الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب آفاق كونفدرالية- الحلقة الثالثة

بولات جان

2009 / 9 / 16
مقابلات و حوارات



الفصل الثاني
الكونفدرالية الديمقراطية في غربي كردستان

آفاق كونفدرالية

حوار مع مراد قره يلان


بولات جان ـ نسرين محمد

ـ كيف سيتم تطبيق نظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية (KKK) في غربي كردستان؟

أن نظام الكونفدرالية الديمقراطية عبارة عن علاقة تبادلية بين الإنسان والإنسان والإنسان والطبيعة . ليست عبارة عن علاقات تبادلية مجردة، فهي تبدء من اصغر الوحدات السكانية وصولاً إلى العلاقات الوطنية العامة وكذلك الدولية أيضاً.
فتطبيق النظام الكونفدرالي في قرية ما يعني إنشاء مجلس للكومونات في القرية وأن يتم إدارة شؤون القرية المعينة من قبل هذا المجلس وليس من قبل شخص واحد فقط، نحن نرى في نظام الكونفدرالية الديمقراطية الحل الأنسب لشمال كردستان، وفي الوقت عينه نراها الحل المناسب لغربي كردستان أيضاً ونفس الشيء ينطبق على الأجزاء الأخرى من كردستان.
وقد يكون هنالك فروقات بين شكل النظام من ناحية التفاصيل بين هذه الاجزاء، وذلك بسبب الفروقات الإجتماعية والجغرافية للأجزاء الأربعة.
من الأهداف الرئيسية للحركة هو إقامة نظام الكونفدرالية الديمقراطية في غربي كردستان. بالنسبة إلى الإجابة على سؤالكم " كيف سيطبق هذا النظام؟"
هذا النظام ليس حقاً نطالب به الآخرين أو نطلب منهم ، إنما نقوم بأنشائه ذاتياً. أي أن ينظم الأكراد في ذلك الجزء حسب الطراز الكونفدرالي. يجب على الكرد في كل من عفرين وكوباني وحلب والحسكة والقامشلي وديريك والدرباسية وعامودا وتربى سبي وفي كل الأماكن، بأن ينظموا ذواتهم ويديروا شؤونهم ذاتياً، وأن يتشاورا جميعاً في شؤونهم العامة والخاصة وأن ينشؤوا مجالسهم الشعبية ويؤسسوا تنظيماتهم الديمقراطية. وإذ نجحوا في هذا الأمر فإنهم سيعتمدون في كل شيء على قواهم الذاتية وإداراتهم المحلية.
مثلاً حينها لن يذهب أحد مواطني كوباني إلى محاكم السلطة السورية لحل مشاكله، إنما سيعتمد على المجتمع المنظم لحل أية مسألة تعترضه. لن تبقى الحاجة الملحة للدولة والسلطة، نفس الشيء ينطبق على الناحية الأقتصادية أيضاَ. يجب أن يتم تنظيم الأقتصاد المحلي بشكلٍ يوفر الإكتفاء الذاتي لغربي كردستان. لا أقول هنا بأن ينقطعوا عن الخارج، كلا، يجب أن يكون لهم علاقاتهم الخارجية ولكن الأساس هو الإكتفاء الذاتي اقتصادياً وكذلك ضرورة تسيير أمورهم سياسياً واقتصادياً وأجتماعياً وثقافياً بأنفسهم. يجب أن يبنوا مدارسهم وينظموا تعليمهم باللغة الكردية . كيفية إنشاء النظام الكونفدرالي سيكون على الشاكلة التي سردتها للتو. وجوهر الكلام أنه ليس المطالبة بالحقوق من الدولة السورية وإنما أن ننظم أنفسنا ذاتياً قبل كل شيء ...

ـ ياترى أ ليس للكرد حق المطالبة بحقوقهم من الدولة السورية كونهم مواطنين سوريين؟

بلى ، نطالب بحقوقنا منها ولكن ما الذي نطالب به ؟ هذا هو جوهر الأمر والعلاقة مع السلطة . نقول للسلطة السورية بإننا قد نظمنا أنفسنا حسب النظام الكونفدرالي الديمقراطي ؛ ونحترم دستورك ونعترف بعلمك الوطني ولكن مقابل هذا يجب أن تعترفي بقوانيننا ودستورنا الكونفدرالي وكذلك تقبل علمنا الخاص، ولنعش سوياً ضمن حدود الدولة السورية ولكننا ندير أمورنا ونسيرها في كل من كوباني وعفرين والقامشلي ذاتياً وهذا لا يمنع تواجد ممثلين للسلطة السورية في هذه المناطق الآنفة وسوف نقدر ممثليك ولكن مقابل ذلك يجب أن يحترم ممثلوك مجتمعنا ونظامنا الجديد . والقاعدة الأساسية هي: " إن أعترفت بقوانينني فسأعترف بقوانينك أيضاً"ّ!.

ـ ما الذي تعنيه هذه القاعدة؟ أليست أنفصالاً غير مباشر عند الدولة؟

بتاتاً !.. هذه روح نظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية "KKK" وليس فيه شيء من قبيل
الإنفصال ! أي أن ينظم المجتمع بنفسه داخلياً مع البقاء ضمن النظام السوري.

ـ لكن هل السلطة أو الحكومة السورية مستعدة للقبول بهذا الأمر؟

كلا! الحكومة السورية لن تقبل الآن بهذا الأمر!

ـ إذاً كيف سيحدث هذا ؟

يتوجب قيام الكرد بإنشاء النظام الكونفدرالي داخلياً قبل كل شيء والأعتماد على القوة الذاتية وتطبيق أساس الإكتفاء الذاتي والإدارة الذاتية وإنشاء مجالسه. مثلاً يجب أن يكون هنالك المجلس الأعلى لشعب غربي كردستان . وأن يكون هنالك مجالس فرعية أيضاً في كل منطقة وكل ناحية وقرية. وهذا يتطلب الكفاح والنضال والعمل الدؤوب الطويل. يجب أن يتم مطالبة الدولة الأعتراف بهذه المجالس وما تقرها من قرارات ...
الدولة مضطرة للقبول بهذا الأمر. أي الأعتراف بالنظام الكونفدرالي في غربي كردستان . أما بالنسبة إلى تقبل الدولة السورية أو حتى الدول الحاكمة في كردستان للنظام الكونفدرالي، فهذا غير ممكن حالياً ، فالدولة التركية تركب حمارا عنيداً ينكر الشعب الكردي ولا يعترف بوجوده كشعب نهائياً ونفس الشيء ينطبق على الدولة السورية السائرة على درب تركيا. فالدولة السورية لا تعترف بالشعب الكردي وتزعم بإن الكرد الموجودين في سوريا ليسوا إلا وافدين مهاجرين من شمال كردستان . لذا فإنها لم تمنح الهوية للعديد من الأكراد . هذه السياسة تشبه مثال النعامة التي تطمر رأسها في الرمل للإختباء ومتعامية بأن جسدها بأكمله في العراء . هذا كون الدولة السورية لا ترى هذه الحقيقة الساطعة ولا تريد لأحد رؤيتها أيضاَ والأمر هكذا بلا شك إنها لن تقبل بالنظام الكونفدرالي للشعب الكردي. كون هذا النظام يمثل أكتساب الكرد للإرادة الحرة . أي طالما مارست سوريا سياسة تقليد الأتراك فإنها لن تقبل النظام الكونفدرالي.

ـ ما هو المعقول العمل به حسب رأيكم من قبل السلطة السورية؟

إن كانت في سوريا سياسة عقلانية ومنطقية واعية، سياسة تنظر بعين التساوي بين جميع مواطنيها و تقبلهم بحقيقتهم وهوياتهم الخاصة... وإن شاءت تفهّم متطلبات المجتمع وديمقراطيته، حينها سيكون من الممكن تقبل سوريا لهذا النظام ولكن كل هذا يتوقف على النضال والجهد .

ـ وما هو شكل النضال الواجب اتباعه لجعل السلطة تقبل به كشعب وكنظام؟

قبل كل شيء يتوجب وجود نضال كردستاني عام وشامل . فحالياً توجد تطورات إيجابية في جنوب كردستان وغداً إن رضخت الدولة التركية وقبلت حل المسألة الكردية في الشمال فهذا سيؤثر على الدولة السورية ويضطرها لحل المسألة الكردية في غربي كردستان إيضاَ.

ـ وهل يجب أن ينتظر أكراد غربي كردستان حتى تحل المسألة في الشمال ؟

كلا ! .. ليسوا مضطرين وبالطبع ليس من المفروض أنتظار ذلك، بل يجب أن يكون هنالك نضال في غربي كردستان أيضاَ، لأن النضال في غربي كردستان يقوي الأجزاء الأخرى ويسرع حل المسألة في تركياً أيضاً . فرغم تجزئة كردستان إلى أربعة أجزاء إلا أن كردستان تبقى واحدة وأجزائه الحالية تتأثر وتأثرعلى بعضها البعض.
مع العلم بإن الروح الوطنية قوية ومتجذرة جداً في غربي كردستان، المعرفة والنضال الوطني متقدمان في هذا الجزء وهذه كلها مزايا وأفضليات تحث الجماهير لتطوير الكفاح أكثر واكثر، هذا لا يعني الكفاح بالسبل العسكرية وإستخدام السلاح بتاتاً ! فالكفاح المسلح غير مطلوب في هذا الجزء، إنما يتوجب استخدام الكفاح السياسي والأجتماعي والثقافي . أود القول بإنه هنالك من يسيّر هذا النضال ولكن بكسل ورتابة وهم يسيرون الكفاح السياسي فقط وهذا خاطئ؛ فالنضال لا يسير بالنشاط السياسي فقط. إنما يتوجب تسير النشاطات الثقافية والاجتماعية وحتى الاقتصادية بجانب النشاط السياسي ... لأنه من الأهمية بمكان إعادة تنظيم وتجديد المجتمع وتدريب وتوعيته كي يكون آهلاً للتطور والرقي وبناء نظامه الجديد.
وليكن بالعلم إن هذا النظام لن يقام بين ليلة وضحاها، إنما يتوقف على النضال الطويل. يجب أولاً أن يقوم بتنظيم نفسه وبناء علاقاته الكونفدرالية الداخلية. ثانياً يجب النضال لأجل تطوير سوريا وأحياء الديمقراطية فيها، وأن لا يقف الشعب الكردي مكتوف اليدين ولا مبالياً مقابل التطورات والمستجدات في دمشق، بل يجب أن يلعب دوراً ريادياً في تعيين السياسة في دمشق وعقد العلاقات النشطة مع كافة الحركات السورية و المشاركة الفعّالة في دمقرطة سوريا و تجديدها. بالاضافة إلى ضرورة تعريفها بالمسألة الكردية حتى تتقبل الجماهير والسلطة السورية بالحقيقة الكردية ...من الضرورة بمكان أفهام الشعب والسلطة السورية بإن الشعب الكردي لا يريد الإنفصال عن سوريا إنما يريد الأعتراف بهم كشعب ووطنية كردية الأعتراف بهويتهم وثقافتهم وحقهم في التنظيم والنشاط السياسي. إن أعترفت سوريا بهذا الأمر فسيكون من السهل إنشاء نظام الكونفدرالية الديمقراطية في غربي كردستان.
حينها ستمارس كل فئة وكل شريحة في المجتمع الكردي نشاطه التنظيمي وإنشاء أتحاداته ورابطاته كـ( الشبيبة والنساء والمهنين والمثقفين...) حينها لن يهاجمهم قوى الأمن والمخابرات كلما قاموا بمبادرة تنظيمية صغيرة...

ـ ماالذي على الحكومة السورية استيعابه للقيام بهذه الاصلاحات ؟

يجب على الدول الحاكمة وخاصة الدولة السورية معرفة بإن الشعب الكردي يهدف إلى أن يكون صاحب إرادة حرة في كل شيء ، فالشعب الكردي يسعى لعقد علاقات جيدة مع السلطة في دمشق وفي الوقت نفسه عقد علاقاته الخاصة مع الأكراد في الأجزاء الأخرى من كردستان. وستستفيد سوريا من هذه العلاقات لأن أكراد سوريا سيلعبون دور الجسر الواصل بين سوريا والاجزاء الاخرى من كردستان وكذلك سيكون للكرد الدور الريادي في التحول الديمقراطي والتقدمي للجميع. يجب ألا تفزع الحكومة السورية من الشعب الكردي. الكرد لا يريدون تجزئة سوريا، عكس ذلك نحن نهدف إلى توحيد الأكراد وتوحيد العرب وإزالة الحدود بين جميع دول المنطقة وإنشاء أتحاد الشرق الأوسط.

ـ أفصحتم عن ضرورة قيام الشعب الكردي بتنظيم نفسه من النواحي كافةً ولكن أليس من الضرورة بمكان وجود آلية للحماية والدفاع عن هذا التنظيم الشعبي؟

بالطبع يجب تواجد هذه الآلية . أي آلية تدافع وتحمي المجتمع الكردي. في الحقيقة لا أود الأسهاب في هذا الأمر وأخشى أن يفهم خطأ ما أقصده. هذا لا يلغي ضرورة وجود حماية للشعب. بشكل عام يوجد قوات الدفاع الشعب الكردستاني وهي ستدافع عن أي جزء في كردستان إذ تعرض الجزء للخطر أو هجمة خارجية. لكن هذا لا يعني بإن القوى العسكرية التابعة لقوات الدفاع الشعب ستتخندق في سوريا. هذا ليس ضرورياً إنما يجب أن ينظم الشعب آلية حمايته بنفسه وأتخاذ تدابيره المطلوبة مع مراعاة أن تكون قانونية وضمن النظام. أي يجب تواجد قوى دفاعية للشعب الكردي في سوريا ضمن القانون . ليكن بعلم الشعب الكردي في غربي كردستان بإن حريته واستقلاله بيديه هو بالذات ولا يجب أنتظار أو تأمل ذلك من الغير.

ـ ماذا سيكون دور غربي كردستان في السياسة الكردستانية العامة ؟

بجانب لعب الأكراد لدورهم الريادي في السياسة والنشاط الديمقراطي السوري كذلك يتوجب قيامهم بدور فعال في السياسة الكردستانية العامة ضمن إطار تحرر ودمقرطة وتطوير كفاح الحرية لكردستان.

ـ كيف سيكون عليه شكل النظام الكونفدرالي في غربي كردستان ؟ وبالأحرى هل سيكون شكل النظام نفسه في الأجزاء الأربعة وضمنه غربي كردستان؟

سيكون من الخطأ الأدعاء بإن نفس النمط سينطبق على الأجزاء الأربعة بحذافيره وتفاصيله . ولكن كنموذج فإنه نفس الشيء بالمعنى الواسع للكلمة. مثلاً الوضع في شمالي كردستان مختلف عن غربي كردستان. الأكراد في الشمال يقطنون منطقة جغرافية واسعة وموحدة ويزيد عددهم عن عشرين مليون نسمة وهذا بدوره يفرض حلاً كونفدرالياً خاصاً، أما غربي كردستان فالأمر مختلف حيث عدد السكان قليل قياساً مع الشمال وكذلك المنطقة ضيقة وغير موحدة جغرافياً، هذا بطبعه يجعل من نمط النظام مختلف نوعاً ما ولكن النموذج واحد وهو النظام الكونفدرالي. فالنظام الكونفدرالي الديمقراطي بطبيعته ليناً و يتفاعل مع الظروف و الشروط الموجودة. وهو قبل كل شيء نظام أجتماعي و ثقافي حر و لايدعو للخوف منه بتاتاً؛ كونه لا يضرّ بأحد.

ـ أن كان لا يدعو للخوف و الفزع و لا يضر بأحد، فلِم لا تسمح به السلطة؟

قلتُ بأنه لا يضر بأحد و لا يدعو لكل هذه المخاوف و لكن إن كان هنالك من يريد أستعباد الشعب الكردي و جعله تحت نير الاستغلال و التخلف، فهؤلاء يتضررون من هذا النظام الكونفدرالي ومن الطبيعي أن يعادوه ويفزعوا منه. وبجانب هذا الأمر لا يمكننا تصغير مخاوف السلطات، فالأكراد أيضاَ وقعوا في بعض الأخطاء ماضياً وهذا ماجعل السلطات تتوجس من كل شيء يمت للأكراد ْبصلة، حتى إن السلطات ضخموا كثيراً من أخطاء الكرد.

ـ ماهي طبيعة الأخطاء التي أقترفها الكرد حتى تتوجس منها السلطات الى هذا الحد؟

أقول أنه ما دام دول المنطقة مستعدة للأعتراف بوجود الشعب الكردي والتعاون معه، فليس صميمياً تعامل الأكراد مع دول أجنبية بعيدة جداً للاضرار بالدول المعنية. كمثال على ذلك قيام بعض الأكراد الجنوبيين ببعض الأخطاء من قبيل الأرتباط الزائد مع الخارج، حتى تحولهم إلى شبه جنود للقوى الخارجية. هذا أمر غير جيد وغير مقبول. وإنطلاقاً من ذلك علينا كشعب كردي أن نكون أصحاب إرادة حرة، وثانياً ألا ننسى بأننا نعيش في جغرافية الشرق الأوسط ولسنا وحدنا في هذه الجغرافية والأقرب منا هم الشعب العربي. فليس صحيحاً أن نتعاون و نتحالف مع القوى الخارجية ضد العرب.

ـ وإن لم يبق أمام الكرد خيار آخر سوى التحالف مع الخارج؟

تحت كل الشروط يتوجب علينا المحافظة على مصالح شعوب المنطقة . هذا لا يعني ألا نناضل ضد أنظمة أستبدادية كنظام صدام الحسين. فصدام لم يكن يمثل مصالح الشعب العربي لذا فالنضال ضده واجب ولكن النضال ضد الشعب العربي خطأ. كون الأنظمة في الشرق الأوسط لا تمثل الشعوب وهي زمر أستبدادية أنقلابية ليست إلا. هذا يعني أن النضال ضد الأنظمة أو حتى الدول ليس نضالاً ضد تلك القومية القاطنة في تلك الدولة. مع ضرورة الإبتعاد الكلي عن القوموية الرجعية ومعاداة الوطنيات الأخرى. ونفس الأمر ينطبق على أكراد غربي كردستان. لنفرض أنهم قطعوا علاقاتهم مع الشعب السوري وإبتعدوا عن ممارسة دورهم كمواطنين لسوريا وأنكمشوا في قوقعتهم الضيقة، فحينها كيف سينجحوا فيما يصبون إليه من أهداف؟

ألا يزيد هذا من الثقل الموجود على كاهل الكرد إن هم انشغلوا مع النضال الديمقراطي لأجل سوريا؟

عكس ذلك سيقويهم. فالأكراد يمثلون حوالي عشر سكان سوريا وليس بمقدورهم الحصول على حقوقهم إذ لم يشاركوا القوى الأخرى. لا نقول أن يتحالفوا مع الجهات المشبوهة إنما مع القوى العربية الديمقراطية الأخرى في سوريا، أي مع الجماهير. بجانب التحالف مع القوى الشعبية الديمقراطية في سوريا، يتوجب التحالف مع القوى الكردستانية في الأجزاء الأخرى.
يوجد بعض الأطراف الكردية التي تعمل على تضييق الخناق عن علم أو دونه على النضال الديمقراطي في غربي كردستان، ذلك بفصل النضال عن القوى الديمقراطية العربية أولاً. وثانياُ الإنقطاع عن الحركات الكردية في الأجزاء الأخرى من كردستان.
مع العلم بإن الشعب الكردي في غربي كردستان يمتلك أقوى سلاحين للنضال على الأطلاق، السلاح الأول هو سياستهم المتحالفة والمتعاونة مع الحركات الكردستانية وسلاحه الآخر هو دوره الديمقراطي في سوريا. بهذين السلاحين سيتمكن الكرد من تقوية دورهم وإظهار وجودهم على الساحة رغم قلة عددهم. فغربي كردستان مرشح دائماً للعب دور يفوق حجمه الجغرافي أو تعداده السكاني. نحن كحركة، كنا ومازلنا ننوط بها نفس الدور.

ـ هل الدور الكردي مهم إلى هذه الدرجة؟

بالطبع فغربي كردستان يمثل دور مفتاح الحل الديمقراطي على مستوى سوريا وكردستان عموماً. فإن نظم الكرد أنفسهم فسيكون بمقدورهم تعيين شكل السلطة والإدارة أيضاً.
إضافة إلى ذلك فالكرد لا يمثلون أي خطر على سوريا. فهم لا يريدون قطع جزء من أراضيها ولا يطمعون بالسلطة في دمشق. لذا على الحكومة الأبتعاد عن ممارسة الضغوط على الشعب. فالتاريخ الكردي يبرهن على مدى الرابطة القوية بين الشعبين الكردي والعربي... نعرف جميعاً الدور الذي لعبه القائد الكردي صلاح الدين الأيوبي في توحيد الشعوب شرق الأوسط للتصدي للحملات الصليبية وأنشاء جيش مؤلف من الجنود الكرد والعرب والتركمان لتحرير القدس. وقد مثل صلاح الدين وحدة الشرق الأوسط . ربما السبب الخفي وراء فزع العالم الغربي من الشعب الكردي يكمن في حقدهم التاريخي الدفين على القائد صلاح الدين وتوجسهم من ظهور صلاح الدين جديد بين ظهران الشعب الكردي. أحياناً يبدو من تقربات الغرب على مدى القرنين المنصرمين كأنهم ينتقمون من صلاح الدين وأحفاده . وإن عدنا إلى قراءة أتفاقية لوزان وتجزئة كردستان فسوف نتلمس هذا الحقد . فبرغم إن الغرب أسس الدول للعشائر والعائلات العربية، لكنه أنكر الشعب الكردي جملة وتفصيلاً. إذاً فالكرد قدموا شخصيات مثل صلاح الدين للعالم العربي ويتوجب على العرب أيضاَ الوفاء لذكرى صلاح الدين والأبتعاد عن كل الممارسات التي تضر بأخوانهم الكرد. كل ما يبعد في ما بين الشعوب ويضر بالصداقة التاريخية التي بينهم .
وإن لم يستوعب العرب هذا الأمر وزادوا من ضغوطهم على الشعب الكردي . حينها سيلجئ الكرد ـ مضطرين ـ إلى البحث عن العلاقات مع الخارج ومن هنا يبدء الخطـأ.

ـ كما تعرفون بأن السلطات السورية قامت بتهجير الألوف من الأكراد من مناطقهم في الجزيرة وأعطوا أراضيهم للعشائر العربية المستقدمة من البوادي فكيف سيتم حل مشكلة العرب المستوطنين في الأراضي الكردية؟

قبل كل شيء إذ تحقق حل المسألة الكردية في سوريا حينها يجب إزالة كل السلبيات والنتائج المتمخضة عن السياسات الشوفينية التي أضرت بالشعب وإعادة الحقوق إلى أصحابها الأصليين وإنهاء كل الكيانات اللامشروعة. فالحزام العربي سياسة خاطئة وغير مشروعة وكان هدفها الأساسي إذابة الشعوب وصهرها، تماماً مثلما فعلت الكمالية التركية ضد الكرد في شمال كردستان. ولكن ما هي النتيجة؟ النتيجة بإن الشعب الكردي حافظ على هويته ولم ينصهر قومياً ولم يفقد هويته الوطنية. قام البعث السوري أيضاً بمحاولة لصهر الشعب الكردي ضمن البوتقة العربية وذلك بتهجيره من أراضيه وإسكان العرب بدلاً عنهم ... كذلك إبعاد أكراد غربي كردستان عن أكراد الشمال وافراغ المناطق المتاخمة للحدود الشمالية من الكرد... لكن هذه السياسات فشلت. على الدولة السورية الأعتراف بهذا الخطأ والاعتذار عنه. لأن مثل هذه السياسات تسمِم العلاقات بين الشعوب. أن إجبار أي شعب أو ثقافة بقوة السلاح وتحت الضغوط لأجل صهرها أو تشويه هويتها يعتبر جريمة وجناية مقترفة ولا يتمخض عنها غير الآلام والمآسي.
إذا ما قام نظام الكونفدرالية الديمقراطية في غربي كردستان، حينها يجب إيجاد حل إنساني وعادل لهذه المسألة. فهؤلاء العرب المستوطنين في الأراضي الكردية منذ ما يناهز الخمسين سنة، قد باتوا جزءاً من هذه الجغرافية، أي حينما يتم إعادة حقوق الكرد المغتصبة، لن يكون من العدالة بمكان طرد هؤلاء العرب بعد خمسين سنة، يجب أن نكون إنسانيين في هذه القضية حيث يجب أن يتم تخيير هؤلاء بين عودتهم إلى ديارهم وقراهم التي جاؤوا منها أول الأمر وبين البقاء مع الشعب الكردي. من الضروري بمكان حل مثل هذه المسائل عبر الحوار الديمقراطي والأقتراب الواعي للحقائق. فحينما نزيل أضرار السياسات الخاطئة السابقة علينا الحذر من عدم الوقوع في أخطاء جديدة تضر بمجتمعات أخرى.

ـ بالإضافة إلى العرب القاطنين في غربي كردستان يوجد كيانات أثنية أخرى كالأشوريين والأرمن، كيف سيكون شكل علاقات هؤلاء مع الكرد ضمن نظام الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية ؟

يستطيع كل من شاء أخذ موقع له في النظام الكونفدرالي حسب المبادئ العامة للمنظومة . فبمقدور الأشوريين أيضاَ أخذ مكان ضمن النظام الكونفدرالي مثل الكرد تماماً. في مبادئ نظام الكونفدرالية الديمقراطية نبذٌ لكل الضغوطات والعوائق ضد أية قومية أو أقلية أثنية أو شريحة دينية أو اجتماعية . فالكل أحرار وللجميع حق ممارسة حقوقه الديمقراطية. سيكون طبيعيا مشاركة الأشوريين والعرب والأرمن في إنشاء وتسيير النظام الكونفدرالي. كونه لا يعتبر تحكم قومية ما على القوميات الأخرى.
إنما هي مسألة ثقافة ديمقراطية بكل حرية. وهي ليست شبيهة بالدول الوطنية الناكرة للقوميات والأقليات الأخرى. فقد أفلست الدول الوطنية وسيكون القرن الواحد والعشرون قرناً للأنظمة الديمقراطية ومن بينها نظامنا الكونفدرالي الذي ينظر إلى الثقافات الأخرى على أنها غنى وجمال وثروة أصيلة في المنطقة . فقد مضى الوقت على منطق "الدولة الواحدة، اللغة الواحدة، والشعب الواحد" في كل أنحاء العالم وليس في الشرق الأوسط فحسب.

ـ تحدثتم عن الحريات ومن بينها الحرية الدينية .ما هو موقفكم من الدين؟

نحن كحركة الحرية والديمقراطية الكردستانية كنا ولا نزال نكن الأحترام لكل المعتقدات الروحية وقد عملنا و دائماً على إناطة دور تقدمي للدين في المجتمعات. لسنا مثل الأشتراكية المشيدة التي أنكرت الدين وقذفت به إلى سلة المهملات. لسنا دوغمائيين لحد أنكار العواطف والأحاسيس والمعتقدات الروحية للإنسان . كحركة لدينا الكثير من المؤسسات والتنظيمات الدينية. فمنظورنا موضوعي لمسألة الدين ونرفض سيطرة أو أستبداد دين على ديانة أخرى. كما نرفض كذلك إن يكون الدين سبباً في تشرذم وإنشطار المجتمع وتفرقته، إنما يجب أن يلعب دوراً في تقارب الشعوب وتقوية المحبة والتفاهم بينهم. نعلم جيمعاً بإن في جوهر كل الديانات يوجد السلام والعدالة والمحبة والحوار وعلينا تقديم هذه النواحي في الحياة العملية أيضاَ.

ـ كيف ستكون عليه علاقات الكرد في غربي كردستان مع الأجزاء الأخرى؟ وما سيكون شكل وماهية هذه العلاقات؟

العلاقة ستكون علاقة كونفدرالية! والعلاقة الكونفدرالية تعني ضمن ما تعنيه العلاقات الأساسية والطبيعية. فغربي كردستان سيعقد علاقات طبيعية ومطلوبة مع الأجزاء الأخرى من كردستان هذا يتوقف على أحتياجات هذا الجزء والأجزاء الأخرى وعلى أساس هذه الأحتياجات يتوقف شكل العلاقة. فقد تكون هنالك علاقات أقتصادية والإشتراك بالقيم الوطنية . وهنالك قواسم مشتركة تفرض علاقات مشتركة أيضاَ بالعلم أنه في نظام الكونفدارلية الديمقراطية الكردستانية هناك مجلس مشترك لكل الأجزاء وهو" مؤتمر الشعب الكردستاني " وهو المجلس الذي يلتقي فيه مملثو الأجزاء الأربعة وأكراد المهجر جميعاً مع تقبل كل جزء لخصوصيات الأجزاء الأخرى.

ـ ياترى ألا يوجد شكل آخر لحل المسألة الكردية في غربي كرستان دون الحل الكونفدارلي ، كالفيدرالية والحكم الذاتي مثلاً؟

بلى! توجد سبل حل أخرى ! أية طريقة أو سبيل للحل ولتجاوز الوضع الراهن لأجزاء كردستان سيكون مهماً وجيداً . قد تقولون "لِمَ؟" لأنه حالياً لا يوجد أي شيء من هذا القبيل ووجوده سيكون أفضل من إنعدامه. فالحكم الذاتي أفضل من الأنكار و طمس الهوية الكردية. و يعتبر خطوة مهمة على طريق الحل و كذلك الأمر بالنسبة إلى الفيدرالية. لكن من منظورنا فإن هذه السبل لا تعتبر حلولاً جذرية للمسألة ولن تجلب الحرية و الديمقراطية المأمولة للشعب الكردي؛ لأنها بالأساس تعتمد على الذهنية الدولتية وهي تعيق الحرية و الديمقراطية الحقيقية وكذلك فهي تمثل الأرتباط مع الأنظمة الحالية بشكل متزايد.لذا فنحن نرجح الحل الكونفدرالي الديمقراطي للمسألة الكردية.

ـ أي هل سترفضون تمتع الأكراد بحكم ذاتي في غربي كردستان؟

كلا لن نرفضه لأنه بطبيعة الحال يعتبر خطوة مهمة إلى الأمام وهو أفضل من اللا شيء، و لكنه ليس حلاً نهائياً للمسألة و هنا أود التطرق إلى نقطة كثيراً ما ينتقدنا عليها الآخرون حيث ينزعجون لأننا لا نطالب بدولة كردستان مستقلة و كأن هنالك من قام بإعطاء دولة لنا و نحن رفضناها "ضاحكاً"؛ فإن تواجدت الدولة فسنقبلها و لكننا سنحولها إلى دولة ديمقراطية و نحجمها على حساب توسيع إرادة المجتمع الديمقراطي و نحولها إلى نظام كونفدرالي ديمقراطي لأننا نراه الأفضل و الأحسن و الأقوى من الدولة التقليدية. أي أننا لن نرفض الدولة إن سنحت الظروف. ومن قال بإننا نرفضها؟
حسب فلسفتنا ننظر إلى النظام الكونفدرالي على أنه الحل الأنسب للمسألة الكردية و هو الأستقلال بحد ذاته. نعتبره خلاص شعوب الشرق الأوسط كافة. كل الظروف العالمية و المستجدات السياسية و التطورات التقنية تلغي الحدود بين الشعوب و تجعلها في تواصل و أرتباط تبادلي دائم، و حسب ذلك فإن النظام الكونفدرالي يعتبر النظام الأنسب في القرن الحالي لكافة الشعوب.
أود إضافة إلى أن القيام بإنشاء دولة كردستانية مستقلة وواحدة ستجلب معها الكثير من الأزمات و التوترات و الآلام و المآسي العميقة . طبعاً مدى وجود الأمكانيات لهذه الدولة أمر يحتاج إلى مناقشات طويلة جداً. لذا فإننا نهدف إلى كونفدرالية كردستانية بدلاً عن دولة مركزية للكرد جميعاً . هذا سيكون مناسباً للكرد و ملائماً للدول الحاكمة أيضاً.

ـ لماذا كل هذا الرفض للأرتباط؟

أنظر، نحنُ كحركة آبوجية نرفض كل أشكال الأرتباط التقليدي، و نرجح التبادل بين الشعوب و ليس الأرتباط التقليدي، فما الذي يعنيه الحكم الذاتي؟ إنه يعني أرتباط الكرد مع دولة مركزية و حصول الأكراد على حقوق أقل من الشعوب الأخرى. لكن الأكراد ليسوا ناقصين و ليسوا أقل في شيء من العرب و الترك و الفرس، إذا ليس من العدالة أن يكون أحدهم متحكماً في كل شيء و الآخر لا يتمتع إلا بالفتات المسمى بالحكم الذاتي. يجب أن يكون الجميع متساوين فالحرية لوحدها لا تفي بالغرض وهي غير كافية؛ يتوجب وجود المساواة أيضاً بجانب الحرية.

ـ ما هو العمل الأنسب الذي ترونه للدولة السورية وماذا سيكون دور الكرد فيها؟

لا نقول يجب أن تتحول سوريا فوراً إلى نظام كونفدرالي فهذا أمر يتطلب التطور التدريجي. نفس الشيء ينطبق على الكونفدرالية الديمقراطية في غربي كردستان. يجب قبل كل شيء بذل الجهود والمساعي لإرساء الأسس المتينة لهذا النظام وجذب الدولة للأعتراف به. كما اسلفت؛ أنه بمقدور الأكراد لعب دور الريادة والمفتاح في دمقرطة سوريا وتطورها. هذا الدور يفرض على الكرد أن يكونوا صامدين ومبدئيين في نضالهم ولا يخدموا هذا أو ذاك الطرف كتابعين (أزلام) للأخرين. فالأكراد أزلام لا لسوريا ولا لأمريكا ولا لتركيا، فالكرد سيكونون أزلاماً لأنفسهم.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟