الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صياغة الخبر ومشاعر المواطنين

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 9 / 21
الصحافة والاعلام


تطالعنا الصحف بين حين وآخر بخبر يقول إن فلانا تم منعه من السفر من دون التطرق لأسباب المنع أو قد نقرأ خبرا مفاده أن فلانا فوجئ بوضع اسمه علي قائمة الممنوعين من السفر غير أن اتصالات هاتفية مع مسئولين أسفرت عن رفع اسمه من القائمة والسماح له بالسفر. من المعروف أن السفر والتنقل حق أصيل من حقوق الإنسان تكفله الدساتير المحلية والمواثيق الدولية، كما أن من حق الدولة منع المواطن من السفر إذا كان ذلك سيعرض أمن الوطن للخطر أو إذا كان السفر وسيلة للهروب من يد العدالة. قد يرتكب المرء بعض الجرائم ثم يقرر السفر هروبا من العقوبة كما حدث في الكثير من المواقف في مصر. في هذه الحالة تستطيع الدولة التدخل لمنع سفر المتهم والتدخل هنا بالمنع لا يعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان بل لتحقيق قيمة أكبر وهي إحقاق الحق وتحقيق العدالة. ما يهمنا في هذا الأمر هو الأسلوب أو الطريقة التي تتبعها بعض الصحف في صياغة الأخبار التي تتعلق بقرار منع سفر المشاهير ثم سرعة التراجع عن القرار، وهي طريقة قد تساهم في تشويش أفكار المواطن وتجعله يعتقد أن الأمور التي تتصل بحرية السفر والتنقل تدار حسب الأهواء الشخصية.

قد يتفق معي الكثيرون إذا قلت إن الصحف التي تتولي نشر أخبار منع المشاهير من السفر يتعين عليها توخي الدقة قبل صياغة الخبر خاصة إذا انتهي الأمر بإلغاء القرار والسماح بالسفر. لا شك أن المصريين جميعا يتابعون أخبار وخطوات الفريق القومي الذي يبذل قصاري جهده لتحقيق آمال الجماهير في المشاركة في مونديال جنوب أفريقيا 2010 . ولعل هذا الاهتمام لفت انتباه الجماهير إلي خبر ورد في إحدي الجرائد الصادرة في يوم الخميس 3 سبتمبر حيث فوجئ أفراد المنتخب الذين يستعدون لصعود الطائرة المتجهة إلي رواندا أن إحدي الجهات قد وضعت اسم اللاعب أحمد عيد عبد الملك علي قوائم الممنوعين من السفر. ما يدعو للدهشة هو أن الجريدة أشارت إلي أن رئيس اتحاد كرة القدم قد نجح من خلال عدة اتصالات أجراها مع مسئولين في رفع اسم اللاعب من القائمة واصطحابه إلي رواندا. من الملاحظ أن الجريدة لم توضح أسباب المنع من السفر، هذا رغم أن السبب شائع ومعروف وهو ذات الموقف الذي كان قد تعرض له اللاعب من قبل عند سفر بعثة المنتخب إلي الجزائر، ويتعرض له الكثير من المواطنين وهو ببساطة تشابه الأسماء.

من المؤكد أن الطريقة التي صاغت بها الجريدة خبر منع اللاعب ثم السماح له بالسفر أثارت بعض التساؤلات في ذهن القارئ، فمن المعروف أن القانون قد حدد الجهات المنوط بها (النائب العام ووزير الداخلية) وضع اسم أي مواطن في قائمة الممنوعين من السفر شريطة أن يمثل الشخص خطرا علي الأمن القومي أو صدرت في حقه أحكام قضائية. وحيث إن أمن الوطن يأتي في قمة الأولويات فيتعين أن تتراجع كل الاعتبارات الأخري حيث لا فرق بين مواطن عادي ولاعب في المنتخب ما يثير التساؤل هو أن الجريدة أشارت إلي أن رئيس الاتحاد نجح في اجتياز كل ذلك من خلال مكالمة أو مكالمات هاتفية وهذا معناه أن هناك احتمالين لا ثالث لهما: الاحتمال الأول هو أن أسباب منع اللاعب من السفر لم تكن كافية أو قوية وفي هذه الحالة يجب محاسبة من قاموا بمحاولة الاعتداء علي حق اللاعب في السفر والتنقل. أما الاحتمال الآخر فهو أن أسباب منع اللاعب من السفر قانونية غير أن حاجة المنتخب إلي جهوده في هذه المرحلة تجعلنا نغض الطرف عن هيبة القانون ونتجاوز عن المخالفات والأخطاء التي قام بها. وهذا في حد ذاته يتعارض مع مبدأ المواطنة والعدالة في التعامل مع المواطنين الذين يفاجأون بمنعهم من السفر لسبب أو لآخر ولا يجدون من يقوم بالاتصال بالمسئولين وتتحطم كل آمالهم وتطلعاتهم عند بوابة السفر. ماذا سيقول هؤلاء بعد قراءة خبر المكالمات التي ساعدت اللاعب في اجتياز القيود واللحاق بطائرة الفريق؟ ففي ظني فإن هؤلاء ستنتابهم مشاعر اليأس والظلم والغربة في وطنهم. لعل الهزيمة في مباراة كرة قدم أو حتي عدم المشاركة في مونديال كأس العالم قد لا تساوي شيئًا أمام دعم ثقافة سيادة القانون ودعم مبدأ الكل سواسية أمام القانون. هذا هو الإحساس الذي يتولد لدي القارئ بعد مطالعة الخبر بالطريقة التي صاغها محررو الجريدة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يؤكد تمسك حماس بدور الوسطاء للتوصل لاتفاق متكامل لإنهاء


.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي- لأنشطته العسكرية




.. الولايات المتحدة .. قواعد المناظرة الرئاسية | #الظهيرة


.. في أول أيام عيد الأضحى.. مظاهرة قرب السفارة الإسرائيلية بعما




.. بسبب منع وصول المساعدات.. غزيون يصطفون في طوابير طويلة من أج