الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان لاينافسنا فيه أحد

محمد منصور

2004 / 5 / 22
الادب والفن


غريبة عجيبة هذه المهرجانات الفنية العربية التي تتكاثر من المحيط إلى الخليج بأكثر مما تفعل المآسي والكوارث والأزمات ومشاكل التضخم الاقتصادي.. وأزمات الحروب التي نقف على أعتابها مبهورين محتسبين!
مدهشة وخارقة هذه القدرة العربية اليوم على تحويل كل حالة تعثر في حياتنا العربية إلى ( مهرجان ) كما تفعل بعض الشركات العالمية المشهورة بإعادة تصنيع القمامة!
مهرجانات سينمائية ومسرحية وموسيقية وغنائية وفلوكلورية وتلفزيونية.. مهرجانات للكبار وللصغار.. للنساء والرجال ولذوي السن المحيرة.. للأفلام الروائية وأخرى للتسجيلية.. للتاريخية والأسطورية.. ولا تنسوا الكوميدية، فهذه بالضبط تعكس صورتنا مائة بالمائة.. حتى لو لم يعرض فيها أي عمل كوميدي!
 مهرجانات السيادة!
مهرجانات محلية وقطرية وعربية وأخرى تضع عينها على العالمية، إذ من المعيب حقا، أن يكون لأي دولة عربية مستقلة، نشيد وطني وراية ومحطة فضائية، ولا يكون فيها مهرجان أو مهرجانات يدعو فيه المسؤولون أشقاؤهم العرب، فيرونهم كرم الضيافة، ويفاخرون بالشوارع والجسور والفنادق والقصور والسجاد الأحمر.. ناهيك عن السيارات الفارهة – المستوردة بالطبع – وإذا ما تبقى وقت يمكن أن يباهوا بفنونهم وآدابهم وإنجازات مبدعيهم، شرط أن يكون ذلك أمام كاميرات التلفزيون، بما يؤكد– مهرجانيا – أنهم دول ذات سيادة.. وأن هذه السيادة عامرة بالإبداع!
والسيادة هنا لا علاقة لها بمدى عراقة هذه الدولة أو تلك في المجال الذي تحب أن تنظم له مهرجانا.. وإلا فما معنى أن تنظم البحرين مهرجانا للسينما، بعد أن أنتجت فيلما روائيا طويلا واحدا في تاريخها فقط، وما معنى أن تنظم دولة خليجية – مثل عمان – مهرجانا سينمائيا هي الأخرى، رغم أنها لم تنتج أي فيلم سينمائي في تاريخها المعاصر!
طبعا لا يفوت على العرب أن يميزوا بين المهرجانات المتخصصة، ويبن مهرجانات أخرى جامعة مانعة.. من الفنون والآداب إلى الرياضة والفلكلور.. إلى مهرجانات تشجيع السياحة.. وهذه لوحدها – حكاية – إذ لابد أن يكون مهرجانا للبادية والصحراء وآخر للساحل.. وثالث لفنون الجبل ومواويله.. ورابعة لحفظ ذكرى وصول بعض الحكام للسلطة، أو ما يسمى في الدول العربية الثورية: ذكرى انطلاقة الثورة.. أما آخر موضة المهرجانات.. وقد يكون أنفعها في الواقع: مهرجانات التسوق!
في مهرجاناتنا العربية، تركز الأضواء على علية القوم.. فهم مادة المهرجان وضيوفه ومستهلكي أضواءه في الوقت نفسه.. ولهذا لا يسأل في هذه المهرجانات إلا النخبة، ولا يدعى إليها إلا النخبة، ولا يحتل مقاعدها وصفوفها الأولى إلا النخبة، بينما تترك الصفوف الخلفية للجمهور إذا كان المهرجان مسرحيا أو غنائيا، والصفوف الأولى إذا كان سينمائيا !
 موائد في ساحة الوغى!
والموائد العامرة هي ساحة التفاعل الحقيقية لكل قضايا المهرجانات وطروحاته.. فعلى هذه الموائد يتم تحديد مستويات هذا المهرجان أو سواه.. وهاهنا يجد المنافقون والمتملقون جزاء ما سيبتكرون من أساليب التلميع والتجميل وقلب الحق باطلا، والمهزلة أمثولة في النزاهة، والفوضى العارمة قدوة في التنظيم!
مهرجانات.. مهرجانات.. والفن العربي إلى تراجع.. والأدب إلى كساد.. والثورات نحو مزيد من الديكتاتورية وتمليك الأبناء.
لم يترك العرب مناسبة أو فنا أو إبداعا إلا وأقاموا له مهرجانا.. ووزعوا فيه الكاميرات والأضواء والجوائز وأوسمة الشرف التي تتزاحم على جدران المكاتب مثل معرض سوريالي ملطوش على قفاه على الطريقة المخابراتية العربية!
أخيرا.. لست ضد المهرجانات.. ولست ضد أن أدعى لمرة واحدة إلى هذا المهرجان أو ذاك، قبل أن يكتشف المنظمون أنني ( لا أقدّر كرم الضيافة مثل غيري ) حين أثب إلى رشدي فأكتب مالا يليق؛ وأي شيء يليق حقا بسمعة التخلف المهرجاني العربي الذي نستحق عليه، براءات اختراع لا تحصى، مثل الجوائز التي لا تحصى في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، والتي توزع كل عام بسخاء لا يتصوره عقل، ولا تقر به شريعة وخصوصا عندما ننظر إليه كنوع من التبذير ( إن المبذرّين كانوا أخوان الشياطين )
إننا في الواقع.. سئمنا هذه المهرجانات المستعارة المستنسخة التي لا تبرز خصوصيتنا نحن العرب بما فيه الكفاية بعد أن باتت بعض الدول المتخلفة في العالم تنافسنا في رداءة التنظيم، وقلة النزاهة في التقييم.. ولهذا فكرت أن جميع المهرجانات يمكن أن نجد لها شبيها في العالم، أو منافسا في المصداقية والإتقان والتنظيم، إلا مهرجان واحد لا يستطيع أحد أن ينافسنا فيه أحد.. إنه مهرجان الرقص الشرقي.. فهذا ما ينقصنا بعد أن استهلكنا جميع أنواع المهرجانات.. وأقترح بهذه المناسبة أن تكون الجائزة الذهبية باسم المرحومة طيبة الخصر ( سامية جمال ) أما جائزة النقاد.. فمن المعيب ألا تكون باسم ( تحية كاريوكا ).. وأقترح كي نصل بهذا المهرجان إلى العالمية، أن تكون مونيكا لوينسكي ضيفة شرف المهرجان الخاصة، علها تتعلم كيف نقوم نحن العرب بالترفيه على أنفسنا.. وبإثارة وتنشيط غرائز من نريد إغوائه، من دون حاجة إلى كل تلك الفضائح المبتذلة – وغير المهذبة - التي سببتها مونيكا لنفسها ولبيل كلينتون، المأسوف على انتهاء مدة رئاسته.. لأننا - يشهد الله – قد عرفنا خيره بعد أن جربنا غيره.. وبتنا نترحم أيضا على لؤم مادلين أولبرايت بعد أن ذقنا فظاعة كونداليزا رايس في الشكل والمضمون!
دمشق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الشاعر أمل دنقل.. محطات فى حياة -أمير شعراء الرفض-


.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي




.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني


.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم




.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع