الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أعقاب تقرير الادانة: لصقل الموقف في مواجهة العدوانية الاسرائيلية المدانة بجرائمها ضد الانسانية!!

احمد سعد

2009 / 9 / 19
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


إسرائيل العدوان ارتكبت خلال حربها العدوانية على قطاع غزة جرائم حرب ضد الفلسطينيين تندرج في اطار الجرائم ضد الانسانية. هذا هو الجوهر الاساسي والمدلول الصارخ الرئيسي الذي تمخّض عن لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الانسان التابع لهيئة الامم المتحدة برئاسة المحقق اليهودي الصهيوني من جنوب افريقيا ريتشارد غولدستون والتي اصبحت لجنة التحقيق تعرف باسمه. لقد اثار هذا التقرير الذي تناولته مختلف وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة العالمية والاسرائيلية مساء الثلاثاء ويوم الاربعاء من هذا الاسبوع اهتمام الرأي العام العالمي والاسرائيلي. فالمعطيات الصارخة التي اوردها التقرير حول الجرائم الهمجية التي ارتكبها جيش الطغاة الاسرائيليين قد طيّرت صواب الاوساط الرسمية الاسرائيلية من ارباب العدوان والجرائم في حكومة الكوارث اليمينية وخدامها من ابواق الدعاية المجندة في خدمة السياسة العدوانية. فهذا التقرير بمعطياته العينية الدامغة عن جرائم الحرب التي ارتكبها جيش المعتدي الاسرائيلي تعتبر اكثر الوثائق الدولية التي تُعرّي وتدين العدوانية الاسرائيلية منذ قيام اسرائيل وحتى يومنا هذا. وتاريخ اسرائيل الرسمية منذ مجازر النكبة الفلسطينية عبارة عن سلسلة من جرائم الحرب التي ارتكبتها اذرع القمع والارهاب والقتل السلطوية فمن مجزرة دير ياسين الى جريمة الحرب والمجازر في كفر قاسم ومجازر "يوم الارض" الخالد ومجازر جنين ومخيم جنين ومجازر القدس والاقصى وجريمة القتل المتعمد ضد جماهيرنا العربية في "هبة اكتوبر" ضد مجزرة القدس والاقصى في مطلع اكتوبر/ تشرين الاول الفين التي قتلت بشكل متعمد ثلاثة عشر شابا من مواطنينا الابرار وجرحت المئات، وبناء جدار الضم والعزل العنصري في الضفة الغربية المحتلة الذي اعتبرته المحكمة الدولية في لاهاي جريمة حرب وعلى المحتل الاسرائيلي هدمه! اذا استثنينا ادانة المحكمة الدولية لجريمة بناء جدار الضم العنصري، فان العدوانية الاسرائيلية حتى تقرير غولدستون قد "تملصت" من تقديم الحساب والعقاب الدولي على جرائمها التي ارتكبت بحق الشعب العربي الفلسطيني والانسانية، وذلك من جراء تحصين عدوانيتها "بالفيتو" الامريكي في مجلس الامن الدولي المجند دائما في حماية العدوانية الاسرائيلية من الادانة او اتخاذ اية عقوبات دولية تكبح جماح عدوانيتها منفلتة العقال، وبسبب عدم وجود موقف عربي موحد ومجند بشكل جدي لردع العربدة العدوانية الاسرائيلية. ولعل "الجرأة" التي اتسمت بها معطيات لجنة غولدستون في الكشف عن الحقائق تعود الى عدة عوامل، من اهمها تغير بيئة المناخ الدولي السائد في العلاقات الدولية بعد الفشل الذريع لاستراتيجية منطق "حق القوة" والبلطجة العدوانية بقوة السلاح والحروب، وعولمة ارهاب الدولة المنظم التي انتهجتها ادارة جورج دبليو بوش واليمين المحافظ وحليفها الاسرائيلي خادم سياستها الاستراتيجية العدوانية في المنطقة. ولعل محاولة استبدال استراتيجية منطق القوة لادارة بوش باستراتيجية الحوار لتحقيق نفس الاهداف الاستراتيجية للهيمنة الامبريالية الامريكية كونيا التي تنتهجها ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما، لعل ذلك قد عكس اثره لاثبات الاتزان والموضوعية لتحديد الموقف من القضايا ومشاكل الصراع على الساحة الدولية والمناطقية، وليس الانحياز الصارخ والكيل بمكيالين لخدمة مصالح واهداف احد اطراف الصراع.



* ألادانة ورد الفعل:إن اكثر ما يثير غضب وقلق الاوساط الحاكمة في اسرائيل ان معطيات تقرير لجنة غولدستون تؤكد وتدين حقيقة ان اسرائيل في الحرب الهمجية على قطاع غزة قد مارست بشكل منهجي عقوبات جماعية ضد الاهالي المدنيين في القطاع وانه توجد لدى اللجنة اثباتات موثقة بالصور وباقوال الضحايا وحتى من جنود جيش الغزاة تؤكد ان اسرائيل مارست جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وان اسرائيل في عدوانها دمرت بشكل منهجي البنية التحتية المدنية وهدمت عمارات وبيوتا سكنية ومدارس ومستشفيات ومراكز لتوزيع الاغذية. وان الجيش الاسرائيلي قام باطلاق رصاص الموت على المدنيين من اطفال ونساء وشبان ومسنين ولم يفرق بين مدنيين ومقاومين وقتل مدنيين تركوا بيوتهم وهم يلوحون بالاعلام البيضاء. وان لدى لجنة غولدستون وثائق حول ثمانية وثلاثين حدثا عينيا خاصا يؤكد جميعها ان اسرائيل ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وان هذا التقرير يؤكد "انه توجد شكوك قوية وجدية حول استعداد اسرائيل اجراء تحقيق جذري ومستقل"، ولهذا فان اللجنة توصي الامم المتحدة والمحكمة الدولية في لاهاي ان تزن الشروع باتخاذ اجراءات لمحاكمة مصادر اسرائيلية تتحمل مسؤولية شخصية في ارتكاب الجرائم. واللجنة توصي عمليا مجلس حقوق الانسان التوجه بطلب وبروح هذا الموقف الى مجلس الامن الدولي صاحب الصلاحية باقامة محكمة خاصة للحكم على دولة ليست عضوا في المحكمة العليا الدولية، واسرائيل ليست عضوا في محكمة لاهاي وكذلك الولايات المتحدة الامريكية. وحكومة الكوارث الاسرائيلية تراهن على الفيتو الامريكي في مجلس الامن الدولي لافشال أي قرار يضع الطوق الحديدي حول رقبة المجرم الاسرائيلي. ولكن رغم ذلك فان "المجرم على رأسه ريشة" وما يدعو الى قلق حكومة العدوان والجرائم انه بعد نشر معطيات تقرير غولدستون يجري التوجه الى محكمة العدل الدولية بشكاوى لمحاكمة ومعاقبة عدد من الساسة والعسكريين الذين شاركوا في ارتكاب جرائم الحرب في غزة، الامر الذي يشل حركة المجرمين وامكانية سفرهم الى البلدان الاوروبية حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون الدولي ويعتقلوا ويقدموا للمحاكمة في المحكمة الدولية.
لقد اثار نشر التقرير بمعطيات الادانة الصارخة ردود فعل اسرائيلية رسمية وغير رسمية غاضبة. فبعد الاعلان عن التقرير صدر رد الفعل الاولي على لسان مصادر رفيعة المستوى في وزارة الخارجية الاسرائيلية يوم 15-9-2009 حيث جاء (انظر "يديعوت احرونوت" 16-9-2009) "ان هذا التقرير ليس اقل من اعلان حرب على اسرائيل. فهو يلزم صراعا سياسيا وقضائيا من الاكثر تعقيدا في تاريخ الدولة. لم نتوقع تقريرا صعبا جدا بهذه الصورة. فهذا يخلق ضجة ويخلق انطباعا سيئا جدا. ستكون معركة متواصلة، ولكن ما يخدم صالحنا، تلعب الحقيقة ان هذا التقرير متطرف واحادي الجانب"!! اما وزير الخارجية في حكومة نتنياهو اليمينية المأفون افيغدور ليبرمان فقد توجه الى الثعلب التضليلي الصهيوني المعروف رئيس الدولة شمعون بيرس طالبا تجنده في الحملة الدعائية ضد هذا التقرير لتبييض صفحة المجرمين اعداء البشر والانسانية. ولم تتخلف عن ركب رد الفعل الديماغوغي البروفيسورة غبرئيلا شيلو سفيرة اسرائيل في الامم المتحدة التي اكدت في تصريح لها حول ما توصل اليه تقرير لجنة غولدستون، "ان هذا التقرير يؤكد مصداقية موقفنا وقرارنا بعدم التعاون مسبقا مع اللجنة ومع مهمتها احادية الجانب. ونحن بشكل عام لسنا اعضاء في المحكمة الدولية، ولهذه المحكمة لا توجد الامكانية او الصلاحية لمحاكمة افراد"!! وركز الرد الرسمي في البيان الذي اصدرته وزارة الخارجية الاسرائيلية على " ان الطابع غير المتوازن لهذا القرار هو الذي ادى الى ان دولا كثيرة في مجلس حقوق الانسان لا تؤيد اللجنة (لجنة غولدستون- أ.س) ورغم تحفظات اسرائيل الكثيرة فانها ستقرأ بالعين الفاحصة كما هي معتادة دائما".
اما على الصعيد غير الرسمي في المجال الدعائي الاعلامي وغيره فقد تعددت آراء رد الفعل بين التحذير من مغبة تجاهل معطيات هذا التقرير وبين وسائل المواجهة لتخفيف الضرر الناجم. فعلى سبيل المثال فقد كتب المحرر في صحيفة "يديعوت احرونوت" يوم 16-9-2009 ايتان هابر تحت عنوان "لنخرج الى المعركة" ما يلي "الرد الاولي، الطبيعي والعاطفي تقريبا على تقرير غولدستون عن جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي هو تقريبا اشبه ما يكون "ليذهبوا الى الشيطان، او دعوة اخلاقية ليقبلوا لنا اقفيتنا"!! ويحذر الكاتب من مغبة الاستخفاف بمعطيات التقرير، خاصة وانه في عدة حالات ارتكب الجيش الاسرائيلي اعمالا "لا تليق باخلاقيات الجيش الاسرائيلي" مثل قتل بنات عز الدين ابو العياش"! ويؤكد "لقد قلنا ان التقرير مخجل واحادي الجانب ولا يستحق الاهتمام المنطقي وانه قد وجهنا الدعوة الى واضعيه لفحص اعضائنا التناسلية المتواضعة، واقترحنا عليهم الذهاب الى جهنم – ومع ذلك فانه سيكون هناك خطأ كبير في حالة تجاهل هذا التقرير الذي نشر بآلاف الصحف وفي محطات الراديو والتلفزة العالمية، مئات ملايين البشر في شتى انحاء العالم اطلعوا على ما في التقرير – في اعينهم نحن مجرمو حرب، قذرون، قتلة اطفال صغار، هذا هو الطابع الآني لنا في كل العالم – مجرمون، سيئون، ظالمون وقتلة"!!
لقد ادعت وزارة الخارجية ان التقرير بمثابة اعلان حرب على اسرائيل ولكنها لم تلجأ هذه المرة الى ترديد الاسطوانة التضليلية لتهمة اللاسامية. فرئيس اللجنة ريتشارد غولدستون يهودي صهيوني من جنوب افريقيا، ابنته نيكول عاشت في اسرائيل اكثر من عشر سنوات، وهو شخصيا كان عضو مجلس ادارة الجامعة العبرية في القدس، كما كان رئيس "اورط" العالمية وقد زار اسرائيل مرات عديدة. ولعل هويته الصهيونية قد اسهمت في زيادة اهمية هذا التقرير الذي اهميته الاساسية تكمن في كشف الحقائق عن جرائم العدوانية الاسرائيلية الهمجية وتعرية الوجه الحقيقي القبيح لجرائم المحتل الاسرائيلي ضد الشعب العربي الفلسطيني.
لقد صادف نشر هذا التقرير في وقت يقوم فيه مبعوث الادارة الامريكية الى الشرق الاوسط جورج ميتشل بجولة مكوكية لاخراج العملية السياسية من المستنقع الراكد للموقف الرفضي الاسرائيلي. فحكومة نتنياهو اصرت على موقفها برفض التجميد الكلي للاستيطان ومواصلة البناء الاستيطاني وتهويد القدس الشرقية. ومعطيات التقرير وطابع رد حكومة اليمين عليها يعكس حقيقة انه لا يطرح على اجندة حكومة الاحتلال والاستيطان العمل لاستخلاص العبر من تقرير ادانة جرائم الحرب، الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها المحتل واذرعه الارهابية المجرمة. فالتقرير يناشد عمليا انصار حقوق الانسان في اسرائيل والعالم الى صقل وتصعيد الكفاح الجماهيري السياسي وبأوسع وحدة صف نضالية لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة – فالاحتلال هو المصدر والدفيئة لارتكاب الجرائم ضد الشعوب والانسانية. كما ان هذا التقرير بمعطياته الدامغة يحتم على جميع القوى الفلسطينية تجاوز الانقسامات والخلافات وصقل وحدتهم الكفاحية المشحونة بالتمسك بثوابت الحقوق الوطنية لمواجهة المجرمين بحق شعبهم والانسانية ومن اجل انجاز الحق الفلسطيني بالدولة والقدس والعودة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد