الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام آليات السوق في حاجة إلى تقويمه

محمد نبيل الشيمي

2009 / 9 / 13
الادارة و الاقتصاد


ماذا تعني آليات السوق ؟ للإجابة على هذا التساؤل يتعين إلقاء نظرة تاريخية على نشأة ومفهوم هذه العبارة ..
نبعت هذه الفكرة من اعتقاد البعض أن النظام الطبيعي هو النظام الأمثل الذي يحقق التوافق بين المصالح المتعددة في المجتمع وفي هذا الصدد يرون أن حق الملكية جزء من هذا النظام الطبيعي .
وكان الإغريق من أوائل الذين تصدوا للتأكيد على هذا المفهوم ورأي أفلاطون أن الملكية الخاصة والميراث والأسرة حق طبيعي للانسان وأن إلغاء البواعث والدوافع الشخصية لن يكون في صالح المجتمع ... وفي القرن الخامس الميلادي دافع القديس توما الأكويني عن الملكية الفردية حيث يرى فيها اتفاقاً وتواؤما مع القانون الطبيعي ... وفي العصر الحديث نشأت مجموعة من الأفكار الاقتصادية في نهاية حكم لويس الخامس عشر اصطلح على تسميتها بأفكار الطبيعيين وهي نظرية متكاملة عن النشاط الاقتصادي مبنية على دراسة الإنسان وعلاقاته بالعالم الطبيعي وكان الطبيعيون رمزاً للسياسة الاقتصادية الحرة ... كانوا يرون ضرورة ترك كل شيء حر وأطلق دي جورناي عبارته الشهيرة LAISSER FAIRE, LAISSER PASSER دع الأفراد يعملون ... ودع السلع تنتقل بين البلاد .
ثم جاء آدم سميث معتقداً أشد الاعتقاد بأن النظام الطبيعي القائم على حق الفرد في تحقيق مصلحته دون التدخل من جانب الدولة لأن الفرد قادر على التوفيق بين المصالح الخاصة للأفراد والمصلحة العامة ويرى سميث أن ذلك يعود لفكرة اليد الخفية INVISIBLE HAND وهذا يعني أن الأفراد في سعيهم لتحقيق صالحهم الخاص يحققون بدون أن يشعروا المصلحة العامة ويرى سميث أن آليات السوق لا تعدو عن كونها تنظيماً اجتماعياً لظبط سلوك الأفراد في ميدان الإنتاج وإشباع الحاجات في ظل وجود عدد من المؤسسات الاجتماعية الأهلية وغير الحكومية وهي ضرورية لضبط السلوك الاجتماعي مثل الجمعيات الخيرية .



ويركز سميث على أن الدعوة لاقتصاديات السوق لابد أن تتوافق مع وجود عدة عناصر أهمها حرية التجارة / حرية العمل / حرية الثقافة /الحرية السياسية ... وهذا يعني أن الدعوة للحرية الاقتصادية لم تكن سوى جزء متكامل من نظره شاملة للجوانب السياسية والاجتماعية والأخلاقية .
يرى سميث أن التدخل الحكومي في النشاط الإنتاجي يكون ضاراً في الغالب وهو في ذات الوقت يهاجم القيود التي يمكن أن يفرضها التجار وأصحاب الحرف على حرية النشاط الاقتصادي حيث يعتبرها أشد خطورة عن التدخل الحكومي
إن نظام آلية السوق يعني التنافس يما خص توزيع الموارد النادرة من خلال وسيلة السعر وهنا يكون للآليات الدور في إعادة التوازن بعيداً عن التدخل الحكومي فمثلاً لو كان المعروض من صنف أو منتج ما يفوق الطلب مقابل معروض من صنف أو منتج آخر أقل من الطلب فإن السعرمن الصنف الأول ينخفض في حين يرتفع السعر من الصنف الثاني ومن هنا فإن الجهاز الإنتاجي في المجتمع يتلقى إشارة للقيام بالتعديلات اللازمة بالتوسع في إنتاج الصنف الثاني والتقليل من الصنف الأول ... وعلى الوجه الآخر نظرياً يقل الطلب على المنتج الذي ارتفعت أسعاره مقابل زيادة الطلب على المنتج الذي انخفضت أسعاره ... وهذا الإطار النظري يتطلب لنجاحه توافر كل شروط المنافسة .
... ويرى الماركسيون أن نظام آليات السوق نظام ظالم أقر لتعظيم مكاسب فئة مسيطرة على وسائل الإنتاج وكان رفضهم لهذا النظام نابع من إيمانهم المطلق بأن الملكية الفردية مصدر كل الشرور .

أسس نظام السوق في الإسلام :-
الأصل في الإسلام ألا يوجد اي نتصرف من شأنه الأضرار بمصالح الفرد والمجتمع ومن هنا يرىبعض فقهاء المسلمين أن ترك عوامل السوق بدون ضابط قد يؤدي إلى استغلال فروق الأسعار والتهريب والاكتناز وظهور الثمن الاحتكاري ولذا فأنهم اهتموا بتحديد الأثمان عند الضرورة وعدم تركها لعوامل العرض والطلب بدعوى حماية حق الملكية الفردية وهذا يعني أن الإسلام لمس فطرة التملك عند الإنسان وحقه في وضع سعر يحقق له الربح المناسب لاستمرار نشاطه وتنميته ألا أنه لم يترك الميدان خالياً من حق الدولة في إقرار التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع فللدولة أن تبطل الملكية الفردية إذا أصر صاحبها على الضرر ولها أن تحدد سعراً للسلع المعروضة إذا كان هذا لصالح المجتمع ... .



ويرى الفقيه الإمام ابن تيمية أنه إذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم فلا سبيل لتدخل ... ولكن إذا امتنع أرباب السلع عن البيع مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة عنها يجب عليهم البيع مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة عنها يجب عليهم البيع بقيمة المثل وهذا هو التسعير اللازم وإذا انحصر البيع في طائفة واحدة فالتسعير واجب دائماً .
وهكذا فإن الإسلام وإن كان لا يقف موقفاً معارضاً للتفاعلات في المجتمع ولا بينكر حق الملكية الفردية .. فإنه يقف أيضاً ضد كل تصرف من شأنه الأضرار بالمجتمع فلا يقر بآليات أو اقتصاديات السوق إذا شابهاً شبهة احتكار أو تخزين لمنع التداول في الأسواق ومن ثم فإن للولي أو الحاكم الحق في إقرار سعر عادل لا يبخس حق المنتج ولا يظلم المستهلك .
ويبقى السؤال هل يمكن لآليات السوق أو اقتصاديات السوق أن تحقق مصالح المجتمع .؟
لا خلاف على أن من نواقص نظام السوق القائم على آلية السعر عدم النجاح في تنظيم العرض كما هو متطلب . كما أنه لا يحول بالضرورة دون نشوب التضخم كما أنه في واقع الأمر سلاح يستخدمه المنتج فلديه القدرة علىضوء حالة الأسعار ومستويات الطلب .. أيضاً هذا النظام قد يفشل تماماً أو يعجز عن إنتاج السلع التي يتطلبها المجتمع مثل إسكان الطبقات الفقيرة ولعل تجربة الكساد العالمي عام 1929 خير شاهد على أنه ليس في كل الأحوال يكتب النجاح لهذا النظام وهذا ما تؤكده الأزمة المالية العالمية التي شهدها العالم منذ العام الماضي .
أن نظام آليات السوق في حاجة الي اعادة تقويمة من خلال تدخل فاعل للدولة لترويض هذا الوحش الذي التهم حق الفقراء في العيش الكريم .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد أزمة نقص الأموال في شمال غزة بعد منع الاحتلال إ


.. فرنسا تعزز أسطولها النووي لإنتاج الطاقة الكهربائية




.. سيرين عبدالنور عن تعاونها مع قيس الشيخ: أحترمه وأخاف من المن


.. ترحيب حافل بالرئيس الصيني في صربيا والتزام بتعزيز التعاون ال




.. سباق كليبر.. منافسة بين بحارة بولاية واشنطن لجمع تبرعات لمنظ