الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة المغربية ومراقبة العمل الحكومي - الجزء الأول-

رشيد بن بيه
كاتب باحث في علم الاجتماع

(Rachid Benbih)

2009 / 9 / 12
الصحافة والاعلام


خلال حقبة زمنية طويلة نسبيا، تمتد تقريبا من القرن الثامن عشر إلى العقد السادس من القرن العشرين، اقتصر فلاسفة السياسة، ومن بعدهم أساتذة القانون الدستوري والعلوم السياسية على مناقشة إشكالية الفصل بين السلط في الأنظمة السياسية المختلفة لكون هذا الإجراء يشكل، في نظرهم، أهم دعائم الديمقراطية.
وبالرغم من ضمان الفصل بين السلط في العديد من الدول الغربية، برزت مشكلة هيمنة السلطة التنفيذية ( الحكومة)، على السلطة التشريعية، مما ساهم في تقليص دور البرلمان في مراقبة العمل الحكومي.
لذلك، أضحت مراقبة العمل الحكومي تتم خارج الإطار البرلماني، من خلال عدة فعاليات من أهمها الإعلام الذي يشكل، منذ مدة، السلطة الرابعة. فقد تمكنت بالفعل بعض الصحف من الدفع بالوزراء، وحتى رؤساء بعض الدول، إلى تقديم استقالتهم. فمنذ اكتشاف فضيحة وترغيث Watergate التي استقال بسببها الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بتاريخ 9 غشت 1974، أصبح نجاح الصحف و المؤسسات الإعلامية، في الغرب، يرتبط بمدى تمكنها من إسقاط الحكومات والدفع بالوزراء إلى الاستقالة.
إن حجم مراقبة الصحافة للعمل الحكومي في الدول الغربية، وطبيعة القضايا الحساسة التي تثيرها أو التي تكشف عنها هي التي دفعتنا إلى التفكير في وضعية الصحافة بالمغرب، والتساؤل عن القضايا المرتبطة بها على الشكل التالي:
ماهي الأدوار التي لعبتها الصحافة المغربية في مجال المطالبة بالديمقراطية؟ وماهي المشاكل التي واجهتها؟ وهل نجحت في تشكيل سلطة رابعة تراقب العمل الحكومي؟ ماهي العوائق التي تحول بينها وبين مراقبة العمل الحكومي؟

أولا: مهام الصحافة المغربية منذ النشأة إلى الآن

لتحديد مسار تطور الصحافة بالمغرب والمهام التي قامت بها، يمكن الانطلاق من محطات بارزة طبعت تاريخ المغرب بشكل عام، وأثرت على أهداف ومسار الصحافة بشكل خاص. و وفقا لهذه المصادرة، يمكن تقسيم مسيرة الصحافة بالمغرب إلى أربعة مراحل أساسية و متميزة.
تبدأ المرحلة الأولى من أوآخر العقد الأول من القرن العشرين وبالضبط سنة 1908، التي برز فيها الدور الهام للصحافة من خلال جريدة لسان المغرب التي تصدر بالشمال المغربي، حيث أن المتحلقين حول هذه الجريدة قاموا باقتراح أول دستور سنة 1908، ويبرز هذا الحدث دور الصحافة في النضال من أجل بناء الديمقراطية.
المرحلة الثانية: يؤرخ لها فرض معاهدة الحماية على المغرب، التي نصت على حرمان المغاربة من إصدار الصحف( محمد ضريف). إلا أنه وبالرغم من ذلك الحرمان تم التحايل على قيود معاهدة الحماية وتم فعليا إصدار بعض الصحف التي يشرف عليها، في البداية، هيئة تحرير مزدوجة أجنبية ومغربية. و من الجرائد التي تم إصدارها خلال تلك الحقبة: le Maghreb التي كانت ثمرة للتعاون بين الحزب الاشتراكي الفرنسي S.A.F.O والعناصر الوطنية التي تعمل في التنظيم السري الذي شكل نواة الحركة الوطنية، وفيما بعد أنشأ هذا التنظيم بفاس صحيفة أسبوعية تحمل اسم عمل الشعبAction du Peuple.

كما لعبت الصحافة في المنطقة الشمالية دورا هاما في حركة التحرر الوطني ومواجهة الاستعمار الاسباني. فبعدما تم تأسيس الكتلة الوطنية بشمال المغرب، عملت الحركة الوطنية على إصدار منابر صحفية مثل مجلة المغرب الجديد(1935)، و مجلة السلام، ثم أسبوعية الريف(1936). فقد شكلت الصحف من بين أهم آليات النضال ومقاومة السلطات الاستعمارية.
خلال تلك الفترة، ساهمت الصحافة المغربية بشكل بارز في النضال السياسي ضد سلطات الاستعمار الفرنسية والاسبانية مما أدى بهذه السلطات إلى شن حملات قمعية ضدها (الصحافة)، حيث تعرضت مجمل تلك الصحف للمنع والمصادرة لأكثر من مرة.
تبدأ المرحلة الثالثة من مسيرة الصحافة بحصول المغرب على الاستقلال، حيث ستنتقل الصحافة المغربية من مواجهة السلطات الاستعمارية إلى مطالبة الدولة بتوفير الديمقراطية والحريات العامة، ومراقبة العمل الحكومي. و لعبت جرائد أحزاب المعارضة اليسارية التقدمية دورا هاما في هذا المجال؛ مما عرضها لسلسلة من المشاكل سواء مع الحكومة أو مع مختلف أجهزة الدولة.
أما المرحلة الرابعة فقد بدأت انطلاقا من تسعينيات القرن العشرين التي شهد فيها المغرب ظهور مجموعة من الصحف المستقلة التي أخذت على عاتقها مراقبة العمل الحكومي، والمطالبة بالحريات العامة، والديمقراطية وضمان حقوق الإنسان. لكن سرعان ما تعرضت بدورها لأشكال جديدة من القمع والمصادرة والمراقبة لينتقل بذلك الصراع من مواجهة بين الدولة والصحافة الحزبية، إلى مواجهة بين الحكومة والدولة من جهة والصحافة المستقلة من جهة أخرى.

ثانيا: الصحافة ودورها في معركة الديمقراطية ومراقبة العمل الحكومي

واضح، إذا، أن الصحافة المغربية، قد لعبت منذ فترة "الحماية" دورا كبيرا في التحرر ومقاومة السلطات الاستعمارية، كما أنها كذلك قامت، منذ الاستقلال وإلى الآن، بدور كبير في مجال مراقبة العمل الحكومي، ورصد تعسفات السلطة، وساهمت في التعبئة السياسية من أجل المطالبة بالديمقراطية، وتعرضت بسبب ذلك لمختلف أشكال المنع و الإقصاء والمصادرة.
وقد استمر هذا الوضع إلى بداية التسعينيات، حيث عرف المغرب ظهور الصحافة المستقلة التي جسدت علامات تطور المشهد الصحفي بالمغرب، إلا أن حداثة تجربة الصحافة المستقلة بالمغرب، والتحديات المطروحة أمامها، والإكراهات التي تشتغل في ظلها، لم تساعدها على تشكيل سلطة رابعة، كما هي متعارف عليها في الدول الغربية، يكون عمودها الفقري هو الصحافة المكتوبة، لكونها لم تساهم في استقالة أية حكومة أو وزير. ربما، يعود هذا لطبيعة النظام الدستوري المغربي الذي يمنح للملك سلطة تعيين الحكومة و الوزراء وبالتالي سلطة الإعفاء تبعا لقاعدة توازي الأشكال.
إلا أنه، وبالرغم من تلك المقتضيات الدستورية، وبتتبعنا لما يكتب في الصحافة المغربية عن العمل الحكومي يمكن القول أنها ( الصحافة المغربية) لم تسلك بعد السبل الكفيلة بمراقبة العمل الحكومي، وتحديد انزلاقاته وإثارة مسؤولية الحكومة و الوزراء أمام الهيئة الناخبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج