الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصائل منظمة التحرير ردّت ... فأين ردّ حماس

محمد بهلول

2009 / 9 / 19
القضية الفلسطينية


يلاحظ أن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والشخصيات الوطنية المستقلة وحدها التي قدمت ردودها إلى القيادة السياسية المصرية حول "الرؤية المصرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني"، فيما تحفظت معظم فصائل المعارضة المتحالفة مع حركة حماس والمنضوية تحت لواء "التحالف الوطني الفلسطيني" من تقديم ردودها أو حتى الإشارة إلى مواقفها في وسائل الإعلام. حماس ـ كما تشير مصادر إعلامية موثوقة ـ أرجأت رسمياً تسليم ردها على الورقة إلى ما بعد عيد الفطر المبارك، أي أيام قليلة قبل البدء الرسمي لجولات الحوار الوطني الشامل المتوقعة في الأسبوع الأول من شهر تشرين أول/ أكتوبر القادم.
مصادر إعلامية مواكبة للحوارات الدائرة حالياً بين العديد من الفصائل والشخصيات الوطنية المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في الوطن والشتات؛ أكدت أن إرجاء حماس لردها الرسمي يعود إلى عاملين رئيسيين: الأول هو حاجتها للمناقشة الواسعة للملف مع حلفائها على المستوى الإقليمي، سيما وأن هذه الجولة حاسمة كما أعلن المصريون وبشكل نهائي هذه المرة، أما العامل الثاني فيعود لدراسة تأثير أي قرار (سلباً أم إيجاباً) على الواقع الشعبي الفلسطيني ولا سيما في قطاع غزة مع وجود إشارات فلسطينية وعربية عن الاستعداد لتحرك شعبي واسع في حال عدم نجاح الحوار لتأثيره السلبي على استمرار الحصار والخشية من تصاعده، مما يعني ازدياد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على السكان هناك، سيما أن الغزاويين تنفسوا الصعداء عندما أعلنت مصادر أمنية مصرية (14 أيلول/ سبتمبر) عن تشغيل معبر رفح بكلا الاتجاهين بين مصر وقطاع غزة اعتباراً من 15 أيلول/ سبتمبر أمام تنقل المرضى والعالقين والحالات الإنسانية.
ردود فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والشخصيات الوطنية المستقلة تميزت بالترحيب الشديد بالجهود المصرية الحثيثة على مدار سنوات الانقسام العبثي، وبإبداء سلسلة متكاملة من الملاحظات ولا سيما في ملفي الانتخابات ولجنة التنسيق المشتركة.
وعلى الرغم من كونها ملك للقيادة السياسية المصرية، فإن الردود الرسمية لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية جاءت معلنة في مجملها، وهو ما حرصت عليه الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي اكتفت بتصريح مصدر مسؤول فيها (15 أيلول/ سبتمبر) يوضح موقفها وذلك بعد أيام عديدة من نشر الفصائل ردودها المعلنة.
في قراءة متأنية للردود يمكن تلمس ثلاث اتجاهات:
الاتجاه الأول: يدعم أي اتفاق يؤدي إلى إنهاء الانقسام تحت شعار الحاجة الملحة والحيوية لتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما سواها، وإن استعادة الوحدة هي الشرط الذي يتوقف عليه وضع حد للوضع الفلسطيني المتردي والذي ينحدر من سيء إلى أسوأ.
مصادر إعلامية رأت بهذا الموقف النابع من حرص شديد على المصلحة الوطنية أنه قد يستخدم في غير مكانه الطبيعي ولا سيما من طرفي الصراع السلطويين في الضفة وغزة أي (فتح وحماس) لتمرير اتفاق تقاسم تحاصصي سلطوي بديلاً عن اتفاق وطني شامل.
الاتجاه الثاني: وهو الموقف الرسمي للسلطة، والذي سلمته للقيادة المصرية يوم 11 أيلول/ سبتمبر من خلال السفارة المصرية في رام الله، والقائم على عدة محددات تتمثل في أهمية تثبيت ما تم التوافق عليه في اجتماعات القاهرة في جلسات الحوار الوطني.
يلاحظ هنا اعتراف ولو متأخر من قبل السلطة الرسمية أي (فتح) إلى أن هذه التفاهمات إنما جرت في إطار الحوار الوطني الشامل (10 ـ 19 آذار/ مارس 2009) الماضي في القاهرة، وليس في جولات الحوار الثنائي التحاصصية (6 جولات)، حيث جرت تراجعات واضحة عما اتفق عليه من تقاهمات يتحمل وفد فتح المكون من (أبو علاء وعزام الأحمد) المسؤولية عن ذلك. إن مثل هذا الاستخلاص النوعي ربما يبشر بتصحيح في الموقف الفتحاوي والالتزام بموقف اجماع 12 فصيلاً والشخصيات المستقلة بنظام التمثيل النسبي الكامل للمجلس التشريعي كما اجماع 13 فصيلاً بنظام التمثيل النسبي الكامل للمجلس الوطني لمنظمة التحرير في الحوار القادم.
أما المحدد الثاني هو رفض أي محاولات للانتقاص من مكانة منظمة التحرير ودورها. وهنا لا بد من الإشارة مجدداً إلى أن المفاوض الفتحاوي هو أول من انتقص من مكانة منظمة التحرير عندما تراجع في الحوارات الثنائية على مدار (6 جولات) عن القرارات الاجماعية للجنة التنفيذية، انتخابات رئاسية وتشريعية على أساس قانون التمثيل النسبي الكامل، لصالح القانون المختلط، وما الصيغة التي قدمها 80% نسبي و20% دوائر ونسبة حسم 2.5%، إلا تأكيداً على عدم احترام قرارات منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها التي تمثل الجامع الفلسطيني المشترك.
إن عدم الانتقاص من مكانة منظمة التحرير يعني بداية احترام وفد فتح في الحوار القادم في القاهرة لوثيقة الوفاق الوطني ـ وثيقة القوى الأسيرة ـ برنامجاً سياسياً لجميع الفصائل والقوى ومؤسسات المجتمع المدني في الوطن والشتات، وهذا ما اتفق عليه بالإجماع في الحوار الوطني الشامل في القاهرة (آذار/ مارس 2009).
كما يعني بالدرجة الثانية احترام القرارات الوفاقية الاجماعية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها المختلفة، خصوصاً اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ولا سيما ما أكده الاجتماع الأخير للتنفيذية يوم 10 أيلول/ سبتمبر بضرورة الالتزام بانتخابات المجلس الوطني (البرلمان الموحد) للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ومؤسسات السلطة التشريعية والتنفيذية بسقف 25/1/2010 دون تأجيل، على أن تجري هذه الانتخابات وفق قانون انتخاب قائم على التمثيل النسبي الكامل وبنسبة حسم لا تتجاوز 1.5% لضمان الوحدة والشراكة الوطنية الشاملة.
اليوم لا بد من التأكيد على ضرورة التزام وفد حركة فتح بالحوار القادم بهذا السقف وعدم التنازل عنه تحت أي مبررات، لأن مجرد التنازل عن أي نقطة فيه سيفتح المجال أمام شهية حماس السلطوية لطلب المزيد وللتنصل عن العديد من التفاهمات التي تم التوافق عليها في الحوار الشامل.
وأمامنا المثال: 6 جولات من الحوار الثنائي استطاعت حماس أن تنتزع من الفريق الفتحاوي العديد من التنازلات سواءً في ملف الانتخابات أو الأمن وصولاً إلى لجنة التنسيق المشتركة.
إن الاستخلاص الأبرز في هذا السياق، أنه عندما تخلى الوفد الفتحاوي عن القرارات الاجماعية الوفاقية لمنظمة التحرير ومؤسساتها وحضور فصائلها وشخصياتها في إطار حوار شامل، استطاعت حماس أن تنتزع مكاسب ليست من حقها.
إن عدم الانتقاص من مكانة منظمة التحرير كما يشير الرد الفتحاوي مطلوباً من وفد فتح قبل أن يكون مطلوباً من وفد حماس أو أي من الفصائل الأخرى المتحالفة معها.
أما المحدد الثالث للورقة الرسمية الفلسطينية (فتح)، فيدعو إلى وجوب عدم تعارض أي إجراءات مع القانون الأساسي للسلطة الوطنية.
إن مضمون هذا البند يعني رفض فكرة تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهو موقف إجماعي لفصائل منظمة التحرير،ولكن المخيف في هذا الموضوع هو ما سربته وسائل الإعلام عن استعداد فتحاوي لتأجيل الانتخابات لشهر حزيران/يونيو 2010، وهذا يعني أولاً استعداداً لخرق هذه المحددات من قبل فتح ذاتها، وثانياً: يفتح المجال لشهية حماس للمماطلة في موعد الانتخابات وهو هدفها المستتر المعلن كما بات معروفاً للجميع.
أما الموقف الثالث في مواقف فصائل المنظمة، هو المؤيد والمبارك للدور والجهود المصرية، ولكن على قاعدة الوصول إلى اتفاق نهائي وحاسم على أرضية مشروع سياسي وفاقي إجماعي تمثله وثيقة القوى الأسيرة، هذا المشروع المتفق عليه في الحوار الوطني الشامل (آذار/ مارس 2009) ولضرورة تحصينه بإجراءات وضوابط (موعد وقانون انتخاب نسبي كامل بسقف 25/1/2010، حكومة وفاق وطني، مرجعية الرئاسة وقيادة وطنية مهنية للأمن) تجعله قابلاً للحياة وليس اتفاق أيام وأسابيع كما جرى لاتفاق شباط /فبراير 2007 في مكة.
من المهم جداً الوصول إلى اتفاق، ولكن الأهم أن يكون اتفاقاً شاملاً ودائماً لا يتعرض إلى النكسات والتراجع أمام أي عائق داخلي أو أي تدخل إقليمي ودولي. إن حماية الاتفاق تعني توافقاً سياسياً، أي العودة إلى المشروع والبرنامج الوطني وليس احتفاظ الأطراف المتصادمة لمشاريعها السلطوية الفئوية الخاصة. وللوصول إلى اتفاق دائم وحقيقي لا بد أن تتوجه فصائل منظمة التحرير إلى حوار القاهرة برؤية مشتركة قائمة على احترام قرارات الإجماع الوطني الفلسطيني المتمثلة ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية وقرارات مؤسساتها الاجماعية الوفاقية الشاملة لتطوير ودمقرطة النظام السياسي الفلسطيني.
إن وحدة موقف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والشخصيات الوطنية المستقلة هو الورقة الأقوى لمواجهة تصلب وعناد حماس في ملفات متعددة ولا سيما (الانتخابات، لجنة التنسيق المشتركة، الأمن) وهي المواضيع التي تؤكد على الشهية السلطوية لديها، فتأجيل الانتخابات أصبح رغبة معلنة لدى حماس والإصرار على القانون المختلط (60% نسبي، 40% دوائر، ونسبة حسم تصل إلى 8%) يعني استبعاد كل القوى والتيارات السياسية والاجتماعية ذات الالتزام الواضح بالمشروع الوطني الوفاقي الاجماعي للشعب الفلسطيني، كما أن الإصرار على عدم مرجعية الرئاسة على قوى الأمن هو ليس إضعاف للسلطة فحسب، بل وانتقاص من مكانة منظمة التحرير، أما بالنسبة لأولوية لجنة التنسيق المشتركة على حكومة الوفاق الوطني فلا يعني إضعاف حكومة السلطة الفلسطينية فحسب، بل وإضعاف لكل الحالة الوطنية الفلسطينية وعلاقاتها العربية والدولية، واستدعاء للتدخل الإقليمي والدولي، ناهيك عن تعمق الانقسام العبثي السياسي والأمني والمجتمعي والجغرافي، وتعطيل تطوير ودمقرطة مؤسسات المجتمع والنظام السياسي الفلسطيني في الوطن والشتات.
إن إصرار حماس على مواقفها وعدم الرؤية المشتركة لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية (بما فيها فتح) سيؤدي حتماً إلى الشرذمة الكاملة للحالة الفلسطينية وتحويلها إلى ورقة متنازع عليها بين القوى الإقليمية والدولية تصرف لحل النزاعات الإقليمية على حساب هموم وتطلعات الشعب الفلسطيني وشخصيته المستقلة ومشروعه الوطني.
الحوار يتقدم خطوة إذا ما توحدت رؤية فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ويتراجع خطوتين إذا ما أصر السلطويون على تقاسم "الكعكة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. … • مونت كارلو الدولية / MCD كان 2024- ميغالوبوليس


.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح




.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با


.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على




.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف