الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أم الشهداء

نضال الصالح

2009 / 9 / 9
كتابات ساخرة


جارتنا الحاجة أم عصام شديدة الإيمان بالله وإيمانها لا يتحمل أي أسئلة عقلانية لماذا وكيف، هي تؤمن إيمانا وصف بأنه إيمان العجائز. كل شيئ في قاموسها الإيماني راجع إلى الله. الفقر والغنى من عند الله والخير والشر من عنده. كل شيئ منه وإليه وإلى حكمته. المصائب حكمة منه وامتحان لصبر المؤمنين وإيمانهم وعلى قدر صبرهم وإيمانهم تنتظرهم المكافأة في عالم الخلد. إذا حدث زلزال في بلد من بلاد المسلمين فإنه إمتحان لصير المؤمنين وإذا حدث في بلاد الغير فهو عقاب من الله على كفرهم. على جميع الأسئلة الصعبة تجيب هذه حكمته وهو أدرى وأعلم. لقد سمعتها تقول وهي تدفن زوجها " الله أعطى والله أخذ وهذه حكمته." حتى الإحتلال اليهودي لفلسطين هو إمتحان للمسلمين وعندما كانت صديقتها أم محمود تماحكها وتقول: " يا خيتي شو ما في غيرنا يمتحنو، والله بكفي عاد، خلص يمتحن غيرنا" كانت أم عصام تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتقول: "الله يسامحك يا أم محمود، كفرتي، والله لصليلك ركعتين خلي الله يسامحك"."
جارتنا أم عصام قضت معظم أوقات حياتها بين المطبخ والسجادة، عندما لا تكون في المطبخ تحضر الطعام لأولادها الأربعة تجدها ساجدة على السجادة تصلي رافعة يديها بالدعاء "يا رب إرحمنا واعفو عنا، إنك السميع المجيب، يا رب افتح على ولادي وارضى عنهم وسهل طريقهم." كانت تطلب الرحمة لكل الناس وتدعو لهم بحسن الختام في الجنة. كانت فقط تدعوا على اليهود" إقطع شملهم يا رب بجاه محمد نبيك"
عندما سقط ابنها الأول برصاص الإحتلال الإسرائيلي غطته بعد غسله بالعلم الفلسطيني وقبلته وزغرتت لأنه سقط شهيدا. "باركو لي ولا تعزوني، إبني راح شهيد".منذ ذلك اليوم ما عاد إسمها أم عصام ولكن "أم الشهيد". عندما سقط ابنها الثاني قالت: الله أعطى والله أخذ وفداك يا وطن وأصبح إسمها "أم الشهداء" وبدأ ظهرها بالإنحناء واعتكفت في البيت تصلي وتتعبد. عندما سقط ابنها الثالث قالت : "حكمتك يا رب" وصارت منذ ذلك اليوم تردد: " أحمدك يا رب ولا أشكرك." وعندما كانت الجارات تلمنها على هذا القول كانت تقول: " الله عز وجل يقول في كتابه " إن شكرتمونني لأزيدنكم" وأنا أخاف إن شكرته أن يزيدني و يأخذ إبني الرابع، ولذا أحمده ولا أشكره"
عندما أحضروا إبنها الرابع والأخير محمولا على أكتاف الشباب، مضرجا بدماءه التي أسالتها رصاصات العدو الإسرائيلي صمتت والدموع تسيل على خدها ثم أخذت تتمتم: " حمدتك يا ربي وما شكرتك، ومع هذا زدتني. هذه حكمتك يا رب فامنحني الصبر على مصيبتي!".
لم تستطع أم عصام الصبر على مصيبتها ولم تستطع أن تفهم الحكمة من موت إبنها الرابع والأخير فطلبت من الله أن يأخذها ويريحها من عذابها فلبى الله طلبها ولحقت بأبناءها.
د. نضال الصالح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض


.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار




.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة


.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن




.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع