الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعيد جبار فرحان ..مفردة بكر تشذب التفاصيل.

علي رشيد

2004 / 5 / 22
الادب والفن


اللوحة لدى الكاتب والفنان التشكيلي العراقي سعيد فرحان ، قراءة لمخيلة تبسط إشاراتها ورموزها ومفرداتها ، فهو ينغمس بقياماته ، بإشارات تكثف المرئي ، و بكتابات ورموز تتعاطف مع مفردتها البكر.

المفردة التي تشذب التفاصيل وتبسط الأشكال وتختزل الدلالات .

انه عالم بصري خاص يدوّن الطفولة و استرجاعاتها نحو عوالم لا تتخفى وراء تورية ، بل تتلمس الأشياء وتقيس جدواها ببصيرة الحواس وصفاء المخيلة ، وبيان اكتشافها االمبكر .
لذلك كثيرا مايوظف الفنان وبإخلاص ، عفوية الطفل ، حيث تنشد بهجتها على قماش اللوحة المندهش باستسلام لكرنفالية البراءة وهي منشغلة بتسجيل أطيافها في بياضه .

الفنان سعيد فرحان ينحاز بوعي لطفولته من خلال بث ملامحها الغضة بالرموز والشخبطات ، ورسم شكل الحروف ومدلولاتها ، و ربما جاء هذا الانحياز كتناص ينسحب من تضاد صارخ بين خلفية تاريخية وحضارية تنحسر بعتمة الخراب وبين حاضر اغترابي يتعثر في تثبيت هويته في وعي وكيان هذا الكائن المنكفيء لدواوين وقصص تفتحه الغضّ .
لذلك كثيرا ماتولّد أعماله في المتلقي حنينا إلى الطباشير وتفتته على سبورة الدرس مانحا سطحها تضادا يتناغم مع عوالم التشكيل ، وصياغة الوعي الأول بالمادة وتأثيرها .

العمل لديه ترنيمة لعبث ندي يرسم أفكار طائر يغرد نشيده المدرسي .

سعيد غير معني بقوانين صناعة اللوحة أو كيمياء اللون وتدرجاته ، فهو معني بالمكوث في قارعة الأشياء التي تنادي صخبه الوديع ورهافة خطوطه العزلاء إلا من سحرها وتلقائيتها ، وهي تتشظى بخصوبة الرمز ، وتتناغم مع الشكل المجرد الذي ستؤول اليه ، مستوعبة أسرار المادة وجدل المعنى . إنه يقود تحريضا على حيز العمل الفني وايحاءاته ليطلق حكمة الإشارة ودلالة الخطوط وفوضاها ، معززا رؤيته للمشهد باعتباره تجريدا يستوعب التأويل والافتراض وتجلياتهما .

الخامة مفردة يومية ، يؤمّها سعيد ليرث مكنونها الفني . يبصر غناها و قيمتها وملامحها التي ستؤوّل في مخيلته ، فهويستجلي و بثراء ذهني تشكلها وهي تشارك إشاراته وخطوطه وعلاماته وأحباره وألوانه ، جغرافية العمل ومعطياته .
الخامة لدى سعيد فرحان غير متكلفة أومترفة بل هي مواد تصادفنا كل يوم ابتداء من قطع القماش المهملة إلى بقايا ورق الصحف الممزقة و العيدان أو الخيوط و المواد الصمغية المبذولة ، كلّ هذة الخامات يستنطق الفنان محسوساتها وهي تعيد بناء سطح العمل الفني ( اللوحة ) لتشكل ملمسها وتعيد قراءة الفضاء الذي سيوشم بكلّ تلك الإشارات والرموز جنبا إلى جنب مع الملمس الذي سيتيحه الورق المصنوع وتأثير الكولاج أو تقنية الكرافيك على سطح العمل .
المادة مكنون يعبر بنا مفردة اليومي إلى فضاءات وايحاءات تستنطق المشهد المصاغ عبر مناخات لونية مرنة ومختصرة تندرج بين الأبيض والأوكر والأصفر والأزرق أو الأخضر الندي ، كلّ هذه الألوان تشكل عناصر بهجة وصفاء عفويين وهي تتيح لسطح العمل على تشربها وتكثيف قيمتها الجمالية ، بينما تنفتح على مشروعه الطفولي في ختم عوالمه المذهلة الحساسية والبراءة لرصد رهافة العمل وقيمته المعرفية التحديثية .
اللوحة لدى سعيد أفق للتذكر واستدعاء لأزمنة تسري ضدّ فجاءة النضوب ، وعصيان لذيذ في سماوات النبع الأول ... اللوحة لدية مشاعة لتذكارات لونية تضيء ثنائيات منسجمة ومتوحدة بين الكائن وأسفاره .
إنه الحنين الذي يحمل خشبته فوق ظهره ، حنين إلى زمن لم يبق منه سوى كوة للتذكر ، يطلّ منها الفنان على ألف باء قيامته الأولى قبل أن يترك البلاد ، ويترك رائحة الفجر وملمس الجدران القديمة وعتبة البيت وضجيج الصبية وحميمية العائلة ، اللوحة لدى سعيد مفاضلة تتحق في نبوءة الخيال ودفء الانتماء .

الفنان العراقي سعيد فرحان والمقيم في سويسرا من مواليد بغداد ( 1955 ) ، درس الفن في بغداد وجنيف ولوزان وشارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية في لوزان وجنيف والقاهرة ولندن وبيروت وبرلين . نشر العديد من القصص في الصحف والمجلات ومنذ منتصف السبعينيات ، وصدرت له مطبوعت وكتب في مجال القصة والكتابة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي