الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصل 5 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..

حبيب هنا

2009 / 9 / 19
الادب والفن



5

ألم أقل قبلئذ : إن بيان الانتفاضة الأول جاء كي يغير مجرى حياتي ؟
لقد كسرت آخر قيد يمكن له أن يشدني نحو الماضي الذي ما فتئت أتنصل منه ، كي لا أعود إليه مجدداً ، بعد أن نحوت منحى طل منه مستقبلي من وراء جدار صلد تمترست خلفه حتى أحافظ على الحاضر . ولكن ، فجأة ، انفتحت كل الأبواب المغلقة في جبينه – جبين الحاضر - وأطل من وراء ستائره قبوراً مجهولة بلا هوية ، أكوام قمامة تتنصف الطريق، رجالاً من مختلف الأعمار بنوا حاضرهم من جذوع شجر الزيتون ، وآخرون انحرفوا في دوامة الحياة التي تشبه ( طوز خليجي ) قريب من الإعصار، سمح لنفسه المرور في دهاليز مظلمة ، كي يطفئ آخر بصيص أمل تشبثنا به شهيداً وراء شهيد ..
ألم أقل : إن بيان الانتفاضة …
ولو لا الكوة التي انفتحت في سماء عقلي ، فجأة ، وأطل منها صخب الماضي برقاً يخطف الأنظار ، ودموعاً عارية تغسل العيون ، وعويلاً يشيع الضحايا ، وغازاً مسيلاً يجهض الحوامل ، ورصاصاً مجنوناً يقتل الأبرياء ، وطعنة في القلب توقف نبض الحياة ، وأسئلة لا تجد إجابة ، وعشرات المضرجين بالدم في غرف المشرحة ، وكلاماً لا معنى له ، لكنت تابعت وقلت : إن بيان الانتفاضة الأول جاء كي يضع حداً لمرحلة سابقة ، ويفتح آفاق رؤية ، ويرسم ملامح مرحلة مقبلة ، قادرة على استنهاض كافة قطاعات شعبنا من أجل التضافر وتحقيق شعار : الحرية أو الموت . سننتصر !

***
مع انسياب الطريق من مقبرة الشهداء إلى قلب المدينة ، عدة كيلو مترات ، انسياب النهر في مجراه ، ينساب الحاضر مع خفقات قلبي ، يتحرك طابور السيارات الطويل ببطء عندما يصل نقطة التماس في وسط السوق، ثم يتوقف، ومعه تتوقف دقات القلب للحظة ، ثم يعاود التحرك بعد أن تزول موجبات التوقف . المحال التجارية عن يميننا غارقة في لجة السوق ، والباعة المتجولون عن يسارنا يستوقفون المارة بغية إخراج ما في جيوبهم من نقود ؛ وتبقى الطريق مزدحمة حتى نصل إلى نهاية سوق " فراس " غرباً ثم ننحرف إلى اليمين فيبدو الشارع أكثر اتساعاً مما هو مألوف ، وبعدها ننعطف إلى اليسار ونتجه غرباً حتى نصل إلى ملعب اليرموك ، حيث من المقرر وصول الحشود إلى المدرج في الرابعة تماماً ، وبدء طقوس الاحتفال بيوم الشهيد الفلسطيني . وعند وصولنا ، كان فريق موحد الزيّ يصطف لاستقبال الوافدين ، وفريق آخر ، يضع على صدره شارة النظام ، مبعثر بين المدرجات، وعلى جوانب الملعب، كي يحافظ على الهدوء .. اعتلى البعض منا المنصة ، فيما توجه البعض الآخر نحو الفرق الكشفية والمسرحية ، حتى يشاركها الفعل بالتوجيه أو التمثيل ، بينما البعض الأخير ، انخرط بين الحشود .. اعتلى الخطيب المنصة .. وقف خلف مكبر الصوت ،ينظر إلى الآلاف المحتشدة بانتظار سماع كلمته التي من شأنها تحديد مهام المرحلة المقبلة .. نفخ في مكبر الصوت ..
التزم الجميع الصمت "كأن على رؤوسهم الطير "..!!

بسم الله الرحمن الرحيم
" يا جماهير شعبنا … يا أبطال الانتفاضة … وصناع المجد الفلسطيني يا كل أهلنا في المخيمات المحاصرة بمنع التجول المفروض عليها، في المدن والقرى التي يسعى الاحتلال لتدميرها ، في أماكن العبادة التي تدنس وتنتهك حرماتها على أيدي عصابات "شارون " .. إن موقفكم الوطني و المشرف تجلى، وبشكل واضح ، في يوم الصمود الفلسطيني ، ونحن على ثقة بترسيخ هذا الموقف . إن القيادة الوطنية الموحدة لتصعيد الانتفاضة إذ تؤكد على مواصلة النضال ، وبكافة أشكاله، تحت رايات منظمة التحرير الفلسطينية ، حتى تحقيق أهداف شعبنا السياسية في العودة وتقرير المصير وبناء دولتنا الفلسطينية المستقلة بقيادة المنظمة ، لتدعو كافة جماهير شعبنا البواسل النضال من أجل إنجاز شعارات الانتفاضة الأساسية والمباشرة و التي تتمثل في :
- وقف سياسة القبضة الحديدية، وإلغاء العمل بقوانين الطوارئ البائدة بما في ذلك إلغاء كافة قرارات الإبعاد فوراً .
- حل اللجان البلدية والمجالس القروية ولجان المخيمات المعينة من قبل سلطات الاحتلال ، وإجراء انتخابات ديمقراطية لكافة المجالس البلدية والقروية في الضفة الغربية وقطاع غزة " .
إننا إذ نذكركم بيوم الصمود الفلسطيني ، لا يسعنا إلاّ أن نجدد العهد أمامكم في يوم الشهيد الفلسطيني ، أن نبقى أوفياء إلى كل قطرة دم نزفت من أجل تحرير الوطن وطرد المحتلين … و .. و .. واعتلى أحد الملثمين المنصة وأعلن بصوت هادر بعد أن أمسك مكبر الصوت بيده قائلاً :
- علمت بالخبر من فوري ، فقلت لنفسي أنقله إلى شعبنا في هذه
المناسبة : قتل الملثمون عدداً من جنود الاحتلال الراجلين في أول عملية عسكرية ، ومن تبقى ترك سلاحه وهرب صوب أقرب ثكنة عسكرية بحثاً عن النجاة .. !!
وترقرقت العيون الجميلة بدموع لا تسيل .. لم تطلق لنفسها العنان ! .
بعد ساعة كان الخبر قد شاع بين الجميع : الملثمون يستخدمون السلاح ضد جنود الاحتلال لأول مرة، منذ بدء الانتفاضة .. وانقلب وضع المدينة الحزين جراء ما تعرض له المواطنون من تكسير للعظام ، إلى بهجة وفرح شارك فيه الصغار قبل الكبار والعجائز قبل الصبايا ، و دعوا خلاله إلى إطالة عمر
الملثمين وتمكينهم من الأعداء ، وإبعاد الشرور عنهم ، و أعين أولاد الحرام التي لا تهدأ و لا تنام ، والقوات الخاصة -المستعربة -حتى يتمكنوا من طرد المحتل و تحرير الوطن … !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي