الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب آفاق كونفدرالية- الحلقة الثانية

بولات جان

2009 / 9 / 15
مقابلات و حوارات


الفصل الأول
ماهية الكونفدرالية الديمقراطية

الحلقة الثانية من كتاب آفاق كونفدرالية



آفاق كونفدرالية

حوار مع مراد قره يلان


بولات جان ـ نسرين محمد

الفصل الأول
ماهية الكونفدرالية الديمقراطية


ـ سنعمل في حوارنا هذا إلقاء الضوء على نظام الكونفدرالية التي تتبنونها و تهدفون إليها. بدأً نعمل معرفة الشكل البدائي للعلاقات بين الإنسان و خاصة ما تسمونها انتم بـ" العلاقات الكونفدرالية" السائدة في بدايات التاريخ الإنساني. فمن اية ظروف ارتأى الإنسان البدائي اللجوء إلى مثل هذه العلاقات؟

الإنسان كائن أجتماعي ويعيش ككل متكامل مع الآخرين. يعتبر تحول البشرية من مرحلة الصيد والحياة الهمجية إلى مرحلة تربية الحيوان وزراعة الأرض ثورة هي كبرى الثورات في التاريخ. فمع الثورة النيولوتية ثورة القرية.معها بدأت التنظيم في العائلة وأنبثقت القبائل والعشائر، بالإضافة إلى تصاعد التعاون بين البشر أفراداً وجماعات خاصة وإن التعاون كان بعيداً كل البعد، عن الاستغلال والاستبداد، أي أن المساواة وما نستطيع تسميته بالديمقراطية الطبيعية كانت سائدة تلك المرحلة؛ ناهيك عن إنعدام الطبقات والشرائح الاجتماعية. كانت الفروقات واللامساواة معدومة تماماً بين المرأة والرجل. كانت القبائل المتفرقة تتوحد لإنشاء ما يسمى" بالعشيرة" وكانت عدد من هذه العشائر تتوحد مشكلة فيما يسمى " كونفدرسيون العشائر" ولا تزال هذه الاشكال موجودة حتى يومنا الراهن في كردستان. حيث يتولى رئاستها شخص يلقب بـ(مير) مشكّلة إمارات محلية ذو إستقلالية.

ـ يسميها الكرد بـ "ميرناشين" أي الإمارة ...

نعم... كالعشائر البوتانية والبرازية، والارتوشية، مع العلم بأن أي منها ليس عشيرة واحدة، فهي مؤلفة من عدد كبير من العشائر المتحدة منذ مئات السنين. وهذا يوضح أن العلاقات الكونفدرالية موجودة مذ بداية التاريخ البشري، والموطن الذي ظهرت فيه هو الشرق الأوسط.

ـ ولم الشرق الأوسط بالذات؟

ان منطقة الشرق الأوسط مهد لإكتشاف الزراعة وإنطلاقة الثورة النيولوتية. فأول القرى بدءت تتشكل في هذه المنطقة ومع نمو هذه القرى تحولت إلى مدن صغيرة وكانت هذه المدن مشتركة في علاقات كونفدرالية فيما بينها. ونتيجة لهذه العلاقات المقوننة بين المدن، فقد أنبثقت الدولة منها. باتت الدولة ظل الإله السماوي على الأرض وأستطاع الرهبان بكل السبل فرض هذا الوهم على المجتمع وأقناعهم بقبوله.

ـ و هل بقيت هذه العلاقات التبادلية(الكونفدرالية) على حالها الطبيعي البدائي مع ظهور المدن؟

تطورت أكثر، خاصة مع ظهور الرهبان الروحانيين و القادة العسكريين و الاجتماعيين. فقد أوجد هؤلاء القوانيين و الدساتير لهذه العلاقات الكونفدرالية بين المدن المختلفة؛ و كنتيجة لهذه العلاقات المقوننة بين المدن فقد انبثقت الدولة منها(دولة المدن) و باتت تمثل ظل الإله السماوي على الأرض، واستطاع الرهبان بكل السبل فرض هذا الوهم على المجتمع و اقناعهم بقبوله.

ـ أ وليست الدولة بدعة الرجال؟

قبل لجوء الرجل لتأسيس نظام الدولة بزمن طويل فأنه تمكن من القضاء على حاكمية المرأة في المجتمع وتوجيه ضربات مؤلمة لمرحلة الأمومة النيولوتية. أستفاد الرجل من قوته الجسدية وحيله وأستغل نقاء المرأة و صفائها في مآربه. وبهذا الشكل قضي على المساواة بين الجنسين. أي أن كل شيء بدأ مع أستعباد المرأة. ومع بزوغ الدولة ونشوء الطبقات الحاكمة أزدادت الهوة بين البشر. فهناك أقلية مسيطرة على كل شيء ومقابلها الأكثرية المضطهدة. "سيكون التعريف الأصح للدولة، أنها ليست بأداة تقدم اضطرارية (لا بد منها) ولا سوء اضطراري. بل هي منذ بداياتها أداة بلاء، لا ضرورة لها، وليست اضطرارية إطلاقاً. هي وحش لا يشبع من الدماء والاستعمار والنهب. إنها كيان تتغذى كل خلية فيه على الدم، أنها ورم اجتماعي خبيث يجب استئصاله منذ اليوم الأول لظهوره، وعزله وفضحه."

ـ كيف كانت علاقات هذه الدول فيما بينها؟

لم تكن هنالك الكثير من الدول كون الدولة المشكلة حديثاً كانت تتوسع مثل النار في الهشيم و تفرض هيمنتها على كل الجغرافيا المحيطة بها مشكلة بذلك الامبراطوريات الكبيرة. وهذه الامبراطوريات كانت قليلة جداً على وجه المعمورة .

ـ ولكن العلاقات السابقة فيما بين القبائل والعشائر والمجتمعات اللامتدولة قد آثرت البقاء على نظامها الطبيعي السابق.

بكل تأكيد. خير مثال على ذلك المجتمع الكردي آنذاك. فقد كان متحداً بشكلٍ كونفدرالي فيما بينه.
وفي الوقت نفسه كانت المجتمعات والاقوام الأخرى تتوحد ضمن نظام الكنفدرسيون لمقاومة الامبراطوريات المهيمنة. فقيام الكيان الميدي الكونفدرالي لمحاربة الامبراطورية الاشورية خير مثالٍ على ذلك. وكذلك محاربة الحثيين لأمبراطورية الفراعنة المصريين.

ـ كان يجب أن أسأل سؤالي هذا في البداية، لكنني تركته لسياق الحوار. ما هي ماهية النظام الكونفدرالي هذا؟

بجملة قصيرة سأقول بإنها عبارة عن علاقات تبادلية متساوية فيها مصلحة وخير الأطراف التي تشكلها.

ـ أو ليست أتحاداً؟

أنها عبارة عن أتحاد على أساس المساواة والمصالح المشتركة. وليست فيها شيء من تحكم طرف على الأطراف الأخرى ، كون جيمع الأطراف متساوية. وللكل حرية الانسحاب من هذا الاتحاد وقت مايشاء. هذا يوضح الجوهر الديمقراطي الموجود في نواة هذه العلاقات.

ـ أي أنهم مرتبطون لأجل مصالحهم؟

ليس الأرتباط: إنما العلاقة التبادلية أو بالأحرى الأرتباط المتبادل لأجل المصالح المشتركة على أسس المساواة.أي أنه ليس أرتباطاً أحادي الجانب، بل تبادلاً من الأطراف المشتركة. وهذا هو جوهر النظام الكونفدرلي.

ـ حسب رايك إن هذه العلاقات لا تتناسب طرداً مع نظام الدولةالمركزية ...

العلاقات الكونفدرالية بين البشرية موجودة وقد حافظت على كينونتها دائماً، إلا أنه مع ظهور الدولة في الحضارة السومرية وما تمخضت عنها من طبقات و شرائح ومعاملات ومفاهيم فلسفية دولتية وأتساع رقعة الدول فقد تراجعت العلاقات الكونفدرالية أضطرارياً. مع العلم بإن الدولة بشكلها السومري حافظت على فلسفتها وروحها حتى يومنا هذا. فالدولة العبودية والأقطاعية والراسمالية وحتى الاشتراكية (المشيدة) والوطنية والدينية، وإنْ كانت مختلفة شكلاً إلا أنها جميعاً نسخة طبق الأصل عن الدولة السومرية الأولى!

ـ وكيف ذلك؟

الدولة قد حافظت على مكوناتها الأساسية. حيث بقيت الطبقات والتفاوت فيما بينها. فطبقة عليا لها كل شيء وأخرى مضطهدة لاتملك أي شيء، أن اللامساواة والجور قد رافقت الدولة في مسيرتها. وهذا يعني إدامة قضية الحرية بين المجتمع الانساني. فالمجتمع لم يرض عن الدولة بتاتاً والتاريخ مليء بالامثلة على الثورات والانتفاضات التي قامت بها الشعوب ضد السلطة والدولة.

ـ كما تعرفون هنالك العديد من اشكال الدولة: فهنالك الدولة المركزية والدولة الفدرالية والدولة الكونفدرلية ... ما هوالفرق بينها ؟

الدولة المركزية تدار من قبل مركز واحد، وتصون فلسفة اللغة والعرق والعلم والأرض الواحدة، وتجهد لصهر كل الشرائح والتجمعات وحتى الأقوام الأخرى ضمن بوتقتها. كأسبانيا مثلاً.على الرغم من وجود بعض الخصوصيات التي سنحت للباسك وكاتولونيا وكورسيكا، إلا أنها جميعاً مربتطة بالحكم المركزي في مدريد، ويطبق عليها الدستور الاسباني المركزي. القرارات في الدولة المركزية تتخذ بشكل مركزي. مع العلم بإن اسبانيا بدأت بخطو خطوات للإعتراف بخصوصيات أكثر للأقليات الأخرى.
أما الدولة الفيدرالية، فهي مختلفة نوعاُ ما عن الدولة المركزية. فهي عبارة عن أتحاد وحدوي بين الأيالات المختلفة أو الاثنيات القومية أو الدينية المختلفة، ففي النظام الفيدرالي هنالك دستوران سائرا المفعول: الأول هو الدستور و القوانيين العامة للبلاد، والثاني هو دستورالرقعة الفيدرالية للإيالة أو الأثنية المعينة. كذلك هنالك لغتان رسميتان، اللغة الأولى هي اللغة العامة أو لغة الأكثرية وهي لغة البلاد واللغة الثانية هي لغة الأثنية أوالقومية الأخرى. وكذلك فإن الانفصال عن الدولة الفيدرالية إما أن يكون محرماً تماماً أو صعباً للغاية. وكمثال على الدول الفيدرالية نستطيع ذكر الدولة الألمانية الفيدرالية. فهي تعتمد على فيدرالية الأيالات " الولايات"، على الرغم من أن لهذه الإيالات قوانينها الداخلية الخاصة إلا انه لا يحق لها الأنفصال. هذا يشير إلى الحقيقة المركزية للدولة الفيدرالية. فالفدرالية أيضاَ تمثل الأرتباط بالمركز والمركزية. فالحكومة أو الايالة الفيدرالية مرتبطة بالحكومة والدستور المركزي.
الشكل الثالث للدول هو الدولة الكونفدرالية. و هي مبنية على أسس المساواة و المصالح المشتركة فالدول الكونفدرالية غير متحدة تحت مظلة دستور مشترك، إنما تتحد بأتفاقية أو معاهدة محددة، أي أنها عبارة عن قيام بعض القوميات أو المجتمعات بإقامة أتحاد مبني على مصالحهم المشتركة وبشكلٍ طوعي وقابل لإنسحاب أي طرف منها. ونفس الأمر يتعلق بقيام عدد من الدول بإقامة وحدة كونفدرالية فيما بينها. لكن النظام الكونفدرالي لايكون في الدرجة الأولى، إنما تطغى شكل كل دولة في الدرجة الاولى. ونستطيع ذكر الأتحاد الأوربي كمثال لكونفدرالية الدول.

ـ وهل أنتم تصونون الدولة الكونفدرالية؟

نعتبر نظامنا الكونفدرالي مغايراً لكل الأنظمة الأخرى، أي أنها ليست ضمن التصنيفات التي اوردناها آنفاً.

ـ أي أنه الشكل الرابع للدولة؟

كلا. من الخطأ القول بأنه الشكل الرابع للدولة. بل هو نظام مغاير للاشكال الأخرى كما قلت للتو.

ـ وكيف ذلك؟

الانظمة الثلاثة التقليدية، هي أنظمة دولتية ومنشأها الاساسي هو الدولة. فالدولة تبقى دولة إن كانت مركزية أو فيدرالية أو كونفدرالية. أما نظامنا (كوما كوملين كوردستان) فهو ليس بالدولة. و ليس كونفدرالية الدول، بل هو كونفدرالية المجتمع. أي كونفدرالية مثل الكونفدرالية الطبيعية التي كانت سائدة قبل بزوغ الدولة.

ـ ماذا تعنيه بكونفدرالية المجتمع؟

قبل كل شيء ستقوم الشرائح الاجتماعية المختلفة بتنظيم نفسها ، كالشبيبة والمرأة والقرويين والعمال والمثقفين، سيكون لكل شريحة من هذه الشرائح تجمعاتها الخاصة بها. ومع أتحاد هذه التجمعات سينشأ أتحاد التجمعات أي أتحاد الـ (كومون) حسب اللغة الكردية.
لهذا فإننا نسمي نظامنا " كوما كوملين كودرستان" هذا نظام جديد ولا يوجد فيه شيء من ذهنية الدولة أو التدول، إنما يدير وينظم المجتمع نفسه ذاتياً دون دولة.

ـ لماذا الأعتراض على الدولة ؟

الأمر ليس كما تظنه. نحن نعتبر الدولة العائق الأساسي أمام حرية المجتمع والمساواة والتقدم الحقيقي للانسانية والديمقراطية. لذا يتوجب أن يدير المجتمع أموره ذاتياً ودون الأعتماد على نظام الدولة, فطالما وجدت الدولة، فلن يكون هناك حرية ! و" كلما نقصت الدولة، أزدادت الديمقراطية وكلما أزدادت الديمقراطية تقلصت الدولة" وان أردنا الديمقراطية الكاملة فيجب إزالة الدولة.
أبتلت البشرية ببلاء الدولة على يد الرهبان السومريين، رغم النضالات والتضحيات الجِسام التي قدمتها البشرية لأجل الحرية ؛ إلا أنها جميعاً أرتطمت بجدران الدولة وراحت دون نتيجة ... حتى و لو أنتصرت إلأ أنها أنصبت في خدمة الدولة التي كانت تغير شكلها وأقنعتها فقط. لذا سيكون من الأفضل إستئصال فلسفة الدولة من حياة الانسان والانسانية. ولن يكون مبالغاً فيه أن أرجعنا السبب الرئيسي وراء الازمة العالمية التي تعيشها الكرة الارضية ناتجة عن ذهنية الدولة. لذا فإننا كحركة نفضل الفلسفة والتنظيم المنزّه عن الدولة ومؤسساتها ونجهد للوصول إلى نظام الكونفدرالية الديمقراطية....

ـ وما الذي يدفعكم لتبني هذا النظام؟

حركتنا، أي الحركة الأبوجية هي حركة بحث دائمة عن الأفضل والأجمل والأكثر نفعاً للأنسانية. وهذا البحث مرتبط مع القائد أوجلان منذ صغره وحتى يومنا هذا. كونه لا يكتفي بالمألوف والروتيني في الحياة. بحثه المتواصل هذا يمر عبر الكثير من المراحل، وكان همه الاساسي والمعضلة التي تشغله هي " كيف يكون الإنسان حراً "؟ أتسع هذا البحث عن الحرية من شخص حتى باتت تشمل الوطن (كردستان) ومنطقة الشرق الاوسط فحرية شخص بمفرده لا تفي بالغرض؛ إن كان الوطن محتلاً. كان من الممكن أن يتمتع القائد في بداية سنوات 1970 بحياته الشخصية ودراسته والوظائف التي كان من الممكن الحصول عليها. لكنه تخلى عن ذلك وفضل حرية الوطن والتي تعني حرية الفرد ايضاَ.
بدء بتنظيم الطلبة الجامعيين في المدن التركية وتوعيتهم ولفت أنتباههم لحقيقة " كردستان المستعمرة " وحثهم للنضال لأجل تحريره. ألف مجموعة صغيرة سنة 1973، وتحولت هذه المجموعة الى حزب سنة 1978، وأتسع الحزب وأثر نضاله التحرري على الشعب الكردي كافة وليس في شمال كردستان إنما في الأجزاء الأربعة بأكملها. ومع ذلك لم يتوقف بحثه عن الأفضل، بل داوم القائد على تحليل العلم والوقائع بمنظوره الخاص دون التخبط في الدوغمائية والتقليد الأعمى لأي فلسفة أو فكرة أو نظرية .

ـ وحتى الأشتراكية؟

نعم وحتى الاشتراكية السوفيتية المشيدة. فقد كان القائد يوجه إليها الأنتقادات دائماً. حتى إن الكثير من الجهات اليسارية والمقلدة للسوفييت كانت تتهجم علينا كوننا لا نقول " على رأسها الأتحاد السوفيتي" كلما ذكرنا أو نطقنا كلمة الاشتراكية أو الشيوعية أو الماركسية، لذا كانت تتهمنا بأننا لسنا أشتراكيين أوفياء، وكان الوفاء للأتحاد السوفياتي يكون مؤشراً و مقياساً على مدى أشتراكيتنا. أنا متأكد بأن نفس الجهات تتهمنا اليوم وتعيبنا لأننا لا نقول : "على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية" أي أننا لا ننظر الى الحقائق بمنظار الأخرين. أنما لدينا فلسفتنا وعقيدتنا الخاصة.

ـ ومتى تبلورت هذه الفلسفة ووصلت إلى شكلها المنظوماتي؟

كما قلت بإننا حركة البحث عن الأفضل، ومن الناحية الفلسفية كانت لنا أستقلاليتنا الفلسفية و الايديولوجية، ولم نقع تماماً في أخطاء اليساريين الآخرين. مع بداية التسعينيات أي مع أنهيار الأتحاد السوفييتي وحتى قبلها، طرح القائد آبو السؤال المصيري القائل" هل الدولة موجبة أم لا"؟ أي هل الإنسانية بحاجة إلى "الدولة " أم لا؟

ـ والنتيجة؟

النتيجة إن وجود الدولة يعيق الحرية الكاملة والمساواة العادلة وإلغاء الجور والظلم. فالدولة تعني وجود أشخاص في السلطة وهم مقتدرون و بيدهم كل الصلاحيات، وطبقات دنيا في الأسفل. بالإضافة إلى أن الأزمة التي تعانيها البشرية حالياً و التي تعد أكبر أزمة وفوضى في التاريخ. مع تصاعد الثورة التقنية وأنسداد الدولة الوطنية فقد أزادادت هذه الأزمة حدة وتوتراً كل هذا بسبب ثقل الدولة الرابض على أنفاس البشرية.

ـ وماذا عن العولمة؟

كما تعرفون بإنه كان هنالك منظرون يبثون الأمل في البشرية، بإن الاشتراكية ستكون الحل الوحيد للمشاكل، وبإنها ستجعل من الحياة جنة بكل معنى الكلمة. بعد الألوف المؤلفة من التضحيات والمقاومات فقد قام الاتحاد السوفياتي الاشتراكي، رغم كل وعودها وبداياتها المبشرة بالخير، إلا أنه لم يتخلص من ذهنية الدولة، فبعد سبعين عاماً أنحل الاتحاد تماماً وأنهارت معه آمال الإنسانية بالاشتراكية. على اعقابها هاجت الرأسمالية وأعلنت نفسها سيدة العالم وبإنها ستحل كل مشاكل الإنسانية بنظام خاص سمي بـ(النظام العالمي الجديد) بزعامة الولايات المتحدة الامريكية. رغم مرور كل هذه السنين عليها إلا إنها لم توفق في تحقيق ما أعلنته. بل وقعت في مأزق محرج جداً ضمن الأزمة والفوضى التي تتخبط بها المجتمع الإنساني الآن. فتيقن زعماء الرأسمالية إلى الخطأ الذي وقعوا به، بإن المشاكل والأزمات التي تعانيها البشرية لا يمكن حلها بالسبل العسكرية والاقتصاد كما تفعلها زعيمة النظام العالمي الجديد أمريكا.

ـ وما يجب القيام به؟

قبل كل شيء البشرية تسعى للحرية الحقيقية وللديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة وسمو الحقوق أكثر من أي وقتٍ آخر. وإن إردتم تحقيق ما تسعى إليه البشرية. فيجب بداية إزالة العائق الرئيس أمامها، ألا هو الدولة ! فالدولة هي منبع لكل الشرور.

ـ نعلم بإن الأنارشية(الفوضوية) تعادي الدولة والنظام جملة وتفصيلاً ولا تقترح بديلاً لها... وها أنتم تدعون لنفس الشيء ألا يعني إلغاء الدولة ترك المجال أمام تفشي الفوضوية " الانارشية"؟

الدولة نظام يدير أمور المجتمع والبلاد وإنعدامه في حال عدم إقامة بديل يحل محله سيفسح المجال أمام الفوضى العارمة؛ كما قلتم أمام الانارشية. لذا على الذين يدعون إلى إلغاء الدولة أن يجدوا البديل المناسب لها. وهنا فأن القائد آبو حلل بإن الدولة عائقة أمام الحرية ويجب إزالتها ولكن في الوقت نفسه أوجد بديلاً لها وهو نظام الكونفدرالية الديمقراطية للمجتمعات. أي أن يدير المجتمع أموره ذاتياً؛ حينها سيكون من الممكن تجاوز المحن والأزمات الموجودة في العالم...

ـ وما علاقة هذا بذلك؟

العلاقة قوية جداً. حينها ستتنامى الديمقراطية أكثر فأكثر؛ بالإضافة إلى نمو الحرية والعدالة و المساواة والتوزيع العادل للخيرات في المجتمع. أي سيكون بمقدور المجتمع تمثيل نفسه وبالشكل الملائم على كافة الأصعدة. حينما تتنامى ديمقراطية الشعوب.

ـ ماذا تقصدون بديمقراطية الشعوب؟

هي الديمقراطية التي يتخذ فيها القرارات من الاسفل إلى الأعلى وليس العكس. حالياً يتم أتخاذ القرارات في الأعلى وفرضها على الأسفل. أي يتم اتخاذها من قبل الحكومة والمجلس في العاصمة الفلانية وعلى الجميع الأمتثال لقراراتها. ليس الديمقراطية العادلة أما نظامنا الديمقراطي يقلب هذه المعادلة رأساً على عقب، حيث يتم أتخاذ القرارات في الأسفل أي من القاعدة و يكون وظيفة الأعلى محدودة بتسيير وتطبيق هذه القرارات و(كوما كوملين كردستان) هو الموديل الجديد الذي تبنيناه ونجهد لتحقيقه في كردستان.

ـ كثيراً ما تلفظون هذا المصطلح " كوما كوملين" في سياق حديثكم معنا وكذلك في وسائل الإعلام ... ماذا يعني هذا المصطلح؟

(كوما كوملين): مصطلح كردي جديد-قديم صاغه القائد آبو. هذا المصطلح نابع من حقيقة الشعب الكردي .
فالشعب الكردي عريق وأرضه كانت مهد الحضارة والثورة النيولوتية وهذه الحقيقة مثبتة علمياً.

ـ وهل كلمة (كوم) آتية من ذاك التاريخ؟

بلى! فـ ( كوم) باللغة الكردية تعني التجمع. فأول التجمعات الإنسانية وجدت في هذه الجغرافية كما قلت. كان يطلق على التجمعات الإنسانية كلمة " كوم" تحولت هذه " الكوم"ـات إلى قرى فيما بعد. وما زال هذا المصطلح متداولاً بين الشعب الكردي. تحولت هذه الكلمة في اللغات الأرية وخاصة اللاتينية إلى (كومن) وهي تعبر عن المعنى ذاته في الكردية. ونفس الشيء سائر على " كومنيزم" فـ " كوم" تعنى التعايش الاجتماعي للجماعة. هي ممتدة إلى بدايات التحضر الإنساني في جغرافية ميزوبوتاميا. فالكلمة كردية وهي تعني حالياً في القاموس السياسي التعايش الجماعي والمساواة والعدالة. لذا كلمة (كوم) و(كومينزم) أي الشيوعية مشتقة من المصطلح الكردي (كوم).

ـ والحال هذا، لِم تسمونها بالكونفدرالية الديمقراطية؟

يأتي مقابل مصطلح (كومين كوملين) والأقرب إليه من الناحية الفلسفية والمنظوماتية في القاموس السياسي هو مصطلح: (الكونفدرالية الديمقراطية). ونضيف كلمة (الديمقراطية) إلى (الكونفدرالية) كي نمييزها عن نظام الكونفدرالية التقليدية المتعارف عليها دولياً. فالكونفدرالية المعروفة هي كونفدرالية الدول أما الكونفدرالية الديمقرطية فهي كونفدرالية المجتمع العصري المستندة على الديمقراطية الجماهيرية والمساوا ة والحرية.

ـ و ماذا بشأن الدولة الوطنية؟

كذلك الأمر بالنسبة إلى الدول الوطنية، فقد أفلست هذه الدول وقد أنقضت مدة صلاحيتها .والأمر كهذا فإن الأصرار في الدولة الوطنية، يعني الأنسداد والتراجع، كونها لا تتلائم مع العصر الحالي. هذا الإنسداد يخلق الأزمات الجذرية في النظام والمجتمع وما تعيشه الدول الوطنية في الشرق الأوسط من أمراض لخير برهان على هذا الأنسداد فالعولمة التي تتسع كل يوم تلغي الحدود السياسية بين الدول والمجتمعات والثقافات وهذا بطبيعة الحال يدفع بالدولة الوطنية المنغلقة نحو المأزق والتأزم. مع العلم بإن العولمة أو بالاحرى النظام العالمي الجديد يعتبر بحد ذاته مأزقاً. كان حرياً بزعماء النظام العالمي الجديد والرأسمالية أيجاد نظام جديد يساعدهم للخروج من هذه الأزمة. بالطبع هذا النظام يجب أن يتجاوز الدولة ومؤسساتها و ذهنيتها تماماً. ولكن الدول الرأسمالية فشلت في ذلك.

ـ هل الولايات المتحدة الامريكية فاشلة كذلك في هذا الأمر؟

تيقنت الولايات المتحدة من فشل اخواتها الأوروبية في ايجاد حلٍ للخروج من المأزق التي تتخبط به الرأسمالية. وسعياً منها للخروج من الأنظمة تلجأ الولايات المتحدة للتدخل هنا وهناك. لكن حسب رأينا بإنها ستفشل في الخروج من المأزق بهذه التدخلات، لإن الحل الوحيد يمر عبر القيام بتغيرات جذرية على المستوى العالمي والاقليمي، لإن التطورات التقنية والعلمية الهائلة تفرض تغيراً جذرياً على الجميع. هذا غير ممكن بالترميم والتجميل والتغيرات الهامشية. لذا فإن بدلاً من نظام الدولة ، بإمكان الكونفدرالية الديمقراطية أن تحل جميع المشاكل على وجه المعمورة.

ـ هل تعني بذلك ان نظام الكونفدرالية الديمقراطية ليس شأناً كردستانياً فحسب، بل تطمحون إلي تعميمه على العالم بأجمعه؟

هذا صحيح. لكن قبل كل شيء يجب حل المسألة الكردستانية التي تسد الطريق امام أي حلٍ جذري في الشرق الأوسط. فأي حل دون حل المسألة الكردستانية في الشرق الأوسط يعتبر ناقصاً بل مشلولاً. وهذا الحل سيكون عبر إعلاء راية نظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية بين المجتمع الكردستاني وإعادة تنظيم المجتمع بكل شرائحه ومكوناته على أساس هذا النظام الجديد. لإن خلاص الكرد سيكون عبره. حتى إن خلاص الكرد سيكون دافعاً قوياً لخلاص شعوب الشرق الأوسط كافة.

ـ أي سيكون الكرد رواد لخلاص الشرق الأوسط؟

أثبت التاريخ الحقيقة التالية: "أن الشعوب الأكثر تعرضاَ للإضطهاد والظلم والجور والتي تتخبط في أعمق الأزمات، تكون مرشحة لظهور الإنطلاقات التاريخية فيها..." وليس خافياً على أحد بإن الكرد من أكثر الشعوب المضطهدة في الشرق الأوسط سيكون من الطبيعي ظهور الانطلاقة التاريخية من بينها. وهذه القفزة هي بزوغ فجر نظام الكونفدرالية الديمقراطية التي ستجلب الخلاص للكرد وتؤهلهم كي يخلصوا شعوب الشرق الاوسط أجمعين. مع العلم بإن قيام نظام الكونفدرالية الديمقراطية يتطلب وعياً ثقافياُ ديمقراطياً. أو بالاحرى حركة ديمقراطية أجتماعية، وكذلك تتطلب أفراداً أحراراً بكل ما تعنيه كلمة "الحرية" من معاني. نستطيع القول بإن إقامة نظام الكونفدرالية الديمقراطية يتطلب ثورة جذرية في جميع النواحي.

ـ قمتم بثورة قومية مسلحة حتى الأمس القريب، بعدها لجئتم للعمل السياسي أو الثورة الشعبية " سرهلدان" حسبما تعقبناها في أدبياتكم فما سيكون عليه شكل الثورة ـ الجذرية ـ التي ستقومون بها لتهيئة الارضية لنظامكم الكونفدرالي الديمقراطي؟

هذه الثورة ستكون مغايرة جداً ، لكنها متممة لسابقاتها، وأشمل. ترتكز هذه الثورة على ثلاث ركائز أساسية. كون المشاكل التي تعانيها الحضارة الانسانية في يومنا الراهن ليست محدودة بالمشاكل الطبقية ولا مشكلة الأغنياء والفقراء فقط ، إضافة لهذه المشاكل توجد المشكلة الجنسوية وأستبداد الرجل وإضطهاده للمرأة وكذلك هنالك المشكلة البيئية والاستغلال الفاحش للطبيعة والتي تؤثر بشكلٍِ سلبي على البيئة، وهنالك مشكلة إنعدام الديمقراطية والمساواة والعدالة والحرية. مقابل كل مشكلة من هذه المشاكل يتوجب القيام بثورة خاصة لحل المشكلة المعينة، وهذه الثورات هي الركائز الثلاث التي يقوم على أساسها نظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية .

ـ أرجو أن نتوقف على كل ثورة من هذه الثورات الثلاث على حدى... لإنها ستنير لي الحملة التي ترددونها دائماً وهي " المنظومة الديمقراطية الأيكولوجية والجنسوية الحرة ".
لنبدء أ بالثورة الجنسوية أو بالاحرى ثورة تحرر المرأة ...

على الرغم من كل التطورات الحاصلة في العالم، إلا أن تحكم الرجل بمصير المرأة ما زال سائر المعفول حتى الآن، برغم كل إدعاءات الرأسمالية وشعاراتها حول المساواة وتحرير المرأة إلا أنها فشلت في ذلك، لم تتمكن من توحيد الرجل والمرأة وتحريرها. ويمكن قول نفس الشيء بالنسبة للأشتراكية المشيدة والتي لم تتخلص من أن تكون رافداً ومذهباً من مذاهب الرأسمالية، أكبر فشل منيت به الاشتراكية المشيدة كان على صعيد تخازلها بمسالة تحرير المرأة. نجد أن الرأسمالية جعلت من المرأة متعة لإشباع الرجل والمتاجرة بها، ولا تسنح لها الفرصة للتطور والسمو والتحرر على الرغم من كل الشعارات البراقة. فالنظام الحالي أزدواجي ومرائي بصدد حرية المرأة ومساواتها.
لذا فإن القرن الواحد والعشرين سيكون قرناً لتصاعد مسألة ونضال تحرير المرأة. أي أن قضايا الحرية ستفرض نفسها بكل قوة في قرننا الراهن. أن ألقيتم نظرة على خارطة العالم ستجدون بإنه لا يخلو أي مكان أو مجتمع أو دولة من قضايا أستعباد المرأة وأقتدار الرجل واللامساواة بين الجنسين؛ وترافقها دائماً مسألة كيفية تحرير المرأة. لذا فإن هذا الحال يفرض ثورة جنسية أي ثورة نسائية. لذا فإننا نعتبر الثورة الجنسوية الحافز والعامل الرئيس الذي سيخرج الحضارة من المأزق. فحركتنا تنفرد بين جميع الحركات الأخرى كونها حركة لتحرير المرأة.

ـ لنأتي للركيزة الثانية أي مسألة البيئة أو الايكولوجيا؟

تطور الصناعة والتقنية وأزدياد الكثافة السكانية من يوم لآخر ، العاملان يزيدان الحاجة الماسة إلى الطاقة؛ وكنتيجة لاستخدام الطاقة فإنه يطرأ تحولات سريعة على الطبيعة. فالإنسان الاناني يستخدم العناصر الحية في الطبيعة بشكلٍ همجي لأجل مصالحه وأهدافه، فهو مستعد لقطع غابة بأكملها دون التساؤل عن التأثيرات التي ستخلفها أنعدام هذه الغابة على المناخ والطبيعة. فالإنسان لا يحمل نفسه عناء السؤال عن مثل هذه الأمور. الأمر ليس أمر قطع غابة أو حتى تغير طبيعة التضاريس ومن ضمنها الجبال بل تجاوز إلى حد التدخل في تشكيل الكائنات حسبما يريد. الإنسان ليس لوحده في هذه الطبيعة بل يحيط به آلاف من العناصر الطبيعية و الكائنات الحية الأخرى. نسمي كل هذه العناصر والكائنات بـ البيئة "الايكولوجيا". هنالك جور في علاقة الإنسان بالبيئة. فالإنسان يستغل البيئة لأجل مصالحه دون رادع ، ونتيجة أفعاله هذه ، فإن مستقبل البشرية سيكون في خطر كبير. نستطيع أيراد مثال ازدياد حرارة الجو في السنوات الأخيرة التي تؤثر في أختلال توازن البيئة و الطبيعة بأكملها. إضافة إلى ذلك اتساع ثقوب الأوزون بسبب المنشآت الصناعية الكبرى.
كل هذه تعتبر مؤشرات لكوارث طبيعية شبيهة بالقيامة الواردة في الكتب الدينية، إذا لم يتم الحد من التجاوز السافر للإنسان على البيئة. هنالك الكثير من الأخطاء التي تهدد البيئة وحتى البشرية جمعاء كالاسلحة النووية التي تنتشر بسرعة فائقة في العالم والحال كهذا فإن قضية البيئة ستطغي على أجندة الرأي العام العالمي من الآن وطوال القرن الحالي. لذا يتوجب قيام الإنسانية بثورة بيئية "أيكولوجية" ونشر الوعي والثقافة والأخلاق الايكولوجية بين البشر وردعهم عن الاستغلال الفاحش والتجاوز على البيئة كما يفعلونه الآن ودحض البشر على ترك هذه السلوكيات المخربة والمؤذية والانانية المفرطة. وخلق إنسانٍ عادلٍ ، يشعر بالطبيعة والبيئة ولا يعتدي على الكائنات الحية.

ـ والثورة الديمقراطية؟

إن الثورتين الجنسوية والايكولوجية هما عمادان رئيسيان للثورة الديمقراطية. سيلغي التمييز والتفرقة بين الطبقات والقوميات وسيكون الجميع متساوين وأحرار. هذه المساواة ستكون بين العامل وصاحب العمل، الفلاح والمالك، المرأة والرجل ، الإنسان والبيئة والإنسان والانسان...
لأجل تنامي العدالة والمساواة في العالم يتوجب قيام ثورة ديمقراطية. مع الثورات الثلاثة سيكون بمقدور الانسانية حل جيمع مشاكلها والخروج من الأزمة والمأزق.

ـ أ ليست هذه شبيهة باليوتوبيا الأشتراكية ؟

كلا! بل هي الاشتراكية الديمقراطية. نظرتنا للأشتراكية مختلفة عن المنظرين الآخرين. نسعى إلى اشتراكية جماهيرية ، ديمقراطية، عادلة، تفرد ذراعيها لكل البشر وليست حكراً لطبقة أو قومية بعينها. هذه الاشتراكية ليست خاصة بالانسان فحسب، بل تتجاوزه الى كل الكائنات الحية في البيئة، حيث يجب ان يكون كل كائن حي حراً وصاحب حقوق في الحياة ... هذه هي روح وعقيدة نظام الكونفدرالية الديمقراطية التي نتبناها الآن ونجهد لإنجاحها.

ـ هل هناك نماذج شبيهة بنظامكم الديمقراطي في مناطق أخرى من العالم؟

كنظام لا يوجد له أمثلة مشابهة. لكن هناك الكثير من النقاشات حول هذا الموضوع في دول امريكا اللاتينية. فهم أيضاً يجربون ديمقراطية القاعدة. ولكن ليس بالشكل الذي أوضحناه وهنالك بعض الفلاسفة كـ موراي بوجكين وعمانوئيل فالرشتاين يقومون بالتنظير لهذا النظام و صياغته بشكلٍ محدود، أي أنه ليس هناك شبيهاً شكلاً و جوهراً كالذي صاغه القائد آبو لأجل نظام الكونفدرالية الديمقراطية.

ـ ذكرتم أسماء بعض الفلاسفة والمفكرين الديمقراطيين كموراي بوجكين وفالرشتاين، فهل أستفدتم منهما في صياغة نظامكم الكونفدرالي الديمقراطي؟

هذا النظام وليد أفكار القائد آبو، ونتيجة بحثه الطويل الممتد لسنين طويلة مضت لايجاد نظامٍ يكون الحل الأمثل لكل المشاكل. للقائد الكثير من التنظيرات حول كيفية إلغاء الهيراركية "الهرمية" وإلغاء تبوء الحزب الطليعي قيادة المجتمع والتحكم في كل شيء كما العادة في الاحزاب الشيوعية والقومية .

ـ كنتم تدعون إلى إنشاء دولة من الاجزاء الأربعة وكنتم ضد كل من يعارض فكرة الدولة الكردستانية المستقلة الواحدة ... لكنكم الآن تهاجمون الدولة وتعلنون نظاماً جديداً. إلى أي مدى رضيت الجماهير الكردية بفكرة التخلي عن حلم الدولة الوطنية الكردستانية ؟ ثانياً أليس هذا تكتيك منكم لخداع الرأي العام وهل تعملون على إنشاء دولة وطنية من خلال الكونفدرالية الديمقراطية؟

سؤالكم هذا مهم جداً وهو واسع ويحتاج إلى نقاشات مطولة. كون هذه الناحية كثيراُ مايتم مناقشتها من قبل الأطراف المعنية. يجب قبل كل شيء التعرف على ماهية هذا العصر. كوننا حركة عصرية تسعى لإهدافٍ عصرية ولا نولي الاولوية للنواحي القديمة التي لا تتلائم مع هذا العصر. فشعبنا قد عانى الأمرين من هذه الناحية وكمثال على ذلك : كانت الخلافة العماثية قد وصلت الى نهاية المطاف ولم تعد بإمكانها مواكبة العصر بداية القرن العشرين.
أنتبه أتاتورك إلى هذه الحقيقة وقام بإسقاط السلطة ولكننا نلاحظ بعد فترة قصيرة قيام أنتفاضة الشيخ سعيدالكردية وكان ضمن مطالبه اعادة الخلاقة والسلطنة. لذا فان انتفاضته لم تلق تأييدا من قبل احد. فالامور التي انقضى عصرها مهما حاولنا اعادتها فان الفشل سيكون حليفنا لذا على الكرد الانتباه كي لا يقعوا في نفس المطبات السابقة. يجب أن نكون عصريين وأن تكون أهدافنا و استراتيجيتنا عصرية، ليست عصرية فحسب. بل يجب ان تكون مستقبلية ايضا. الريادة تتكون بهذا الشكل أي أن تفعل أمور سيفعلها الجيمع مستقبلاً وليس الهرع خلف الأمورالتي مضى عليها الزمن ونحن كحركة نهدف إلى جعل الشعب الكردي قدوة المنطقة وريادتها. ليس في هذا أبتعاد أو تخلي عن القيم الوطنية، فنحن نولي قيمة عظيمة جداً للشعب الكردي العريق عراقة التاريخ ، لذا فإننا نجهد إلى إناطة دور الريادة الشرق أوسطية بالشعب الكردي. أي ليس هناك تخلي عن الكردياتية، عكس ذلك، نعمل على عصرنة القيم الكردية ودفعها للأمام. فنحن نعشق الكردياتية ، هذا ليس عشقاَ قوموياً رجعياً، بل هو عشق علمي ديمقراطي وعصري. نحن حركة مستقلة، نهدف الى الحرية ونطالب بالاستقلال والخلاص منذ أول يوم لنضالنا وحتى يومنا الراهن...

ـ أي أستقلال تعني ؟

فلسفتنا وعقيدتنا ضد كل اشكال الارتباط. ضد أرتباط المرأة بالرجل، ضد ارتباط العامل مع الرجوازية، ضد أرتباط الكرد بالعرب والاتراك والفرس وضد كل أشكال الارتباط. نصون مبدأ الحرية والإرادة المستقلة، وإن طبقنا هذه القاعدة على الشعوب ستكون النتيجة: "أن يكون الشعب مستقلاً". تعرفون بإن الدولة الوطنية أنطلقت قبل أكثر من قرن في فرنسا وجاءت حتى الفترة القريبة. والشعب الكردي لم يركب قطار الدولة رغم كل الخيالات والاحلام والمحاولات واليوم فإن هذا القطار ، قد توقف في آخر موقفٍ له ، أي أن عصر الدول الوطنية قد ولى بلا رجعة. وخير مثال على ذلك الدول الاوربية التي تحاربت لعشرات السنين إلا أنها اليوم ألغت الحدود بينها وبدأت بالاندماج مع بعضها البعض. فكل الظروف والمستجدات العالمية الناتجة عن الثورة التقنية والعلمية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والذهني قد أزالت الحدود والمسافات بين البشر ، أنقضى عصر الرأسمال الوطني و حل محله الرأسمال الدولي و الشركات متعددة الجنسيات. فكل المؤشرات تشير إلى أنتهاء عصرالدول الوطنية، والحال هكذا ، فإن قيامنا بالهرع خلف الدولة الوطنية أو حتى إنشاء حدود جديدة في عصر يلغي كل حدود بين الدول لن يكون صائباً وسيكون تراجعاً. بل علينا وضع ستراتجية وبرنامج عصري جديد.
نحن نعرف بإن شعبنا الكردي يعيش حسرة حرمانه من اقامة دولته الخاصة به، وهو يسعى لإشباع رغبته هذه وبالامكان صياغة هذا المسعى على شكل نظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية، هذا لا يعني بتاتاً التخلي عن القيم والطموحات الوطنية، وليس إنشاء مموهاً لدولة كردستانية عبر النظام الكونفدرالي. عكس ذلك ، فهو إنشاء للديمقراطية والاستقلالية الكردية. وليست أقامة الدولة.
أي يجب أن تتحد أجزاء كردستان الأربعة عبر الكونفدرالية الديقراطية في الوقت نفسه عقد علاقات كونفدرالية ذات أستقلالية مع جيران كردستان؟
ليس صحيحاً أقامة حدود مزروعة بالاسلاك الشائكة والالغام والحراس والتقوقع ضمن هذا الحدود والانقطاع عن العالم في هذا العصر المتقدم. كون البشر بحاجة الى العلاقات المتبادلة فيما بينهم. فلماذا لانلغي الحدود المزروعة بين دول الشرق الاوسط ولم لا نتحد ضمن نظام كونفدرالي؟ من الممكن قيام الكرد والعرب والترك والتركمان والفرس والآذاريين والأشوريين وكل القوميات الأخرى بالاتحاد ضمن نظام كونفدرالي ديمقراطي للشرق الاوسط. وحال القيام بهذه الخطوة فإن شعوب الشرق الأوسط ستتقدم على الشعوب الإوروبية بكثير. ما الذي يجبر شعوب الشرق الاوسط لإقامة الحدود فيما بينها ومحاربة بعضها البعض؟

ـ كيف سيكون شكل علاقة الكرد مع و ضمن دول الشرق الاوسط؟

يجب أن يكون هنالك تقبل متبادل من كل الأطراف. نريد أن نعقد العلاقات مع الشعوب (الدول) المجاورة على اساس نظام الكونفدرالية الديمقراطية. وهو شكل جديد للعلاقات عل أساس أن تكون علاقة تبادلية متساوية وليس أن نكون تحت حكمهم وان يكونوا هم مقتدرين و سائدين علينا.
وعليه سنبرم معهم معاهدة تقضي باحترام وتقبل كل طرف لدستور الطرف الآخر. فلنا دستورنا الخاص وكذلك لهم أيضاَ دستورهم. وهذا هو أساس العلاقة الأخوية.

ـ أي هل سيكون كياناً كردستانياً مستقلاً؟

بل كونفدرالياً. سنقوم نحن الكرد بأقامة علاقات كونفدرالية فيما بيننا حسبما تتطلبه المصالح الوطنية المشتركة للأجزاء الأربعة وسنلغي الحدود المصطنعة التي بيننا وفي الوقت نفسه سيكون لكل جزء علاقاته الكونفدرالية المتينة مع الدولة التي هو فيها، مثلاً سيكون بمقدور كردستان الغربية عقد علاقات كونفدرالية مع سوريا وكذلك مع الأجزاء الأخرى من كردستان بنفس الوقت. نستطيع القول بإن إنشاء كونفدرالية الشرق الاوسط الديمقراطية سيكون توحيداً للكرد أيضاً.

ـ وأن لم تتخل هذه الشعوب عن دولها الوطنية الحالية؟

حينها سيحافظون على دولهم ولكنهم سيعقدون علاقات كونفدرالية مع الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية.
فالكرد يطالبون بالكونفدرالية الديمقراطية لكردستان وهي ليست الدولة بل بديلاُ لها. فإننا نسعى إلى صون قيمنا الوطنية وإعلاء راية الديمقراطية والعصرنة في كردستان ، لإن كردستان الديمقراطية المتقدمة ستصبح وردة يانعة في الشرق الاوسط.

ـ وهل المجتمع الكردي متهيأ لذلك ياترى؟

للشعب الكردي موروث حضاري عريق في خلق اللبنات الأولى للحضارة البشرية وعليه لعب نفس الدور أيضاً في هذا العصر، كذلك على الكرد التخلي عن الرجعية القوموية ، والابتعاد عن مرض الأنانية التي لا تحب إلا نفسها ولا ترى سواها والخروج من القوقعة التي حشروا أنفسهم داخلها، وأن يبتعدوا عن التابعية للدول الخارجية. بل يجب أن يقفوا وقفة مبدئية، علمية وذات إرادة حرة وأن يكونوا أصحاب كرامة وأهداف نبيلة وفلسفة عصرية و ذوي ثقافة حضارية متقدمة. أي على الكرد موائمة ماضيهم الحضاري العريق ودمجه بغنى العصر.

ـ سيد قره يلان ما هو موقفكم من الكيان الفيدرالي في جنوب كردستان؟

نحن لسنا ضد الفيدرالية في جنوب كردستان لكنها لا تمثل الخلاص الحقيقي للكرد، بل هي الأرتباط بالدولة والحكومة المركزية في بغداد. ونحن ضد كل أشكال الأرتباط والتمييز بين القوميات. فالفيدرالية تقلص من دور و أهمية الشعب الكردي في المنطقة وتقوقعه في أقليمه فحسب. لذا فأن الكونفدرسيون أسمى من الفيدرسيون من كل النواحي و المجالات. فالفيدرالية لن تلبي آمال الشعب الكردي بالأحرى ستجعل من الكرد كرقعة على القماش بجانب الدول العربية والتركية... نحن لا نرضى بهذا الوضع بل نعمل على أناطة دور أكبر للشعب الكردي.
الكونفدرالية الديمقراطية هي نهج الحرية والاستقلال في القرن الواحد والعشرين. هذا الاستقلال هو استقلال المجتمعات وفي الوقت نفسه وجود علاقات تبادلية متساوية فيما بينها وليس الاستقلال بمعناه التقليدي.
حركتنا حركة علمية وليست أستاتيكية دوغمائية جامدة. لنا ثوابتنا التي لا نتزحزح عنها بقيد أنملة ولكننا نطورها و نعصرنها كي تتوائم و المستجدات العالمية. لم نتخل عن مبادئنا وقيمنا منذ أول يوم لنضالنا حتى الآن. وقد يسأل سائل ما هي هذه المبادئ ؟ المبادئ هي الحرية والاستقلالية وخلق مجتمع ديمقراطي حر، ربما قد طرأت لضرورة العصر بعض التعديلات والتغيرات على شكل هذه المبادئ ولكن جوهرها مازال هو هو! وعلى الجميع استيعاب التغيرات على هذا النمط.

ـ لنعد إلى بداية التغير الاستراتيجي وتغيير أسماء لمرات عديدة... فما كان الداعي لهذا التحول؟

بداية انطلاقتنا كانت على شكل تنظيم سياسي و ايديولوجي، على الرغم من أننا انطلقنا بأسم الطبقة الكادحة "العمال" إلا ان حركتنا أحتضنت جميع الشرائح والفئات والطبقات في المجتمع الكردستاني ولبت احتياجات الجميع في الحرية والتنظيم والقوة والمعرفة. ومع أتساع القاعدة الجماهيرية ومساحة نضال الحزب ، كان يتوجب أيجاد شكل تنظيمي أكبر من الحزب يستوعب الجميع.
مع سنة 1998 بدأت بواكير التغير التنظيمي في الحزب وبعد أعتقال القائد فإنه لم يتراجع عن مشروعه، بل خطى خطوات كبيرة جداً على درب التغير التنظيمي و الاستراتيجي.
وقدم توجيهاته من خلال محاميه وكذلك المرافعات التي قدمها للمحكمة الاوربية لحقوق الانسان .وأعلن عن إفلاس الافكار المبنية على أسس الاشتراكية المشيدة وقام بصياغة منظومة فكرية جديدة على أسس الثورة الايكولوجية الديمقرطية وتحرر المرأة. وأعطى التوجيهات الايديولوجية والفلسفية لإعادة تنظيم الحركة وفق المنظومة الجديدة. كان يجب تحقيق الثورة الذهنية والثورة الوجدانية لدى الفرد والمجتمع.
لكننا لم نفهم بشكلٍ جيد المنظومة والتوجيهات التي صاغها القائد آبو كون الأمر لا يستوجب الفهم والاستيعاب النظري فحسب ، بل تطبيق هذه النظرية في الحياة العملية وإعادة تشكيل التنظيم على أساسها. والحال هكذا قمنا بحل حزب العمال الكردستاني "PKK " في المؤتمر الثامن و كان هذا بداية الخطأ، لإنه ما كان يجب حل PKK بل إدامته داخل إطار أيديولوجي وفلسفي ضمن النظام الجديد. تم إحلال مؤتمر الحرية والديمقراطية الكردستانية "kadek " بدلاً عن "PKK " وهذا التنظيم الجديد لم يكن مؤهلاً للعب دور البديل عن " PKK "، نستطيع الاعتراف بإنها كانت تجربة ناقصة وسطحية.

ـ تقصدون إنشاء (KADEK) ؟

أقصد التغير الاستراتيجي ككل، كان يجب أن نقوم بتغيرات جذرية على المستوى التنظيمي وليس تحويل أسمي فحسب؛ بل كان يجب التخلص من آثار المنظومة الفكرية والبنية التنظيمة القديمة تماماً. لذا فإن القائد آبو تدخل مجدداً عبر مرافعة مقدمة إلى محكمة أثينا اليونانية. كان جل التوجيهات الايديولوجية متمحورة حول إقامة تنظيم جماهيري واسع وإعلاء راية الديمقراطية ونشر الوعي الايكولوجي وتجاوز موديل الأحزاب الكلاسيكية .
إنطلاقة من هذه التوجيهات الجديدة. دخلنا كحركة في مرحلة التحضير لمؤتمر الشعب الكردستاني.
هذا كان يعني تغيرات جذرية وشاملة في الحركة؛ هذا بحد ذاته يمثل خطراً كبيراً على الحركة. فالتغيرات الجذرية التي كان يجب القيام بها كانت فرصة أمام زمرة متعشعشة داخل التنظيم لأخذ زمام المبادرة بأيديهم وأخراج الحركة عن مسارها الصحيح وأبعادها عن القائد آبو. هذه المحاولات أجهضت مشروع مؤتمر الشعب الكردستاني. هذه الزمرة كانت تشن حملات داخلية معادية للثورة تزامناً مع الحملات الخارجية ضدنا. كل هذا أودى بالحركة إلى مأزق خطير جداً قبل وبعد المؤتمر التأسيسي لمؤتمر الشعب الكردستاني. بعد مرور سنة عقدنا جلسات المؤتمر الثاني وكان هذا المؤتمر هو مناهضة النهج التصفوي والحد من تأثيراته وتخريباته على الحركة. وبعدها مباشرة كثّفنا من تحضيراتنا لإعادة إنشاء PKK .
في ربيع سنة 2005 أقترح القائد إنشاء نظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية " كوما كوملين كرودستان" وهو أسم النظام الجديد الذي صاغه القائد آبو وطالبنا بالإعلان عن هذا النظام بأسمه شخصياً في نوروز من نفس العام. وقد وضع كل الأخطار والعوائق القانونية وما سيترتب عليها من مضايقات جراء إعلان هذا النظام بأسمه شخصياً .

ـ أليس هذا مجازفة من قبله؟

كما قلت بإنه وضع نصب عينيه كل ما قد يتمخض عن ذلك من أخطار ومضايقات، والسبب الكامن وراء ذلك هو الأهمية البالغة التي يوليها لنظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية وكذلك لجعل الجميع وعلى رأسهم الكوادر معرفة أهمية وجدية هذا النظام وأن لا يتهاونوا في القيام بالمهام التي ستقع على عائقهم لإقامة هذا النظام. فهذا النظام الجديد هو البديل الوحيد للدولة المعمرة خمسة آلاف سنة.
معروفٌ عن القائد آبو بإنه مستعدٌ للتعرض لكل الاخطار والمهالك لأجل إنجاح المساعي والوصول إلى الاهداف الكبيرة. ففي المراحل الخطيرة والحساسة جداً في تاريخ الحركة كان يتدخل شخصياً لدرء الخطر عن الثورة وتصحيح المسار ودفع الحركة للأمام.
وقد رأينا على أعقاب إعلان الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية طبقت الدولة التركية الكماشة على القائد وصعدت من مضايقاتها وفرض حالة العزلة المشددة عليه ومنعه من التواصل مع العالم الخارجي في سجنه الانفرادي. وكان يخمن تصرف السلطة التركية بهذا الشكل ضده حيال إعلان النظام الجديد بإسمه.

ـ هل كان الإعلان متمخضاَ عن المؤتمر الثالث؟

كلا كان قبله بفترة شهرين. فالمؤتمر الثالث أقر بهذا النظام وأبرم ميثاقه الدائم وبيّن شكله التنظيمي وهيكليته العملية ومؤسساته. لذا فقد بات المؤتمر الثالث كالمؤتمر التأسيسي لنظام " كوما كوملين كوردستان " ونختصره باللغة الكردية بالأحرف الثلاث: (KKK) .

ـ إذا كان أسم النظام هو الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية "KKK " فهل بقيت حاجة لمؤتمر الشعب؟

مؤتمر الشعب هو مجلس الشعب الكردستاني يشبه البرلمان في الدول الأخرى. وهو مجلس يمثل أجزاء كردستان الاربعة اكراد المهجر ونتسطيع إطلاق تسمية (مجلس الشعب) بدلاً عن (مؤتمر الشعب).

ـ كيف تبينون أعضاء البرلمان أو المجلس وما هي آلية عمل هذا المجلس؟

يتألف أعضاء المجلس من 300 ممثلاً للشعب الكردي في كل مكان ينتخبون في أماكن تواجدهم. ولكل مكان وجزء نسبة معينة من الممثلين.

ـ هل أجريتم هذه الانتخابات بين الجماهير الشعبية ؟

ليس جميعاً. أنتم تعرفون الأوضاع الأمنية والملاحقات التي يتعرض لها الشعب الكردي في كل مكان؛ لذا فإننا إجرينا هذه الانتخابات للدورات السابقة بين الكوادر والمؤيدين والاصدقاء القريبين.
ونجهد إلى إنزال هذه الانتخابات إلى الشارع في الدورات المقبلة حتى يتمكن جيمع الكرد المشاركة في هذه الانتخابات ، إن كان ترشيحاً أو تصويتاً .

ـ وما وظيفة المجلس ضمن النظام الكونفدرالي الجديد؟

الوظيفة الاساسية هي ابرام وإقرار القوانين ضمن إطار (KKK) ومداولة الدستور لتعديله أو توسيعه ومناقشة القوانين الجزائية والاقتصادية والحقوقية والاجتماعية و الى ما هنالك من مشاريع ومقترحات ودساتير تخص كردستان.

ـ أي أنه يشبه البرلمانات العادية ؟

ليس تماماً. فلكل دولة برلمانُ أو بالأحرى مجلس واحد. أما مؤتمر الشعب فهو المجلس الأعلى لكردستان وهو ليس المجلس الوحيد بل ترفده مجالس خاصة لكل جزء من كردستان و ضمن كل جزء سيكون هنالك مجالس فرعية لكل ولاية أو أيالة على حدى، ويتفرع عنها مجالس لكل مدينة وكذلك الامر بالنسبة الى كل قرية سيكون لها" كومن" خاص بها. حيث يتم أنتخاب هذه المجالس من قبل الشعب مباشرة. مثال: سيقوم جماهير كوباني بأنتخاب مجلسها الخاص لإدارة شؤون كوباني من قبل هذا المجلس ونفس الامر بالنسبة الى عفرين والجزيرة. هذه مجالس المدن وبعدها سيتم أنتخاب مجلس عام لغربي كردستان من كل المناطق والمدن.

ـ تحدثتم في سياق الحوار عن إعادة إنشاء حزب العمال الكردستاني (PKK). فهنالك الكثير من الأحزاب التي أسستمونها بالاضافة إلى مؤتمر الشعب، ماهو دور ومكانة PKK في هذا النظام؟

تم إعادة تأسيس PKK بمؤتمر انعقد في الفترة مابين الثامن والعشرين من آذار والرابع من نيسان سنة 2005 وهو حزب لا يسعى إلى الحكم، بل يعمل على الريادة الايديولوجية والفلسفية للمجتمع الكردستاني. لذا فإنه يعطي ثقل نشاطه على الفعاليات الايديولوجية والاعلامية والفنية والثقافية. وهدفه الرئيسي إنجاح نظام الكونفدرلية الديمقراطية الكردستانية.

ـ أ تعتبرونه القيادة و الهوية الايديولوجية للحركة؟

صحيج،(PKK) هو ممثل الروح الايديولوجية والمعنوية لنظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية. فهو ينبذ الهرمية "السلطوية" ولا يسعى إليها، يصون مبدأ الديمقراطية والانتخابات في تعيين الاداريين والمسؤولين من قبل الشعب نفسه ولا يحبذ التعيين من الأعلى .

ـ بصدد الانتخابات والعملية الديمقراطية، أي ديمقراطية تما رسونها في نظامكم الجديد؟
فهنالك أنماط مختلفة من الديمقراطية كالمباشرة والتمثيلية ...

تطبيق الديمقراطية المباشرة صعب للغاية في بلد ككردستان. على الرغم من صعوبتها إلا أننا نتبنى مبدأ الديمقراطية المباشرة قدر الإمكان، لا نزعم بأنها كاملة في يومنا الراهن و لكننا نهدف الدنو منها تدريجياً. ليست الديمقراطية التمثيلية، بل هدفنا هو الوصول إلى الديمقراطية المباشرة.

قلتم بإن (KKK ) ليس تنظيماً بل نظاماً "system" أذا لماذا تسمون هيئتكم التنفيذية بـ (الهيئة التنفيذية للكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية). أ من المعقول أن يكون لنظام ما هيئة تنفيذية ؟

يمكننا إطلاق تسمية الهيئة التنفيذية لمؤتمر الشعب وليس (KKK )والشكل الحالي أيضاَ ليس خاطئاً. الهيئة التفيذية تقابل الحكومة او مجلس الوزراء في المصطلحات السياسية التقليدية فهل نقول للحكومة السورية: "مجلس وزراء لمجلس الشعب السوري"؟ لا يجوز هذا ، بل نقول: "مجلس وزراء الجمهورية السورية". فالجمهورية العربية السورية هو أسم نظام الدولة السورية.

ـ أتعني بأنه لا علاقة بين الهيئة التنفيذية ومؤتمر الشعب؟
هناك فصل للسلطات في نظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية. هنالك السلطة التشريعية المتمثلة في مؤتمر الشعب "kongera gel" ويتم أنتخاب الهيئة التنفيذية من قبل مؤتمر الشعب لعامين متتاليين. عدد أعضاء الهيئة واحد وثلاثون مع رئيس الهيئة. هذه الهيئة مسؤولة أمام مؤتمر الشعب ووظيفتها الاساسية إدارة الحركة عملياً. مؤتمر الشعب مكلف بمراقبة ومتابعة هذه الهيئة والمساءلة عن الأخطاء التي يرتكبها أحد أعضائها وللمؤتمر الحق في سحب المهمة من أي عضو أو من كل الاعضاء وأنتخاب آخرين بدلاً عنهم.

ـ أنظامكم مقتصر على السلطتين التشريعية والتنفيذية فحسب؟

كلا! هنالك السلطة القضائية يتم أنتخاب ديوان العدالة الإدارية من قبل مؤتمر الشعب بأغلبية الأصوات وهذا الديوان مؤلف من سبعة أعضاء أساسيين وأربعة أحتياط. الديوان مستقل عن السلطات الأخرى وهو مسؤول أمام مؤتمر الشعب خلال جلساته العادية فقط، وظيفة الديوان العمل القضائي والحقوقي في نظام "KKK ". ينظر في القضايا والدعاوى المرفعة إليه من قبل المؤسسات والأفراد ويعمل على إحلال العدالة في المجتمع. يعد الديوان المرجع الأعلى للحكم والقضاء و التمييز و الأستئناف وهنالك محاكم الحرية الفرعية في كل جزء وكل ولاية في كردستان.

ـ ماهي القاعدة أو القسطاس الذي يتم عليه أنتخاب أعضاء الهيئة التنفيذية ورئيسها؟

لا يوجد مثل هذا القسطاس، يحق لكل مواطن للكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية الترشيح لها. في الدورة السابقة تم تقديم قائمة بأربعين أسماً من قِبل رئيس الهيئة التنفيذية (المنتخب من قبل المجلس) كمرشحين للهيئة التنفيذية حيث تم أنتخاب ثلاثين منهم لتولي هذه المهمة. طبعاً يجب توفربعض الصفات الاساسية في المرشحين لهذا المنصب، كالتجربة السياسية والتنظيمية والايديولوجية والكفاءة للقيام بالمهام المناط إليه.

ـ هل هناك محاصصة وأخذ نسبة الاجزاء بعين الاعتبار في تحضير القائمة؟

لا يوجد مثل هذه القاعدة في ميثاقنا، لكن يتم الاهتمام بذلك طبيعياً.

ـ تتخذون موديل الهيئات التنفيذية في نظامكم الكونفدرالي، ما الذي يقابل موديل الهيئات في القاموس السياسي المعروف؟

الهيئات الموجودة في نظام الكونفدرالية الديمقراطية يقابلها الوزارات في الأنظمة التقليدية. ففي كل دولة تقليدية توجد العديد من الوزارات كـ "الداخلية والاقتصاد والصحة والتعليم والدفاع..." أما في نظامنا فأننا نتخذ موديل الهيئات. وكل هيئة مؤلفة من عدة أشخاص، فبعض الهيئات مؤلفة من سبعة أشخاص وأخرى مؤلفة من تسعة وبعضها الآخرمن عشرة أشخاص.

ـ كم هيئة موجودة موجودة في نظامكم؟

يوجد أحد عشر هيئة تنفيذية بالإضافة إلى هيئة مؤقتة بأسم "هيئة القيادة" وهذه الهيئة تسيّر نشاطات خاصة بقضية القائد آبو الأسير.

ـ هل من المحتمل زياردة عدد الهيئات مستقبلاً؟

هذا من شأن مؤتمر الشعب، فإن رأت الضرورة سيكون بإمكانها زيادة عددها. أرى بأن الهيئات الاثني عشر الموجودة تفي القيام بكل المهام وهي كافية .

ـ ماعدا (PKK) هل توجد أحزاب أخرى تحت مظلة( KKK )؟

نعم توجد. حسب فلسفتنا يجب أن تكون الاحزاب منحسرة في القدوة الايديولوجية والسياسية للمجتمع ومن الطبيعي أن لا يتحول القدوة الى الحكم والسلطة. ففي المنظور الكلاسيكي يقوم الحزب الرائد بالثورة و على أثرها يتولى سدة الحكم بنفسه كما فعلتها الاحزاب البلشفية و احزاب دول المنطقة. أما منظورنا الجديد فهو مغاير لذلك حيث يجب أن يقوم الحزب الرائد بالثورة ويسلم زمام الإدارة للشعب وأن يترك للأخير حرية أختيار مسؤوليه.

بجانب حزب العمال الكردستاني يوجد حزب حرية المرأة الكردستانية "PAJK " ضمن نظام الكونفدرالية الديمقراطية وبجانب هذين الحزبين توجد أحزاب سياسية لكل جزء من كردستان وهذه الاحزاب ليست كل شيء في الاجزاء المعنية؛ فهي مكلفة بتسيير النشاط السياسي فقط. بجانب ذلك يجب تواجد مؤسسات اجتماعية وثقافية وأقتصادية خارج نشاط الحزب المعني في الاجزاء. لكن هذا مطبق فقط في شمالي وجنوبي كردستان والأمر مختلف في شرقي وغربي كردستان ؛ حيث ان جميع النشاطات تحت مظلة حزبا هذين الجزئين. مثلاً: يوجد حزبنا السياسي في جنوب كردستان هذا الحزب ليس مسؤولاً عن نشاطاتنا الاخرى في جنوب كردستان والعراق ونفس الشيء ينطبق على شمالي كردستان واوروبا. لكن الاوضاع الامنية ومضايقات الدولة في ايران وسوريا جعلتنا نضطر الى تسيير كل الفعاليات تحت مظلة الحزب السياسي .وهذا الوضع يخرج هذه الاحزاب من هيكلها الحزبي ويولجها في شبه نظام واسع وشامل.

ـ وهل سيدوم الامر على هذه الشاكلة ؟

كلا، نحن الآن بصدد مداولة هذا الامر وسنناقشه حتى نصل الى حل مناسب لها. اي أن الوضع الحالي وضعٌ مرحلي مؤقت.

ـ اعتقد باننا اسهبنا كثيراً اليوم في الشؤون والتفاصيل الداخلية. أسمحوا ان نخرج بأسئلتنا قليلاَ عن الشأن الداخلي للنظام الى الشأن الكردستاني العام. بل والدولي ايضاَ.
سأبدء سؤالي الاول بالوحدة الوطنية. فهل من املٍ قريبٍ لإقامة وحدة و تعاون وطني على مستوى كردستان؟
و ماهي مستوى علاقاتكم مع الاحزاب والقوى الكردية الأخرى؟

العلاقات تتغير احياناً وهي غير مستقرة تماماً. لدينا علاقات مع العديد من الأحزاب والقوى الكردستانية العاملة لأجل الوطن. لنا عقيدتنا ونهجنا الأيدلوجي المستقل. يجب ان تكون هنالك علاقات سياسية بين الأطراف والأحزاب الكردية، وهذا لا ينفي ضرورة وجود منافسة وكفاح فكري حر فيما بينها. لكن يجب عدم السماح للحروب والصراعات الداخلية تحت كل الظروف. من المؤسف جداً بأننا قد عانينا من مصائب هذه الحروب الداخلية ، لذا يجب عدم السماح بها، في المرحلة التي تمر بها الحركة التحررية للشعب الكردستاني تفرض أكثر من اي وقتٍ آخر اتحاداً وتعاوناً بين كل الأحزاب والاطراف الكردستانية. هذا العصر هو عصر العولمة وتداخل الدول والقوميات وحتى القارات. فهنالك مجلس وحدة القارة الاوربية والاتحاد لافريقي و كذلك جامعات دينية و الجامعة العربية والعشرات من الامثلة المشابهة؛ الأمر كذلك فإن الشعب الكردي المضطهد أحوج من الجميع بلم الشمل والالتفات حول وحدة وطنية رصينة. فإن كانت الوحدة مطلوبة للعرب فإنها مطلوبة عشرة مرات للشعب الكردي. فإلى متى سيظل الكرد ورقة بيد الآخرين؟ و متى سيكون الكرد في مجرى يخدم مصالح كردستان قبل كل شيء؟ متى سيحدث هذا؟ عندما يقوم الكرد بصياغة سياسة ستراتيجية ومشتركة. لذا فإن الكرد بحاجة ماسة إلى استراتيجية الوحدة.
ندعو جميع الاطراف والجهات الكردية للعمل على عقد كونفرانس وطني ووضع خطة ستراتيجية وطنية وكذلك صياغة دستور وطني والعمل حسبه؛ ولكنهم لا يدنون من هذا العمل.

ـ وما الذي يدعوهم لذلك؟

لإن بعض التنظيمات الكردية تعمل لأجل مصالحها الحزبية وليست الوطنية. فإنهم يعقدون علاقات تتطلبها مصالحهم الحزبية تارة مع الدولة التركية وأخرى مع ايران وثم تراهم قد عقدوا علاقات مع القوى الخارجية. هذا يدل على أنها مرحلية وتمارس سياسة يومية. إن قضية كالمسألة الكردية المعقدة والضاربة أطنابها في عمق التاريخ لا يمكن حلها بمثل هذه السياسات اليومية. لذا أدعو كل مسؤولي وقادة الاحزاب والتنظيمات الكردية: " أيها المسؤولون تعالوا لنعقد كونفرانساً وطنياً كي نحل كل مسائلنا". خلال أحدى لقاءاتي مع مسؤول أحدى الاحزاب الكبيرة في الجنوب قلتُ له:" على الرغم من الصراعات التي أندلعت بيننا إلا أنه يتوجب علينا اليوم تجاوز الخلافات وأقامة وحدتنا ... فأكثر القوميات المتحاربة فيما مضى والتي قتلت من كل طرف مئات الألوف من مواطنيها قد تناسوا كل ذلك وتوحدوا الآن وألغوا الحدود بينهم، فلما نحن الكرد لا نتجاوز خلافاتنا ونقيم وحدتنا؟"

ـ وما كان جواب ذلك المسؤول؟

كان رده ضمن إطار ايجابي وبأننا على حق. لإن هذه حقيقة ساطعة ولا يمكن لأي طرف إنكارها أو رفضها ولكن الأهم من ذلك هو السير وفق هذه الحقيقة والقيام بالمطلوب تجاهها. حتى الآن لم يقم أي تنظيم كردي بمعارضة أو رفض علني لأقتراحنا بعقد كونفرانس وطني.

ـ وهل أرسلتم رسائل أو دعوات لكل الأطراف والاحزاب الكردية لعقد هذا الكونفرانس؟

كلا لم نرسلها للجميع على حدى. بل وجهنا نداءً مفتوحاً للجميع في الكلمة الاختتامية لجلسات المؤتمر الثالث لمؤتمر الشعب وكذلك نشرنا نفس النداء في وسائل الاعلام، أما بالنسبة للأرسال فقد أرسلناها لبعض الجهات وكذلك قمنا أثناء لقاءتنا مع مسؤولي الأحزاب بطرح نفس الموضوع وقد نشط جميع ممثلينا الدوبلوماسيين في الوطن والخارج بإيصال ندائنا هذا إلى كافة الأطراف.
وسنكرر نداءنا ودعواتنا هذه وأن تطلب الأمر فسوف نرسل رسائل خاصة إلى كل طرف و حزب. أود التطرق الى مسألة مهمة متعلقة بموضوع الوحدة الوطنية وهو موضوع القائد آبو الأٍسير لدى الدولة التركية. نحن نرى القائد آبو كقائدِ وطني ومن الممكن ان لا تراه بعض الاطراف بهذا الشكل حيث انها تعتبر آخرين قادة لها ، مثلاً البعض يعتبرون الطالباني والبعض البارزاني قائداَ لهم لكن لا يستطيع أحد إنكار أن القائد آبو هو قائد لأكبر تنظيم كردستاني واليوم أسير لدى العدو. لا نريد هنا فتح الصفحات القديمة ودور بعض الاطراف الكردية في أتفاقية واشنطن التي أشعلت الضوء الاخضر للمؤامرة على القائد. فقد ولى زمن أتفاقية واشنطن وتم تجاوزها الآن؛ والحال كهذا ، يجب على الاخوة في الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وجميع الأحزاب الكردية أن تولي أهتماماً أكبر بالقائد آبو. لإن الاهتمام بالقائد آبو يعتبر موقفاً وطنياً ، بل وظيفة وطنية مطلوبة من كل كردي ذي كرامة. فالقائد آبو قائد كردي وإن لم يعتبره الجميع قائداً لهم وهذا لا ينفي أن أكثرية الكرد يعتبرونه قائدهم، لذا فإن أبداء الموقف المساند له يعتبر موقفاً ضد سياسات العدو وتقارباً بين جيمع الكرد.

ـ بشكل عام كيف ترون موقف صنّاع السياسة في جنوب كردستان من قضايا الاجزاء الأخرى؟

هناك أعتقاد خاطئ في جنوب كردستان، حيث يعتبرون بإنهم قد تحرروا واقاموا كياناً كردياً لأنفسهم وبإنهم ليسوا مضطرين للتضحية والانشغال بالاجزاء الاخرى وقد يضر إنشغالهم هذا بعلاقاتهم الرسمية مع الدول الاقليمية. وأرى بإن هذا الاعتقاد خاطئ وناقص، كردستان مجزئة إلى أربعة أجزاء وإن لم تحل المسألة في الاجزاء الاربعة فإن حلها في جزءٍ واحد فقط لن يجلب الخلاص الحقيقي لكردستان وحتى للجزء المتحرر، اللاحل في الاجزاء الاخرى يعني بإن المكتسبات في جنوب كردستان مؤقتة و ليست لها ضمانة الديمومة و قد تتعرض للخطر إذ ما تغيرت الظروف و التوازنات الحالية. فموقف تركيا و معاداتها الشرسة للكرد و عملها على عقد تحالف ثلاثي مع ايران و سوريا ضد الشعب الكردي و ضد المكتسبات في جنوب الوطن خير دليلٍ على التهديدات المسلطة على جنوب كردستان. فطالما لم تغير تركيا من سياستها، فإن هذا التهديد سيظل باقياً. لذا أقول بإن على الكرد أن يتعقلوا وان يستفيدوا من الفرص التي أمامهم ومن دعم بعض الدول العالمية لبعض الاطراف الكردية ونستخدمها في حل القضية الكردية في كافة الاجزاء وإلا فإن التاريخ لن يسامحنا. أي يجب نبذ الانانية والتقوقع وقيام الجميع وخاصة الاحزاب الكردية في الجنوب القيام بلعب دورها في قضية تحرير كردستان.

ـ وهل أنتم قائمون بالدور المطلوب منكم في دعم أحزاب الجنوب وحماية مكتسباتها؟

بالطبع، فحركتنا تحمي هذه المكتسبات ولن نتوانى للدفاع عنها بأي شكلٍ كان وكذلك فإننا نشكل سداً منيعاً أمام أطماع ومآرب دول المنطقة "العدوة" في جنوبي كردستان. وأن أنهزمنا أو تلقينا ضربة كبيرة فإن كل من (pdk)و(ynk) ستبقيان وحيدتان بمواجهة العدو الذي سيطبق الخناق على الجنوب وينهي الكيان الموجود. فجميع الجبال والمنافذ الاستراتجية في شمال وشرق وجنوب كردستان تحت سيطرتنا فقط وهذا يشكل خطراً دائماً على العدو؛ أي أن وجودنا القوي على الساحة يجبر الدول على التواصل مع جنوبي كردستان؛ وأن زال خطرنا على هذه الدول فإن الاخيرة ستقطع علاقاتها مع الجنوب و لن تتوانى عن مهاجمتها.

ـ ألاحزاب الكردية إلى أي حدٍ على دراية بهده الحقيقة؟

يجب أن توجه سؤالك هذا إليهم. فأنا لا علم لي بذلك. ولكنني أعرف بإنهم ليسوا جهلاء عن هذه الحقيقة. لكنهم قد لا يعترفون بها رسمياً لاسباب سياسية متعلقة بهم. و لكنني متأكد بأنهم يقيّمون دورنا ووجودنا في حماية الجنوب و الأجزاء الأخرى عامة.

ـ أ ليست هنالك مخاوف لدى هذه الجهات منكم ؟

ولم الخوف ، يجب ان نتساند وأن لا نتخوف من بعضنا. هناك بعض المخاوف حول إن أنتصار الحركة الآبوجية سيكون نهاية الاحزاب الأخرى وبإن الحركة ستقضي على الجميع. هذا تحوير للحقيقة وليس له أي وجه من الصحة.

ـ وما مصدر هذه المخاوف؟

الأحزاب الصغيرة في شمالي كردستان قد لعبت دوراً سلبياً جداً في خلق ونشر هذه المزاعم والمخاوف. والحقيقة أننا كنا وهذه الاحزاب موجودين في شمالي الوطن حتى الانقلاب الدموي للعسكرتارية التركية، على اثرها تركت جميع هذه الأحزاب الوطن وألتجأت الى أوربا وحلت أحزابها أو تقلصت بشكلٍ طبيعي وتخلت عن النضال الحقيقي في الوطن .أما نحن فقد فعلنا عكسهم، ناضلنا وقاومنا في السجون وحاربنا في الجبال ونظمنا الشعب في كل مكان ونتيجة ذلك ألتف معظم أبناء الشعب حولنا ولم يبق للأحزاب اللاجئة في أوروبا أية قاعدة أو مكان في كردستان لذا فإنها تزعم بإن حركتنا قد قضت عليهم. لكن الحقيقة بإنهم قضوا على أنفسهم بذاتهم. فقد هربوا إلى السويد وبرلين للعيش المريح بها. أما نحن فقد قدمنا أكثر من عشرين ألف شهيد. فهل الشعب الكردي بمجنون حتى لا يلتف حولنا؟ ففد تركتم الشعب وتخليتم عن النضال؛ فلماذا سيساندكم الشعب الكردي؟
والآن يقومون بالدعاية المضادة لنا عند الاحزاب الكردية في جنوب وشرقي كردستان، حيث يصوروننا وكأننا سنخنق الجيمع ولن نترك لهم فرصة التنفس. فنحن حركة ديمقراطية لنا نهجنا ومنظومتنا الفكرية الديمقراطية العصرية ولا نمارس أي ضغط على أي كان.

ـ وحتى المعارضة؟

هذا إن كانت معارضة صادقة ومخلصة للقضية الكردستانية. نحن لسنا ضد اية معارضة كانت داخلية أ و خارجية لنا.

ـ ولماذا القضاء على الشخصيات التي تنقطع عنكم ؟

نحن لسنا حزباً سياسياً عادياً، نحن ثورة تناضل لأجل الحرية، لنا جيشنا واسرارنا ومبادئنا، كما قلت بإننا لسنا ضد الاختلاف في الرأي وحتى معارضة الحركة. لكن البعض يفهمون المعارضة بمعاداة الحركة والارتماء في أحضان العدو والدخول في خدمة مآربه ومخططاته الهادفة إلى القضاء علينا وعلى طموحات الشعب الكردي. فأين هذا الموقف من المعارضة؟ أما الذين يبقون في صفوفنا لسنيين طويلة وبعدها يهربون إلى العدو ويحاربوننا أو يعملون على إلحاق الضرر والخسارة بمكتسبات الثورة، حينها يكونوا قد أرتكبوا الخيانة ضد الثورة والشعب الكردستاني والحال هذا فإن الشبان والفدائيين الكرد مستعدين للمحاسبة ووضع حداً للخونة وهذا حق طبيعي جداً لأي كان. أعود و اكرر بأننا مستعدين للتحالف و التعاون مع كل الأحزاب التي لا تحاربنا حتى و لو كانت معارضة لنا و بإمكانهم العمل ضمن تظام الكونفدرالية الديمقراطية و كذلك التمثيل ضمن مؤتمر الشعب و بأمكانهم تشكيل معارضة ضمن المؤتمر و أنا أعطيهم الضمانة الكاملة لفتح المجال أمامهم و حتى التعاون و اياهم في شتى المجالات.

ـ أية أطراف لا يشتملها ضمانتكم هذه ؟

هنالك بعض الجهات الكردية تسير دعاية تشويهية ضد القائد آبو. على الرغم من أن القائد آبو ومنذ ثمانية أعوام يعيش في أصعب وأقسى الظروف التي لا مثيل لها في أي سجن ويتعرض لمعاملة سيئة لأبعد الحدود من قبل السلطات وهو محروم من أبسط الحقوق الإنسانية وكل ذلك لإنه قاد أكبر ثورة تحررية كردستانية. على الرغم من هذه الحقائق فإن تلك الجهات تزعم بإن القائد آبو قد أٍستسلم للدولة وبإنه متعاون مع الجنرالات الترك و إن القائد آبو يسد طريق حل المسـألة الكردية وكذا الكثير من المقولات الملفقة ضد القائد. ومصدر هذه المقولات هي دائرة المخابرات التركية نفسها؛ ينشرها عبر تلك الجهات الملفقة المشبوهة و المتطفلة على الكردياتية.
أقول لتلك الجهات والشخصيات ، أنا جندي لدى القائد آبو ومستعد للموت في كل لحظة وكل الثوار مستعدون للشهادة في كل لحظة، إنظروا إلى الرفاق الذين يضرمون النار بإبدانهم، فإين أنتم من كل هذا؟ أين ؟ فإن كنت معادياً للجنرالات ولا تحبهم فتعال ناضل ضدهم. لا نقول حاربهم بالرصاص بل أرشقهم بحجر واحد فقط حتى نصدقك. لكنك حتى اللحظة لم تقل كلمة واحدة ضد هذه الدولة، ناهيك عن رشقك للحجر.
لإن همك الوحيد وشغلك الشاغل هو معاداة (PKK) والدعاية ضدها حينها سنقول يجب قبل كل شيء أن تبرهن على كرديتك. لأننا نشتبه بكونك كردياً حقيقياً !

ـ أتقصدون الأحزاب؟

من الخظأ تسميتها بالأحزاب، فهذه المجموعات في شمالي كردستان عبارة عن زمر مؤلفة من خمسة إلى عشرة أشخاص عديمي التأثير كانوا وما زالوا في خدمة العدو. أما الأحزاب الجدية التي تعمل وتناضل حسب قدرتها لأجل المصلحة الوطنية فإننا نضعهم فوق رؤوسنا ونحفظهم في أعيننا و نحترمهم حتى ولو كانت لنا تحفظات على مسارهم وأعمالهم. أما الذين لا يقدرون تضحيات ودماء شهدائنا ومقاومة أنصارنا ولا يكنون الأحترام للقيم التي صنعناها، فإننا لن نبدي لهم أي تقدير فهؤلاء لا يستحقون أحترامنا بتاتاً .

ـ تم الاعلان عن إقامة المؤتمر الوطني الكرستاني " KNK " سنة 1999 وقد تعقبنا بعضاَ من نشاطاته الوطنية ولكنه الآن مهمش. لِمَ هذه التهميش ياترى من قبلكم؟

لقد سعينا لتطوير مشروع المؤتمر الوطني الكردستاني وقد نجحنا بعض الشيء في هذا المجال و مشروع الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية شبيه به. (KNK) مازال في محله ولم نحله وسيعقد مؤتمره العادي بعد فترة قصيرة جداً. صحيح بإننا كنا نولي أهمية بالغة جداً للمؤتمر الوطني هذا الاهتمام قد خف عن السابق لأننا أسسنا مؤتمر الشعب و لكن هذا لا يخفي أن المؤتمر الوطني يعتبر خندقاً ذي أهمية له أحترامه ومكانته الخاصة. لأجل إنجاح مشروعات المؤتمر الوطني الكردستاني نحن كنا ومازلنا مستعدين للقيام بكل مايقع على كاهلنا. فالكونفرانس الوطني الذي تحدثنا عنه آنفاً بحد ذاته مشروع من مشاريع المؤتمر الوطني الكردستاني ونجاح الكونفرانس الوطني سيكون دافعاً للمؤتمر الوطني للسير إلى الأمام.

ـ وماذا سيكون دور المؤتمر الوطني في المرحلة الجديدة ؟

المؤتمر الوطني الكردستاني عبارة عن تنظيم وطني مستقل ومحايد ومازال بعض الجهات الكردية خارجه وأعتقد بإنها أيضاً ستدخله في المستقبل. المؤتمر الوطني المرشح الأول لإقامة و إدارة الكونفرانس الوطني.

ـ أين ستقيمون الكونفرانس الوطني؟

مازال عقد الكونفرانس قيد النقاش والتداول. الاحتمال الأكبر أن يكون المكان في كردستان وقد يكون خارج الوطن. لم يتم تعيين المكان بعد، كون الكونفرانس بحد ذاته موضوع نقاش حالياً.

ـ لنأتي إلى العلاقات مع القوى العالمية. كحركة هل لكم علاقات مباشرة مع الولايات المتحدة الامريكية ؟
أليس من الأفضل لكم عقد علاقات مع " سيدة العالم" حسب بعض الاطراف الكردية؟

اليوم تتصارع قوتان رئيستان في الشرق الاوسط. القوة الأولى هي دول المنطقة المتزمتة والمحافظة والتي تسعى للحفاظ على الوضع الراهن في الشرق الأوسط كي تحمي نفسها وتؤمن ديمومتها. وأما القوة الثانية فهي الدول العالمية تتزعمها الولايات المتحدة وهذه الدول تسعى لإعادة شكلنة منطقة الشرق الأوسط بما يتلائم ومصالحها الاستراتجية وضمان خروج النظام الرأسمالي من مأزقها الحرج. النظام الرأسمالي ، أختار الشرق الاوسط لأسباب جيوبولتيكية عديدة تضمن مستقبل النظام الرأسمالي. أذاً هناك قوة تعمل على الحفاظ على وجودها بالمحافظة على الشكل الحالي للمنطقة وقوة ثانية تعمل على إعادة شكلنة المنطقة لضمان مستقبلها. لذا فإن الصراع محتدم جداً بين كلى القوتين.
القوى الاقليمية بذهنيتها الرجعية المحافظة أودت بالمنطقة إلى الهاوية وهي غير مؤهلة لحل قضايا المنطقة. فلا الذهنية البعثية ولا الكمالية ولا حتى النظام الحالي في ايران كلها غير قادرة للتجاوب مع ضرورة الحل للمنطقة. لذا من الضروري تجاوز هذه الانظمة وتغييرها. عليها القيام بهذا التغير ذاتياً. فحسب رأينا ليس هنالك حاجة لتدخل قوى خارجية في مسائل المنطقة، لإن هذا من وظيفة شعوب المنطقة نفسها. لكن هذه الدول المتصلبة لم تقم بذلك وهذا التصلب بات ذريعة كي تتدخل القوى العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة في شؤون المنطقة ومع تدخلهم أحتدم الصراع مع القوى الاقليمية. برأيي إن هذا الصراع سيدوم في المستقبل أيضاَ. ففي الوقت الذي نرى أن الحالة التي عليها دول المنطقة خاطئاَ؛ فإننا لا نرى أن تدخلات أمريكا ستجلب معها الحرية والأمل أيضاً.
فحقيقة المنطقة تفضي أن الحلول لن تكون مع الدول المحافظة ولا مع التدخلات الخارجية بل الحل سيكون بيد الشعوب؛ لإنها خير ما تمثل نفسها. هذا بطبيعة الحال يفرض وبشدة ضرورة تطور الحركات الجماهيرية في المنطقة. نحن نعتبر أنفسنا القوة الثالثة في المنطقة خارج القوتين المتصارعتين ، لن نصبح جنداً لأحد. نرى الضرورة لأحداث تغيرات أساسية في المنطقة بمبادرة القوى الديقراطية الجماهيرية. ومن المؤسف بإن الأخيرة ضعيفة الآن.

ـ وبشأن علاقاتكم مع أمريكا؟

نحن مستعدون لعقد العلاقات مع الجميع ومن ضمنهم أمريكا وكذلك مع القوى الاقليمية ولكننا لا نسعى خصيصاً لذلك. لنا بعض العلاقات مع بعض الجهات ولكنها علاقات محدودة جداً كل جهة تعقد علاقات ستراتيجية مع تابعيها، ونحن لسنا تابعين لأية جهة لذا لا أحد يعقد معنا علاقات ستراتيجية خاصة و إننا لا نرى ضرورة ملحّة لمثل هذه العلاقات.

ـ أفهم من ذلك أنه لكم علاقات غير مباشرة؟

المسألة ليست وجود أو أنعدام العلاقات فهي غير مستقرة على حال، فتارة تتطور و تارة تتراجع، ثم هنالك الكثير من التنظميات التابعة لنا ، فأحياناً تكون العلاقات مع تلك التنظمات وليست بالضرورة معنا. لكن أنعدام العلاقات لا نعني ضرراً بالنسبة لنا ووجودها أيضاً لا يعني الخلاص والحرية ...

ـ كان الجميع يخمنون بإن الولايات المتحدة ستهاجمكم بعد العراق، لكن هذا لم يحدث. بماذا يمكننا ربط هذا الامر خاصة إن الاعلام التركي يزعم وجود علاقاتٍ سرية بينكم وبين الامريكان؟ً

هذه امور يومية ولا ندعي بوجود صلاتٍ كما يزعمها الإعلام. فالمحللون الاذكياء للسياسة الامريكية والعارفون بماهية مآربها ومخططاتها في المنطقة سيعرفون بإنه ليست من مصلحة امريكا بشيء في مهاجمة الشعوب المضطهدة فهي تستهدف الدول الحاكمة في المنطقة. والحال هذا فليس من مصلحة امريكا في معاداة الشعب الكردي وقد يكون هذا السبب الرئيس الكامن خلف عدم استهدافها لنا.

ـ هل من ضمانة على أنها لن تهاجمكم مستقبلاً؟

هذا الاحتمال أيضاً وارد لا يمكننا نفي حدوثه. فالدول الكبرى تسير وفق مصالحها ومتطلبات ستراتيجياتها.

ـ ربما تخشى امريكا من قوتكم العسكرية مما يردعها عن مواجهتكم ؟

هذا احتمال ضعيف .


- في الآونة الأخيرة ذاد ورود مصطلح "الارهاب" في الإعلام و على ألسنة الساسة و حتى العامة من الناس، و أنتم لكم معاناة مع هذا المصطلح، فما هو نظرتكم لمعادلة " الارهاب" كمصطلح و ممارسة؟

- لكل طرف أو كيان تعريفه الخاص لموضوع "الارهاب" و كل طرف يذهب مذاهب مختلفة و يدلو بدلوه في تعريف أو شرح هذا المصطلح، و نعت التنظيم او الشخص او الحركة الفرنية بهذا المصطلح، و التعريف الذي يتجمع عليه الكثيرون و الأقرب – برأيي- إلى العلمية يكون كالتالي: (أن اي حركة منقطعة عن المجتمع تسعى للوصول إلى أهدافها من خلال العنف فقط تصنف بالحركة الارهابية. أما حركات التحرر الوطنية المناضلة لأجل الشعوب و المنطلقة من القاعدة الشعبية حتى و إن لجأت هذه الحركات في نضالها للعنف أو لم تلجاً، لا يمكن وصفها بالارهابية بتاتاً).
و لكن العالم الغربي يحلل مصطلح "الارهاب" حسب منظور مصالحه السياسية و الاقتصادية الخاصة و تكيل بمكيالين في هذا الأمر. الشعب الكردي العريق و الذي كان قد وصل إلى شفا الهاوية و الانتهاء، ظهرت حركتنا و ناضلت لخلاص هذا الشعب بالسبل السياسية و الانتفاضة العسكرية و ليست لهذه الانتفاضة اي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالارهاب. فنضالنا مشروع و حقاني وما استخدامنا للسلاح إلاا للدفاع الاضطراري عن هذا الشعب و حقوقه المعرضة وليس من العدل بمكان نعتها بـ "بالارهاب". فمتى كانت حركة لها الملايين من الجماهير و المؤيدين و تسمى بالارهاب؟ فمثل هذه الحركة ليست لها اية علاقة بالارهاب، عكس ذلك هي حركة انسانية ديمقراطية عصرية تناضل لأجل الحرية و السلام فما علاقة كل هذا بالارهاب؟ امريكا أدخلت أسم حركتنا ضمن قائمة ما يسمى بـ"الارهاب" بعد عام 1996 حيث صنفت الاكراد إلى صنفين: الأول هم الاكراد الجيدون و الثاني الاكراد السيئون، فقد دعمت اكراد الجنوب و عادت باقي الاكراد و صنفتهم بالارهابيين.

- و لكن ما مصلحة أمريكا من تصنيف حركتكم ضمن قائمة " التنظيمات الارهابية"؟

كما هو معلوم بأن تركيا تشكل موقع للمصالح الاستراتيجية بالنسبة للعالم الغربي و سعياً منها لإرضاء تركيا فأنها قامت بوضع حركتنا ضمن هذه القائمة. فلو قام الاكراد في ايران بمحاربة الجمهورية الايرانية و خوض اشرس الحروب ضدها فإن العالم الغربي لن يقوم بوضع أسم الاحزاب الكردية في ايران ضمن هذه القائمة؛ كون العالم الغربي معادي لايران، ولكن الامر مختلف جداً بالنسبة لأكراد الشمال، فلو قاموا بنضال سلمي ضد تركيا فإن العالم الغربي سيسارع لتسمية احزابهم بـ "الارهابية" و هذا يوضح الاذدواجية و التقرب حسب المصالح الاقتصادية و السياسية للعالم الغربي من المسائل. من المفارقات العجيبة على هذ الاذدواجية إن دول الاتحاد الاوروبي حينما كنا نسير حسب استراتيجية حرب طويلة الامد و نعتمد الكفاح المسلح في الدجة الاولى لم تصنفنا ضمن قائمة "الحركات الارهابية" و ما أن غيرنا استراتيجيتنا القديمة و أوقفنا الحرب و الكفاح المسلح و أعلننا عن البدأ بمرحلة النضال السياسي و القانوني و الدفاع المشروع حتى سارعت الدول الاوروبية إلى تصنيفنا ضمن قائمتها هذه، في عام الفين وواحد، حينها كانت الحرب متوقفة تماماً و لم يتم إطلاق رصاصة واحدة و كنا نسعى إلى توفير ارضية للتخلي النهائي عن السلاح... المفارقة و الاذدواجية تكمن هنا: فالاتحاد الاوروبي كان موجوداً قبل ذلك بأعوام فلماذا حينها لم تصنفنا ضمن قائمتها السوداء هذه؟ فعندما كنا نحارب لم تضعنا ضمن قائمتها وما أن اوقفنا الحرب حتى سارعت إلى وضعنا ضمن قائمة الارهاب. فالمقياس هنا هو المصلحة السياسية و الاقتصادية و ليس أي شيء آخر.

- ما مدى التأثير الفعلي لهذ التقرب عليكم؟

تصنيف أسم حركتنا ضمن هذ هالقائمة يعتبر جوراً و ظلماً كبيرين و قلباً للحقائق و أعتداءً على حقوقنا كمناضلين لأجل الحرية. الاتحاد الاوروبي يعلم علم اليقين بخطأ تصنيفنا ضمن هذه القائمة، لذا فأنها تصنفنا و من ثم لا تتقرب منا على أساسها. فهنالك العشرات من قياديي حركتنا ولدينا نشاطات و مؤسسات و منظمات فعّالة و علنية منتشرة في كل المدن و العواصم الاوروبية. الولايات المتحدة الامريكية ايضاً قد صنفتنا ضمن قائمة الحركات الارهابية دون أن تتعرف عن كثب علينا، و لكنها الآن قد دخلت المنطقة و باتت ترى الامور عن قرب و لها محاولات عديدة في التعرف علينا، و قد رأت بأم عينيها بأننا لسنا جماعة عادية مسلحة يمكن القضاء عليها وازالتها من الوجود بعملية عسكرية، بل تيقنت بأننا حركة جماهيرية كبيرة منتشرة في كل بقاع كردستان و المهجر من روسيا وآسيا الوسطى و القوقاز و اوروبا و الدول العربية الأخرى، كذلك رأت بأننا نمتلك اكثر من خمسين مؤسسة و جهاز إعلامي دولي و أقليمي ووطني مؤثر، و تيقنت كذلك بأننا لسنا حزباً بل نظاماً متجذراً في البنية الكردستانية يؤيده الملايين و يعمل ضمنه عشرات الألوف من الكوادر و المناضلين و المقاتلين و السياسيين و المثقفين و الفنانيين... أمريكا باتت تعرف بأننا لسنا جماعة من الانصار المحاربين فحسب، بل بناة لنظام كردستاني واسع لا يمكن إهماله أو التعامي عنه. فالاراضي المحررة التي تحت سيطرتنا أكبر من الكثير من الدول و نحن فيها رغم كل الدول و القوى الاقليمية و العالمية. لذا فإن كل من الاتحاد الاوربي و امريكا و على الرغم من انها صنفت حركتنا ضمن قائمتها "التنظيمات الارهابية" إلا انها لا تتقرب منا عملياً على أرض الواقع بهذا الشكل.
هذه القوى تصرح بين الحين و الآخر بأنهم سيقطعون مصادر التمويل عنا و سيضيقون الخناق المالي علينا. لكن هذه خديعة كبيرة و تصريحات ترضية للدولة التركية فحسب، فليس بمقدور اية قوة قطع مواردنا المالية. هذا لسبب بسيط وهو أن مواردنا المالية آتية من الجماهير الكردية مباشرة و ليس بمقدور اوروبا و لا امريكا و لا اية جهة اخرى أن تضع حراس أمام كل منزل كردي لمنعهم من تقديم تبرعاتهم و اشتراكاتهم لنا. فليس بمقدور منع الاطفال الكرد الذين يقطعون من مصاريفهم اليومية لتقديمها كمساعدة للثورة. فقد باءت كل المحاولات و المشاريع الهادفة إلى قطع مواردنا المالية بالفشل لهذا السبب. فلو كانت بعض الجهات أو الدول تقدم لنا الدعم المالي، حينها لكان بالإمكان الضغط عليها لتكف عن مساعداتها تلك، و لكن لا توجد اية جهة أو دولة تقدم لنا شيء، بل كل مواردنا من العائلات و الافراد الكرد في كردستان و المهجر.


- أنتم مصنفون ضمن قائمة " المنظمات الارهابية" لدى الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الاوروبي، ألا يعني هذا ضعفاً في الحراك الديبلوماسي لحركتكم؟

لا يهمنا كثيراً ما تقوله البلدان الغربية علينا، فنحنُ أعلم الناس بأنفسنا ونعرف بأننا حركة إنسانية، وطنية مناضلة لأجل الحرية والسلام، يكفينا بأن الشعب الكردستاني يدعمنا بكل شيء و ليس بمقدور اية قوة في العالم فصلنا عن الجماهير الكردية في القرى و المدن و الجبال، فنحنُ موجودون بالشعب الذي يعتبر القوة الاساسية لنا. يجب أن تكف هذه القوى عن اطلاق هذه التسميات اللامسؤولة علينا و أن تسعى لحل المسائل بالحوار و العقلانية و ليس بالوصفات و "القائمات الارهابية". فنفس هذه القوى كانت تسمي فيما مضى جميع الفصائل الفسطينية بـ "الحركات الارهابية" ومن ضمنهم المرحوم ياسر عرفات، و كانت تسمي المناضل نيلسون مانديلا و العديد من القادة الآخرين بـ "الارهاب" ولكن هذا لم ولا يلغي كونهم ثوار ومناضلون شرفاء لأجل حرية أوطانهم.
أما بالنسبة إلى الجواب على سؤالكَ، بالطبع لدينا نشاطات واسعة بهذا الشأن وقد رفعنا دعوة حقوقية في محكمة حقوق الانسان الاوروبية ضد تصنيف حركتنا في القائمة المذكورة. قبل كل شيء يجب تشتيت عقد المؤامرة الدولية التي أستهدفت حركتنا والتي تمخضت عن اسارة القائد آبو و داومت بعدها للقضاء النهائي على الحركة، فإن انفك عقد التحالف الدولي المتآمر علينا، حينها سيكون من السهولة بمكان حذف أسمنا من تلك القائمة. و هذا الشيء سيحدث من خلال تصدينا للمتآمرين و ذلك بتطوير النضال و رص الصفوف و إنهاء حالة التشرذم الوطني. لقد أثبتنا ذلك من خلال نضالنا و ما تمخض عنه من نتائج في السنتين المنصرمتين، فقد أتضح للجميع بأنه من المستحيل القضاء على آمال و طموحات الشعب الكردي في الحرية و الاستقلال و المتمثلة في نضال حركتنا بتصنيفها ضمن القائمة الفلانية أو إلصاق النعت الفلاني أو التضيق عليها في المحافل الاقليمية أو بشن الهجمات العسكرية أو بتغذية الانشقاقات الداخلية، فالقضية الكردية باتت ضمن أجندة الرأي العام العالمي و قد ولجت مرحلة الحل و من المستحيل ارجاع هذه العجلة إلى الوراء.
صحيح بأنه كانت لدينا نشاطات ديبلوماسية فعّالة و لكننا كنا نولي الاهمية القصوى للنشاطات التنظيمية و التوعية الوطنية و كان النشاط الديبلوماسي في الدرجة الثانية أو حتى الثالثة ضمن اولويات حركتنا. منذ سنة 1982 قمنا بإنشاء ممثليات تشبه السفارات في عملها بأسم "هيئات كردستان" في معظم العواصم الاوروبية و السوفيتية، و كنا نصدر مجلات باللغات الالمانية و الانكليزية و الفرنسية و الايطالية لتعريف العالم الغربي بقضيتنا. و لكن ديبلوماسياً لم تكن بهدف عقد العلاقة مع الحكومات و الدول، إنما بهدف التعريف بقضية الشعب الكردي لدى الرأي العام و الشعوب الغربية.
و لكننا كثّفنا من نشاطاتنا الديبلوماسية في السنوات الاخيرة و لدينا مشاريع بهذا الشأن باشرنا بتطبيقها في الآونة الأخيرة. لدينا أساس قوي للنشاط الديبلوماسي و العديد من العلاقات و إن لم نفعّله في الحراك السياسي حتى الآن بالإضافة إلى أنه لدينا ممثليات في كل البلدان وبالاخص الغربية و الاقليمية ما عدا امريكا و بعض الدول الافريقية، ولدينا لوبي خاص يعمل على تصحيح ما شوهته الدولة التركية من صورتنا لدى الرأي العام الدولي و السعي إلى جمع التاييد الدولي للقضية الكردية و حذف أسم الحركة من تلك القائمة و تأمين حرية القائد آبو و التشهير بالممارسات الوحشية للسلطات التركية ضد الشعب الكردي. سنناضل ديبلوماسياً و إعلامياً كي يتم إخراج أسم الحركة من تلك القائمة و لكننا لن نتوسل و لن نبتهل لأي جهة من أجل ذلك.

سيتبع












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا