الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس تبحث عن مشروع عربي

يحيي رباح

2009 / 9 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


القضايا مهما كانت كبيرة ومقدسة ،فإنها لايمكن أن تبقى معلقة بالهواء،في حالة شعاراتية ،بل يتوجب على أصحاب هذه القضايا الكبرى المقدسة ،ان يحولوها الى مشاريع والى تفاصيل قابلة للتنفيذ والتحقق على ارض الواقع .
هذه الحقيقة تنطبق بشكل صارخ على قضية القدس ،التي هي في الأساس قضية عربية إسلامية بامتياز ،بالإضافة الى كونها بؤرة الاشتباك الفلسطيني مع المشروع الصهيوني الإسرائيلي الهادف الى طمس ملامحها العربية والإسلامية ،وتهويدها ،وإلحاقها بالمطلق بنسيج الخرافة اليهودية .
في هذه الأيام تتصارع وتيرة العدوان الإسرائيلي الشامل ضد القدس ،سواء على الصعيد السياسي ممثلا بالأطروحات التي يعلنها القادة الإسرائيليون على الملا او على الصعيد الاستيطاني ،وما يرتبط بكل ذلك من إجراءات ووقائع وتفاصيل يمكن إجمالها كما يلي :
- تخفيض نسبة الوجود الفلسطيني في القدس من خلال خطة منهجية لسحب هويات المقدسين .
- جعل السكان الفلسطينيين الأصليين أهل المدينة يتحولون الى أقلية ،وذلك ضمن خطة القدس الكبرى التي تعاقب على تنفيذها كل رؤساء البلدية ،من خلال مشروع القدس الكبرى الذي يلحق بموجبه المستوطنات الإسرائيلية ببلدية القدس ،أي إضافة مئات الآلاف من سكان المستوطنات اليهود الى تعداد السكان .
تنفيذ خطة إعادة الملكية ،من خلال استخدام الجهاز القضائي الإسرائيلي في اعتماد وثائق ملكية مزورة ،ترجع ملكية العديد من البيوت وقطع الأراضي الى ملاك اليهود ،حتى لو أدى الأمر الى عمليات تحايل بحيث تكلف الهيئات الإسرائيلية الرسمية بتزوير وثائق الملكية ،واستخدام الخداع في عمليات البيع والشراء ،او الادعاء بان الأراضي المقام فوقها المباني هي أراضي عامة حكومية ، وان الحكومة الإسرائيلية هي الوريث لهذه الأراضي وليس أبناء القدس وأهلها وإطاراتهم الشرعية الفلسطينية.
- استمرار هدم بيوت المقدسيين تحت دعوى أنها غير مرخصة، وهذه عملية شبه يومية.
- تصعيب الحياة في القدس من خلال ارتفاع تكاليف التعليم والصحة ومن خلال نشر المخدرات، ومن خلال نشر التجهيل لعدم وجود المدارس الكافية والمكتبات والمؤسسات الثقافية المطلوبة.
- اختراق لنسيج الفلسطيني المقدسي من خلال تشجيع الجماعات الدينية المتطرفة اليهودية على التواجد في قلب المدينة وما يثيره ذلك من مضاعفات سلبية.
- استمرار الحفريات تحت المباني الرئيسية القديمة وخاصة المسجد الأقصى، بدعوى البحث عن الآثار أو لأغراض السياحة الدينية.
كل هذه النقاط التي ذكرناها وأكثر منها، هي مشاريع مخطط لها إسرائيلياً منذ زمن قديم وبشكل مضمون لها الاستمرار، ومرصود لها مبالغ مالية كبيرة!!!
ولكن في مقابل ذلك كله أين هو المشروع العربي؟

نريد للقدس أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية، ونريد لها أن تظل محتفظة بطابعها العربي المسيحي والإسلامي، ونريد تنمية هذا الوجود الفلسطيني، ونريد ونريد ولكن كيف، وأين هو المشروع العربي؟

لكي يصمد المواطن المقدسي في القدس فإنه يريد ترميم بيته الآيل للسقوط، أو توسيع هذا البيت الذي أصبح مخنوقاً بزحام ساكنيه حيث عدة أجيال في بيت واحد، ونريد للفلسطيني أن يجد عملاً يعتاش منه، وأن يجد أولاده مدرسة يتعلمون فيها مع قدرة على دفع تكاليفها، ونريد منشئات صحية، مستشفيات وعيادات ومختبرات طبية وخلافه، ونريد برامج ومنشئات وإمكانيات لمواجهة إدمان المخدرات، ومؤسسات وبرامج ثقافية لإحياء التراث والحفاظ على الثقافة العربية المسيحية والإسلامية!

القدس ليست فقط مكاناً لأداء صلاة الجمعة، بل القدس مكان للحياة بكل تفاصيل وزخم ومتطلبات الحياة، فأين هو المشروع العربي؟؟؟
الدراسات موجودة ابتداءا من خرائط الطبوغرافية وانتهاءً بعدد التلاميذ والطلاب في كافة المراحل مروراً بحالة كل البيوت الموجودة، وجداول بالاحتياجات المطلوبة، وإحصائيات بأعداد المدمنين، كما يوجد الخبراء في كل هذه التخصصات من المقدسيين أنفسهم، خبراء في مجال التربية والتعليم، وفي تخطيط المدن وفي الصحة ومواجهة أخطار المخدرات، وخبراء في الشئون الإدارية واللوجستية والبرامج الثقافية والاجتماعية والنفسية، ولكن أين هو المشروع العربي؟؟؟

أتمنى في ظل الظروف الراهنة، والضغوط الحالية، والصعوبات التي يواجهها المقدسيون، أن تدعو منظمة التحرير إلي قمة عربية من أجل القدس!
أو أن يقوم السيد عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية بالدعوة لاجتماع متخصص حول القدس تطرح فيه هذه القضايا تفصيلياً لمساعدة القادة العرب على كسر هذا الحاجز، وأن تتحول القدس بالنسبة لهم إلى ساحة عمل فعلي، بمشاريع حقيقية على الأرض تلبي احتياجات البقاء والصمود للمقدسيين، وليس ان تبقى القدس معلقة هكذا في مراجيح الشعارات.

الإسرائيليون ومن ورائهم يهود العالم الذين يشكلون نسبة ضئيلة تكاد تقترب من الصفر قياساً إلى عدد العرب والمسلمين والمسيحيين الذين تهمهم القدس هؤلاء الإسرائيليين ومن ورائهم يهود العالم يحاولون ليل نهار تحويل الأساطير إلى حقائق، والخرافات إلى تفاصيل ملموسة على الأرض، الإدعاءات إلى وثائق معتمدة، والقرارات إلى ورشات عمل، فأين هو المشروع العربي؟


أين هو المشروع الذي يحول الحق العربي في القدس المسنود بالتاريخ، والموثق بالقرآن، والمجسد في الوجود الفلسطيني نفسه، إلى برنامج عمل نراه بأعيننا، ونلمسه بأصابعنا، فنطمئن على قوة وعدالة الوجود والحضور؟

ويا قدس لك السلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 9 / 19 - 05:36 )
أخي الأستاذ يحى رباح ، مع كل ما حصل حتى الأن هل تعتقد أن أحداً من العرب لا زال مهتماً ليس بقضية القدس ، بل بالقضية الفلسطينية ، او بما تبقى منها و المتنازع عليها فلسطينياً ..؟أتمنى الإستماع الى آراء الفلسطينيين من خارج اطار الحركات الفلسطينية، او المستفيدين ، وحتى ممن هم داخل العمل السياسي الى وجهات نظرهم المجردة ، بعيداً عن الزيف والنفاق . خاصة من اللاجئين في الخارج . الذين أصبحوا خارج اللعبة نهائياً . مع التحية لك .

اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ