الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاصرون بميثاقها وميراثها

تامر المصري

2009 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


حسنا؛ فعلت اللجنة الإعلامية لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية، في الجمهورية الجزائرية الشقيقة، بإبقاء الاحتفال قائما بالمدينة، من باب ما ينبغي أن يكون عليه الوعي العربي، في حالة استذكار منعقد على مدار شهور العام وكل عام، بالقدس وما يجري فيها من ممارسات استئصاليه، وما يحاك ضدها من مؤامرات، تهدف في مجملها إلى سلخ جلدها العربي بتكوينيه الروحانيين، إسلاميا ومسيحيا عنها، لتصبح المعادل الموضوعي لتهويمات كل لقيط في الرواية التاريخية المبتذلة، عن يهودية القدس ونفي العروبة عنها بأثر رجعي، لا طائل من محاولات إبطالها بالمحاججة، لو كنا في غير وضع الضعف المهين الذي نحن فيه جميعا.

فاللجنة الإعلامية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، التي تقوم بكل نشاطاتها تحت مظلة سفارتنا في الجزائر، ويحمل عبئها أشداء في وطنيتهم بجهد أكثر ميلا إلى الدافع الضميري الذاتي، منه إلى الرسمي تحت طائلة التكليف، كما يفعل الأخوان المبادران؛ عز الدين خالد، ود. علي شكشك، استطاعت أن تتحرز على صيغة النجاح التي أسمعت صوتها للجميع بالتميز، في فعاليتها الثقافية الخلاقة المنشورة في الصحف الجزائرية الأنضج في المهنية والانتماء والانتشار، لتمسي اليوم صيغة النجاح هذه، جملة من نص الإفصاح المقدسي، برسم الاستمرار، بإعلان الجزائر القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية .. وهو ما يمثل انجازا في نقل القدس في غمرة هذه الاحتفالية، من غيم التفاعل بالأمر البروتوكولي الرسمي، إلى فضاء الانسجام النفسي الموضوعي، بين المواطن العربي من جهة، والقدس الشريف من جهة أخرى، في خطوة بها رد اعتبار نوعي، لمكانية وزمانية المدينة، بدفعها إلى الهالة التي تستحق في التركيز على مكانتها وأهميتها، سيما وأن القدس الآن تشهد مراسيم الضياع، بفعل اشتعال جذوة جنون الاستحواذ الإسرائيلي، استيطانا وتهجيرا وحصارا.

لقد أثبتت احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية، بشكلها العام وطبعها الخاص، مقدرتها على خلق التوازن بين ما يجري في المدينة المقدسة، التي تشهد عاما إسرائيليا، تتجلى فيه شياطين الأرض تحفزا لإلغاء المدينة من قاموس العرب، وبين ما يجب أن يصل إلى المواطن العربي والمتلقي العادي، عن أهمية هذه المدينة الفلسطينية منذ كنعان الأول واستثنائيتها التاريخية، ليعطي التفسير المنطقي لما يحدث من مكاسرة، على أرضها أو على غير أرض من أجلها، بصفتها مفتاح السلم والحرب معا، وعنوان التشكيل الوجودي عند الحد الأدنى المأمول، للدولة الفلسطينية، وإلا بدونها فكل الحلول وهمٌ من محض صدف الترصد.

لقد استطاعت القدس وما تحمله من رمزية، أن تحاصرنا بميثاقها وميراثها، الذي لا فكاك منه، حينما كان لا بد لنا من إرث أرض وعاصمة، لتكون لنا نصيبا كنصيبنا في أمهاتنا، التي كلما ذُكر اسمها، أعطت القلب امرأ بالخفقان أو إن لاحت بالبصر، أو شاب الحواس منها شيئا، كما تأمره بالرجفان إذا ما فاض من حكاياتها ما يؤكد ما آلت إليه الآن، حينما نكون فيها في حضرة الإفناء.

في وصلة شعرية يصلح الإسقاط فيها على المدينة المقدسة، يقول شاعرها:
تترنح فينا الضغينةُ أو نترنح فوق السفينةِ أو نتقبضُ ..
لسنا بحوراً وهذا العُبابُ دمٌ وأكابدُ هذه المواثيقَ ثم أُكابرُ ..
إني أبحتُ دمي وتجاوزتُ كلَ احتفاءٍ بعمري ..
أُقاومُ غزواً أتى بِدعاً ..
يدعون أن حياةً تُعاشُ بغيرِ قيودٍ ..
وأن محبةَ أرضٍ تصيرُ بغيرِ سياطٍ ..
وأن أُناساً يحقُ لهم أن يفيقوا بغيرِ أوامرَ ..
وأن أناسا يحقُ لهم أن يحبوا بغيرِ عجزٍ ..
وأُعلبُ في كلِ يومٍ كما تشتهي السوقُ أو يشتهي باعةُ الأغنياتِ ..
(........) أنا حاملٌ وزرَ ثأرٍ ..
نزيلُ الحوانيتِ .. أنحرُ طفلي لضيفي وأظلل بظلي على عابرٍ ..
مثلما يشتهي باعة الأغنياتِ دمي يشتهيني ..
هنا وطنٌ ضائعٌ في مسامي .. أنا ضائعٌ في مفاصلِه ..
أمسُ جردني من سلاحي وحزني وقدمني عُلبا بعواصفَ جاهزةٍ ..
قال إن العواصفَ لُبسٌ .. ستلبسُ ما يبهجُ الناظرين وما يخرسُ الشامتين وما تقتضيه الظروف ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر