الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هو منطلق الدعوة في الحفاظ على اللغة العربية ؟

سعاد الفضلي

2009 / 9 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إن الآسرة هي التنظيم الآجتماعي الأول الذي ينقل الى الطفل أهم ملامح الثقافة العامة للمجتمع , وبالتالي فهي تكسب أبناءها قدرا من الخصائص التي تتيح القدرة على التوافق الاجتماعي مع ثقافة المجتمع , أما المدرسة فهي إحدى العوامل الكثيرة والوسيطة بين الفرد والمجتمع فهي تساعد على نقل المعايير والقيم الاجتماعية , فالمدرسة تقوم بوظيفة تعزيز التكامل المعياري للمجتمع كما إن الخبرة التي يكتسبها الفرد من خلال تفاعله الاجتماعي يشكل رصيدا لغويا ومخزونا كبيرا ينتقي الفرد منه ما يعينه على حل مشاكله وتحقيق ذاته , لذلك يجب أن تستهدف عملية الحفاظ على اللغة تعليم الفرد الامتثال لمطالب المجتمع والاندماج في ثقافته والخضوع لالتزاماته وهذا يعني أهمية تعلم الفرد لاستجابة معينة يواجه بها الفرد تلك الظروف والمواقف . ولم تكن المتغيرات الحاصلة في الحياة السبب في انكماش اللغة وقصور استعمالها، على أساس ظهور عهد الكتروني واتصالي جديد، مع أن لهذا التوجه الحضاري الجديد أثره العميق في حدوث التحول إلى لغات أخرى لها علاقة بتقنيات الكومبيوتر ومصطلحاته الخاصة، لذلك يصعب في وقنا الحاضر تحديد ما يتعلمه الفرد في المنزل والمدرسة والمجتمع لان هناك تداخلا مستمرا بين ما يتعلمه الفرد في الأسرة وما يتعلمه في المدرسة والمجتمع . وهذا يرجع إلى ما أحدثته التكنلوجيا الحديثة من تقريب المسافات بين المنزل والمدرسة والمجتمع .فالثورة العلمية التي حدثت في وسائل المواصلات والاتصالات قربت المسافات وهدمت الحواجز بين الشعوب واذابت إلى حد ما الفروق الاجتماعية والثقافية وأصبح العالم يتجه نحو اعتبار الكرة الأرضية قرية يستطيع ساكنوها الاتصال ببعضهم في ثوان معدودة بوسائل تكنولوجية مرئية ومسموعة . وكل هذا يحدث بفضل انتشار التربية والتعليم في العالم . ولكن يجب أن تكون االوسائل التي تساعد على التقدم، قائمة على قاعدة الاقتباس المشروط وليس التقليد الأعمى. ومن أبرز هذه الوسائل اللغة بوصفها رابطة تجمع كل أفراد المجتمع وتوحّدهم بغض النظر عن انقساماتهم الدينية والمذهبية. كماإن للترجمة دوراً لا يستهان به في نقل الأفكار الحديثة والاسهام في إحياء اللغة العربية وتطويرها، وذلك بتجديد أساليبها وإغناء معاجمها كي تواكب التطور الحاصل في كل المجالات فهي ما زالت على قيد الحياة .
هذه العوامل المشتركة بين الثقافات يمكن أن تساعد على إيجاد وسائل لصهر الجماعات التي تعيش في أزمنة متقاربة في بوتقة واحدة والأداة المجربة التي يمكن أن تلعب دورا أساسيا في إيجاد تجانس بين الناس وخلق وحدة فكرية بينهم هي اللغة المشتركة لذلك يجب أن تجري أبحاث متعددة من قبل المربين لاكتشاف أفضل الطرق التدريبية لزيادة المردود اللغوي في الموسسات وأماكن العمل والترفيه وبهذا تكون للغة موارد متعددة المصادر وبأشكال وصور مختلفة لذلك يجب الاهتمام بالإنسان العربي الاهتمام بالتعبير عن الذات والتنمية الفردية للإنسان العربي بدلا من استعمال قوالب خارجية تفرض علينا .
اللغة العربية تميزت في ماضيها – بفضل حملها لرسالة الإسلام – بانفتاحها على العالم والاتصال بثقافات البشرية ومعارفها واستطاعت بوعيها المتجدد بحركة التاريخ أن تضيف الكثير وتؤثر في الكثير .أما الآن فلا يفوتنا دور الاجانب وهيمنتهم على كل المؤسسات العلمية والتي ينطلق منها التغير الشامل لشخصية الإنسان العربي . وهذا الإسلوب المدروس هذا الذي تمر به امتنا العربية لاضعاف لغة القوم , والتدرج بقتل مفرداتها العربية دور واضح في تنشيط اللغات الأخرى على حساب لساننا العربي وآدابا تؤثر فينا كل يوم ولا حفاظ على التراث يذكر , وإن المجد كل المجد لذلك الاجتياح الغربي والذي نتباهى نحن العرب بإن أولادنا لا يحسنون التعبير بها ولم يعودوا يتذكروا بعض المصطلحات العربية ونسوا أو تناسوا المقولة بأنه لا جامعة لقوم لا لسان لهم ولا لسان لقوم لا آداب لهم , ولا عزٌ لقوم لا تاريخ لهم , ولا تاريخ لقوم إذا لم يكن فيهم من يحمي ويحيي أثار رجال عظماء فنحذوا حذوهم , وألا نسمح لأنفسنا أن نكون تحت وصاية غيرنا تابعين .
فالحفاظ على اللغة يجب أن يكون في كل المجالات التي يتحرك فيها الفرد في المنزل والمدرسة والمجتمع بأسره , وبهذا المعنى لا يكون الحفاظ من عمل المؤسسات التعليمية لوحدها بل تشارك معها المؤسسات الاجتماعية الأخرى كالمنظمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحافة والاعلام , وبهذ تصبح أكثر وضوحا وتحديدا من حيث المعالجة العملية والعلمية . وأن تضع قيودا تحد من هذا الانطلاق الغير محدود للغات الأخرى الدخيلة على مجتمعنا بسبب العمالة الوافدة وبعض الانظمة السياسية في العالم العربي والتي تركز جل اهتمامها على اللغة الاجنبية حتى اصبحت واجهات المحلات تكتب لوحاتها اسماء اجنبية بحروف عربية فقط من غير انتماء للمعنى العربي
إن أي عمل يحتاج إلى تنظيم لتحقيق الهدف الذي من أجله يقام العمل , وبما إن الحفاظ على اللغة يتطلب نشاطات ومفاهيم وأفكار متعلمين وعاملين وإمكانات مادية فانه يتطلب تنظيم وتوجيه وتخطيط ونتسيق وتقديم من قبل القيادات التربوية لتلبية حاجات الراغبين في التنسيق والتطوير من أجل تحقيق الأهداف المرجوه .
كنا تتغنّى بماضي العرب وتقدمهم الحضاري في العصور الوسطى، حين كان العرب أمة واحدة تمثّل اللغة العربية "روحها"، والتاريخ العربي "ذاكرتها" كما يقولون لأن العالم لن يقبلنا بدون تلك الهوية ، فالعالم يريد معرفة تراثنا ولغتنا وثقافتنا لكي يتعرفوا على الشخصية التي نطالبهم باحترامها , فلتكن الدعوة للحفاظ على اللغة العربية من منطلق علمي بحت يهدف إلى الإبقاء على رمز أساسي من رموز الهوية العربية التي ترسم أبعاد الشخصية العربية وتاريخها ومحتواها الثقافي والفكري . فإن لنا أن نفخر بهذه اللغة؛ لأنها عنوان هويتنا, ولأن الله - عز وجل - قد اختار العربية وعاء للوحي، ووسيلة للتواصل، وتقديرا لها كأداة خالدة عبر الزمان كله - مؤهلة للخلود والبقاء والتجدد والاستمرار وإن أصابها بعض الضعف لا لذاتها ولكن لضعف الإنتاج الحضاري والإبداعي والإنساني لأهلها بعض الحين.
اللغة لها علاقة بالتفكير والإبداع... وهو الأمر الذي بات مطلبا هاما لأهل اللغة حتى يحرسوا الدين واللغة معا بتحقيق الوعي اللازم للحضارة، والتحصين الثقافي، واسترداد شخصيتنا وهويتنا، وكأداة تعيق من يحاول جاهدا هدم ثقافة هذه الأمة أن أي انحطاط باللغة لسانا وكتابة ولا سيما في المحافل العلمية والإعلامية والرسمية يعني محاصرة هذه اللغة وتقويضها ومن ثم القضاء عليها على مراحل ... جميل أن تنضم لجهود المجامع اللغوية بعض الجهود الأخرى سواء كانت جهود مؤسسات تربوية وإعلامية واجتماعية أو مؤسسات الدولة من حيث التشريع القانوني أو جهود الأفراد في مجال البحوث والتأليف أو حتى تربية النشئ في محيط الأسرة ونرجو لهذه الجهود أن تتكامل وأن تكون نابعة من جهد اجتماعي وقومي منظم وبذلك الإنتاج والإبداع الحضاري والمادي سوف نلفت أنظار العالم للغتنا.... وبهذا نشكل خطوطا عريضة للإسهام في إعادة تفعيل لغتنا الجميلة مع القيام بتعريب تلك العلوم من الآن وليس مستقبلا والعمل على تصدير برامج تعليم العربية لغير الناطقين بها بطرق سهلة وشائقة حتى وإن اضطررنا أن نفرض تعلمها على من يرغب التعامل معنا في بعض المجالات وخصوصا المؤسسات التربوية مساهمة منا في نشرها بطرق مدروسة .
كما يلعب التأليف والإبداع القصصي والشعري والفني بصفة عامة للفت أنظار العالم إلى لغتنا الجميلة وتصدير ذلك للعالم أجمعين , ونريد لذلك الإبداع أن يكون بقيمنا نحن بمعاييرنا الشرقية لا بمعايير الغرب بعيوننا نحن العرب لا بعيون الغرب ... ألا إنه لا قيمة لنا حين نتحدث بالعربية ولا نفكر إلا بعقول غربية , وهذا لا يعني أن نلغي التواصل مع الآخرين ولكن نسعي للحفاظ على هوية أمتنا، وإن شاء الله - تعالى - يتحقق ذلك ولو بعد حين وإنه ليسير على من يسره الله عليه حين تجد الإرادة طريقها للأمم التي تريد بناء هويتها وأثبات عروبتها بأصحاب الهمم العالية , والحمد لله أن همة أمتنا لم تقعدها المثبطات ولن تقعدها إن شاء الله - تعالى .
فقد صدر عن المؤتمر الاردني للحفاظ على اللغة توصيات يجب أخذها بنظر الاعتبار أهمها:
اللغة العربية مقوم رئيسي من مقومات وجود الأمة العربية. وكل ضعف أو إضعاف يصيب اللغة هو خطر يتهدد الكيان العربي ووجوده. تأصيل العلوم لا يكون إلا بلغتها ، ولذلك فإن لحاق الوطن العربي بالحضارة العالمية المعاصرة ومواكبته ومشاركته فيها، يجب أن يبدأ باستخدام اللغة العربية لغة للتدريس في جميع مراحل التعليم وإعداد المصطلحات العلمية الموحدة المناسبة لذلك.إن تأصيل اللغة لا يقتصر على الأخذ بها في مرحلة تعليمية دون مرحلة، وإنما يجب أن يساير مراحل التعليم كلها، منذ بدايتها وحتى المراحل العليا من البحث العلمي ، بحيث يتيسر لأبناء هذه اللغة أن يعايشوها معايشة كاملة تساعد في تطويعها وتطويرها. إن اللغة العربية قد دللت في مختلف مراحل تاريخها المديد وبحكم خصائصها على أنها لغة حضارة ذات أبعاد إنسانية وعالمية، وهي بهذا قادرة كلياً على أن تكون لغة العلم الحديث تدريساً وتأليفاً وبحثاً وتوليداً للمصطلح.إن ما يهدف إليه التعريب هو بالدرجة الأولى توحيد المصطلح العلمي، وتطبيق هذا المصطلح، واستعماله، وتداوله في كل مجالات حياتنا أداءً وابلاغاً.
قارىء كتاب: «اللغة العربية: أسئلة التطوّر الذاتيّ والمستقبل» الصادر عن «مركز دراسات الوحدة العربيّة» ان أغلب الباحثين ـ وهم من عدّة دول عربية ـ يجمعون على أنْ لا خلاص للأمة إلاّ باللغة. ولا يخوضون دفاعهم عن العربيّة بناء على علاقة دينية بل انطلاقاً من نظرة علميّة وواقعيّة تعقد صلة متينة بين التنمية واللغة. يخرج القارىء من الكتاب بفكرة مفادها إن التنمية ومعانقة العصر والتخلّص من التبعيّة والانجراف بتيار الغرب ، والنهوض لن تكن إلا بصياغة أيديولوجيا واضحة ومزدوجة
( التعريب و الترجمة )حتّى لا يظلّ المعنى العربيّ تائهاً وسط تيار الحضارة تطغي عليه مصطلحات الآخرين ونكون نحن من ساهم في اغتيال أبجديتنا .
د.سعاد الفضلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللغة
Dr. Jamshid Ibrahim ( 2009 / 9 / 11 - 08:20 )
نعم وكما تقولين اللغة هي احدى اهم مكونات الهوية و لكن الهوية لا تعتمد فقط على اللغة
اللغة بطبيعتها ديموقراطية لا نستطيع التحكم فيها دكتاتوريا فقد فشلت جمع المحاولات الدكتاتورية للاهتمام باللغة سواء في فرنسا او دول اخرى لاحظي ان كلمة تلفون مثلا اكثر تداول من الهاتف و الكومبيوتر من الحاسوب. فرنسا لجأت بشكل عمياوي الى فرض غرامات مالية و عقوبات اخرى ولكنها لم تنجح
وظيفة المجامع اللغوية هي ليست التحكم باللغة لانها غر قادرة على ذلك و لكن و كما ذكرت ايضا لاحداث و ترجمة مصطلحات لمفاهيم غربية او اجنبية علمية
مشكلة المجامع العربية اولا و اخيرا هي عدم قدرتها على توحيد المصطلحات و تدوينها في مصرف (بنك) خاص لتكون جاهزة للاستعمال عند الحاجة و هذه هي المشكلة التي تواجهها الشركات الاجنبية في البلدان العربية لتوصيل منتجاتها الى المشتري العربي

جميع لغات العالم تواجه مشاكل مواكبةالتطورات العلمية و تخشى ان تختزل لغاتها الى التعبير عن الحاجات اليومية فقط وتصبح اللغة الانجليزية بدون منافس لغة العلم و الدراسة الجامعية فكثير من كتب الطب و الهندسة و الفلسفة و علم اللسانيات توجد و تدرس اللغة الانجليزية فقط
رغم ان هناك دول عربية غنية كثيرة و لكنها لا تخصص اموال لتأسيس بنك خاص للمصطلحات على ج

اخر الافلام

.. نتنياهو: اتهامات المدعي العام للجنائية الدولية سخيفة


.. بعد ضغوط أمريكية.. نتنياهو يأمر وزارة الاتصالات بإعادة المعد




.. قراءة في ارتفاع هجمات المقاومة الفلسطينية في عدد من الجبهات


.. مسؤول في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعترف بالفشل في الحرب




.. مصر تحذر من أن المعاهدات لن تمنعها من الحفاظ على أمنها القوم