الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفقر والمجاعة من أبرز مؤشرات -النمو الاقتصادي- في اسرائيل !

احمد سعد

2009 / 9 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


تصادف في نهاية هذا الاسبوع ومطلع الاسبوع القادم مناسبتان هامتان من المفروض ان تدخلا السعادة والفرحة الى بيوت الناس، عيد الفطر السعيد وعيد رأس السنة العبرية. ولكن "من المفروض" هذا اصبح في بلادنا من التمنيات والامنيات التي تحكمها الغربة عن ارض واقع ينسج خيوط بيته العنكبوتي نظام يحرم الانسان من ابسط الحقوق الانسانية، الحق بتوفير رغيف الخبز ونظافة البيئة من قاذورات التمييز والعنصرية الملوّثة ومن الفرحة في القلوب والبسمة على الشفاه احتضانًا للمناسبات السعيدة. فالسؤال الذي يطرح نفسه يتمحور حول كيف يستقبل العرب واليهود الاعياد القريبة، خاصة في ظل الاوضاع المأساوية التي تفرضها حكومة الاحتلال والاستيطان والافقار والتمييز؟ لا احد يستطيع انكار حقيقة ان اكثر الفروع الاقتصادية- الاجتماعية "المزدهرة" وتيشرة نمو عالية هو فرع الفقر والمجاعة! وبالنسبة الى السلطة واذرعها السياسية والاعلامية الدعائية والاجتماعية فإنه لا يجري التطرق لموضوع الفقر والمجاعة في اسرائيل الا في مناسبتين، الاولى غداة نشر التقرير السنوي الذي تعده مصلحة التأمين الوطني عن الفقر. فالمعطيات الصارخة عن حالة الفقر تدفع بالسلطة واذرعها الى اختلاق المبررات لطمس حقيقة مسؤوليتها عن انتاج الفقر والمزايدة في طرح وعود وبرامج "لمحاربة الفقر" وتشغل الرأي العام بهذا الموضوع لعدة ايام، وسريعًا ما يدخل هذا الموضوع الى دهاليز النسيان. والمناسبة الثانية، عشية الاعياد حيث يبرز الوضع المأساوي للفقراء والمحتاجين والجياع الذين لا يملكون امكانية توفير اللقمة والبسمة لعائلاتهم في العيد.
**معطيات ومواقف:
من الاهمية بمكان ولمواجهة ظاهرة الفقر التي اصبحت من الظواهر المزمنة التي ترافق مسار التطور والصراع في اسرائيل رفع درجة الوعي الطبقي السياسي الجماهيري لهذه الظاهرة. فحسب معطيات تقرير اعده "معهد داحف" بواسطة المهنية د.مينا تسيمح فإن حوالي ثمانين في المئة ممن شملهم استطلاع الرأي يثقون ويقدرون انه توجد مظاهر مجاعة في اسرائيل وثمانية في المئة فقط تنكر وجود مجاعة. وان اكثر مجموعتين من السكان ممن يعانون من الفقر والمجاعة هم العرب اولاً والحريديم ثانيًا. كما ان ثمانين في المئة يُحَملّون الحكومة المسؤولية الاولى عن الفقر والمجاعة، وعلى الحكومة تقع مسؤولية محاربة هذه الظاهرة، بينما 3,5% ممن شملهم الاستطلاع يؤكدون على اهمية الجمعيات الخيرية في محاربة الفقر والمجاعة. وحسب تقرير دائرة الاحصاء المركزية حول مداخيل الدولة (انظر يديعوت احرونوت 11/9/2009) فإن معطياته تكشف الفشل الذريع لحكومة اولمرت السابقة في تجسيد اجندتها الاجتماعية. فحسب هذه الاجندة خطط على الورق ان تزداد حصة معالجة الفقر من الميزانية العامة بنسبة اكبر من زيادة دخل العُشرين الاعليين من الاغنياء في سلم الدخل وذلك لجسر فجوات التقاطب الاجتماعي الواسعة بين الاغنياء والفقراء. ولم يتحقق هذا الهدف في سنة 2008. فحصة العُشر الاخير في الدرجة الدنيا من سلم المداخيل انخفضت بينما حصة العُشر الاعلى قد ازدادت مداخليها بنسبة نصف في المئة! وحسب معطيات تقرير جمعية "لتيت" فان عدد سكان اسرائيل زاد من سنة 1989 الى سنة 2008 بنسبة ستين في المئة. بينما عدد الفقراء في نفس الفترة قد زاد بنسبة مائتين وسبعين في المئة، وعدد الاطفال الفقراء زاد بنسبة 300%! ووفق رأي هذه الجمعية انه لو تمت المحافظة على نسبة الفقراء بين السكان كما كانت قبل عشرين سنة لكان عدد الفقراء اليوم اقل بمليون فقير، أي ستمئة وخمسين الف فقير وليس اكثر من مليون وستمئة وخمسين الف فقير كما هو قائم اليوم. وحسب تقرير "داحف" المذكور فإن الحكومة مسؤولة عن زيادة حدة الفقر وعدد الفقراء.
فغياب خطة حكومية ممهورة بميزانية ملائمة لمواجهة الفقر واهمال الاستثمار المطلوب في جهاز التعليم والاعتماد على قوى سوق العمل، السوق الحرة، يؤدي الى التشاؤم ودفن الامل باحتمال التخلص من ظاهرة الفقر والمجاعة. وحسب التقرير المذكور فإن (55%) ممن شملهم الاستطلاع لا يؤمنون انه بعد عشر سنوات سيزداد عدد الفقراء بينما (11%) فقط يؤمنون انه بعد عشر سنوات سينخفض عدد الفقراء والمحتاجين. وان كل اسرائيلي ثان قلق من اليوم الذي سيطرق الفقر باب بيته!!
كما ان الامن الغذائي غير متوفر لاكثر من خُمس تعداد سكان اسرائيل اليهود والعرب. ويقر بهذه الحقيقة وزير الرفاه الاجتماعي في حكومة الكوارث السياسية والاجتماعية يتساحق هرتسوغ. فحسب رأيه "حان الوقت لان تضع الحكومة في رأس سلم افضلياتها قضية الفقراء. يجب وضع حد للمناظر الصعبة لوقوف وتسوّل المحتاجين في طوابير امام فروع الجمعيات الخيرية"!! وحسب رأي هرتسوع ايضا ان "البيروقراطية" تقف حجر عثرة في وجه الجدية في معالجة مبرمجة لمواجهة الفقر وانه لا ممنوع على المجتمع الاسرائيلي الوصول الى وضع يقود الى افلاس الفقراء. والحل هو بتنظيم عمل الجمعيات الخيرية، وهذا واجب الدولة وعدم التهرب منه"!!
ان الوزير هرتسوغ ومختلف التقارير الرسمية وغير الرسمية يركزون على سرد الوقائع والمعطيات بشكل احادي الجانب اعتمادًا على الحسابات الميكانيكية متجاهلين عمدًا العوامل الاساسية لزيادة حدة الفقر والمجاعة في اسرائيل والتي بدون معالجتها جذريا لا يمكن وقف او جسر الهوة المتسعة سنويًا للتقاطب الاجتماعي بين الفقراء والاغنياء في المجتمع الاسرائيلي، ولعل ابرز هذه العوامل والاسباب ما يلي:
*اولاً: ان الميزانية العامة للعامين الفين وتسعة والفين وعشرة يا هرتسوع ويا حكومة نتنياهو اليمينية لا تشمل بنودها أي بند لضمان الامن الغذائي ومحاربة الفقر، بل مزيدًا من الضرائب وتآكل العديد من مخصصات التأمين الوطني التي مدلولها زيادة عدد الفقراء والجياع والمحتاجين.
* ثانيًا: ان انتهاج المنهج النيولبرالي الرأسمالي الخنزيري منذ ولاية حكومة نتنياهو الاولى في السلطة حتى اليوم، منهج اغناء الاغنياء وافقار الفقراء قد عمّق اكثر حدة الفقر ومعيشة تحت خط الفقر.
* ثالثًا: التكاليف الباهظة لتمويل الاحتلال الاستيطاني وجرائمه وللانفاق على السياسة العدوانية وسباق التسلح كل ذلك قد عكس اثره السلبي المدمر على الاوضاع الاجتماعية وزيادة عدد الفقراء ومختلف اشكال الاجرام المنظم.
ان ما تقوم به الجمعيات الخيرية التطوعية من نشاطات لجمع اغاثة وتوفير"سلة غذاء" لاوساط الفقراء والمحتاجين اليهود هو مجهود مشكور ولكنه لا يحل جذريا قضية الفقر والمجاعة، وذلك لانه جزئي ولا يلبي حاجة كل الفقراء، وهو نشاط موسمي عشية الاعياد، ولكنه من ناحية اخرى يعتبر مخدرًا يخفف من وطأة النقمة الاجتماعية للفقراء ضد سياسة الافقار الحكومية ويعرقل تطور وعيها السياسي الى درجة الربط الجدلي بين الطبقي والسياسي، بين رغيف الخبز والسلام العادل، بين التردي المعيشي للفقراء وغياب نظام العدالة الاجتماعية.
** لا حليب ولا عسل!
المعطيات الصارخة التي تنشرها الصحف ومختلف وسائل الاعلام الصهيونية والمجندة في خدمة الصهيونية تفضح عرض الدعاية الصهيونية التضليلية حول "جنة الحليب والعسل" والاخوّة اليهودية اليهودية في المجتمع التوافقي تحت المظلة الصهيونية! فالمعطيات الصارخة تؤكد ان اسرائيل ليست اكثر من مجتمع استغلالي رأسمالي تعاني فيه الطبقة الكادحة والاقلية القومية العربية الفلسطينية اشرس اساليب القهر الطبقي والقومي والعنصري. ولا سلام طبقيا في البيت اليهودي. فعلى شرف رأس السنة العبرية ينشر ومنذ اكثر من اسبوعين، وفي مختلف الصحف الصهيونية، اعلانات لجمعيات اغاثة خيرية تهيب بالجمهور اليهودي الواسع التبرع لتوفير "سلة اغذية" رأس السنة متواضعة لاغاثة الفقراء والمحتاجين الذين لا يملكون امكانية توفير الاغذية والبسمة بمناسبة عيد رأس السنة العبرية . فجمعية "لتيت" الخيرية بمشاركة صحيفة "يديعوت احرونوت" و"واينت" وبدعم من "الصندوق للصداقة- صندوق الامل الاسرائيلي" تنشر يوميا اعلانا دعائيا مفاده قيامها بمشروع لتوفير مائتي الف "وجبة عيد" لاغاثة الفقراء والجياع من اليهود الذين لا يذوقون طعم "الحليب والعسل الصهيوني" وحتى ان البصل في غربة عنهم. وتطلب هذه الجمعية من فاعلي الخير التبرع بعشرة شواقل اغاثة. ولدفع عجلة تبرعات الاغاثة يجري يوميا الكشف عن حقيقة الوجه الآخر في المجتمع الاسرائيلي، اسرائيل الفقر والمجاعة، نشر صور لرجال ونساء واطفال يهود يفتشون في حاويات وبراميل القمامة عن فضلات طعام مهترئة، نشر صور فقراء ينتظرون اغلاق ابواب الاسواق في المدن والبلدات حتى يجمعوا ما يلقى في اكوام الزبالة من خضار وفواكه. نشر صور مسنين ومسنات من الناجين من الكارثة النازية التي لا توفر لهم "جنة الصهيونية سوى الفقر والمجاعة وطرق ابواب الجمعيات الخيرية لتوفير وجبة طعام و"سلة اغذية" للعيد. وحسب جمعية "لتيت" فانها تهتم بحوالي الف واربعمئة فقير وفقيرة من الناجين من الكارثة. حتى الشرطة، احدى اجهزة القمع السلطوية، ترتفع اصوات افرادها طلبا للاغاثة من جراء الاجور المنخفضة التي تراوح حول الحد الادنى للاجور واقل من المعدل الوسطي للاجور!!.
أمام هذا الوضع الاجتماعي المأساوي لحالة الفقر والمجاعة في اسرائيل فانه وللاسف الشديد لم يرتق بعد السقف الكفاحي للضحايا الى درجة ربط المطالب الاجتماعية لتحسين الاوضاع المعيشية والاجتماعية للفقراء والمحتاجين بدرجة من الوعي السياسي الكفاحي لشحن المعترك النضالي الجماهيري بالكفاح ضد السياسة العدوانية والتمييزية العنصرية السلطوية. فهذه هي مهمة جميع انصار العدالة الاجتماعية وقوى السلام العادل وانصار المساواة القومية والمدنية للاقلية القومية العربية الفلسطينية في بلادنا- ولا خيار لمواجهة حالة الفقر والمجاعة المأساوية الا بتصعيد الكفاح، وباوسع وحدة صف نضالية يهودية- عربية، عربية- يهودية، ضد سياسة الاحتلال والاستيطان والعدوان والافقار والتمييز القومي العنصري التي تنتهجها حكومات اسرائيل المتعاقبة والحالية.
وكل عام والاوضاع افضل والجميع بألف خير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رجاء اقنعني بطريقة علميه
ابو حيدر ( 2009 / 9 / 15 - 21:18 )
اخي احمد
انا افهم انك تكره اسرائيل والصهيونيه وهذا من حقك سواء كانت عندك اسباب مقنعه او لا بالنسبه للاخرين
انا رجل غلم ومهتم بالشرق الاوسط ولايدخل بدماعي ان في اسرائيل فقر ومجاعه وذالك بعيدا عن عواطفي ومشاعري الشخصيه
ارجوك ونحن العرب عندنا كثير من الفقر والمجاعه حتى في بلاد النفط - او بالاحرى في بعضها ربما الاغنى
ان واحدة من نواقصنا نحن العرب اننا لانريد ان نحكم العقل في الظواهر المحيطه بنا وصدقني انا في بلد عربي لو قلت هذا الكلام في ارصن جامعة عربيه لقتلوني ومرة جربت حينما قال الخطيب ان صدام ضرغام الامه العربيه قلت لا ان صدام جزار وفاشي وهنالك اطنان الاثباتات على ذالك فهجموا كلهم بلا استثناء علي
يسارهم ويمينهم حتى امين عام حزب شيوعي - اويدعي شيوعي - وقد كان جالسا بجنبي مع عضو مكتبه السياسي انهما لم يدافعا عني ولكني اعتقد انهما ايضا ساهما بضربي حتى فقدت
وعيي لحسن الحظ ولو لم اكن في السبعينات وضعيف جدا لمت بالتاءكيد مره ثانيه ارجوك ان تقنعني بالارقام بان في اسرائيل فقر ومجاعه بالارقام الصحيحه ووفقا للمعايير العربيه او حتى العالميه وشكرا

اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد