الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذه ليست برلين

صبري هاشم

2009 / 9 / 14
الادب والفن


تلك بلادٌ سبحتْ في رمادِ سماواتٍ هَجَرَتْها الأقمار
فإنْ أردتَ عودةً
فعُدْ مُلتَفّاً بالزمنِ الضبابيّ
عُدْ كأنّك ابنُ الرِّيحِ الضال مُحتمياً بالإعصارِ
حين يكفّ في صدرِكَ الولدُ المُشاغبُ عن العويل
عُدْ بالخيباتِ مسكوناً
فهذا زمنٌ ضلّيل
هي خطاك تتبعُ خطى موجةٍ
لا الزّبد فيها يمحو زبداً
ولا الحافر في الرملِ يقعُ على حافرِ
خسرتَ تجارةً أغْرَقَها البحرُ وعطورَ نساء
وزّعَهنَّ النَّدى على حدائقِ الليل
يا هذا العاثرُ النبيل
وأنتَ الأصيل
قبلك مرَّ غزاةٌ بحافلةِ الظلامِ
هي كالتي أغوت خائباً إلى ركوبِ السبيل
هي ليلٌ ، مهلكةٌ
هي غابةٌ شاسعةٌ للمرجان
غزاةٌ مِن قبلك فتحوا أبوابَ البصرةِ
كنّا نجوسُ في ليلِ الغابةِ
نحتطبُ جسدَ الهديل
كنّا أنفاسَ الفسيلِ تغسلُ وجهَ الماء
وتحتمي بالنخيل
سأُخبرُك حين تدخلُ شمساً
عن غزاةٍ مِن قبلك مرّوا
جزّوا ناصيةَ المدينةِ وقدّموا
ـ بلفافةٍ مِن ورقٍ طينيٍّ فَخَرَتْه الأساطير ـ
خصلةً مِن شعْرِها الجميل
لخائنٍ مِن بلادِ مابين نهرين
وقالوا :
لم نخسرْ شيئاً فمِن أرضِه اقتطعْنا له سهماً صغيراً يليقُ بروحٍ ضئيل
ما أبخسَ ثمنَ الخيانةِ !
لم نخسرْ شيئاً قالوا
فالخائنُ معنا عادَ راغباً والخائنُ مرغماً عاد
عُدْ كي أخبرَكَ عن بحارٍ حَمَلَتْها الأساطيل
عُدْ إلى زورقِك القديم وأبحرْ
أمامك برلين منتجعُ العاهراتِ
ومِهْبَطُ العابرين
أمامك برلين فأهدرْ بوجهِ الخائنِ:
اخلعْ بأبخسِ الأثمانِ قميصاً
اخلعْ .. اخلعْ .. اخلعْ
ما أرخصَ الأجر !
أخيراً عدتَ إلى صدرٍ منه تستدرُّ
لبناً أرجوانياً ، قرمزياً ، أو سحرياً
إلى مبتغاكَ ها قد وصلتَ
إلى مبغاكَ وأنتَ الأخير
وأنتَ الأجير وصلتَ
لم تكن آخرَ الأوغادِ ولم
ما أشبه فجور الليل بعهرِ النهارِ
وصلتَ وما خدعَكَ سوى صاحبٍ ذليل
هل خسرتَ الرّحلتين
وعويلاً على أبوابِ ضبابِك المَهِيلِ ؟
كنّا نرقبُ سماءً مِن فوقِنا انتصبتْ
أجهشتْ بدوراً منطفئةً وجيشَ نجوم
كنّا نرقبُ ولم نتعبْ
وعلى مسافةِ قامتين منّا كان عراةٌ يتصيدون
في بحرٍ وهميٍّ للذّةِ يعومون
يتابعون فراغاً تَدَحْرَجَ عليهم
مِن أعلى أكتافِ الرِّيح
عراةٌ نثروا فوق جلدِكَ رملاً نارياً
فتحرشفَ كجلدِ حيوانٍ بائدٍ
هي كرةُ النارِ
لفّتها الريحُ وانفلقتْ في ميدان
مِن أحشائها انبعثَ كونٌ مِن ديدان
عُدْ ربما كان هذا آخر المطاف
آخر الطريقِ الطويل

22 ـ 08 ـ 2009 برلين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا