الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 4

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2009 / 9 / 15
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


و في ظل العوامل السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية خلال القرن 19 و التي اتسمت بتصاعد البورجوازية و هيمنتها على السلطة السياسية و الاقتصادية ، التي نتج عنها تصاعد الرأسمال الصناعي و هيمنته على الحياة داخل المجتمعات الرأسمالية بعد زوال مرحلة المانيفاكتورة التي اتسمت بهيمنة الرأسمال التجاري ، و بروز الرأسمالية التنافسية المتسمة بهيمنة بعد الإنجازات الهائلة للثورة الصناعية ، و برزت ضرورة مواجهة الإيديولوجية البورجوازية التي تحاول السيطرة و الهيمنة على البروليتاريا و استغلالها لتراكم الرأسمال في أيدي أقلية من البورجوازيين على حساب قوة عمل البروليتاريا ، و كان ماركس و إنجلس المناضلان الثوريان اللذان أناطا بهذه المهمة التاريخية بصياغتهما للنظرية الثورية البروليتارية و حزبها الثوري ، و كانت المهمة الملقاة على عاتقهما أشد و أعمق لما تطلبت منهما المرحلة التاريخية من نضال أيديولوجي و سياسي ، من أجل بلورة مفهوم الثورة و الحزب الثوري و كانت صياغة البيان الشيوعي و تأسيس الأمية الشيوعية جوابا حاسما على المهام الثورية المطروحة عليهما ، و ساهما في ثورة 1848 التي قال عنها إنجلس :
" لقد انطلق غضب الشغيلة على مداه ضد الوزارة و البرلمان اللذين لم يلبيا أيا من آمال الشغيلة ، بل كانا يتخذان كل يوم قرارات لصالح البورجوازية و معادية للعمال " و قد تميزت ثورة حزيران هذه بكونها محض عمالية و تختلف عن سابقاتها التي رفعت شعار: " الموت في سبيل الوطن"، حيث إن شغيلة حزيران يقول إنجلس :" كانوا يقاتلون في سبيل حقهم في الحياة" و تمت مواجهتهم بالرصاص ، و منذ ذلك التاريخ لم تكن هناك ثورة لم تقدها البروليتاريا كما هو الشأن في سنوات 1871 و 1905 ، و أروعها ثورة أكتوبر 1917 التي أحدثت تحولات جذرية في تاريخ الحركة الاجتماعية مع انتصار الثورة البروليتاريا .
لقد صاغ ماركس و إنجلس "البيان الشيوعي" الذي يعتبر مذهب الشيوعية و الشيوعيين و الذي تم إعلانه في 1848 و الذي أوضحا فيه دور البروليتاريا التاريخي في حسم الصراع الطبقي ، و يقسم لينين المراحل التاريخية لتطور المذهب الماركسي إلى ثلاثة مراحل منذ صدور هذا البيان و هي :

ـ مرحلة الثورات الممتدة ما بين 1848 و 1871 ، و في بداية هذه المرحلة لم يكن مذهب ماركس سوى فرعا من فروع التيارات الإشتراكية ، و في أواخر هذه المرحلة مرحلة العواصف و الثورات ماتت إشتراكية ما قبل ماركس بميلاد الأممية الأولى 1864ـ1872 و الحزب الإشتراكي الديمقراطي الألماني .

ـ المرحلة ذات الطابع "السلمي" الممتدة ما بين 1872 و 1905 و التي تشكلت فيها الأحزاب الإشتراكية ذات البعد البروليتاري و التنظيمات الموازية لها في كل مكان في الغرب ، حيث انتهى الغرب من الثورة البورجوازية و يتم تحضير الشرق لهذه الثورة ، و عرفت هذه المرحلة انتصارا ساحقا لمذهب ماركس مما دفع الليبرالية إلى أن تعلن حربها ضد مذهبه تحت أقنعة الإنتهازية الإشتراكية ، و اكتسبت أنصارها في صفوف البرلمانيين الإشتراكيين و الموظفين و في الحركة العمالية و المثقفين .

ـ مرحلة الثورات الشرقية فبعد ثورة 1905 بروسيا جاءت الثورة التركية فالإيرانية و الصينية قبل أن ينتهي الإنتهازيون من التشدق ب"السلام الإجتماعي" و "الديمقراطية" ، لتبدأ مرحلة العواصف و "تأثيرها بالإتجاه المعاكس" في أوربا .

و يمكن إضافة المراحل التالية :

ـ مرحلة البناء الإشتراكي بعد انتهاء الحرب الأهلية من 1922 إلى 1953 تم فيها وضع الدستور الإشتراكي و الإقتصاد الإشتراكي و بناء أسس النظام الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي بتركيز أسس علاقات الإنتاج الإشتراكية و تطوير الصناعة و دورها في تطوير الفلاحة ، و بالتالي الشروع في محو الطبقات بوضع أسس سيطرة البروليتاريا بعد القضاء على الطبقة البورجوازية و الكولاك و الإنتاج الفردي في الفلاحة و الإنتاج البضاعي في الصناعة.

ـ مرحلة هدم النظام الإشتراكي و الإقتصاد الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي من 1953 إلى 1990 تم فيها هدم أسس الإشتراكية بالرجوع إلى النظام الرأسمالية و تركيز السلطة البيروقراطية و ترويج الصناعة الحربية ، من أجل تهييئ الشروط المادية لبلوغ مرحلة الإمبريالية التي لا مناص من بلوغها بطبع التطور الرأسمالي.

ـ مرحلة الأزمة الإشتراكية منذ 1991 بعد انهيار الإتحاد السوفييتي و انتشار الإنتهازية التحريفية في أوساط الماركسيين اللينينيين ، و بالمقابل تنامت الحركات الإجتماعية عبر العالم و بروز التجارب الإشتراكية بأمريكا اللاتينية في ظل الأزمة الخانقة للرأسمال المالي ، التي تتسم بالبعد الديمقراطي في الوصول إلى السلطة لكن دون أن ترقى إلى مستوى الثورة البولشيفية في دولة دكتاتورية البروليتاريا ، كما نمت حركة فكرية عبر العالم في محاولات لبعث الفكر الماركسي اللينيني و هي تتخبط في النقاشات الأيديولوجية و السياسية حول التجارب الثورية العالمية ، و هذه المرحلة تهمنا أساسا في علاقتها بالتجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي و نظر الماركسية اللينينية حولها ، و التي لعبت فيها البيروقراطية الخروتشوفية دورا كبيرا لفتحها الطريق أمام سقوط النظام الاشتراكي بالإتحاد السوفييتي بعد أزيد من ثلاثة عقود و نصف من التراجعات عن الخط و الإستراتيجية اللينينيين ، و العمل جنبا إلى جنب مع الرأسمالية الإمبريالية الأمريكية من أجل بعث الرأسمالية بروسيا خلال مرحلة ما يسمى بالحرب الباردة ، و يتجلى ذلك في التراجع عن الاقتصاد الاشتراكي الذي يتسم بالبعد الاجتماعي و ضباع الجهد فغي استصلاح الأراضي الفلاحية و بالمقابل تشجيع العسكرة و الصناعة العسكرية و ترويج الأسلحة بخلق بؤر التوتر ، و تشجيع الحروب اللصوصية للرأسمالية الإمبريالية في آسيا و أمريكا اللاتينية و أفريقيا سعيا إلى تقسيم العمل دوليا مع الإمبريالية ، و فرض الهيمنة الأيديولوجية التحريفية على الأحزاب الشيوعية في أوربا الغربية و البلدان العالمثالثية لمنعها من تنظيم البروليتاريا و قيادة الثورة الإشتراكية ، مما ساهم في التراجع عن الخط و الإستراتيجية اللينينيين بالدخول في توافقات مع الأنظمة الرأسمالية الأوربية و الرجعية التابعة لها في البلدان العالمثالثية ، مما دفع بالعديد من المناضلين الثوريين في العديد من الأحزاب الشيوعية إلى الانسحاب من هذه الأحزاب التي أصبحت بورجوازية إصلاحية و تأسيس تنظيمات ماركسية لينينية سرية كبديل للخط البيروقراطي داخل هذه الأحزاب .
لقد كرس ماركس و إنجلس حياتهما لدراسة تطورات المجتمعات البشرية لكشف القوانين التي تحكم تطورها و ذلك بإخراج دياليكتيك هيكل من الفكر إلى الواقع ، و أوضح أن الأساس الاقتصادي ذو أهمية قصوى في التحولات المعرفية فكلما طرأ عليه تغيير إلا و تغيرت المعرفة التي تلازمه ، و لا يمكن البحث عن جذور حدث فكري معين و عن مصادره الاجتماعية بالاكتفاء بمعرفة مستوى تطور القوى المنتجة بل يتم ذلك بالمعرفة الكاملة للنظام الاقتصادي للمجتمع ككل ، و ذلك بالبحث عن التوافق أو عدم التوافق بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ، و يجب البحث عن مصادر الأفكار الجديدة في الصراع بين القوى المنتجة الجديدة و علاقات الإنتاج القديمة و أكد لينين على أن :

ـ الأفكار التقدمية مصدرها القوى المنتجة الجديدة في صراعها مع علاقات الإنتاج القديمة .
ـ التناقض بين القوى المنتجة الجديدة و علاقات الإنتاج البائدة في النظام الاقتصادي السائد هو مصدر النزاعات الاجتماعية و تنامي الصراع الطبقي و بالتالي مصدر الثورات الإجتماعية .

و في كل مرحلة تاريخية التي تحدث فيها تحولات اقتصادية تلازمها تحولات في المعرفة التي يجب أن تواكب هذه التحولات الإقتصادية التي تحدثها تحولات القوى المنتجة التي أصبجت جديدة ، و بالتالي تصبح الأفكار التقدمية نتاج هذه التحولات الإقتصادية الجديدة ذات تأثير على الحياة المادية للمجتمع ككل ، و ذلك وفق شروط الحياة المادية الجديدة لهذه المرحلة التاريخية ، و يمكن ملاحظة هذه التحولات و اكتشاف قوانينها و أطلعنا التاريخ على بعض المحطات التي اكتست أهمية قصوى في هذا المجال و هي :

ـ في إنجلترا القرن 17: الثورة الصناعية أنتجت الأفكار الاقتصادية الجديدة التي ساهمت في بلورة مفهوم الإقتصاد السياسي الذي طور ماركس.
ـ في فرنسا القرن 18 : الأفكار البورجوازية أنجزت الثورة البورجوازية بقيادة الطبقة البورجوازية التي فتحت الباب أمام الحركة الإشتراكية كحل لتناقضات الرأسمالية و التي اكتشفها ماركس و إنجلس.
ـ في المانيا القرن 19 : الأفكار الماركسية أنجزت الثورة البورجوازية بقيادة البروليتاريا و التي عمقت النظرة المادية للإشتراكية العلمية و أبرزت أهمية الماركسية في تحطيم الرأسمالية.
ـ في روسيا القرن 20 : الأفكار الماركسية اللينينية أنجزت الثورة الاشتراكية بقيادة البروليتاريا التي بينت بالملموس صحة النظرية الماركسية اللينينية كنظرية عصر الإمبريالية.

و لمعرفة الجذور التاريخية للماركسية للينينية لا بد من دراسة الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية التي أنتجتها و التي أفرزت الفكر الماركسي اللينيني كنظرية ثورية ، و تحليل الجذور التاريخية للماركسية للينينية كفيل بدراسة الأسباب و الشروط المادية التي تؤدي إلى ولادة و تطور الأشكال الجديدة للوعي الاجتماعي و للأفكار و النظريات السياسية التقدمية ، و التي تم إنتاجها خلال البناء الإشتراكي الذي قاده ستالين و القوى المنتجة الإشتراكية التي أفرزها النظام الإشتراكي ، و اعتبر ماركس الدولة الأداة الطبقية التي تمارس بها الطبقة المسيطرة دكتاتوريتها و أكد على أن البروليتاريا لا بد لها من دولة دكتتاتورية البروليتاريا بعد الثورة الإشتراكية ، وأكد على أن المحرك الأساسي للتاريخ هو الصراع الطبقي الذي يقوم على أساس الصراع بين القوى المنتجة الجديدة و علاقات الإنتاج القديمة ، و الذي ينتج أفكارا و نظريات جديدة تقدمية على الرغم من بقاء بعض الأفكار القديمة سارية المفعول في الأنظمة الجديدة و هي ليست أساسية في التغيير ، و الفكر الماركسي اللينيني الذي أفرزته شروط الحياة المادية للمجتمع الروسي ، يعتبر نظرية و تكتيك الثورة الإجتماعية الاشتراكية و نظرية البروليتاريا في صراعها مع البورجوازية و يرتكز إلى :

ـ الدياليكتيك الماركسي/المادية الجدلية و المادية التاريخية .
ـ الإقتصاد السياسي لكل من ماركس و لينين .
ـ الإقتصاد الاشتراكي و النظام الاشتراكي لستالين.

و لمعرفة الفكر الماركسي اللينيني لا بد من دراسة شروط الحياة المادية التي أفرزته و خاصة شروط الحياة المادية للمجتمع الروسي التي أعطت أعمال لينين الفكرية و العملية قبل و بعد الثورة الاشتراكية و ما تلا ذلك من أعمال ستالين الفكرية و العملية خلال عصر الإمبريالية ، و لمعرفة الجذور التاريخية للهجوم على الماركسية اللينينية اليوم لا بد من دراسة الشروط المادية التي أدت إلى انهيار النظام الاشتراكي بالإتحاد السوفييتي و خاصة في المرحلة الممتدة بين 1953 و 1990 ، و التي تم فيها الهجوم على ستالين من طرف خروتشوف و الزمرة البيروقراطية الحاكمة مستهدفين في هجومهم الماركسية اللينينية ، سعيا منهم إلى ضرب أسسها سياسيا و اقتصاديا من أجل تدمير النظام الاشتراكي ذي البعد الاجتماعي بالرجوع إلى النظام الرأسمالي التناحري ، و ذلك عبر تشجيع الصناعة العسكرية و ترويج الأسلحة و إشعال الحروب في ظل ما يسمى بالحرب الباردة ، إن شروط الحياة المادية في هذه المرحلة تسير في اتجاه عرقلة القوى المنتجة الاشتراكية و بالتالي إنتاج أفكار و نظريات معاديةللماركسية اللينينية ، حيث يعتبر الهجوم على ستالين هجوما على اللينينية اللينينية من أجل هدم الاقتصاد الاشتراكي و بالتالي هدم النظام الاشتراكي ، و لا بد من الوقوف عند النظرية الماركسية اللينينية في شقها السياسي بعد انتصار الثورة الإشتراكية و البناء الإشتراكي و في شقها الإقتصادي من خلال مفهوم الرأسمال المالي و علاقته بالرأسمالية الإمبريالية و علاقتهما بالوضع العالمي الحالي سياسيا و اقتصاديا.

تارودانت في : 15 شتنبر 2009

امال الحسين











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نجل الزعيم جمال عبد الناصر: بشكر الشعب المصري الحريص على الا


.. مقابلة مع وليد جنبلاط الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي




.. فى ذكرى وفاته.. منزل عبد الناصر بأسيوط شاهد على زيارة الضباط


.. فى ذكرى رحيله.. هنا أصول الزعيم جمال عبد الناصر قرية بنى مر




.. شرطة نيويورك تعتدي على متظاهرين داعمين لفلسطين وتعتقل عددا م