الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسكينٌ هذا الفتى.. مسكينٌ منتظر الزيدي

سعد الشديدي

2009 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم يخرج الصحفيّ العراقي منتظر الزيدي الى الحرية بعد أن كان من المقرر أن يتم الإفراج عنه يوم أمس 14 أيلول/سبتمبر 2009. هذا ما صرّح به شقيق الزيدي لوسائل الإعلام صباح اليوم، مؤكداً إنّ تأخير خروج شقيقه من السجن كان لأسبابٍ إجرائيةٍ... لا أكثر.
ومنتظر الزيدي، الصحفيّ العراقي الذي قذف َ رئيسَ الولايات المتحدة الأمريكية، جورج بوش الإبن، بحذائين متتاليين في مؤتمر صحفيٍّ عقده مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد في 14 كانون أول/ديسمبر 2008، قضى تسعة اشهر ويوم واحد في التوقيف والسجن، هذا على إفتراض الإفراج عنه اليوم.
إذن فإجراءات الإفراج عن الزيدي على قدم وساق وستسمر حتى يخرج السجين ليسير بحريةٍ في شوارع بغداد محاطاً بإفراد عائلته وعددٍ، نعتقد جميعاً انه سيكون كبيراً، من المواطنين الذين ألهبَ منتظر الزيدي.. والأصح حذاءاه الشهيران... مشاعرهم الوطنية ومنحهم إحساساً بآدميتهم لأول مرةٍ منذ زمن طويل.
ودون الدخول بالمعركة الأبدية التي يتخندق فيها طرفان من العراقيين يرى أحدهما بأن منتظراً بطلٌ وطني أبرَدَ بما فعله غليلَ الكثيرين من أبناء وطنه بينما يراه الطرف الآخر أبن شوارع - زقاقي دخل العمل الصحفي من باب جحا الخلفي - ولايعرف سوى لغة الأحذية، ودون رثاءٍ مُبكر لهذا الفتى الجنوبي الذي وُلد وأشتدّ عوده في مناطق الغيتو المحيطة بالعاصمة العراقية بغداد (المناطق التي تقع قريباُ من المدينة ولكنها لم تنتمِ ولن تنتمي اليها بأي شكل من الأشكال ولا في أي زمن من الأزمنة سواءٌ كان ذلك بفعل فاعل من خارجها أو بإختيارها الخاص ومع سبق الإصرار)، ودون دخول في تفاصيل حياة الزيدي قبل إنهيار النظام الدكتاتوري والمتراسِ الذي كان يقف فيه آنذاك، مع أو ضدّ النظام أو بينَ بينْ في المنطقة الغائمة التي ينتصبُ فيها التلّ الذي جلس عليه عقيل بن أبي طالب محايداً بين ثريد معاوية والصلاة وراء عليّ، وأخيراً دون محاولة قراءة كفّ الزيدي أو فنجان قهوته التي لم ربما لم يذقها منذ دخل عالم ما وراء القضبان، دون هذا كلّه يجب تقييم ما فعله الزيدي وسرّ التأييد الواسع الذي حاز عليه حتى إن شاعرنا الكبير سعدي يوسف حيّا منتظراً في قصيدة نُشرت أمس أهان فيها علمنا الوطني وجعل منه حذاءاً " يحلّق مقذوفاً ليصيب" فهنيئاً لأبي حيدر علمه الجديد بقياس 44 وهو مقياس حذاء الزيدي "الشهير".
الأكيد أن حذاء منتظر الزيدي الذي وجد من يجعله علمنا الوطني وربما القومي الذي سنناجز به أعداء الأمة العربية الواحدة.... ذات الـ..... كان تعبيراً عن حالة العجز التي يعاني منها قطاع واسع من العراقيين الذين اُخذوا على حين غرّة بدخول قوات الإحتلال الأمريكي الى بلدهم ولم يحددوا موقفاً من ذلك حتى الآن فهم اليوم مع أمريكا وغداً ضدّها، وهم ذات القطاع الذي كان هدفاً لأحذية الأنظمة التي تركت آثارها واضحة على ظهورهم ووجوههم وأدمغتهم منذ عشرات السنين وإمتازوا بالعجز عن مواجهة تلك الأنظمة والآن العجز عن مواجهة الإحتلال بأساليب فاعلة تستطيع إجباره على الهرب كما فعل مثلاً في فيتنام. لذلك فلابدّ إن قائد القوات الأمريكية في العراق شعر بإرتياح كبير وهو يشاهد على شاشة التلفزيون إنطلاق حذائَي الزيدي نحو رئيسه المبجل جورج دبليو بوش، لأنه شعر بالتأكيد أن هذاالشعب غير جادّ إطلاقاً في موضوع المقاومة فلو كان جادّاً ومتيقناً من قدرته على المواجهة بأساليب أخرى غير حذائية لفعل.
الغريب أن أهالي تكريت، تكريت وليس غيرها، أقاموا نصباً لحذاء الزيدي. أما كانوا هُم مَن أشبع العراق شعباً وتراباً وسماءاً وماءاً ضرباً بالأحذية طوال أكثر من ثلاثين عاماً؟
ولكن مافعله الزيدي أصبح جزءاً من التاريخ، رضيَّ من رضيَّ ورفضَ من رفضَ، وسيخرج اليومَ الى الحرية فما الذي ينتظره؟
ويبدو أن الخطوة القادمة ستكون مغادرته الى خارج العراق ليعيش منفياً بإرادته، وهذا ما لايتمناه له أحد. فالمصادر المقرّبه من عائلته تشير أن العائلة تعدّ العدّة له لأن يغادر العراق بعد الإفراج عنه بفترة قصيرة بسبب التهديدات التي تلقتها العائلة بالإنتقام منه حال خروجه. والحقيقة إن تلك التهديدات هي مجرد وهمٌ، فتصفيه منتظر في سجنه الذي مكث فيه أشهر عديدة كان أمراً ولا أسهل منه، على عكس ما قاله الشاعر سعدي يوسف في قصيدته. ولكن العراقيين المعتادين على أساليب صدام حسين في الإغتيالات للتخلص من أعدائه لم يعرفوا بعد كيف يفكر الأمريكان وكيف يسلكون مع أعدائهم أو أصدقائهم. فالتخلص من منتظر الزيدي عن طريق القتل أو موته بصورة غامضة سيجعل منه شهيداً وهذا لايريده الأمريكان ولاغيرهم. لذلك فإن خطر إغتياله خارج لسجن هو مسألة مبالغ فيها. لذلك فما معنى التلويح بخطر إغتياله الذي أعلنت عنه عائلته وأصدقائه؟
أما التخطيط لسفره الى خارج العراق فمسألة يمكن فهمها. ذلك أنه لن يستطيع التحرك كإعلامي داخل العراق ولن يستطيع الوصول في مهماته الصحفية الى مراكز صنع وإعلان القرار كما كان يفعل من قبل. لذلك فإن مغادرة العراق أمر طبيعي ومحفوفٌ بالكثير من الآفاق والمخاطر، وأكثر تلك المخاطر جديةً هو إكتشافه أنه دخل في لعبة أكبر منه، إنْ بمبادرته الخاصة أو مدفوعاً إليها دفعاً، وأن لاطاقة له بها وإنه لن يكون قادراً على الإستمرار فيها حتى النهاية. فمن يخطو الخطوة الأولى يجب أن يخطو بعدها خطوات أخرى في نفس الإتجاه وإلا كانت خطوته الأولى بلامعنى. فكيف ستكون خطواته القادمة؟
يجب على هذا الفتى الذي حقق مفاجئة أربكت العالم ولو للحظات قصيرة أن يكون قد حسب الحِسبة بشكل صحيح إثناء خلوته في سجنه. ذلك إنّ جميع من حوله دون إستثناء سيسعون لإستثمار ما فعله والحصول من خلاله على مكاسب معنوية ومادّية، وسيكون أشتراكه في ذلك وبالاً عليه، وكذلك صمته أو رفضه لما يجري بإسمه. والأدهى من ذلك جميعاً أنه قد يكتشف يوماً بأنه تحوّل الى بُرغي في ماكنة كبيرة يرى ـ ومعه كلّ الحق في ذلك، بأنه كان من أول حرّكها بحذائيه في البداية. ماكنة تصنع الأموال والشعارات والمقالات والبرامج واللقاءات التلفزيونية والقصائد لمصلحة عدد كبير ممن يحاولون إمتصاص ماقام به في المؤتمر الصحفي في 14 كانون أول 2008 وإن عليه أن يتقبل ذلك بطيبة خاطر وإلا أنقلبت عليه الآية.
هذا من طرف أصدقائه، أما أعداءه فلايعلم سوى الله ما هم فاعلون لأسقاطه بشكل نهائي فإن نصف شعبه على الأقل يشجب ما فعل وإسقاطه نهائياً وإن كان ليس بالأمر باليسير فهو في آن ليس عسيراً.
المهم أن نرى كيف سيكون منتظر الزيدي بعد عام واحدٍ من خروجه. هل سيتحدى القدر ويرميه بحذائين جديدين أم سيكون هو ضحية القدر واللعبة التي بدأت حتى قبل خروجه من سجنه؟ لننتظر ونرى.. واليوم سيكون الأول, وغدٌ قادم لاريب.


سعد الشديدي

المدونة الخاصة – جلجامش 2000
http://alshadidi.blogspot.com/









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاتحزن
جيفارا ( 2009 / 9 / 15 - 00:00 )
وان أسهبة وأطنبت يا أخ ألشديدي وبغداد ومن يعيش حولها وداخلها وهذة ألعقد ألمزمنة........ لكن لاتحزن سيبقي منتظر أبن ألعراق سواء من بغداد أ, غيرها فكلها عراق


2 - بالفعل مسكين
خليل الخالد ( 2009 / 9 / 15 - 02:22 )
اخي الكاتب العزيز
ان منتظر الزيدي قام بفعل عجزت عنه عقول العرب و عجزت عنه ابدانهم اذ ان هذا الزيدي قام بجهد عظلي كبير برميه فردتي حذائه.
اعتقد ان ما فعله هذا الشاب كان بمقدور اي رجل من ابناء امتنا الغراء.
لو كان منتظر الزيدي انسانا شريفا لطالب بان تتم معاقبته بناءا على قانون صدام حسين و ليس على قانون ديمقراطية جورج بوش المعظم, طالما انه ضربه حسرة على صدام.
لو حوكم منتظر على قانون صدام لما بات ليلة واحدة في السجن لا هو ولا احد من افراد عائلته


3 - رأي قانوني
مصلح المعمار ( 2009 / 9 / 15 - 04:15 )
كل السجناء في الدول الديمقراطية عندما تنتهي فترة محكومياتهم ويطلق سراحهم يجب ان يبقوا داخل اوطانهم لفترة تسمى فترة فحص السلوك ، وهذه الفترة يتم فحص اخلاق وتصرفات الشخص ذو السوابق حين اختلاطه بآلمجتمع ويتم مراقبته عن طريق حضوره لمراكز الشرطة دوريا لأثبات محل اقامته وحسن سلوكه داخل المجتمع ، ان امثال الزيدي الذي ائتمنته وآحترمته السلطات العراقيه للجلوس مع صحفيين محترمين ثم قام بأهانة مهنة الصحافه وآهانة زملائه الصحفيين وخيانته للأمانه ، فليس من البعيد ان هذا الشخص سيخون الأمانه مرة اخرى ، اذن من الخطأ السماح له بآلخروج خارج الوطن في الوقت الحاضر لحين قضاء فترة الأصلاحيه ما بعد الأفراج عنه وآن يثبت انتماؤه لوطنه وليس لأعداء الوطن ، حينها ينظر بأعطائه الحريه الكامله للمواطن العراقي ، تحياتي للجميع


4 - وسفه
رعد الحافظ ( 2009 / 9 / 15 - 16:27 )
وألف وسفه على أي عراقي يؤيد فعلة الزيدي الحذائية
لقد أهان الشعب العراقي كله بفعلته الشنعاء وأهان تأريخنا وكل مابقي من قيم جيدة لدى هذا الشعب
لقد دمر صدام الأنسان وفكره وأجهز على إنسانية العراقيين
وما الزيدي إلا إفرازه قذرة وقيح من إفرازات صدام اللعين
كان يجب أن يحاكم بقانون صدام (سيده الاصلي ) مثلما قال الأخ الكاتب خليل الخالد...لكنه أوضح بعبارة..لو كان شريفاً


5 - منتظر طبل فارغ
اسماعيل الجبوري ( 2009 / 9 / 15 - 22:26 )
منتظر سيلتحق برفاقه البعثين الهاربين في سوريا( وستكون المحطة الاخيرة في جولته الاخير في دول العربان كما صرح هو في مؤتمره الصحفي) والذي تطالب الحكومة العراقية بتسليمهم لها لاجل مقاضاتهم واتمنى ان يمنحه بعثي سوريا الجنسية السورية والطيور على اشكالها تقع ولم يتشرف العراقين بمثل هؤلاء النماذج. ملخص مافعله منتظر هو الانتقام من الرئيس الامريكي الذي اطاح بمحبوب قلبه صدام المقبور ويعتبر فعلته بمثابة الثأر من الرئيس الامريكي الذي حرر العراق من عصابات البعث.منتظر سقط باعين العراقين الشرفاء ولم يعد له مكان في العراق فمكانه المناسب هو في سوريا الاسد ومبروك لهم . الشجرة التي غرسها بوش في بغداد ، شجرة الحرية والديمقراطية بدات تنمو وستعطي ثمارها بعد سنوات اما منتظر فانه سيكون في صف اعداء العراق وسينتهي الى مزابل التاريخ كما انتهى رفيقة صدام.

اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل