الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفن والدكتاتورية

خضير حسين السعداوي

2009 / 9 / 11
الادب والفن


منذ أن دب قدم الإنسان على سطح هذا الكوكب وهو يتعثر في خطواته الأولى في البحث والتقصي عما يدور حوله من كائنات ويحاول أن يجد خرقا في صخور المجهول التي تحيط به من جميع الاتجاهات وكان على هذا الكائن أن يستخدم عقله في ربط الحقائق ببعضها وإيجاد منطق لترتيب الأشياء بما يخدمه في مسيرة حياته وخلال هذا البحث والتقصي والتأمل في الاكتشاف كان على الإنسان أن يبدع في الجانب المهم من حياته وهو الجانب الفني وتوظيفه في كسر ما يحيط به من مجهول وترويض الطبيعة التي يخشاها ويخاف بطشها غير المتوقع فأول استخدام للفن هو في طريقة التعامل مع بني جنسه بطريقة الإشارة وهي طريقة فنيه أن تعبر عما تريد بحركة أو إيماءة بسيطة وقد يرافقها صوت بنبرة فنية يتحكم بها الإنسان، هذا أول استخدام وبشكل بدائي للفن وتطور هذا الإبداع إلى أن يجد طريقة جديدة في رسم هذه الايماات والأصوات وتجسيدها بشكل ملموس أيضا بطريقة فنية فكان فن الرسم حيث بدا يرسم الأشياء المراد كتابتها على شكل صور وهذه أول طريقة للكتابة أوجدها الإنسان وهي الكتابة الصورية وتكون برسم الشيء المراد كتابته وتطورت هذه الكتابة إلى مجرد رمز يرمز للشيء فكانت الكتابة المسمارية والتي كتبت في وادي الرافدين على الطين الطري على شكل رقم طينية وفي بلاد مصر كتبت على الورق المصنوع من البردي لم يتوقف الفن في تشابكه مع فعاليات الإنسان اليومية فدفعه أن يبتكر تراتيل تتلى بأصوات فردية أو جماعية لآلهة اعتقد بها الإنسان تقيه شرور الطبيعة وتنمي الزرع فأبدع فنيا في بناء الهياكل والتماثيل وبناء المعابد هذه بصورة مختصرة ومبسطه عن الفن والإنسان والتي تدلل وبشكل واضح أن الحاجة إلى الفن هو خدمة الإنسان وإظهار إنسانيته بشكل يميزه عن بقية المخلوقات أي أن الفن بكل تفرعاته رسالة إنسانية كما التعاليم الدينية والوضعية التي هدفها الأسمى هو اقتلاع نوازع الشر لدى الإنسان وزرع نوازع الخير بدلا منها هكذا فهمنا الفن ولكن من خلال مسير البشرية الحضاري الطويل نجد أن السياسة استغلت الفن لأهدافها وما تريد أن تحققه فوجد الفن المسيس الفن الذي يدور في فلك معين من الأفكار ليس بالضرورة أن تكون أفكارا إنسانية وإنما أفكارا ترمي إلى تدمير الأسس الحضارية الإنسانية والتي كانت حصيلة عقود من الزمن ولهذا ظهرت الأنظمة التي لم تكتف بان تسيطر على السلطة وإنما بدأت تؤدلج كل شي الفن، التعليم ،الأدب والثقافة ضمن أطرها الفكرية التي تؤمن بها فأصبح كل نشاط إنساني من هذه الأنشطة يدور في فلك الأفكار التي تقود السلطة والتي بدأت تهيؤ المجتمع للقبول بهذه الثقافة عبر الوسائل المختلفة وأقبحها البطش والتنكيل وقهر من لا يسير في ركابها فظهرت إلى الوجود اللوحة الفنية المؤدلجة والمسرحية التي تبشر بأفكار الدكتاتورية والأغنية التي تمجد للقائد الضرورة والكتاب المدرسي المشحون بالشوفينية والحقد على بقية شعوب الأرض وهذه كانت واضحة للعيان خلال فترة الحكم النازي الذي حكم ألمانيا من 1933 إلى العام 1945 حيث انصبت هذه الثقافة على تهيأت الشعب الألماني ثقافيا ونفسيا أن يصدق مقولات النازية في تحقيق أحلامها المريضة ويحترق في أتون حرب دفع ثمنها باهضا وعندما انهارت على يد التحالف الدولي ظهر جليا مأساة الشعب الألماني من الفقر والعوز والتخلف وفي بلادنا في العراق وكثير منا شهود على ما حدث من بناء ثقافي عدواني امتد من رياض الأطفال إلى اكبر الجامعات ثقافة بكل عناصرها مبنية على القوة والبطش والنبش في الماضي واختلاق الأمجاد الغابرة ومحاولة إحياءها وبكل الطرق فظهر إلى الوجود الفن المنافق في كل مجالات الفن في الرسم والمسرح والغناء وتجذر الإبداع في هذه المجالات ليقتصر على إظهار مزايا وصفات القائد حيث ابرمونا بنتاجاتهم البائسة في مجالات الفن فأبدلت اللوحة الجميلة إلى صورة يتفنن بها مرتزقة الفن في إظهارها بشكل يرضي غرور ونرجسية الحاكم وظهرت الأغنية التي صكت مسامع المواطن البسيطة والتي تغني للقائد وتحث على القتل والتدمير وتنهي اللحن الجميل المعبر عن روح الجماعة وظهرت المسرحية والفلم السينمائي الذي يتحدث عن مسيرة النضال للقائد الضرورة وما يؤسف له الآن أن هؤلاء المرتزقة ممن يحسبون على الفن وبدلا من الاعتذار لهذا الشعب للخراب الفني الذي أوجدوه نجدهم يتجمعون في أماكن اسنه مع الخط الإرهابي الذي يقتل العراقيين يوميا ليحاولوا وبشكل خبيث أن يظهروا تأسفهم وحزنهم على الشعب العراقي من خلال المبالغة في إظهار السلبيات، أين كنتم أيها الفنانون عندما كان الشعب يذبح كل يوم في حروب عبثية كنتم المحرضين لها وكنتم ترقصون حد الإعياء تحت إقدام ابن طاغية النظام أين كنتم أيها المتاجرون بقضايا الشعب العراقي عندما حوصر الشعب العراقي جوعا وبطشا وسجون ومعتقلات، ألان أيقظتكم دولارات أعداء العراق ومن خلال الفضائيات التي لا يشك أي مواطن عراقي أنها فضائيات تساهم يوميا بقتل الشعب ولكن مما يسر أن اغلب هذه المجاميع هم من فناني الكباريهات والملاهي ومن سقط المتاع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05