الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة اعلى مراحل الاستعمار

إبراهيم إستنبولي

2004 / 5 / 24
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إعداد و ترجمة د . إبراهيم استنبولي

إن جوهر العولمة الاقتصادية يكمن في التخلي عن السياسة الجمركية الوطنية ( لناحية فرض التعريفات الجمركية و الكوتا ) و كذلك السياسة الوطنية في مجال النقد ( أي تحديد سعر الصرف بالنسبة للعملات ) . و كنتيجة لذلك تحرم الدولة الوطنية نفسها من أدوات التدخل و إمكانية المحافظة على استقرار الوضع الاقتصادي داخل البلد لصالح مختلف المنظمات الدولية ( بشكل خاص ، منظمة التجارة العالمية ) ، الغير خاضعة للمراقبة من قبل الدولة الوطنية ، والتي ـ أي المنظمات الدولية ـ تقوم بتنفيذ رغبات النخب الاقتصادية و الاجتماعية و العرقية ، عدا عن أنها تقوم بدور المعلف بالنسبة للبيروقراطيين العالميين الذين لا يتبدلون عملياً و هم لا يتمتعون بالمسؤولية .

إن العولمة بالتشارك مع الغزو الثقافي تُستخدم أيضا من اجل سرقة العقول ( أي جذب المواطنين الأكثر كفاءة والأكثر عطاء ) من الدول النامية إلى البلدان المتطورة . حيث يتم استغلالهم هناك لقاء جزء ضئيل من أجرة المواطن الأصلي في البلدان المتطورة ، وهذا بدوره هو سبب آخر لعرقلة النمو الاقتصادي في الدول النامية ، كما و يعمق من أزمة البطالة في البلدان المتطورة نفسها .

و كنتيجة للعولمة تجري عملية إنتاج ثروات هائلة خلال فترة قصيرة جداً . فكما قال بول بريمر ، الحاكم المدني الامريكي في العراق ، " .. إن العولمة تنتج ثروات ضخمة للغاية ، لكن سكان البلدان النامية يعانون على المدى القصير ، ولذلك لا بد من ضمان موافقتهم بالوسائل الضرورية .. " . ومن اجل ضمان مشاركة الدول النامية في العولمة تقوم الدول الغربية باستخدام " النضال من اجل الديموقراطية " ، " الدفاع عن حقوق الإنسان " ، و " محاربة الإرهاب " ، و " منع انتشار أسلحة الدمار الشامل " .

أما " النضال من اجل الديموقراطية " فيتضمن تمويل الغرب لمختلف الحركات السياسية ،ـ وربما بما فيها حركات إرهابية ، المعارضة للسلطة الوطنية في البلدان النامية ، والتي و تحت ذريعة " النضال من اجل الديموقراطية " ، تعمل من اجل مشاركة البلاد في العولمة . وتتضمن المساعدة إعداد كوادر وقيادات المعارضة ، الموارد والدعم المادي ، البنى التنظيمية ، بما في ذلك تنظيم الانقلابات الحكومية ( ليس بالضرورة تنظيم الانقلابات بالطريقة الكلاسيكية أي عن طريق بعض أركان السلطة ، بل غالباً ما يتم اللجوء إلى تنظيم التظاهرات الجماهيرية والعصيان المدني و خلق حالة خطر حرب أهلية وغير ذلك ـ كما جرى في جورجيا مؤخرا ، حيث إن الرئيس الحالي ساكاشفيلي قد تم إعداده في الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة المعارضة ، ونفش الشيء ينطبق على الفيليبين ، و هذه الاستراتيجية تستخدم الآن تجاه فنزويلا و بيلاروسيا . ـ المترجم ) .

أما " الدفاع عن حقوق الإنسان " فينطوي أحيانا على دعم الغرب للحركات الإرهابية والانفصالية على أراضى الدول النامية ، مع اللجوء إلى العدوان لاحقاً ضد هذا البلد المعين تحت ستار " حماية حقوق الإنسان و الاقليات " ـ وذلك في سبيل ضمان إشراكها في العولمة ، كما حدث مع يوغوسلافيا . و أما شعار " محاربة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل " فيتم استخدامه من اجل " شيطنة " البلد المعني وتصويره كمصدر " للإرهاب " ، غالباً مبالغاً جداً به ، أو كمصدر لانتشار أسلحة الدمار الشامل . ومن ثم يتم تنظيم العدوان ضد هذا البلد من قبل تحالف الدول الغربية من اجل تأمين مشاركته في العولمة . وهذه الاستراتيجية استخدمت ضد أفغانستان و ضد العراق .

هكذا ، إن العولمة تقوم في أساسها على العنف ، الذي يضمن ـ من خلال تخلي الدولة النامية عن سيادتها الاقتصادية ـ التفوق والهيمنة للشركات الغربية على الشركات الوطنية في الدول النامية . وكرد فعل على ذلك يتعمق الصراع بين الدول النامية أو المتخلفة و بين الدول المتطورة ، والذي بدوره يؤدي إلى نشوء حالة ثورية والى حدوث حروب ، وربما إلى احتمال استخدام السلاح النووي ، وهذا بدوره يشكل خطراً على الحياة البشرية في الأرض ككل .

كل ما تم ذكره أعلاه يبرهن على أن أهم عوامل الازدهار في البلدان الغربية كان و مازال نهب الشعوب المسَتعمرة ( بفتح السين طبعاً ) ، و أن تقدم و غنى الغرب يقومان على دماء المواطنين في البلدان النامية .



المصدر : معهد قضايا العولمة . موسكو

عبر الانترنيت .



تعقيب المترجم
على الأرجح ، إن الكاتب لم يجانب الحقيقة كثيراً . فالتاريخ البشري كله عملياً قائم على الصراع بين مصالح مختلف النظم السياسية والاقتصادية التي قامت هنا وهناك .. ولم نعرف أمثلة من تاريخ المجتمعات انتفى فيه الصراع من اجل السيطرة والنفوذ لصالح شكل ما من حسن النية المتبادل بين الدول أو تخلي القوي عن طموحه في بسط سلطته ونشر ثقافته على المحيط الضعيف قريبا كان أو بعيداً .. بدءاً من الفراعنة ، مروراً بالإمبراطورية الرومانية أو الفارسية ، وصولاً إلى الإمبراطورية الإسلامية ، وبالطبع انتهاء بالإمبراطورية الأمريكية الحالية .. هذا هو التاريخ .

لكن المهم هو شيء آخر : ماذا يجب على الحكومات الوطنية في الدول النامي أن تفعل لكي " تسحب البساط " من تحت أقدام القوى العولمية الطامحة إلى فرض الاستعمار من جديد ؟ هل هي تقوم بكل ما يجب القيام به من اجل ، إن لم يكن درء ـ فهذا غير موضوعي ، فعلى الأقل من اجل تخفيف حدة الصراع مع قوى المركز العولمي ، وتقليل مخاطر وعواقب هكذا صراع على الأمن الوطني ؟ أليس من واجبها تأمين مشاركة الغالبية العظمى من المواطنين في عملية التصدي لمخططات الهيمنة من خلال إقامة دولة القانون ونشر قيم المواطنة الحقة القائمة على أسس الدولة الحديثة ، و دمقرطة الحياة السياسية و الاقتصادية عن طريق التخلي عن احتكار الحقيقة والسلطة ؟ ! لصالح التداول السلمي للسلطة و لصالح مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين بغض النظر عن أي انتماء آخر حزبي أو مذهبي أو عرقي الخ .؟؟ ربما الكثيرون يدركون أن الشعارات التي ترفع من قبل الدول الغربية كالديموقراطية وحقوق الإنسان هي كلمة حق يراد به باطل ، لكن بالمقابل هل يعفي ذلك الحكومات الوطنية من مسؤولية احترام حقوق مواطنيها التي كفلها لهم الدستور والذي على أساسه و منه بالذات تستمد السلطات القائمة شرعيتها ؟!!.

لنكن واقعيين : إن الثعلب لن يهاجم البيت المحصّن جيداً .

فلنترك عنجهيتنا ولنتخلى عن الأنانية الفردية لصالح وطن وشعب وتاريخ . إن ما جرى و يجري في العراق وفلسطين يلزمنا بذلك .

إن كنتم على خلق عظيم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا