الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لصوص بدرجة دكتوراه .. !

خليل يوسف

2009 / 9 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


لا ينبغي أن تمر قضية الشهادات العلمية المزورة مرور الكرام .. سواء تلك التي صدرت عن جامعات خاصة محلية وخارجية عربية وأجنبية، بما فيها جامعات في الولايات المتحدة التي نشر أحد المواقع فيها مؤخراً قائمة بأسماء 10000 من الذين اشتروا شهادات مزورة ، ومن ضمنهم 180 خليجياً منهم 12 بحرينياً .. انفق الجميع في سبيلها ما مجموعـه 7 ملايين دولار للحصول على هذه الشهادات، اللافت أن كثيراً منها في مجالات حساسة وهامة تتعلق بصحة الفكر وصحة الجسد والاقتصاد والتنمية والمجتمع، وهي الفضيحة التي أثارت ضجة واسعة في الأوساط التعليمية الأمريكية، فيما لم تجد صدى يذكر في أوساطنا ..! تماماً كما هو الحال بالنسبة لفضيحة أخرى مشابهة في ألمانيا حينما كشف مكتب الإدعاء الألماني عن عمليات تزوير واسعة النطاق في شهادات الدكتوراه التي منحتها بعض الجامعات الألمانية باكتشاف وجود 100 بروفيسور مرموق يتقاضون الأموال مقابل منحهم شهادات الدكتوراه ( 30 ألف دولار مقابل الشهادة ) مما أدى الى تخريج مئات الطلاب غير المؤهلين ليصبحوا " دكاتره " في تخصصات مختلفة تغلغلوا في الكثير من مواقع العمل في ألمانيا وفي الاتحاد الأوربي . القضية تتطلب قدراً كبيراً من الوعي والجدية والمتابعة فهي تنبىء عن كارثة اجتماعية وعلمية وأخلاقية من العيار الثقيل تمس الحاضر والمستقبل ، واذا كان التركيز هذه الأيام على قضايا التعليم وسمعة النظام التعليمي وأزمة الجامعات الخاصة والتردي المحزن في أوضاعها وتفاقم مشاكلها المتراكمة منذ سنوات كثيرة والتي تحتاج الى حزم وحسم ، فإن ردود الفعل على الخطوات التصحيحية غير المسبوقة التي يقوم بها مجلس التعليم العالي مشكوراً لتعديل أوضاع الجامعات الخاصة، والدفع باتجاه الارتقاء بمخرجاتها يؤكد تعطش مجتمعنا الى وضع مجريات أمور هذه الجامعات في نصابها الصحيح بعد أن تحول الأمر بشهادة رئيس كلية البحرين الجامعية في لقاء صحفي موثق ومنشور بقوله " أن ما يجري في بعض جامعاتنا الخاصة هو ضرب من النصب والاحتيال "، وهذا يذكرنا بما نشرته اليونسكو قبل المؤتمر الدولي لوزراء التعليم العالي في اليونسكو الذي عقد بباريس في يوليو الماضي ، فهذه الهيئة الدولية ذكرت بأن " وجود كثير من المزودين بالتعليم العالي من المؤسسات الخاصة المتوخية للربح يثير كثيراً من القلق على كفاءة جودة التعليم ، والقلق من نشوء حوانيت احتيال لسك الشهادات " ، ولعل هذا الكلام يختصر الواقع المأساوي لكثير من الجامعات الخاصة بكل أشكاله وتجلياته . نعلم جيداً بأن البحرين ليست وحدها التي تعاني من وباء بيع الشهادات العلمية أو تزويرها ، بل أنه في الكثير من الدول العربية تم رصد الآف الشهادات المزورة وتم اكتشاف مؤسسات كثيرة لبيع وتزوير الشهادات والأمثلة لا تنقصنا، ففي الأردن استطاعت هيئة مكافحة الفساد خلال الأسبوعين الماضيين من الكشف عن 7 أطباء يحملون شهادات مزورة بينهم 3 أطباء عينوا في وزارة الصحة ومارسوا الطب لفترة طويلة، مما يرفع مجموع الشهادات الطبية المزورة التي تم تحويل أصحابها إلى المدعي العام 11 طبيباً ، علاوة إلى مئات الشهادات الجامعية المزورة في مختلف التخصصات والدرجات العلمية التي كشفت عنها وزارة التعليم والبحث العلمي الأردنية ، أما في العراق فقد تم الكشف مؤخراً عن 3000 شهادة علمية مزورة في تخصصات مختلفة، وفي سوريا أعلن مؤخراً عن اكتشاف 150 شهادة جامعية مزورة من جامعات عربية وأجنبية منها جامعات خليجية بعد أن تقدم حاملوها لوزارة التعليم العالي من أجل معادلة شهاداتهم للتسجيل في الجامعات السورية ، ويقترن الذهول بالأسى حين نقرأ بأن المباحث الجنائية الكويتية وضعت يدها مؤخراً على أكثر من 180 شهادة علمية مزورة وجاهزة للبيع ، وتتواصل الدهشة عندما نقرأ تقريراً موثقاً ومنشوراً لفريق عمل اكاديمي كويتي زار الفلبين والهند وبعض دول شرق أوربا بأن هناك في تلك الدول " دكاكين " لبيع الشهادات التعليمية، وفيها أماكن غير مؤهلة لأي مستوى من التعليم، وأن هناك ممارسات بطرق ملتوية وذكية من جامعات همها خداع الناس لإيهامهم بأن شهاداتهم معترف بها، كما تبين أن هناك جامعات غابت فيها كل المعايير المهنية ، بل اكتشف بأن ثمة علاقة وشراكة تجارية بين متنفذين ومسؤولين مع عدد من الجامعات المشبوهة وهي دلالة لاشك أنها لا تخفى على ذوي الفطنة في شأن مجريات أمور بعض الجامعات الخاصة في البحرين نعلم جميعاً بأنه قيل الكثير، بعد أن تبين لنا أن هناك جامعات استمرأت الخطأ وأوغلت فيه كما رأينا ، جامعـات " بزنس " قائمة على الخليجيين لا تشكو فقط من ضعف مؤهلات أعضاء هيئة التدريس وتدني مستوى نظامها التعليمي وعدد الطلاب الذي يفوق الطاقة الاستيعابية ، بل وجدنا جامعات لم تكن بمنأى عن بيع شهادات لطلبة خليجيين كثر والمرء يفجع في التفاصيل ، وقد بلغ الأمر بإحدى هذه الجامعات الحديثة العهد أنها طرحت أكثر مــــن 30 برنامج دكتوراه وهذا أمر يفوق الخيال على حد وصف الأمين العام المساعد لمجلس التعليم العالي ، خاصة اذا علمنا أن جامعة البحرين التي أنشئت عام 1986 لم تطرح سوى برنامجين فقط للدكتوراه ، فلكم أن تتصوروا ما يحمله ذلك من معان ودلالات أحسب أنها تثير الكثير من المخاوف والهواجس بل أنها تعبر في مجموعها عن كارثة بكل المقاييس. أن أخطر ما في هذا الملف أنه يعني بأن بعض جامعاتنا الخاصة تمارس الفساد بامتياز ، فساد تورط فيه مسؤولون واساتذة جامعيون وطلبة في الفكر والتطبيق ، في الهدف والأسلوب ، في أساس البناء ، في المقاول والمتعهد ، والبائع والمشتري ، فعندما يتم بيع أو تزوير شهادات عليا من دون جد واجتهاد وفهم ، وعندما تتحول الألقاب والرتب الاكاديمية الى مهزلة، ويظهر لنا في غفلة من زمان ومن ضمير لصوص اشتروا أو زوروا " الدكتره " واستولوا باسمها أو على أساسها وظائف ومواقع وتبوأوا مسؤوليات لا يستحقونها ، عندها قد ندرك أننا نعيش أجواء كارثة من العيار الثقيل الذي ينبغي إلا نستهين به ، كارثة كما قلنا تمس الحاضر والمستقبل ، لاسيما وأن من البديهيات التي لا تحتاج إلى تنويه أو تنبيه هو أن الجامعات يفترض أن تكون من منابع المعرفة ومواضع العفة ومنارة للعلم والتنوير في أي مجتمع ، فهل يدرك الجميع ذلك قبل فوات الأوان ؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التاج الذهبي لا يصنع من مهرّج ملكا
حمادي بلخشين ( 2009 / 9 / 13 - 08:51 )
ما دامت نظمنا العربية تشترط الولاء قبل الكفاءة في اختيار العاملين لديها.
و ما دام تشغيل الاقارب والمعارف و موظفات المتعة جاريا به العمل في بلداننا المنكوبة
فستظل سوق التزوير قائمة على سوقها. .
ولكن هل يكتسب الحمار اسما آخر بمجرد أن نلبسه طوقا ذهبيا

للكاتب اقول شكرا.

معلومات قيمة فيما يتعلق بما يحدث في جامعات الغرب التي يظن بعض المبهورين انها بلغت الكمال في النزاهة و الصرامة.. فالأنسان هو الأنسان في كل زمان و مكان.


2 - لا يمكن القضاء على الغش الا بالعلم
Dr. Jamshid Ibrahim ( 2009 / 9 / 13 - 12:53 )
الاستاذ الجامعي او الطبيب الذي يشتري شهادة لا يستطيع ممارسة المهنة في محيط واعي و مثقف لانه سوف يقع في اخطاء تفضحه عاجلا ام آجلا كما حدث في المانيا. كثير من الناس تبدأ الدكتوراه لاجل اللقب او الشهرة او زخرفة الاسماء و ليس لاجل العلم و لكن الانسان بحاجة الى حوافز و دوافع و يستحق المكافأة. يمكن مكافحة الغش فقط باجراء امتحان او مقابلة شفهية او التأكد من الجامعة التي منحت الشهادة و طلب نسخة من رسالة الدكتوراه و المراقبة اثناء العمل . كثير من المؤسسات تثق بصورة الشهادات المقدمة بشكل عمياوي و لا تتعب نفسها اكثر. شكرا على هذا المقال


3 - موضوع ممتاز
mazin ( 2009 / 9 / 13 - 13:52 )
المحترم خليل
تحية طيبة
موضوع رائع وممتاز،÷وارجو ان تستطيع نشره في الدوريات الخاصة بالجامعات العربية او في أحدى الصحف اليومية المعروفة
لأن الأمر يخص ملايين البشر ومستقبله وقد يكون مسؤولا عن حياتهم مستقبلا
تحياتي


4 - الخريّ..خريّ
جميل السلحوت ( 2009 / 9 / 14 - 06:14 )
حمار الشيخ
الخريّ خريّ
استمرار لطموحاتي بأن اصبح شخصية مهمة وان أتبوأ منصبا ذا شأن، فقد قررت ان اسلك طريقا آمل ان لا يكتشفه أحد أو يعمل به أحد، وهو ان اشتري شهادة عليا كشهداة الاستاذية - الدكتوراة - في واحد من العلوم الانسانية من احد المكاتب التي تتاجر بالشهادات مثلما تتاجر بمقدرات هذا الشعب ..... وانا اركز على شهادة الاستاذية كي اكون مسؤولا عن حملة الشهادات الجامعية الاولى مثل البكالوريوس أو الماجستيرـ وسأجلس مع الأساتذة الكبار جلسة الند مع الند ، واذا ما بدأت التنظير في موضوع ما، فبالتأكيد سأحظى باحترام عامة الناس عندما يتقدم اسمي لقب - دكتور - وان كنت من باب التواضع سأضع امام اسمي ( د. )
غير ان الذي يشغل بالي هو في أي المواضيع ستكون شهادتي المشتراة ... فزوجتي وابنائي يريدونني أستاذا في أحد المواد العلمية كالرياضيات أو الكيمياء أو الفيزياء ، لكنني اخاف أن يكتشف أحد الخبثاء جهلي في هذه المواضيع، فحسمت امري بقراري شراء شهادة قانون أو فلسفة ،فهي تناسب شخصيتي خصوصا وأنني مسحوب من لساني ، وعندما سأبدأ الحديث فمهما خلطت الحابل بالنابل فلن يكتشف أحد الخبثاء أمري ، واذا ما اكتشف فأنني سأجد مخرجا آمنا للهروب، ويشجعني في ذلك أمّي اطال الله عمرها فهي تعتبرني افصح ابنائها وهذه شهادة

اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان