الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكاليات الثقافة العربية المعاصرة وآفاق المستقبل

محمد بسام جودة

2004 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك بأنّ الخطاب الثقافي ، في ظل ما تشهده المجتمعات المعاصرة من تحديات وتحولات ، هو خطاب الأزمة : فمن جهة ، هناك الانهيارات السياسية والايديولوجية التي أصابت العديد من الأفكار والنظم والمشاريع . ومن جهة ثانية ، هناك الطفرات المعرفية التي شهدتها الفلسفة وعلوم الإنسان ، والتي أسفرت عن انبثاق قراءات جديدة للحداثة وشعاراتها حول العقل والحرية والتقـدم . ومن جهة ثالثة ، هناك الثورات العلمية والتقنية والمعلوماتية التي ندخل معها في طور حضاري جديد . ولعلَّ أحد أهم ملامح أزمة الخطاب الثقافي المعاصر تكمن في محاولة التعرّف على عناصر ومكوّنات ثقافة العولمة وأدواتها الوظيفية ، وكذلك ما تنطوي عليه من قضايا : الثقافة الوطنية ، والهوية الحضارية ، والخصوصية القومية . وإزاء كل ذلك ، يبدو أنه من الضروري أن يعمل المرء على إعادة صياغة وترتيب أفكاره ، بما يمكّنه من فهم وتشخيص هذه التحولات العميقة بداية ، ومن ثم الانخراط في تحويل وتغيير الواقع الثقافي في اتجاه التكيّف الإيجابي مع معطيات وتحولات العالم المعاصر.
وبالنسبة للعالم العربي ، تنطوي الثورات المعرفية والتكنولوجية والمعلوماتية المعاصرة على تحديات وأخطار وفرص تمسُّ الكيان العميق للأمة العربية ، وتعرّضها لما يسمى بـ " صدمة المستقبل " . وتزداد الأخطار تأثيرا بسبب ما يعانيه الكيان العربي نفسه من عوامل الضعف المتمثلة في : انتشار الأمية ، وتخلّف برامج التربية والتعليم عن حاجات المجتمعات العربية ومتطلبات العصر ، ونقص الحريات ، وعدم شمولية السياسات الثقافية ، وضعف الصناعات الثقافية ، وسيادة الإعلام السطحي .
وإذا كنا قد خسرنا العديد من لحظات الانتماء والفعل في التاريخ الثقافي، خاصة في العصر الحديث ، فإننا في الوقت الراهن نقف مكتوفي الأيدي أمام ثقافة العولمة ، لاسيما وان ّ العالم العربي ما زال يتشبث في أغلال التقليد ، ويضع قيودا متعددة على حرية التفكير والتعبير.
ومع العصر الرقمي والانفجار المعلوماتي والاقتصاد المعرفي يبدو أنّ إشكاليات اليوم تتجاوز النهضة إلى ما بعدها ، ولذا لا غنى عن تجديد المصطلحات وإعادة صياغة الإشكاليات . فليست المسألة الآن كيف ننهض من السبات أو كيف نجدد النهضة ، أو كيف نندرج في الحداثة ، بالرغم من أهمية كل ذلك ، بل التكيّف الإيجابي مع عالم اليوم الذي يكاد يتحول إلى عالم جديد من فرط انكشافه وفيض معلوماته وفائق أدواته .
لقد تعددت المراكز الثقافية العربية ، وتعددت قوى الإنتاج الثقافي في توزيعها الجغرافي الذي لم يعد محصورا في قطر واحد بعينه . وكانت النتيجة أننا أصبحنا نتحدث عن مستقبل الثقافة العربية في كل الأقطار العربية التي تتبادل الفاعلية والتأثير . وأصبحت المشكلات الثقافية قومية بقدر ما هي قطرية ، وإقليمية بقدر ما هي عالمية .
ومن المؤكد أنّ الثقافة هي المدخل إلى معالجة مختلف إشكاليات العالم العربي ، على أن تُفهم بمعناها الأوسع والأغنى والأكثر فاعلية ، أي بوصفها تجسد حيوية التفكير بقدر ما تمثل مصدر القوة للأمة العربية كلها ، وبقدر ما تجسد دينامية التحول والازدهار في العالم العربي . ومن أجل تجسيد حيوية التفكير بات من الضروري ابتكار استراتيجيات وآليات ووسائل تسهم في بلورة رؤى ثقافية مستقبلية .
وهكذا ، يطرح واقع الثقافة العربية المعاصرة مجموعة تساؤلات : ماهي مشكلات الثقافة العربية ؟ وأين يقف العالم العربي من التغيّرات العميقة التي شهدها العالم ؟ وهل فهم منطق المرحلة الجديدة بمقوّماتها ومعالمها ومنطقها النوعي الجديد ؟ وما مدى الاستجابة للمرحلة على أصعدة الرؤية والتخطيط والتنظيم والممارسة ؟ وما هي التحديات والفرص الجديدة التي تطرحها ثقافة العولمة على الثقافة العربية ؟ وهل نستطيع أن نبلور أسئلة تحدد أجوبتها استراتيجية ثقافية للمستقبل ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعل كبير مع صورة للأميرة رجوة بفستان الحمل وجينيفر لوبيز ت


.. اختتام التقدم بأوراق الترشح للرئاسة الإيرانية | #غرفة_الأخبا




.. ارتفاع الدعوات الإسرائيلية لعملية في الداخل اللبناني | #غرفة


.. قراءة عسكرية.. جيش الاحتلال يعلن مقتل 4 من المختطفين وسط تصا




.. في اتصال هاتفي.. بايدن شكر أمير قطر على الجهود الدؤوبة لإطلا