الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب آفاق كونفدرالية- الحلقة الخامسة

بولات جان

2009 / 9 / 18
مقابلات و حوارات


بولات جان - نسرين محمد

الفصل الرابع
إضطراب العلاقات بين الحركة و سوريا بعد خروج أوجلان



ـ ما هي العوامل التي قاربت بينكم وبين سوريا؟

مع بداية التسعينيات طرأ الكثير من المستجدات على الساحة الدولية والإقليمية وهذا بدوره أثر وبشكل مباشرعلى سوريا وسياساتها ومواقفها. وكذلك إنهيار الإتحاد السوفييت الذي كان يدعم سوريا فيما مضى. دون أن ندخل في متاهة هل كانت السلطة السورية ديمقراطية أم غير ديمقراطية، إن كانت أعطت الكرد حقوقهم أم حرمتهم منها ... هذا موضع لنقاش آخر. باب قصيدنا أنها كانت تدعم الحركات الثورية ومعارضات الدول الأخرى. بعد أنهيار الأتحاد السوفياتي تراجع الكثير من الحركات اليسارية أو أنتهت في تلك الفترة كان حزبنا في ذروة و نضاله المحموم وكنا الحركة اليسارية الأكثر نشاطاً وقوة ونمتلك أكبر قاعدة جماهيرة وقوة عسكرية وسياسية كبيرة. وبقيت الحركة الوحيدة التي تقف ضد هجمات الأمبريالية وحلف ناتو والقوى الأستعمارية أي أننا كنا بمثابة الجدار الناري الذي يحمي القوى الإقليمية المعادية للامبريالية، وهذا ماجعلت سوريا وحافظ الأسد تتقرب بحرارة أكبر منا مما زادت من الضغوطات الدولية على سوريا.بسبب هذا التقارب. منذ عام 1992، لتجميد نشاطاتنا و الحد من تحركاتنا في المنطقة و إخراجنا من لبنان و سوريا حينها أغلقت الأخيرة معسكراتنا في لبنان و كذلك أعتقلت الكثير من كوادرنا، ظناً منها أن حركتنا لن تخرج سالمة من حرب 1992 و لكن بعد هذه الحرب، أطلقت سراح كوادرنا المعتقلين لديها و تقربت أكثر منا.

ـ هل كان هذا التقرب من قبل السلطة كافة أم من قبل عائلة الأسد فقط؟

كنا نسمع بين الحين و الآخر إن بعض الشخصيات القيادية في سورية تعمل على قطع العلاقات معنا، حتى إنها كانت تستفز حافظ الأسد لأخذ مواقف صارمة ضدنا و التقرب من الدولة التركية و الدول الأوربية. فحسب هؤلاء، إن مصلحة سوريا ليس في صداقة الكرد، إنما في معاداتهم، لأن معاداة الكرد تعني التقرب من تركيا و من خلالها من العالم الغربي.و لكن حافظ الأسد كان يرفض المثول لهذه الأفكار المعادية للكرد و داوم على مواقفه المبدئية، لذا فإننا نقدر مواقفه تلك و نثمنها عالياً.


ـ هل كانت علاقاتكم مباشرة مع حافظ الأسد؟

كلا! نادراً كنا نلتقي به. و كانت كل اللقاءات تجري عبر مساعديه و أخوانه. مثلاً تقابلنا مع عبد الحليم خدام مرات عديدة. لكن حافظ الأسد كان يقف موقفاً ثابتاً. و كنا نثق به و نقدره. كنا نستفيد منه و هو كذلك كان يستفيد منا.

ـ و لماذا تخلى عن قائدكم و أخرجه من سورية؟

مع أزدياد الضغوط الخارجية و الأقليمية على سوريا، لم تتمكن الأخيرة من تحملها مما جعلها تقدم على مطالبة القائد بشكل غير مباشر بمغادرة البلاد. قبل القائد لطلبهم هذا لأنه لم يشأ تعرض سوريا للضغوط أو حتى لحرب محتملة. كون القائد يقدر الصداقة و لا يسمح أن يكون سبباً في أيذاء الأصدقاء، خاصةً إن كان هذا الصديق هو الشعب السوري.

ـ خرج قائدكم من سورية تفادت بذلك الحرب مع تركيا. و لكنها ا وقعت على أتفاقية اضنة و معروف بأن هذه الأتفاقية تستهدفكم مباشرة. ما الذي أجبر سوريا على خطو هذه الخطوة؟

بعد أن وقعت سوريا على هذه الأتفاقية طمأنتنا بإن هذه الأتفاقية مثل مثيلاتها ستبقى حبراً على ورق و لن تطبق عملياً بتاتاً. فكل من سوريا و تركيا كانتا قد عقدتا الكثير من الأتفاقيات و المعاهدات المشابهة لأتفاقية أضنة و لكن جميعها كانت لا تدخل حيز التطبيق. نعرف بإن أتفاقية أضنة لم تطبق في عهد حياة حافظ الأسد و كذلك بعد وفاته بفترة. و لكن الأسد الأبن لم يسر على خطى والده و تخبط كثيراً في إدارة البلاد. كونه هاوياً في السياسة و لا يعرف عدوه من صديقه و قد ولج في عالم السياسة كطفلِ ٍجاهل قام بهدم علاقة الصداقة الجذرية مع الكرد. و أرتكب العديد من الأخطاء الأخرى ومن ضمنها تطبيق أتفاقية أضنة و معاداة الشعب و الحركة الكردية. و لو كان عاقلاً لما أقدم على ذلك.

ـ أتقصدون بإن التيار المتشدد داخل السلطة تحكم بالسياسة السورية بعد وفاة الأسد ؟

نعم كما أسلفت بأن التيار المتشدد أو المعادي للشعب الكردي حاول منذ البداية تحريض حافظ الأسد لأخذ مواقف معادية ضدنا. لكن حافظ الأسد لم ينزل حسب أهوائهم لهم. أما بشار فقد رضخ لهم تماماً.....

و ما فائدة سوريا من معاداة الشعب و الحركة الكردية ؟

حسب رأي هذا التيار فإن التقرب من تركيا و حتى مداهنتها ستجعل الأخيرة تساعد سوريا في التقرب من العالم الغربي. كم هو مؤسف بإن الدولة التركية بنفس غير مقبولة في العالم الغربي. و الحال كهذا فكيف ستساعد سوريا لكسب رضى العالم الغربي عليها. لكن الطريق الصحيح للانفتاح و كسب صداقة العالم غير ممكنة إلا بإجراء اصلاحات جذرية في سوريا و إعطاء الحقوق العادلة للشعب السوري و الأعتراف بهويه الشعب الكردي و احياء الديمقراطية و المجتمع المدني في البلاد.

و ما الذي يمنع بشار القيام بهذه الخطوات الديمقراطية في البلاد؟

أنضم بشار إلى الكتلة الشوفينية و الأنتهازية و الرجعية و المتجمدة عقلياً الموجودة في حزب البعث. هذا المنطق الرجعي غير منفتح غير آهل للقيام بأي خطوة إيجابية و تقدمية. رأينا كيف تسرع بشار و أرتمى في أحضان الأتراك و كأنه يستغفرهم و يطلب العفو من الحكومة التركية و قام بتطبيق بنود أتفاقية أضنة، حيث سلمت الكثير من كوادرنا إلى الدولة التركية. على أثر ذلك تصاعد تهجم السلطة ضد حركتنا وضد الشعب الكردي في غربي كردستان عامةً.

أما كان من الأفضل لسوريا التقرب من تركيا دون معاداتكم؟

تركيا تضع في مقدمة أجندته مسألة حركتنا على طاولة أي لقاء أو أتفاقية مع أي دولة كانت. أي أن الشرط الأول لتركيا هو معاداة سوريا للحركة و الشعب الكردي.. بتسليم كوادرنا لتركيا و التضيق على الشعب الكردي أفصحت سوريا عن قبولها لشروط تركيا. و أنا متأكد أنه كان بمقدور سوريا مداومة صداقتها مع الشعب الكردي كذلك عقد علاقات جيدة مع تركيا. و لكنها استسلمت لتركيا تماماً.

هل تخلت عن صداقتكم كحزب أم كشعب كردي؟


أولاً أود القول بأن صداقة حكومة حافظ لم تكن مع حزبنا فحسب، بل كانت علاقة صداقة مع الشعب الكردي نعلم جيداً مدى متانة علاقة حافظ الأسد مع الأحزاب الكردية في جنوب كردستان. و نعلم جيداً بأن الشعب الكردي ساعد و دعم حكومة حافظ أسد كثيراً و كانوا صادقين مع الحكومة. حتى أن أكثرية الوحدات الخاصة كانوا من الكرد. أعتمد حافظ الأسد لتقوية سلطته على الشعب الكردي كثيراً أي أن الصداقة كانت شاملة و ليست مع حزبنا فحسب. كان يجدر ببشار ألا يهدم هذه الصداقة العميقة.

ـ هل أستفاد بشار و الحكومة السورية من علاقاتها مع تركيا؟

لا أظن ذلك. بما أستفادت قليلاً من الناحية التجارية ولكنها دون فائدة.أنما خسرت سوريا كثيراً من مواقفها هذه وستخسر أيضاَ إذا لم تتراجع عن سياساتها الخاطئة.

ـ أليس خاطئاً ألقاء الذنب على عائق سوريا في سوء العلاقة بينما؟ أقصد القول أليس لكم يد في أن علاقاتكم مع سوريا؟
بالطبع أن بعض إداري حزبنا في سوريا بمواقفهم وممارساتهم الخاطئة مهدواً الأرضية لسياسات سوريا المعادية لنا. حتى إنهم شجعوا سوريا على معاداتنا و اعطوها حجة القطيعة بيننا.

ـ وهل هؤلاء الإداريون كانوا عملاءً؟

كلا! إنما كانوا يفعلون ذلك عن علم ودراية تامة بهدف الإيقاع بيننا وبين سوريا.

ـ ما هي العوامل والأسباب التي أضعفت نشاطكم في سوريا بعد عام 2000 ؟

قبل كل شيء يجدر الإشارة إلى أن القائد آبو أثناء فترة بقائه في سوريا كان يجهد كثيراً ويناضل بنفسه في تسيير نشاطات الحركة في غربي كردستان. بعد خروج القائد وأعتقاله، أثر بشكلٍِِ مباشر على نضالنا في هذه الساحة وأثرت سلباً على معنويات الشعب. بالإضافة إلى أن مسؤولي الحزب لم يتمكنوا بتاتاً من ملئ الفراغ الذي نتج عن خروج القائد. وكنا كحزب نتبع قاعدة خاطئة في تعيين وتوظيف الإداريين في تلك الساحة وهذا أيضاَ أثر سلباً على نضاالنا هناك.

ـ وهل كنتم تفعلون ذلك عن علم في توظيف شخصيات غير مؤهلة وغير كفوءة لإدارة النضال في غربي كردستان؟

كان منطقنا بعد أعتقال القائد هو المحافظة على وحدة الصفوف بإي شكلٍِ ومهما كان الثمن. كون معظم العالم كانوا ينتظرون وبصبرٍ فارغ تشتتنا أو أنفصال القياديين عن الحركة. خاصة وإن بعض القياديين كانوا على وشك الانتهاء. كنا نبحث عن وظيفة مناسبة لهؤلاء الضعفاء من القياديين وكان يقع أختيارنا على توظيفهم في غربي كردستان.

ـ ولِمَ غربي كردستان بالذات؟

هؤلاء لم يكونوا يبغون البقاء في الجبال. كنا نخشى أرسالهم الى اوربا أو الساحات البعيدة لاننا لم نكن نؤمن بهم إذا إبتعدوا عن المركز. وكنا نعتبر سوريا وغربي كردستان ساحة قريبة من المركز وكون أكثرية الشعب يؤيدنا ولن يتأثر بالشخصيات الضعيفة. لذا كنا نختار ساحة غربي كردستان.

ـ أليس هذا أقترافاً لذنب ضد هذه الساحة؟

بلى! بأسمي وأسم جيمع قيادي الحركة أعتذر وأقدم نقدي الذاتي على تلك السياسة التي سلكناها حينها. بقينا ضعفاء ولم نتمكن من انتهاج سياسة معقولة لملئ الفراغ وتطوير النضال في غربي كردستان.
مثلاً تم توظيف المدعو (دوغان شرناخ) لإدارة الساحة. وهذا الشخص كان منتهي ودون روح، حتى أنه كان كالباطون تماماً. بعده تم توظيف قيادي بأسم " سرحد " وهو أيضاً كان معروفاً بأخطائه وممارساته التصفوية في شمال كردستان. حتى أنه كان خبيراً في التصفية. وبعد المدعو(سرحد) تم توظيف المدعو (بوتان) وهو ايضاَ كان قد فقد ايمانه كلياً بالثورة والنضال والحرية وهو بدوره قضى على المتبقي في ساحة غربي كردستان.
وخلاصة القول بإن جميع القياديين المرسلين إلى إدراة غربي كردستان لم يكونوا لائقين أبداً ولم يمثلوا روح نهج القائد هناك. لذا فإن المسيرة النضالية تراجعت أو بقت في مكانها دون تقدم بالإضافة إلى أنهم حرضوا السلطة السورية لأخذ مواقف معادية منا. تم إهمال أقرب المقربين والأصدقاء وعائلات المناضلين، حتى أن بعضها أبتعدت عنا وأخذت مواقف سلبية منا.

ـ نلاحظ بإن أكثرية القياديين الذين كانوا في سوريا قد أنفصلوا عن حزبكم. هذا ينقلنا إلى سؤال آخر، لماذا أستهدف الفصيل المنقطع عنكم ساحة غربي كردستان بالذات؟

إن إستهداف الخونة لغربي كردستان كان بهدف القضاء على نهج القائد آبو و شلِّ تأثيره بين صفوف الثورة وكان غربي كردستان العائق الأساسي أمام مآربهم هذه. كون الجزء مشهورٌ بمدى أرتباطه بالقائد آبو وإن معظم كوادره واعيين ومناضلين أكفاء وكونها ساحة للقائد ولها الكثيرمن القيم الوطنية. كل هذه الميزات جعلت منها قلعة و منارة اساسية للدفاع عن الثورة. لذا فإن القضاء على الثورة لن يكون ممكناً إلا بالنيل من روح النضال و المقاومة و شل فكر القائد في غربي كردستان؛ فإن نجحوا في ذلك سيكون النجاح حليفهم في الساحات الأخرى.

ـ ولماذا لم تحاسبوا هؤلاء الإداريين على ما أقترفوه بحق غربي كردستان؟

الأمر لا يتعلق كونهم قاموا بأعمال تخريبية صريحة. فلو قاموا بذلك حينها لكنا سنحاسبهم على أعمالهم تلك، لكنهم لم يمثلوا نهج الحركة وأهملوا الشعب ولم يحلوا مشاكله ولم يناضلوا بالشكل المطلوب. لا يجب أن نعلق كل الذنوب في رقابهم كونهم قد أنفصلوا عنا. ثم أننا كنا كحركة قد ولجنا في مرحلة تغيير استراتيجية جذرية ولم يستوعب الكثير من الكوادر والإداريين هذه التغيرات وبذا لم يشرحوها للشعب أيضاً.
وهذا بدوره هيّأ الارضية لبروز دعايات تحريضية ضدنا من قبل بعض الأطراف المشبوهة. من قبيل أن القائد قد تخلى عن الروح الكردية وإنه يدافع عن الكمالية وتنازل عن الحقوق الوطنية الكردية وإن الحركة تخلت عن تحرير كردستان وإلى من هنالك من دعايات مغرضة. تركت هذه الدعايات تأثيرها على الشعب لإننا لم نتمكن من توعيته وإفهام الأستراتيجية الجديدة له. أعتقد بأن السبب كان عدم إيمان الإداريين في غربي كردستان بالاستراتجية الجديدة.

ـ ألم يكن بقربكم إداريون موثوقون ومؤمنون بنهجكم الجديد كي يتدخلوا في الساحة؟

بلى! كانت هنالك بعض العوائق الداخلية تعرقل تدخلاً فورياً خاصة وإن النهج التصفوي كان منظماً بشكل قوي في المؤتمر الأول وبعد المؤتمر الثاني مباشرتاً تم توظيف الرفيقة شيلان وهي عضوة في اللجنة التنفيذية للمؤتمر. للتدخل في غربي كردستان ومكافحة النهج التصفوي. ويجب الأعتراف إن كان التنظيم قد بقي صامداً في غربي كردستان اليوم فإن الفضل الرئيسي يعود إلى جهود الرفيقة شيلان ونضالها الدؤوب. حيث كانت تقوم بكل شيء ضد النهج الخياني معرضة نفسها للتهلكة والمخاطر الشتة. وقد كشفت حقيقة الكثير من المتلاعبين أمثال فوزي وغيره من التصفويين. الموقف الثوري للرفيقة شيلان، جعلتها هدفاً لهؤلاء التصفويين الذين قاموا بالتحالف مع مخابرات السلطة والحركات العربية الرجعية بإيقاع الرفيقة شيلان ومجموعة من الرفاق في كمين نصبوا لها في مدينة الموصل وكانت النتيجة أستشهاد الرفيقة شيلان وأربعة من خيرة كوادرنا.

ـ هل تأكدتم من أضطلاع المنقطعين عنكم في تدبير هذه الجريمة؟

بالتأكيد. كان لـ (كمال سور) دور في هذه الجريمة ولنا معلومات أكيدة. ولا نقول هذا من باب التخمين. لذا فإن (كمال سور) وجماعته يعدون عصابة قتلة وجناة مرتزقة... وهم الآن يحصلون على أموال شهرية من الطالباني للقيام بالعمالة وليس لهم أي موقف أو نهج سياسي أو وطني ولولا ذلك لما كانوا تآمروا على قتل الرفيقة شيلان كون شيلان وكل الرفاق والرفيقات الذين ألتفوا حولها أنقذوا قيمنا وشبعنا في غربي كردستان من أيدي الفصيل التصفوي.

ـ كيف كان وقع أستشهاد شيلان ورفقائها على سير النضال في غربي كردستان؟

من عام 1999 وحتى عام 2004 كان النضال يتراجع بسرعة إلى الخلف. هذا لا يعني بإننا ننكر جهود الوطنيين والكوادر والأصدقاء بين تلك الفترة. لكن مرحلة إيقاف التقهقهر والبدء بحملة معاكسة بدأت مع الرفيقة شيلان. وكان شهادتها بمثابة حملة كبيرة على طريق لم الشمل وتقويت النضال. لذا فإننا نعتبر الرفيقة شيلان ورفاقها فؤاد وجوان وزكريا وجميل، كرموز (لم الشمل الحركة في غربي كردستان وإبداء الوقفة الثورية في وجه التصفويين). فـ شيلان كانت صاحبة موقف ريادي لا يتزحزح في الحفاظ على قيم الثورة، لذا فإنها باتت قيمة عظيمة من قيم تاريخنا الحديث.

ـ أعود قليلاً ألى الخلف. قلتم بإن سوريا قامت بتسليم عدد كبير من كوادركم الى الدولة التركية ... ياترى من أين هذه جرأة لسوريا حتى تقدم على هذه الفعلة؟

هذا ليس متعلقاً بالجسارة أو جرأة سوريا. إنما هو الاستسلام لتركيا، فسوريا قد أرتمت في أحضان تركيا لعل وعسى تساعدها الأخيرة في إرضاء الامريكان عنها. لذا فإنها وضعت نصب عينيها معاداة الكرد. نحن متأكدون بإن التاريخ العربي خالٍ تماماً من مثيل لما قامت بها سوريا فثقافة الشعب العربي الاصيلة تولي الصداقة قيمة كبيرة جداً ولا تخونها أبداً. كم هو مؤسف بإن هؤلاء البعثيين وكذلك بشار لم يفوا لهذه الثقافة الاصيلة وفعلوا عكس ذلك. و دون فائدة، فلا أمريكا رضيت عنها وهي فقدت الكثير من قيم الكرامة الأنسانية والأصالة. ربما سببت لنا بفعلتها هذه بعض الأضرار، ولكنها تضررتْ أكثر منا بكثير سياسياً وأجتماعياً.

ـ هل ستحاسبون سوريا على فعلتها هذه؟

سيحاسبها التاريخ قبل كل شيء نحن نولي الكثير من الإعتبارات لمصالح وأخوة الشعوب وتحررها... لا نكن الحقد والغل على أحد ولا أقول هنا شيء من قبيل الأنتقام. فسوريا خسرت وستخسر الكثير بمعادتها للشعب الكردي ...

ـ ألا يجعل هذه العداوة الشعب الكردي يتمنى تدخلاً خارجياً للإطاحة بالنظام السوري؟

قد تكون هذه العداوة التي تنتهجها سوريا تشجع العواطف القوموية لدى الكرد. ولكن الكرد اليوم أصحاب سياسة والعقلٍ السليم وليس لهم سياسة رسمية تتمنى تجزئة سوريا وخرابها على أيدٍ خارجية. عكس ذلك، الكرد يهدفون الى اكتساب حقوقهم الثقافية والاجتماعية والوطنية وليس تجزئة سوريا وتعرضها للأحتلال...

ـ و أنتم؟

نحن كحركة لنا مبدأ رافض تماماً لإي تدخلٍ خارجي في أي بلدٍ كان. ونصون منطق حل المسائل داخلياً ومن قِبل شعوب المنطقة ذاتها. يجب ان يحل أية مشكلة بين الكورد العرب في سوريا من قِبل كل الشعبين وليس بتدخلٍ أجنبي. فالحلول الأقليمية أو الذاتية معقولة ومفضلة لدينا.

ـ أين كان هذا المنطق عندما هاجم الرعاع على الشعب الكردي في مدينة القامشلي في الثاني عشر من آذار سنة 2004؟

نستطيع القول بإن تلك الأحداث كانت مؤامرة ودسيسة استهدفت الشعب الكردي. وكانت أعتداءً سافراً على الشعب.

ـ برأيكم من كان وراء هذه "المؤامرة" كما أسميتموها؟

بعض الأطراف داخل النظام السوري نفسه، وبأعتقادي أن مبتغاهم كان الإيقاع بين عائلة الأسد والشعب الكردي وإضرام نار الفتنة بينهما. لهؤلاء، دون شك حسابات سياسية أرادوا تصفيتها على حساب الشعب الكردي. لاحظنا أن اكثرية الذين لعبوا دوراً في المؤامرة كانوا المتخوفين من التحالف الكردي العلوي وإضيف إلى ان ارباب السلطة أجمعين لم يقفوا ضد هذه المؤامرة. فقد قام ماهر اسد بزيارة المنطقة وكذلك بشار كان يتعامل شخصياً مع المشكلة بالإضافة إلى محمد منصور والآخرين. وكان الموقف الطاغي على هؤلاء ليس التنديد بهذه المؤامرة النكراء، بل حاولوا طمر المسألة وإخفاءها ولم يحاسبوا فاعليها.

ـ نلاحظ أن أكثرية الشعب يسمون تلك الاحداث بالانتفاضة وليست بالمؤامرة ....

البداية كانت مؤامرة محاكة من قبل الشوفينيين ولكنها تحولت إلى أنتقاضة كردية في كل مدن ومناطق غربي كردستان. كنتيجة فإن الهوة زادت بين الشعبين الكردي والعربي وتوسع الشرخ الموجود وكان الخاسر الاساسي هو السلطة السورية وخاصة عائلة الأسد. على هذه العائلة الاعتذار وطلب العفو من الشعب الكردي. من الاهمية بمكان قيامها بذلك، فقد تألم الشعب الكردي كثيراً من هذه الاحداث، وأستشهد الكثير من الشباب وأعتقل المئات منهم.

ـ ألم تلاحظوا بان اكثرية الحركات الكردية لم تحرك ساكناً مقابل تلك الأحداث؟

بلى! الكثير من الأطراف لا تعرض نفسها للمشاكل والمخاطر في سبيل القضية الكردية. حيث نراها تتحدث لساعات عن المسألة الكردية ولكنها غير مستعدة للخوض في المخاطر ولو للحظة واحدة فقط. فهؤلاء هم أكراد ووطنيون وسياسيون بالكلام فقط ولكن حينما يأتي الأمر إلى العمل فإنك لا تراهم في الساحة. لذا على الشعب ألا يثق بمثل هؤلاء. فالسياسة الحقيقية هي عمل ما تقوله...

ـ قد تحدث حوادث أخرى غداً في منطقة من مناطق غربي كردستان من قبيل ما حدث في الثاني عشر من آذار. حيث نلاحظ بوادر تفشي و تصاعد الشوفينية في السلطة السورية. أنتم كحركة، هل لكم تدابير في حال تعرض الشعب الكردي لمثل هذه المواقف؟

أثناء أحداث الثاني عشر من آذار لم نكن على استعداد تام لصد تلك الهجمات و التعامل مع الوقائع حينها. حيث كانت الحركة تمر في أصعب مراحلها تأزماً وكان جلّ أهتمامنا موجه لداخل الحركة والتصدي لنهج الخيانة. ولكن الوضع مختلف الآن، فأستعدادات التنظيم موجودة للتصدي لأحداث مشابهة. ولرفاقنا في غربي كردستان توجيهات حول كيفيية التصرف والتعامل مع أحداث محتملة.

ـ ما شكل هذه الاستعدادات؟

ليس بالضرورة بمكان الإسهاب في هذا الموضوع وذكر التفاصيل. لكنني أستطيع القول بإننا لسنا عديمي الأستعداد. إنطلاقاً من ذلك، فأننا على قناعة تامة بإن شعبنا في غربي كردستان بمقدوره الدفاع عن نفسه مقابل أي أعتداء أو تآمر. من الأهمية بمكان الاستفادة من الارضية الموجودة وتقوية تنظيم الشعب...

ـ ماهي أستراتيجيتكم الدفاعية في غربي كردستان؟

نحن وإنطلاقاً من منظومتنا الفكرية نؤمن بإن عصر الكفاح المسلح قد إنقض بالنسبة إلى نضال الشعوب المضطهدة. وبدلاً من ذلك فإننا نصون منطق حق الدفاع المشروع. بهذا الحق يعني الدفاع ضد أي هجومٍ خارجي. وأستراتيجيتنا على هذا الأساس في شمال كردستان. أما بالنسبة إلى غربي كردستان فأننا لا نرى ضروة إنشاء تنظيمات عسكرية. لكن هذا لا يعني إنعدام الدفاع المشروع. وسيكون شكل هذا الدفاع مدنياً ! أي دون سلاح وبشكلٍ سياسي.
وهذا يعني أن يكون بمقدور كل قرية وكل ناحية وحارة الدفاع عن نفسها. أعود و أكرر بأن هذا لا يكون بإنشاء أجنحة عسكرية و تنظيمات للكريلا. فمسألة الدفاع حياتية ومهمة إلى أبعد مدى. فإن لم تستطع الدفاع عن نفسك، فلن تقدر أن تحيا. لذا يجب أن نتعلم قبل كل شيء كيف ندافع عن أنفسنا. وهذا مناط قبل الجميع بالقادة والريادة السياسية في غربي كردستان، أي يجب أن يعرفوا كيف يحموا الشعب تحت كل الشروط. والألية الأكثر تأثيراً في الدفاع هو تنظيم الجماهير ورفع وتيرة النضال الثقافي والسياسي والاجتماعي وأكتساب المشروعية بين الجماهير العربية وأيصال الشعب الكردي إلى مستوى يؤهله لأتخاذ المواقف الرصينة.

ـ كانت لكم علاقات ونشاطات فعالة في الدول العربية كلبنان والأردن وليبيا ولكنها تراجعت في السنوات الأخيرة. هل ستعودون للتنظيم والنشاط في هذه البلدان؟

ليست لنا مشاريع طارئة بهذا الصدد. لكن لدينا محاولات لأجل تجاوز النواقص وتطوير النضال هنالك.

ـ هل تضعون أحتمالاً لتدخلٍ امريكي لسوريا؟

التدخل الامريكي وارد في الأحتمال ولكن الأحتمال عسكري ضعيف جداً. قد يكون تدخلاً سياسياً وأجتماعياً وأقتصادياً. وقد يستهدف بعض أعمدة النظام الحالي. مع العلم بإن أشكال التدخل متنوعة في العالم وهنالك تدخلات خارجية لا يمكن الشعور بها البتة يبدو بإن القوى الدولية بزعامة الولايات المتحدة مصرة على إجراء التغير في الشرق الأوسط بشكل ٍ يتلائم مع مصالحهاالاستراتيجية.

ـ في حالة تدخلٍ خارجي لسوريا ما هو الدور الموكل الى سوريا بعد التدخل؟ وبالأحرى كيف سيكون شكل سوريا على خارطة الشرق الأوسط؟

من المؤكد بأنه لن يناط دور ذو أهمية لسوريا. فالأمر ليس أناطة دور بسوريا، بل هو إخراج سوريا من كونها تهديداً على أمن وسلامة إسرائيل وإجبارها على إبرام الصلح مع اسرائيل. لا أعتقد بإنه سيكون لسوريا أي دور ذو أهمية على الخارطة السياسية في الشرق الأوسط الكبير.

ـ أسرائيل تعمل على عقد العلاقات مع الأطراف الكردية ...هل لكم علاقات مع اسرئيل؟

كلا... لم تعقد حتى الأن أية علاقة مع اسرائيل.

ـ هل مازلتم على موقفكم السابق من الصهيونية؟ أم تغيرت نظرتكم؟

ليس الأمر موضوع تغير نظرتنا أم لا لكننا غيرنا رأينا السابق القاضي بالتخندق ضد بعضا البعض. ليست فقط الصهيونية، إنما القوموية ايضاً ليست الحل المناسب للمسألة؛ فلا الصهيونية و لا القوموية البعثية. إنطلاقاً من نظرتنا الجديدة لا نرى بالضرورة وجود الاضداد و المعاداة، إنما الديمقراطية هي الحل الأنسب لمشاكل الشرق الأوسط. يجب أن تتخلى كل من الصهيونية والقوموية عن تشددها وتعنتها ومنطق الأبيض والأسود في تعاملها مع القضايا العالقة في المنطقة.

_ أن أعلنت تركيا عن عفو شامل عن كوادركم ونزل هؤلاء إلى المدن للمشاركة بالحياة السياسية في تركيا حينها ماالذي سيكون مسير كوادر غربي كردستان المتواجدين في جبال؟

بعض الأطراف المشبوهة والهادفة إلى إضعاف حركتنا تلوك وتعلك مثل هذه الأقول. حتى إنهم جعلوا من هذا الأمر شغلهم الشاغل. ومقابل هذه الإدعاءات أقول بأننا لسنا حركة مرحلية أو تنظيم يومي، ولا حركة تخص الكرد أو بجزء واحد فقط. الأمر لا يعني أن حلت المسألة في جزء ما فإن الثورة ستنتهي. نحن نناضل لأجل خلاص كردستان، وتسألني ما الذي سيحل بكوادر غربي كردستان عندما يذهب الكوادر الشماليون إلى بيوتهم، يجب أن يكونوا مطمأنين أنه في حال صدور عفوٍ ما فإن كل الكوادر الشماليون لن يذهبوا كما تتصور. حتى ولو أرسلنا بعضهم إلى العمل السياسي فهذا لا يلغي ضرورة وجود قوة حماية كردستانية في الجبال ... فإن حلت المشكلة الكردية في الأجزاء الأربعة فإننا كآبوجيين سنناضل لأجل خلاص البلاد العربية و إن حررنا كل منطقة الشرق الأوسط حينها سنفكر بطريقة نحرر بها أوروبا. لذا فإن القول ماذا سيحل بكوادر غربي كردستان يعد أمراً عجيباً وغير منطقي.
أود القول بإن ثمانين بالمئة من الانصار غير محكومين في تركيا ولا يوجد ضدهم اي ملاحقة قانونية وبإمكانهم الذهاب اليوم إلى بيوتهم ومتابعة دراساتهم وحياتهم العادية دون أن ينتظروا عفواً من الدولة. أي أن المسألة ليست مسألة العفو. كون الدولة لا تملك معلومات حول اكثرية الرفاق الملتحقين بصفوف الحركة. أننا لا نناضل لأجل الحصول على عفو من الدولة إنما مبتغانا الرئيس هو حل القضية الكردية...

ـ وإن حلت القضية الكردية في الشمال ...

حينها أيضاً لن نتخلى عن النضال وسنداوم كفاحنا في الأجزاء الأخرى من كردستان... لأن حركتنا ليست حركة خاصة بجزء معين. فطالما وجد خطر أو تهديد على أي شبر من كردستان فإن قواتنا العسكرية باقية...

سيتبع









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة جديدة بسبب تيران وصنافير


.. إذا سيطرت الفصائل المسلحة على حمص.. كيف ستتغير المعادلة في س




.. غارة روسية تدمر جسر الرستن في حمص


.. المعارضة السورية المسلحة: سيطرنا على كامل مدينة درعا




.. غارة إسرائيلية تدمر معبرا حدوديا بين لبنان وسوريا