح العراقي. كنت ياجلال جميل الخصال وكنت فنانآ صادقآ هدفك سعادة الناس وتنوير الثقافة المسرحية وتقنياتها من خلال تسليطك وتركيزك على اهمية فلسفة الضوء في تكوين الصورة والمكان على خشبة المسرح . سماع كلمة الرحيل يشكل عندي وجع والم وايقاع حزين ،ياصديقي والذي أعتز بصداقته ... "لماذا استعجلت الرحيل في غير أوانه" ؟؟؟ جلال جميل وجد اصبعه في النار لكنه كان يدافع عن وطن يسرق، وكان يشعر بالخطر لكنه لن يرحل عاش وسط الخراب والكارثة وهو يصيب الجميع،رغم احزانه لكنه اختار الابتسامة وظل حبيس الوطن، نشف الدم في عروقنا بسبب الحصار ومات الصبر فينا وتفرقعت قلوبنا، والظلام يلف عراقنا جدران واسلاك حديدية تمنعه من زيارة الحبيبة بغداد التي احبها بجنون وجنون عشقه للمسرح ولرائحة الجلاتين والانارة المسرحية وسط الديم الظلام, ففيروس وتنين الطائفية والحرب الاهلية جعلته ان يترك حبيبنه بغداد ويرجع الى الموصل خوفآ من أن يصبح فريسة سهلة بيد حثالات العصر ومليشيات التخلف وقوى الظلام. وفي لوحة الاتصالات في ذاكرتي كنت صاحبت ذلك الموصلي الجميل سنة 1974 شاب متفوق وطموح مغرم بحب المسرح وكنا نتبادل قراءة الكتب المسرحية والثقافية. اي ليل ثقيل لايمضي ودقائقه وساعاته دهور، هواجس سوداء تعذبني وكان يناديني اين انت ياصديقي لك الحق ان تهاجر بعيدآ؟ قلت له لااستطيع ولااطيق وارفض العيش مع الجزارين والقتلة , الفنان يبحث عن الحرية ويدافع عن قضية اساسية في مساندة حرية الانسان لذلك رحلت ياصديقي وصاحبي الجميل, حضنتك ارض نينوى التي انجبتك كنت مخلصآ ووفيآ وصادقآ في حبك للفن المسرحي الملتزم والمحترم، وكل من يلتقيك من الوهلة الاولى يكتشف فيك كل الخصال الحميدة صادق مع الاخرين وتحب الجميع ،اقول وداعآ ياصديقي الحميم وانا ابكيك دمآ واتألم لفراقك، نم ياجلال قرير العين ايها الناسك الذي سر من رأه . تعال اشكو لك عذابي .. سنين ونحن نعيش في دوامة لاتنتهي ، قتل ، وتشرد، وجنون،وذل وهوان، ولانفعل شيئآ سوى أننا نمثل المهزلة المأساة ... أيدينا مكبلة، والسنتنا منطلقة وبهذا وحده نريد كسب ضمير العالم ...هراء... ياصديقي نحن نعيش في كوكب كافر وعاهر لايدعن الا لمنطق القوة والقتل والاغتيالات. ممنوع التجوال في الشوارع بين كل لحظة .وجدت رسالة في بريدي الالكتروني من الصديق مروان ياسين الدليمي حول وفاة الفنان جلال جميل صرخت وانا ابكي واستعيد ذكريات اجمل صداقة تربطني بأخ عزيز ووفي ودمث الاخلاق ابو امنة،سكون مفجع خيم على الغرفة جلست كتمثال , واسدلت ستائر الغرفة ،قبل اسبوعين كنا نتحاور عن الحال والاحوال و الالم في مدينة الموصل وكان يحمد الله على كل شيئ،بأي حزن اودعك ايها المبدع الجميل وداعآ وانا اتنهد . اين انت ياصديقي جلال؟ لما سافرت بعيدآ عني ؟ كانت الامنية ان نلتقي في نينوى او في مهرجان المسرح التجريبي في القاهرة. كنا لانعرف مايخفي لنا هذا الزمن اللعين من اوجاع ونوبات القلب حقآ انك كنت تعاني المأساة وماحل بالعراق من خراب وفوضى قلبك الرقيق لن يتحمل الدمار،وكنت تمن بوجود الملائكة على ارض العراق لكرم اخلاقك وطيبة قلبك، وانت الانسان البشوش وصاحب الابتسامة والترحاب وصوتك الجهوري الجميل وانت تستقبل الاصدقاء في حي الثورة في مدينة الحذباء بفراقك ايها الصديق اصبح الخنجر يغرز في القلوب ونحن نتلقى الصدمة بفراق الاحبة قبلك الجميل عبدالخالق المختار وكريم جثير ناجي كاشي وقديس المسرح عوني كرومي وهاني هاني وعادل كوركيس وقاسم محمد وانا اتلقى كل هذه الصدمات صامتآ،لاشيئ يغير هذاالعذاب العميق بفراق الاحبة والمبدعين . اعرف كم كنت تعاني من ليل العراق والوحش يفترسه كل مساء، انت الذي كان لاينام الا مع الكتاب تحث سماء واضواء بغداد وتضيئ مسارحها بسينوغرافك المبهر والجميل، واذا بك تلقى المصائب وتخشى الخروج حتى في النهار بعد ان حل الظلام وعصابات القتل . وفي صدرك تتأجج النيران بسبب لعنة الحروب والخوف يتسلل الى القلوب وتسمع دوي الانفجارات ولعلعة الرصاص او ازيزالرشاش: وكنت تردد معي ماقيمة الانسان وهو يحمل عار الاحتلال على منكبيه ؟ عار الاحتلال والطائفية لن يمحيه ويزيله سوى ابناء العراق ؟؟

ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي