الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
كتاب آفاق كونفدرالية- الحلقة السادسة
بولات جان
2009 / 9 / 19مقابلات و حوارات
بولات جان - نسرين محمد
الفصل الخامس
التصفية الداخلية و إستهداف غربي كردستان
ماهي العوامل التي تتسبب في تأزم الأوضاع الداخلية لحركتكم بين الحين والآخر؟
حركتنا، حركة عقائدية فلسفية باحثة عن الحرية وهادفة إلى خلق الإنسان الحر والواعي؛ كونها تضع حرية الإنسان فوق كل الأعتبارات الأخرى. لأجل هذا فإن مناضلي هذه الحركة يهبون حياتهم لأجل الحرية طواعية. كوننا حركة أيدولوجية، فلسفية وروحية فإنها تتطلب أنضماماً روحياً لها. بالإضافة إلى النضال لأجل التخلص من صفات الشخصية الإستعمارية والاجتماعية الرجعية الآتية من العبودية؛ الشخصية المناضلة تعني شخصية عصرية جديدة، علاقات جديدة، نظرة جديدة للحياة ...لهذه الشخصية مناهل للإفراح وأخرى للأتراح. سعادته الكبرى تنبع من النضال الحثيث والانتصار فيما يصبو إليه فيها.
هذه الشخصية بعيدة عن الشكليات والمظاهر المخادعة. بهذه الخصائص تمكنت حركتنا من جذب كل الطبقات والشرائح الكردستانية إلى النضال التحرري. بذا توسعت الحركة وتضخمت حتى باتت حركة وطنية كردستانية وأزداد معها أنضمام الكوادر الجدد لصفوف الحزب وخاصة القوات العسكرية. كان يتوجب تدريب هؤلاء الملتحقين الجدد بشكلٍ معمق كي يتخلصوا من كل السلبيات الشخصية واكتساب القيم الجديدة، و إلا فإن هؤلاء سيبقون كضيوف أو موظفين مؤقتين ضمن الحركة.
إن قرأ تم تاريخ حركتنا فسترون ظهورالكثير من المفاهيم والشخصيات التصفوية. كسمير والمحامي حسين ومحمد شنر وفرهاد ...الخ. ياترى ما كان سبب ظهور هؤلاء... هؤلاء وإن بدوا وكأنهم أنضموا بكل روحهم للحركة، لكنهم في الحقيقة عكس ذلك. على الرغم من أنهم قاموا ببعض الاعمال وحتى إنهم تبؤوا الكثير من المناصب ضمن الحركة، لكنهم في نهاية المطاف أنقطعوا عن الحركة.
ـ هل كل حال إنقطاع عن الحركة تسمى بالتصفية لديكم؟
كلا! الأمر ليس بهذا الشكل. فإن أنقطع البعض لمعاودة حياتهم السابقة فهذا ليس بالتصفوية. وكذلك بإمكان كل من لا يقدر على متابعة النضال أن يتخلى عن الحركة ويغادروها إلى بيوتهم.
لكن كل من لم يتحد بروحه وكيانه مع الحركة. ويحاول التأثير عليها وإخراجها عن مسارها الصحيح لتتوائم و نواياه المشبوهة، أي تصفية الحركة، اننا نسمي هؤلاء بالتصفويين. التصفوية هي حالة أزدواجية غير صادقة وغير أمينة للقيم الوطنية و لا الكرامة الفردية.
ـ وماذا بشأن الأزمة التي عصفت بحركتكم سنة 2003 ؟
عددُت الكثير من التيارات والشخصيات التصفوية التي ظهرت بين ظهراني الحركة ولكن التصفية الأخيرة كانت أخطرها و أسوؤها من حيث النتائج السلبية التي تمخضت عنها. كونها كانت منظمة جيداً لها تحضيراتها بعيدة المدى. فهؤلاء أستخلصوا الدروس والعبر من كل الحركات التصفوية السابقة لهم. وكذلك المدعو (فرهاد) كان له تجربة تصفوية سابقة. والعامل الآخر الذي قوى ساعدهم هو أعتقال القائد وعدم وجوده المباشر بين التنظيم، أي أن الساحة كانت خالية أمام هؤلاء...
ـ ولكن ما الذي دفعهم للقيام بهذه الحركة " المضادة " ضمن حركتكم ؟
أن تمعنا النظر في سيرة هؤلاء سنرى بإنهم جميعاً متناقضون مع القائد و نهجه. وهم ذوو سوابق وأخطاء تنظيمية. أي أنهم كانوا قد أقترفوا الكثير من الخطايا في سيرتهم مع الحركة. لذا فإنهم لم يتحدوا مع نهج الحركة وكانوا سبباً في الكثير من التخريبات ضمنها. حقدهم على الحركة والقائد كان دافعاً يحرضهم للأنتقام. سنة 1997 تجمع هؤلاء في جنوب كردستان. نعتقد بإن تنسيقهم الأساسي على شكل مجموعةٍ سرية بدء تلك الفترة. و بدؤوا بتنظيم كل من يتفق مع أهوائهم ضمن الحركة.
ـ كيف ذلك وقد تبؤوا أرفع المناصب ضمن الحركة سنة 1999 رغم أنكم كنتم على علم باوضاعهم وميولهم؟
في الخامس عشر من شباط سنة 1999 أعتقل القائد آبو، كنا حينها مجتمعين في المؤتمر السادس للحزب. أعتقال القائد كان فرصة كبيرة امام هؤلاء كي يطبقوا ما يريدونه من خلال الحركة و ليس خارجها. بالإضافة إلى ذلك فقد كانت الأجواء عاطفية جداً، الكل كانوا يتأملون قيام الرفاق القدامى بلعب أدوارهم بعد اعتقال القائد. وكذلك نعرف صلة فرهاد بالقائد وكنا تأمل أن يكون لائقاً بهذه الصلة. بهذه النفسية وضمن الأجواء العاطفية تم أنتخاب عدد من هؤلاء (فرهاد و بوتان) في اللجنة القيادية والآخرين كأعضاء اللجنة المركزية للحزب. كلي إيمان أنه لولا أعتقال القائد لما تبوء هؤلاء هذه الوظائف التي ذكرتها للتو. لذا فإن هؤلاء لم يرجحوا الإنقطاع عن الحركة حينه،ا بل رجحوا البقاء وجعل أمكانيات الحركة تحت خدمتهم. ظلوا يعملون في الخفاء حتى أنكشفوا في أحدى الإجتماعات سنة 2002. لم ينكروا بإنهم يعملون على شكل مجموعة داخل الحركة، لكنهم أدعوا بإن هدفهم هو حماية الحركة وليست لديهم أية نوايا سيئة ...
بعد أنكشافهم قرروا البدء بتكثيف نشاطاتهم والوصول إلى درجة عالية من الفعالية التنظيمية و عقد العلاقات مع القوى الخارجية.
ـ مع من كانت علاقاتهم الخارجية ؟
أعترفوا بأنفسهم بعلاقاتهم مع أمريكا. حيث أنهم حصلوا على توجيهات مباشرة بعد دخول الأخيرة للعراق سنة 2003، ففي شهر تموز من العام نفسه أعلنوا عن ميولهم بشكلٍ علني في الأجتماع المركزي. حينها كانوا ينطقون كل ما أملته أمريكا عليهم. هادفين من وراء ذلك نقض أسس الحركة وفسخها. لذا فإنهم باتوا عنصراً من عناصر المخطط الخارجي الهادف للقضاء علينا.
ـ هل كانت علاقاتهم مع أمريكا فقط؟
كلا! كانت لهم علاقات مختلفة. على سبيل المثال المدعو(كاني يلماظ)، فقد كان مشتبهاً به؛ بأنه لعب دوراً مهماً في المؤامرة الدولية التي أودت إلى أعتقال القائد آبو. لم يحاول هذا الشخص دحض هذه الشبهات، عكس ذلك زاد من قوتها بفراره من الحركة سنة 2004. بعدها تبين للعالم علاقاته مع المخابرات الالمانية والانكليزية.
ـ هل لكم ثبوتات عن تورط هؤلاء مع المخابرات؟
هذا ليس أمراً خافياً على أحد. خاصة وأنهم بأنفسهم يصرحون بذلك في كل مناسبة ولسنا بصدد إلصاق التهم الباطلة بأحد.
ـ على الرغم من كل ذلك فقد حصل هؤلاء وعلى مناصب أستراتيجية في المؤتمر التأسيسي لمؤتمر الشعب. لذا فأنني أستغرب من هذه المعادلة الغريبة؟
نحن لم نكن على أستعداد تام لإنشاء مؤتمر الشعب وتطبيق مشاريع القائد آبو خلالها...
ـ ما الذي كان يمنعكم؟
سأقول عن نفسي. شخصيا ً لم أكن أؤمن بالمرحلة السياسية ولا بالقادة السياسيين ضمن الحركة. لذا فإنني كنت أصرف كل طاقاتي ووقتي لتقوية القوات العسكرية وأيصالها إلى درجة عالية من الكفاءة والقابلية الحربية للعب دورها في المستقبل كوني كنت مقتنعاً بإن هذه المرحلة السياسية ستجهض نهاية المطاف وبإن الدور سيأتي إلى القوات العسكرية لا محال. حتى أنني لم أكن أحبذ حضور جلسات المؤتمر التأسيسي لمؤتمر الشعب.
أما رفاقنا القدامى الآخرون، فإنهم لم يولوا هذا المشروع أية أهمية على الرغم من أنه مشروع القائد آبو. عكس ذلك كان موقفهم دوغمائياً، غير منفتح للتغيير والتجديد وأصروا على القديم والذهنية اليسارية الكلاسيكية...
ـ ألم تفتح مواقفكم الإنزوائية هذه، المجال أمام الفصيل الآخر للقيام بما يريدوه؟
بلى! أنت على حق. مواقفنا الإنزوائية هذه تركت مشروع القائد للتغيير والتجديد في الوسط دون صاحب، وأستغل هؤلاء الفرصة وجعلوا من مشروع القائد مشروعهم مستفيدين من إهمالنا للمشروع. أستغلوا هذا الأمر سياسياً وبهذا الشكل سيطروا على مجريات المؤتمر التأسيسي وحصلوا على تأييد أغلبية المشاركين.
أعود وأقول بأننا أهملنا مشروع القائد ولم نقوم بالوظائف الواقعة على عاتقنا لذا فإن المؤتمر الأول كان بمثابة صاعقة ضربت الحركة وزلزلت كيانها وأوصلت الثورة إلى شفا الهاوية .
بعد المؤتمر مباشرة ترك معظم هؤلاء الجبال وأستقروا في مدينة الموصل و المدن العراقية الأخرى. ومن هناك حاولوا بث المعلومات المغلوطة إلى القائد عن طريق عائلة فرهاد.
ـ أية معلومات تقصدونها؟ وهل أنطلى ذلك عليه؟
كلا. حاول القائد استيعاب المسألة وسحب الأطراف إلى التحاور لحل كل المسائل داخلياً. وكتدبير تنظيمي فإنه أنشأ لجنة بأسم " لجنة إعادة إنشاء ب ك ك" من أثني عشر رفيق ورفيقة. و أوكل إلى هذه اللجنة كل المهام التنظيمية والقيادية بجانب تحضيرها لإعادة تأسيس PKK مجدداً.
ـ لكن ما علاقة إعادة إنشاء PKK بهذه المسائل؟ ثم لِمَ إعادة إنشاء PKK وكنتم قد فسختموه سابقاً؟
حولنا PKK إلى kadek سنة 2002 بعدها تم تأسيس مؤتمر الشعب. ضمن مؤتمر الشعب حاول الفصيل التصفوي إلغاء الريادة الإيديولوجية والثورية من الحركة نهائياً وتحويل المناضلين إلى أناس عاديين. لا يمكن التفكير بثورة وحركة نضالية دون وجود قدوة وطليعة إيديولوجية وثورية. من هنا أرتأى القائد إعادة تأسيس PKK
وذلك للحفاظ على المبادئ والقيم التي خلقتها الثورة وتأمينها من الاضمحلال فترة الأزمة التي عصفت بالحركة. إضافة إلى ذلك تم إناطة كل المسؤوليات القيادية بهذه اللجنة و طُـلب من الأطراف جميعاً الألتفاف حول هذه اللجنة والعمل معها. أود هنا الإشارة إلى أن الرفيقة (فيان سوران) كانت عضوة ضمن الأعضاء الاثني عشر في لجنة إعادة تأسيس PKK. هذه الرفيقة ورغم يفاعتها إلا أنها كانت نشيطة جداً في نضالها ووقفت بكل حزم بوجه كل الميول التصفوية وحاولت جاهدة لإعادة الفصيل المنقطع إلى صفوف الحركة في الجبال. كذلك فإنها لعبت دوراً مهماً في المدرسة التحضيرية لإنشاء PKK و شاركت بفعالية في المؤتمر التأسيسي لـ PKK بعدها ألحت في الإلتحاق بالنضال العسكري. قبل أسابيع في شباط هذا العام أضرمت النار بجسدها تنديداً بالعزلة المفروضة على القائد أوجلان وأيقاظاً للضمائر الغافلة والعقول الخاملة. بهذه المناسبة أنحني أمام ذكراها المجيدة واكرر عهدي بأن نسير على دربها ودرب كل الشهداء.
ـ وهل نجحتم في التقارب بين الأطراف؟
تمكنا من أقناع الفصيل بالعودة إلى الجبال والتحاور. اعتقد بأنهم أضطروا للعودة وإلا فإنهم كانوا سينكشفون ويخسرون كل شيء خاصة وإننا لم نكن قد أعلنا للرأي العام عن أوضاعهم. كذلك قد تكون القوى التي خلفهم قد أمرتهم بالقدوم إلى الجبال علّ وعسى أن ينجحوا في التأثير علينا و أخذ المبادرة مجدداً...
تناقشنا جميعاً لمدة ثلاثة عشر يوماً على أثرها عقدنا المؤتمر الثاني لمؤتمر الشعب لكن كل أمانيهم راحت أدراج الرياح وبعد المؤتمر مباشرة فروا نهائياً من الحركة وأرتموا في أحضان الطالباني والامريكان.
ـ ألم تحاولوا مجدداً التواصل معهم وإعادتهم إلى الحركة؟
بلى! بعد فرارهم مباشرة أرسلنا هيئة مؤلفة من ثلاثة رفاق للتحادث معهم والإستفسار عن سبب فرارهم بعد أن عادوا إلى الحركة. فكان ردهم بإنه لم يعد بمقدرورهم الحياة الثورية ضمن الحركة وبإنهم يريدون إدامة حياتهم الأجتماعية ككل الناس. بهذا الشكل زال خطرهم الإيديولوجي على الحركة وباتوا خطراً سياسياً بسيطاً علينا.
ـ أي خطر تعني ؟
قبل فرارهم كانوا داخل الحركة ويعملون على إخراجها عن نهجها الصحيح، أما بعد فرارهم فقد زال دورهم. لذا عملت القوى التي تساندهم على التضخيم من شأنهم والدعاية لهم كي تحولهم إلى خطر سياسي يستهدفنا من الخارج. فلم يتوان الأعلام التركي عن الدعاية لهم وإعلاء شأنهم في وسائله المختلفة. وفي الوقت نفسه أخلوا سبيل ليلى زانا والبرلمانيين الآخرين بأمل أن يتقارب هؤلاء مع ليلى زانا لخلق تيار كردي خارج مبادرة حركتنا.
ـ وهل جرى التقارب المزمع مع ليلى زانا؟
كلا! استطيع القول بان هذا المخطط فشل تماماً، وهذاعائد الى توجيهات القائد وجهود الرفاق والموقف المقدس الذي أبداه الشعب ضد الخيانة والتصفويين. ولن يكون من المبالغة بشيء أن قلت بإن موقف الشعب كان أكثر قوة وتأثيراً من مواقفنا نحن. لذا فإن هذا الفصيل التصفوي فشل في كل مساعيه الدنيئة ولم تثمر عن شيء. لا في الشمال و لا غربي كردستان ولا حتى في الجنوب. المدهش في الأمر أنهم ورغم تمركزهم منذ سنوات في جنوب كردستان، إلا انه لا يوجد كائن يساندهم من ابناء الشعب في الجنوب. كون الشعب يعرفهم على حقيقتهم خير معرفة أفضل من الأجزاء الأخرى.
ـ ما هي أوضاعهم الان؟
تقلص عددهم ودورهم كثيراً ولم يعد يشكلوا أي خطر علينا. دبّ الخلاف فيما بينهم وأنقطعوا إلى فصائل وزمر ليس لها أي تأثير. والحال هذا فإن القوى التي كانت تدعمهم وتوليهم الاهتمام قد سحبت يدها من دعمهم وحمايتهم وحولتهم إلى الطالباني. و الأخير يقدم لهم مبلغ مقداره خمسين ألف دولار شهرياً، يقسط منها خمسة عشر ألفاً لجماعة (كمال سور) و خمسة آلاف لـ فرهاد و البقية لجماعة بوتان. إن قُطعت هذه المبالغ فلن يبقَ لهم أي وجود جماعي.
ـ و وضع فرهاد؟
انفصل فرهاد مع عدد من الاورفليين عن هذا الجماعة وأعلن تخليه عن الحياة السياسية و حاول التواصل معنا من جديد وكان يلمّح إلى أن نسمح له بالعودة الى صفوفنا. لكننا رفضنا ذلك نهائياً.
ـ و لِمَ رفضتموه؟
نعرف جيداً بأن المجتمع الكردي وخاصة جماهيرنا الوطنية وكذلك قاعدتنا الحزبية لن ترضى بعودته مهما كلف الأمر. لذا فإننا رفضنا طلبه هذا. فرهاد و كل الذين شاركوا في الحركة المضادة، أضروا كثيراً بالثورة والشعب والكوادر...
ـ والجماعة الأخرى؟
جماعة بوتان أختارت العداوة والتهجم على القائد آبو. ولكن ليس لهم أي تأثير أو خطر. كانت معهم مجموعة من شرقي كردستان أبتعدوا عن جماعة بوتان. أما جماعة غربي كردستان فإنها باقية معهم. لم يعد لكل هذه الجماعات اي مكان بين أجندة حركتنا بتاتاً و قد أسدلنا الستار على موضوعهم نهائياً.
ـ بشكل عام ماهي الأضرار التي لحقت بالحركة نتيجة تلك الأزمة؟
قبل التطرق إلى ذكر الأضرار أود القول بإن بعض الشخصيات كانت متعفنة ومنتهية تماماً. العفونة كما تعلمون تنتشر إن لم تسد أمامها الطريق. لذا فإننا لا نحسب فرار هؤلاء ضرراً للحركة. فبعد إعتقال القائد آبو لم نتمكن كإدارة أن نتحول الى قوة إرادة تحاسب الشخصيات السلبية وتقر بحقها القرارات المناسبة. كان يجب ان نحاسبهم قبل ذلك ولكن كما قلت بإننا لم نملك من الإرادة والقوة التي تجعلنا نقوم بذلك. أستطيع القول بإن منطق المساومة والليبرالية والمرونة كان الطاغياً علينا قبل ذلك، هذه حقيقة يجب الأعتراف بها لولا ذلك لكان يجب طرد الكثير من هؤلاء الذين فروا من الحركة.
أما بالنسبة إلى الأضرار التي ألحقوها بالحركة مع نشاطهم التصفوي قبل وأثناء فرارهم. فيمكن أختزاله كالآتي: كانوا سبباً في تأزم نفسية الكوادر وإنغلاقهم على أنفسهم وإصابة بعضهم بمرض النهليستية(العدمية). لن يكون من العدل بمكان إلقاء كل الذنب على التصفويين فيما آل إليه حال الكوادر... فنحن أيضاَ لنا دور في ذلك، خاصة مواقفنا وتقرباتنا الدوغمائية والمنغلقة أمام التطورات والتجديد.
صحيح بإننا كنا نناقش الذهنية الجديدة والديمقراطية والتجديد في دوراتنا التدربيبة ولكننا كنا نعود ونمارس عاداتنا الدوغمائية القديمة في الحياة العملية .. لكننا لم نكن نقوم بذلك عن علم، أما الفصيل التصفوي فإنهم كانوا يعملون على إسقاط الكوادر ودفعهم إلى الأزمات النفسية عن علم ومعرفة تامة.
أما الضرر الآخر الذي ألحقه هؤلاء بنا إنه نتيجة الأزمة التي عصفت بالحركة تسببت في إنقطاع الكثير من الكوارد عن الحركة. حتى إن الكثير منهم قد تم إرسالهم إلى بيوتهم من قِبل الإدارات، و مثال ذلك العدد الكبير من كوادر غربي كردستان الذين فروا او تم ارسالهم الى بيوتهم من قبل ادارة حزب الاتحاد الديمقراطي. نفس الشيء قد حدث في العراق وجنوب كردستان. حيث كان يتم اسقاط الكوادر وممارسة الضغط النفسي عليهم والتلاعب بنفسيتهم ونتيجة ذلك كانت الشخصيات المترددة وغير القوية تختار الفرار.
ـ أ فليس فرار هؤلاء نابع من خلل تنظيمي؟ وخاصة بالنسبة لهروب كوادر غربي كردستان؟
أنا متأكد بأن الذين فروا لو كانوا مناضلين جيدين لما اختاروا الفرار. وظيفة المناضل الحقيقي هو الكفاح ضد الخيانة والنضال لحماية الحركة والقيم والحفاظ على نهج القائد وليس النفاذ بجلده والهروب إلى البيت. صحيح بإنه كان هنالك مشاكل ونواقص تنظيمية آنذاك، إلا إنها لا تعطي شرعية لهروبهم. ما كان يجب أن يقدموا على ذلك. نحن مقتنعون بضرورة كسب كل الذين هربوا ولم يضروا بالحركة ولم يعادوها. ليس صحيحاً أن ننعتهم فوراً بالخيانة ولا يجب التسرع في إطلاق مثل هذه الأحكام عليهم. هذا شرط أن لا يضروا بالحركة وأن يقوموا بما يقع على عاتقهم من وظائف وطنية. يجب التقرب بشكلِ مختلف من الأشخاص الذين أنقطعوا عن الحركة أثناء الأزمة التنظيمية من اواسط سنة 2003 حتى اواسط 2004 رغم إن لهم نقيصة الإنقطاع عن الحركة ولكن التنظيم أيضاَ لم يكن في حال يساعدهم ويتعامل معهم لحل مشاكلهم. ونحن نتفهم أوضاعهم ونتقرب بتفهم منهم.
ـ هل من شروط أمام هؤلاء للعودة إلى الحركة ؟
ليست شروط بمعنى الكلمة ولكن يجب أن يعتذروا عن خطأهم وأن يثبتوا صميميتهم أمام المجتمع وأن يعيشوا بكرامة وأخلاق و الشرط الأساسي أن لا يكونوا قد أضروا بالحركة والشعب.
ـ اعود وأسأل عن الأضرار التي لحقت بالحركة جراء تلك الأزمة؟
كنت قد ذكرت لكم ضررين أثنين بالإضافة إلى ذلك فقد خسرنا سنتين من تاريخ حركتنا بالإنشغال مع هؤلاء. والنقطة الأخرى إنهم اعطوا الأمل للعدو والقوى الخارجية. حيث راح الجيمع ينتظر إنهيار الحركة وتشتتها نتيجة الدعايات التي قامت بها وسائل الإعلام التركية وكذلك التابعة لحزب الطالباني. خارج هذه الأضرار فإن هروب هؤلاء كان مفيداً بالنسبة لنا، بل كان خيراً على الحركة. فبعد هروبهم اصبحنا اكثر تلاحماً و اوسع نضالاً واكثر قابلية للتغير والتجديد والتقدم. إعادة انشاء PKK وتأسيس منظومة الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية و تجمع النساء الساميات خير دليل على أننا أصبحنا أكثر قوة و قابلية لإنطلاقات جديدة.
ـ عدد كبير من الفارين وخاصة من غربي كردستان، يربطون فرارهم بأن أهمية ذلك الجزء قد قلت بعد خروج القائد منها و بإنه يتم أهمال كوادرها ولا يفتح المجال أمام تطورهم و تقدمهم. ماذا تقولون بصدد هذه الادعاءات؟
مثل هذه الإدعاءات خالية من الصحة وهي حجج واهية لا أساس لها. صحيح بإن حركتنا قد مرت في أزمة تنظيمية ما بين سنة 2000 و 2004 ولكن هذا لا يعني إنه تم سد طريق التقدم امام أي كان. فالطريق مفتوح حتى النهاية أمام الجميع كي يقوموا بلعب أدوراهم المناطة بهم. ذكرت سابقاً باننا حركة عقائدية تتطلب أنضماماَ روحياً للحركة. أما الذين جاءوا كموظفين وعملوا لفترة وبعدها تخلوا عن الحركة كونها لم تتجاوب مع أهوائهم فهذا أمر متعلق بحقيقة أنضمامهم بالذات. أما المناضل الحقيقي فحتى لو بقي لوحده فإنه لن يفر بتاتاَ وسيظل يناضل حتى النهاية.
لا ننكر هنا بإنه بعد أنسحاب القوات من الشمال والبدء بالمرحلة الجديدة لم يتمكن الجميع من المشاركة بفعالية متساوية في الوظائف. حدث إهمال أضطراري للبعض كذلك لم نتمكن التجاوب مع متطلبات وأحتياجات البعض الآخر في فترة كان كل همنا منصباً على إنقاذ الحركة وتفادي الأضرار قدر المستطاع.
ـ هناك بعض الفارين الذين يضرون بالشعب وخاصة بالوطنيين منهم. حتى إن بعض هؤلاء. قاموا بتشكيل عصابات مخربة. الشعب هنا يستفسر عن سبب عدم تدخل حركتكم في ردع هؤلاء؟
الحركة قامت وللتو بلم شملها والتخلص من ما تمخضت عنه الفترة المنصرمة. لذا فإننا نرجو الشعب كل الرجاء أن يستوعب وضع الحركة. فنحن لسنا بالصلب ولا الفولاذ. تعرضنا لأبشع مؤامرة دولية ضد قائدنا أدت إلى أعتقاله، كذلك فإن الهجمات الإقليمية في تصعيد دائم ضدنا بالإضافة إلى التصفويين الذين عملوا على انهاء الحركة من الداخل ... لذا فإن الحركة كانت تعمل جاهدة للوقوف بوجه هذه المخطط. وها نحن للتو نعمل على القيام بإنطلاقة على المستويات كافة. وتفعيل النشاطات السياسية والعسكرية والدبلوماسية من جديد والحال هذا يتوجب على الوطنيين مساعدة التنظيم ودعمه ومساندته في هذه الحملة. أنطلاقاً من ذلك على الأصدقاء والوطنيين القيام بوظائفهم وعدم أنتظار كل شيء منا، لإننا نجهد لرفع رُحى الطواحين الهائلة من على صدرنا.
من الأفضل لأصدقائنا وقاعدتنا الجماهيرية أن تتكاتف في كل مكان، بهذا الشكل سيتمكنون من إنهاء تأثير العصابات والزمر المخربة. هذا لا يعني إن الحركة ستقف مكتوفة اليدين ودون إبداء موقف ضد هذه العصابات ربما قصرنا حتى الآن بإبداء مواقف مطلوبة للأسباب التي ذكرتها و لكن من الآن وصاعداً ستكون لنا مواقفنا المطلوبة.
ـ بعض الأطراف تنتقد استخدامكم للعنف ضد المنشقين عنكم.
اقول وبكل صراحة أننا نؤمن بحرية الفكر والتعبير. هذا من جهة ومن الجهة الأخرى فإننا بحاجة إلى الأعضاء المتطوعين والمضحين لأجل خدمة ثورة الحرية ولسنا بحاجة إلى أناس مترددين وغير مؤمنين بما نناضل لأجله. وكل من يبقى للنضال فإنه جسور وصاحب مبدأ يتحمل لأجله كل المصاعب. نحن عائلة عصرية هائلة جداً، ليس في هذه العائلة مصالح شخصية. وبإمكان كل فرد في هذه العائلة عندما يفقد إيمانه وثقته أن ينقطع عنها. ولن نقول أي شيء له.
ـ هل هذا ممكن؟
أكيد. لا نقدر إجبار أيً كان للبقاء ضمن الحركة. ففاقدي الايمان بها، ليسوا مضطرين للفرار؛ بإمكانهم الإستقالة من التنظيم دون أية ملاحقة أو عراقيل.
و بشأن كوادر غربي كردستان الفارين من الحركة، لا نهاجمهم بتاتاً ولكن الأمر مختلف مع الذين يفرون ويرتمون في أحضان السلطات ويعملون ضدنا بهدف الإضرار بنضالنا وأيقاع الخسائر بها، من الطبيعي قيام جماهيرنا و تنظيمنا بالدفاع عن نفسه وعن نضالهم ضد هؤلاء وردعهم. إننا لسنا ضد الذين فروا من صفوفنا ولكن هذا موجه ضد الذين يرتمون في أحضان السلطة ويعملون ضدنا.
لا نعادي أحداً لأفكاره السياسية ولكننا سنستخدم حقنا في الدفاع عن نضالنا ضد عملاء المخابرات الذين يعملون ليل نهار ضد حركتنا وجماهيرنا الشعبية.
ـ وهل تتقبلون قيام المنقطعين عنكم بتشكيل منظماتهم وأحزابهم الخاصة... حينها ألن تستهدفونهم؟
أن كانوا على خلافٍ فكري معنا وأنقطعوا دون الإضرار بالحركة، فشكلوا أحزاباً أو منظمات سياسية صادقة ومارسوا سياسة كردية وطنية مثلهم مثل أي حزب كردي شريف؛ حينها لن نستهدفهم أبداً. هذا لا يعني بإننا سنلغي آلية النقد الفكري بيننا. أما إذا باتوا عملاءً للدول الإقليمية والخارجية وكان شغلهم الشاغل التشهير بالحركة ومحاولة إلحاق الضرر المادي والمعنوي بها، سيكون من الطبيعي جداً أن نردعهم. فإن كانوا صادقين ولهم هم تحرير الوطن فليذهبوا ويحاربوا الجيش التركي، حينها سنقول لهم "برافو" وسنصفق لهم ونقدم لهم مايريدونه من دعم.
ـ تم إعدام الكثير من الكوادر ضمن الحركة وأحياناً دون محاكمة. يوجد كثير من كوادر غربي كردستان المعدومين من قبل بعض قادتكم. فهل لكم مشروع لإعادة الأعتبار لهولاء؟
في الحقيقة ليس لدينا فعاليات خاصة بهذا الصدد حالياً. لكل الثورات قوانينها وخاصة الحركات العسكرية المناضلة. وحسب هذه القوانين فإن كل من أرتكب ذنوب معينة أو أضرّ بالحركة والجيش كان يتم إعدامه، وقد تم استخدام هذا القانون بين الحين والآخر ضمن حركتنا أيضاَ. فتمت بعض الأخطاء. كما قلتم: "تم إعدام بعض الأشخاص دون علم القيادة أو حتى التنظيم". لكن هذه الحوادث قليلة جداً و ليست بالشكل الذي تتصورونه. فقد تم تضخيم وتهويل هذا الأمر من قبل الخونة والمنقطعين عنا.
يجب ان نقوم بدراسة كل حالة على حدى والتعمق في ملابسات قضايا الأشخاص المعدومين وهذا ليس بالأمر الهين. العدالة مهمة جداً في هذا الأمر ويجب إعطاء كل ذي حقٍ حقه. فإن كان قد حدثت بعض الأخطاء في الماضي فعلينا تلافيها وتصحيحها الآن. هذا لا يعني أن نتقرب بشكلٍ سياسي من الموضوع. على اساس تطمين وإراحة و جبر خواطر البعض أن نعلن عن خطأ كل شيء فيما مضى. فقد يكون هنالك مستحقين للإعدام وكان قد تم إعدامهم فلسنا مضطرين الآن إعلان خطأ إعدامهم.
أي أن الأمر ليس كما يدعيه البعض ويهوّله ويضخمه. حتى إنني أعرف رفاقاً أبطالاً قاوموا واستشهدوا في الحرب ولكن المنقطعين أخبروا عائلاتهم بإننا أعدمناهم ونفس الشيء بالنسبة للرفاق الذي أستشهدوا بالحوادث المختلفة. رغم ذلك فإننا لا ننكر حدوث بعض الاخطاء في بعض المناطق في ظروف الحرب الصعبة.
ـ بالمناسبة أود أن اسألكم عن حادثة موت (فائق ديريك). من المسؤول عن قتله؟
قبل الإجابة على سؤالك أريد القول لإنه ليس من الأخلاق بشيء تشويه الحقائق التاريخية وممارسة السياسة على موت وحتى شهادة الآخرين. ليس صحيحاً تزييف تاريخ هذه الحركة وتحوير أحداثها. كثيرون هم الذي عملوا وما زالوا يعملون على تزييف وتلطيخ تاريخنا النضالي لدى الرأي العام الداخلي والدولي .
بالنسبة إلى سؤالك حول الرفيق فائق. كان من الرفاق ذوي الجهود الكبيرة في النضال، استشهد أخوه في ديرسم، كان الرفيق فائق خبيراً جداً في النظرية العسكرية وكذلك النشاط السياسي، ناضل في الساحات الخارجية وكذلك ساحة الحرب.
وقد تم إنشاء أكاديمية معصوم قورقماز سنة 2001 في الجبال بالإعتماد على هذا الرفيق كونه كان صاحب تجربة ومعرفة متعمقة جداً وهو بنفسه خرج ثلاث دورات على التوالي. وقد ناضلنا سوياً جنباً إلى جنب لسنوات عديدة.
سنة 2002 تم الترويج لدعاية بإن للمخابرات السورية فعاليات وعملاء بيننا. أنتشرت هذه الدعاية كالنار في الهشيم ضمن الحركة. وكان مركزها منطقة "دولا كوكى" ومن قبل فرهاد شخصياً. نتيجتها أزدات الشكوك والشبهات حول كوادر غربي كردستان...
على أثرها تم التحقيق مع عدد من كوادر غربي كردستان ومن ضمنهم الرفيق فائق الذي كان بجانبي في تلك الفترة. لكنني لم أخبره بالقرار ولم نحقق معه لإننا لم نقبل القرار القاضي بوجوب التحقيق معه. كان هذا القرارصادر من (دولا كوكى) ومن فرهاد و جماعته بالذات، لذا فإنهم ناقشوا الموضوع في أجتماع اللجنة المركزية في نفس العام وأنتقدوا عدم التحقيق مع الرفيق فائق. تم أتخاذ قرار التحقيق مع فائق في هذا الأجتماع أيضاً. شخصياً أعترضت على هذا القرار، ولكنهم تمكنوا تصريف القرار في الأجتماع رغماً عنا. يمكنك الحصول على مستمسكات الأجتماع ومعرفة مواقفنا ومواقف الطرف الآخر. على أثرها تم إحالة الرفيق فائق للتحقيق. أثناء جلسات التحقيق وبسبب تقربات المحققين الفظة والتي لم يتحملها الرفيق فائق فأقدم على الأنتحار.
ـ وماذا فعلتم بالمحققين؟
تم محاكمتهم على أخطائهم وتقربهم الفظ من الرفيق الذي أدى به إلى الانتحار. فائق كان صاحب كرامة وعزة نفس كبيرة جداً، وبقدر عزة نفسه كان صاحب جهد وكدح كبير في النضال ... والأمر كذلك فإن التقربات الخاطئة من قبل المحققين وتوجيه أسئلة أستفزازية له من قبيل "أنك مضلع في أغتيال الشهيدة كولان"
نتيجة ذلك فإنه أقدم على إنهاء حياته. حاول الكثير من الخونة التلاعب على هذه الحادثة و راحوا يحبكون سيناريوهات و قصصاً مزيفة حول الحادث لإثارة البلبلة و الشبهات حول الثورة. وحركتنا أعتبرت الرفيق فائق شهيداً لها وأعادت الأعتبار له.
ـ ألا ترون بإن الأزمات التي عصفت بحركتكم و بالإضافة إلى استهداف ذلك الجزء قد اثر سلباً على قاعدتكم الجماهيرية. ألا ترون بإن قاعدتكم الجماهيرية قد تقلصت في غربي كردستان؟
لا اعتقد ذلك. ممثلو الحركة والكوادر قد لا يصلون إلى الجميع للتواصل وتفعيلها ولهذا الكثير من الأسباب ومنها ضغوطات الدولة وملاحقتها لكوادرنا ومؤيدينا وتسليم كوادرنا الشماليين إلى الدولة التركية إضافة إلى ذلك فإن بدايات حزب الاتحاد الديمقراطي لم تكن سليمة من أساسها، إذ أنه لم يلعب دوره المناط به حتى الفترة القريبة الماضية كل هذا أدى إلى عدم التواصل المطلوب مع قاعدتنا الجماهيرية. أعرف إن هناك قرى في الحسكة لم يزورها أحد من كوادرنا منذ سنين. إضافة إلى ذلك فإن كوادرنا العاملين في غربي كردستان قلائل وغير خبيرين في العمل السري، كل هذا يعني عدم الوصول إلى جميع القاعدة الجماهيرية، لكن هذا لا يعني أن قاعدتنا قد تخلت أو أرتدت عن الروح الوطنية و الآبوجية. يجب أن يكون بعلم الجميع أن الآبوجيين لا يرتدون عن الروح الآبوجية أبداً.
قد يكون هنالك مؤيدون و أصدقاء متغيظون حالياً بسبب أخطاء بعض الرفاق والإداريين. و قد آثر هؤلاء الأصدقاء القديرون عدم التواصل مع الحركة. لكن هذا لا يعني بإنهم قد أبتعدوا عن الآبوجية، فهم على الرغم من ذلك يبقون آبوجيين.
أود بهذه المناسبة أن أوجه ندائي إلى الوطنيين و الأصدقاء و عائلات الأنصار و الشهداء بإن لا يبتعدوا عن النضال و الحركة بسبب هفوات بعض الرفاق، بل عليهم تصحيح العمل و التنظيم وتطويره و ليس الأبتعاد عن النضال؛ لذا أدعوهم جميعاً للعودة إلى مواصلة نضالهم، و الإلتفاف حول الحركة و إبداء مواقف ايديولوجية صارمة و مبدئية و عدم التهاون تحت أية ظروف كانت.
ـ أي أن قاعدتكم لم تتقلص؟
نعم، و خير مثال هي أحتفالات نوروز هذا العام، فإن استفسرنا في أي مكان يتم الأحتفال بنوروز بكثافة؟ سأقول بإن الاحتفالات في شمال و غربي كردستان أثبتت و لمرة أخرى بإن جماهيرنا في غرب كردستان، جماهير ذات كرامة و عزة وطنية مرتبطة بقضيتها و نضالها. و إن أملها بالحرية و إيمانها بالحركة لن يتأثر ببعض الهفوات و الأخطاء المرحلية، خاصةً و إننا قد دخلنا مرحلة تصعيد النضال السياسي والمقاومة العسكرية و إعلاء نظام الكونفدرالية الديمقراطية و فرض الحقيقة و الهوية الكردية على العالم أجمع.
ـ هل يوجد أنصاف عادل في توزيع المهام و الوظائف على كوادر حركتكم؟ خاصةً و إننا نقرأ بين الحين و الآخر بإنه يتم إهمال كوادر غربي كردستان في هذه النواحي.... هل هذا صحيح؟
لن يكون صحيحاً إن أدعيت إن توظيف الكوادر مكملة و صحيحة مائة بالمائة! من الممكن وجود بعض النواقص في توظيف و فرز الكوادر، لكن هذه ليست قاعدة عامة.
عندما تم توكيلي في قيادة الحركة من قبل القائد آبو سنة 2004 و حتى الآن فقد عاهدتُ على الأنتباه إلى النقطة الأساسية و هي العدالة و المساواة، عاهدت و سأكون على عهدي أن لا يظلم أحد رفيقه و أن لايجور بحق. فالعدالة بالنسبة إلي شرف و كرامة سامية. لا أتحمل الجور بتاتاً و لن أقبل به. الحركة الآبوجية هي حركة العدالة و تناضل لأجل إحلالها، و لن نسمح باللاعدل ضمن هذه الحركة.
أما بالنسبة إلى التوظيف، فهذا أمر تنظيمي عملي. أحياناً نوكل بوظيفة ما لأحد الرفاق فتراه ليس أهلاً لها، و يكون هناك رفاق آخرون مناسبون و مؤهلون للقيام بها. كما قلت أنه هنالك بعض النواقص و الأخطاء بهذا الصدد، لكن هذا لا يعني أنه يتم إهمال أو أبعاد طرف ما أو كوادر أي جزء من كردستان. و أن زعم أحدهم هذا الأمر فإنه على خطأ و يقلب الحقائق. فكل كوادر (ب ك ك) قبل كل شيء هم كردستانيون و لا ننظر إلى من أي جزء أو أي منطقة هم. فكل مناضل يمتلك المعرفة و التجربة و الشخصية التي تؤهله للعب دور قيادي، فإنه سيحصل على الوظيفة و المبادرة المناسبة له، دون الأعتبار للهجته أو دينه أو منطقته. مثلاً أنا شخصياً أعرف بعض الرفاق منذ عشرة سنين و لكنني و لحد الآن لا أعرف من أي منطقة هم.
لا أزعم بإنه لا يحدث أخطاء و نواقص بهذا الصدد، لكن سياستنا الرسمية تأخذ بمبدأ "الشخص المناسب في المكان المناسب". و الأدعاءات القائلة أنه يتم إهمال كوادر غربي كردستان و بإن التنظيم لا يثق بهم و لا يعطيهم المبادرة و الوظائف التي يستحقونها، فهذا أفتراء كبير. و قد حاولت المخابرات السورية الدعاية لهذا الأمر للتشويش على العقول. فمن المعروف إن كوادر غربي كردستان قد تلقوا تدريب القائد آبو بذاته و لا يوجد أي كيل بمكيالين تجاههم.
عكس الإهمال، فهم موضع ثقة تامة من قبل الحركة، و خير مثال على ذلك إن لحركتنا أهم ثلاث مؤسسات تعتبر ركائز و دعامة الثورة و هي الحركة النسائية و الحركة السياسية و قوات حماية الشعب و يقود كل مؤسسة من هذه المؤسسات رفيق أو رفيقة من غربي كردستان. و هذه الحقيقة بحد ذاتها برهان قاطع على عدم صحة الأقاويل و المزاعم الباطلة.
ـ ما هو المطلوب من الجماهير الكردية في غربي كردستان القيام به لإزالة التفرقة الموجودة بين المناطق و النواحي؟ خاصةً و أن هنالك سخرية كل منطقة من الأخرى، هذا يتوضح من النكات التي يتقولونها على بعضهم؟
هذا نتج مؤخراً عن أعتقاد البعض بإن (ب ك ك) قد أنتهى و بإن الأهداف و القيم الوطنية قد راحت دون رجعة و بإنه من الآن و صاعداً سيتم تقوية الخصوصيات الأقليمية. أي أن يعود الكل إلى أصله السلبي الأول. أن يذهب كل شخص إلى جزئه و منطقته و قريته و يعود إلى شخصيته السابقة. شجعت المجموعة التصفوية هذا المنحى ضمن الحركة. و قد أثرت هذه الدعايات كثيراً، حيث رأينا ظهور مجموعات و زمر، إحداها مجموعة الديار بكريين و اخرى بأسم الماردينيين و المجموعة الفلانية. هذا أثر من آثار التصفوية و يجب الكفاح ضده و مناهضته بكل قوة.
يجب من الآن وصاعداً تطوير و تصعيد القيم الوطنية الشاملة و ليس الأقليمية و المنطقاتية. أي على مناطق غربي كردستان الثلاث أن تتوحد من جديد و نبذ الأمور التافهة التي تبعدها عن بعضها البعض. فالقواسم المشتركة كثيرة و قوية لأبعد الحدود بينها. فلكل من عفرين و كوباني و الجزيرة أبطالها العظام و شهدائها الخالدين و قيمها الوطنية السامية و كدحها الكبير في النضال. و الأمر هكذا، فإن التناقضات الأقليمية رجعية جداً و لا تفيد سوى الأعداء. على التنظيم هناك أتخاذ بعض التدابير التي من شأنها إزالة هذه المفاهيم و الميول السيئة. على الجميع أتخاذ مثال رفاقنا الأربعة عشر الذين استشهدوا في (موش) مؤخراً كقدوة و نور للأهتداء بهم و الحذو حذوهم. كون هذه المجموعة كانت و بكل معنى الكلمة مجموعة وطنية من الأجزاء الأربعة.
سمعتُ بأن النشاطات الثقافية قد تراجعت في السنوات الاخيرة. تراجع النشاط الثقافي يفتح المجال أمام الأمراض الأجتماعية. لذا يجب و قبل كل شيء إعطاء الأولوية لتصعيد النشاطات الثقافية. تطوير الفلسفة الوطنية و الآبوجية حياتية جداً في غربي كردستان. كون الفلسفة الآبوجية تعني معايشة المستقبل الآن، والنظرة العصرية و الشخصية الحرة التي لا تكل و لا تمل من العمل لأجل الديمقراطية .
سيتبع....
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بعد سقوط الأسد.. ظهور مصانع -الكبتاغون- علنا بدمشق في سوريا
.. بعد إغلاق 12 عاماً.. تركيا تعيد فتح سفارتها في سوريا
.. نواب أميركيون: العقوبات على سوريا مستمرة رغم سقوط الأسد
.. مسيرة لطلاب جامعة أمستردام للمطالبة بتعليق العلاقات مع إسرائ
.. كيف ستلبي الحكومة السورية المؤقتة طلبات الإدارة الأمريكية؟